تجمع Aydi الإماراتية تمويلاً بقيمة 7.5 ملايين دولