منصة Wuilt المصرية تجمع تمويلاً بقيمة 2 مليون دولار
منصة تجارةٍ إلكترونيّةٍ ناشئةٌ تحصل على تمويلٍ كبيرٍ لدعم توسّعها الإقليميّ وتطوير أدواتٍ ذكيّةٍ تُسهّل على التّجار إدارة متاجرهم ونموّ أعمالهم بفعاليّةٍ

هذا المقال متوفّرٌ باللّغة الإنجليزيّة من هنا.
جمعت شركة "ويلت" (Wuilt) المصريّة، وهي منصّةُ متكاملةٌ لتمكين التّجارة الإلكترونيّة، تمويلاً جديداً بقيمة 2 مليون دولارٍ أمريكيٍّ، في خطوةٍ تهدف إلى تسريع مهمّتها لجعل التجارة الإلكترونية في متناول الجميع، بدءاً من مصر، والتّوسّع لاحقاً في المنطقة وخارجها.
وشهدت هذه الجولة مشاركة عددٍ من المستثمرين البارزين، من بينهم "فلات6لابز" (Flat6Labs)، وهي شركة رأس مال مغامر ومسرّعة أعمالٍ ناشئةٍ في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بالإضافة إلى صندوق "مينا تكنولوجي فند" (MENA Technology Fund) ومقرّه دبي، و"هاب71" (Hub71)، منظومة التكنولوجيا العالميّة القائمة في أبوظبي. كما شاركت جهاتٌ أخرى مثل "جمكو" (JIMCO)، الذّراع الاستثماريّ لمجموعة عبداللطيف جميل، و"بيوريتي تك" (Purity Tech)، إلى جانب شبكةٍ من المستثمرين الملائكيّين الاستراتيجيّين الّذين قدّموا التّمويل والخبرة في آنٍ واحدٍ.
تأسّست "ويلت" في عام 2019 على يد أحمد رستم ومحمود متولي في مصر، وتُمكّن الأفراد والشركات من إنشاء مواقع إلكترونيّةٍ ومتاجر احترافيّةٍ بسهولةٍ، دون الحاجة لأيّ خبرةٍ برمجيّةٍ.
وفي حوار مع "عربية .Inc"، وصف رستم، الرّئيس التّنفيذيّ لـ"ويلت"، هذا التّمويل الجديد بأنّه تأكيدٌ على صحّة التّوجّه الأخير للشّركة، وتتويج لسنواتٍ من العمل؛ فقال: "تعكس هذه الجولة إيمان المستثمرين بالاتّجاه الّذي نسلكه، وبالزّخم الذي أثبتناه. لم نجمع هذا التّمويل بين ليلةٍ وضحاها، بل هو نتيجةٌ لما يقارب عامين من البناء وصقل النّموذج".
وأشار رستم إلى أنّ التّمويل الجديد سيُوظّف في ثلاث أوّلويّاتٍ رئيسيّةٍ. أوّلاً، التّوسّع الإقليميّ، بدءاً بالإمارات قبل نهاية العام، ومن ثمّ التّوسّع في دول الخليج وتركيا مطلع 2026. ثانياً، تطوير المنتج من خلال إدخال أدوات مدعومةٍ بالذكاء الاصطناعي وإعادة تصميم تجربة إدارة المتاجر. ثالثاً، تعزيز بنية الشّحن والدّفع بهدف تسهيل عمليّة الانضمام وتحسين عمليّات التّسوية، وتحسين تجربة التّاجر بشكلٍ عامٍّ.
وأوضح رستم أنّ الأدوات الجديدة القائمة على الذكاء الاصطناعي تهدف إلى تبسيط العمليّات اليوميّة للتجّار. هذه الميزات مصمّمةٌ لتقليل التّعقيد، وتبسيط سير العمل، وتعزيز الكفاءة العامّة، ما يمكّن المستخدمين من إطلاق وإدارة وتوسيع متاجرهم الإلكترونيّة بسهولةٍ غير مسبوقةٍ؛ فقال: "نحن نتكيّف مع التّحوّلات العالميّة في كيفيّة عمل المشاريع الصّغيرة. هدفنا من الذكاء الاصطناعي هو التّبسيط، والتّسريع، وتعزيز قدرات التجّار".
وأضاف أنّ هذه الأدوات تُتيح للمستخدمين التّحرّك بسرعةٍ وذكاءٍ، دون الحاجة لفرقٍ كبيرةٍ أو خبراتٍ تقنيةٍ؛ فقال: "فكّر في قوالب متاجر يتم توليدها تلقائيّاً عبر الذكاء الاصطناعي، وتحسين الحملات الإعلانيّة بشكلٍ آليٍّ، وأدوات تجارةٍ حواريّةٍ (Conversational Commerce). ونحن نهدف إلى تمكين التّجّار من الإطلاق السّريع، والتّسويق الذّكيّ، والتّفاعل الفعّال، دون الحاجة إلى فرق عملٍ كاملةٍ". وتابع قائلاً: "هذه الأدوات ليست مجرّد خصائص، بل هي أدواتٌ توفّر الوقت والمال وتفتح أبواب النّموّ".
كما تعمل "وُيلت" على توسيع شبكة شركائها، وتطوير سوق تطبيقاتٍ داخليّةٍ لتمكين التجّار بشكلٍ أكبر، وأوضح رستم: "مزوّدو الخدمات المحليّون وشركاء التّكنولوجيا يمكنهم الآن تقديم أدواتهم وخدماتهم مباشرة لتجّارنا، سواء في مجالات التّسويق، أو اللّوجستيّات، أو المحاسبة، أو الأتمتة. وهذا يفتح أمامنا مصدر دخلٍ جديدٍ من خلال نماذج المشاركة في الإيرادات، ويمنح التّجّار المزيد من الموارد للتوسّع. ونحن لا نساعد التجّار على الإطلاق فحسب، بل نساعدهم على بناء مشاريع حقيقية ومستدامة".
وفي أبريل من عام 2025، أعلنت "وُيلت" عن تحوّلٍ جذريٍّ في نموذج أعمالها، بإتاحة منصّتها مجّاناً بالكامل في مصر، وإلغاء كافّة رسوم الاشتراك؛ هذا القرار الجريء مثّل تضحيةً بمئات الآلاف من الدّولارات من الإيرادات السّنويّة المتكرّرة، في سبيل غايةٍ اعتبرتها أسمى: تمكين التجّار ومساندتهم على تحقيق النموّ. وقد جاءت الثّمار سريعاً، إذ شهدت المنصّة انضمام أكثر من 20,000 تاجرٍ في غضون أشهرٍ قليلةٍ، أطلقوا متاجرهم، ونظّموا مخزونهم، وأداروا الشّحن عبر شركاتٍ محليّةٍ، وتلقّوا المدفوعات، وكلّ ذلك دون أن يدفعوا قرشاً واحداً كاشتراكٍ.
وشدّد رستم على أنّ هذا القرار لم يكن مجرّد تغيير في التّسعير، بل تحوّل كامل في نموذج أعمال الشّركة؛ فقال: "قبل هذا التحوّل، كنّا نعمل كأغلب شركات البرمجيّات كخدمةٍ (SaaS)، حيث يدفع التجّار اشتراكاتٍ شهريّةً أو سنويّةً لاستخدام المنصّة. ولكن نموذج الاشتراكات له سقفٌ، فأنت تنمو فقط بقدر قدرتك على تحويل واحتفاظ المستخدمين الّذين يدفعون. وفي الأسواق النّاشئة، يشكّل السّعر حاجزاً يمنع الكثير من المشاريع الواعدة من الانطلاق".
شاهد أيضاً: Khazna تحصل على تمويل بقيمة 16 مليون دولار
وقد قاد هذا الوعي العميق بحاجات السّوق إلى إعادة نظرٍ شاملةٍ في كيفيّة توسيع المنصّة بفعاليّةٍ أكبر داخل الأسّواق النّاشئة؛ فيقول رُستم: "لذا أزلنا حاجز الدّفع، وجعلنا منصّة وُيلت مجّانيّةً بنسبة 100%". وبدلاً من النّموذج التّقليديّ القائم على الاشتراكات، تبنّت الشّركة نموذجاً جديداً قائماً على النّشاط الفعليّ داخل المنصّة. فعن طريق "ويلت شيبمنتس" (Wuilt Shipments)، تحصل الشّركة على عمولةٍ مقابل كلّ طلب يتم شحنه. وتُساهم "ويلت باي" (Wuilt Pay) في توليد الإيرادات من خلال رسومٍ بسيطةٍ تُفرض على كلّ عمليّة دفعٍ تتم معالجتها. أمّا "ويلت والت" (Wuilt Wallet)، فتتولّى إدارة عمليّات الدّفع للتّجّار، مع توفير خيار السّحب الفوريّ مقابل رسومٍ إضافيّةٍ، ما يوفّر سيولةً مرنةً ويُعزّز التّجربة الماليّة على المنصّة.
ويرى رستم أنّ هذا التّحوّل من نموذجٍ قائمٍ على الدّفع مقابل الوصول، إلى نموذجٍ قائمٍ على الدّفع مقابل الاستخدام، شكّل نقطة تحوّل في مسار نمو "ويلت"؛ فقال: "لا يزال هذا النّموذج الحواجز فحسب، بل صُمّم للتّوسّع، فالإيرادات القائمة على الاشتراك تنمو بشكلٍ خطّيٍّ. ولكن عندما تربط الإيرادات بالاستخدام -الطلبات، والمدفوعات، والشّحن- يصبح النّموّ أُسِّيّاً. لا يوجد سقف. كلّما باع التّاجر أكثر، زاد نموّنا".
وفي الوقت نفسه، تستعدّ "ويلت" لتوسيع منصّتها المجانيّة في الإمارات بحلول الرّبع الرّابع من عام 2025، مع خططٍ للتّوسّع في دول الخليج وتركيا في أوائل عام 2026. ويؤكّد رستم أنّ مهمة "ويلت" هي أن تكون العمود الفقريّ للمشاريع الصّغيرة والبائعين عبر المنصّات الاجتماعيّة في الأسواق النّاشئة؛ فقال: "نحن نتلقّى مؤشّراتٍ بالغة القوّة من هذه الأسواق؛ فحتى قبل الإطلاق الرّسميّ، كان لدينا عملاء يدفعون من الإمارات والسعودية وغيرها. هذا الزّخم العضوي لا يمكن تجاهله، وهو برهانٌ واضحٌ على وجود طلبٍ حقيقيٍّ على ما نقوم ببنائه". وأضاف بأنّ التّجربة المصريّة تمثّل أكثر من مجرّد انطلاقةٍ ناجحةٍ، بل تُشكّل نموذجاً قابلاً للتّكرار في أسواقٍ أخرى. وتابع قائلاً: "حتّى أكبر اللّاعبين في هذه الأسواق مجتمعين لا يخدمون 100,000 تاجرٍ، بينما استقطبنا وحدنا 20,000 تاجرٍ جديدٍ خلال ربعٍ واحد فقط، وفي مصر وحدها. هذا هو المستوى الّذي نوقن تماماً قدرتنا على تكراره، شريطة أن نوائم المنصة محليّاً، ونوفّر البنية التّحتيّة المناسبة لكلّ سوقٍ ندخله".
وختم رستم حديثه بالإشارة إلى تحوّل "ويلت" التّدريجيّ من مجرّد أداةٍ رقميّةٍ إلى منظومةٍ متكاملةٍ تُؤسّس لنجاحٍ طويل الأمد للتجّار في الأسواق النّاشئة، قائلاً: "ويلت لم تعد مجرّد وسيلةٍ، بل أصبحت منصّةً حيويّةً ينمو عبرها التجّار والشّركاء جنباً إلى جنبٍ. لقد بات مجتمع التجّار لدينا أحد أبرز أصولنا وأكثرها فاعليّةً؛ فآلاف المستخدمين يتبادلون الخبرات يوميّاً، يوثّقون إنجازاتهم، ويمدّون يد العون لبعضهم البعض. إنّها شبكة دعمٍ نادرةٌ تُحافظ على حيويّة المنصة، وتغذّي روح المبادرة والالتزام لدى روّادها".
وعن تطلّعات المرحلة المقبلة، أكّد رستم أنّ بوصلة "ويلت" باتت موجّهة بالكامل نحو تعزيز النّشاط على المنصّة، قائلاً: "مؤشّراتنا الحاسمة اليوم تتمثّل في عدد التجّار النّشطين، وعدد الطّلبيات التي يُنجزونها، وإجمالي قيمة البضائع المتداولة عبر المنصّة (GMV). كلّ جهد نبذله حاليّاً يصبّ في تنمية هذه الأركان الثّلاثة".
وعندما طُلب منه توجيه نصيحة لروّاد الأعمال، شدّد رُستم على ضرورة التّحرّر من هاجس الخسائر الآنيّة والانحياز لرؤيةٍ طويلة الأمد تُراعي قابليّة التّوسّع والنّموّ، قائلاً: "الخطر الحقيقيّ لا يكمن في التّغيير، بل في الجمود. إن كان نموذج أعمالك لا ينمو مع نجاح مستخدميك؛ فقد آن الأوان لإعادة النّظر. كنّا نُدرك تماماً أن جعل المنصّة مجّانيّةً سيُحدث أثراً قصير الأجل على الإيرادات، لكنّنا كنّا نرى بوضوحٍ أن العائد البعيد أكبر بما لا يُقاس. وقد قادنا هذا القرار إلى انفجارٍ في عدد المستخدمين، وتفاعلٍ غير مسبوقٍ، وفتح آفاقٍ جديدةٍ تماماً للعائدات ترتبط مباشرةً بالاستخدام والنّشاط".
وختم بقوله: "نصيحتي لأيّ رائد أعمالٍ: استمع إلى مستخدميك، دع البيانات ترشدك، ولا تتردّد في المراهنة على مستقبل أعظم، حتّى إن تطلّب الأمر خطوةً إلى الوراء استعداداً للقفزة الكبرى".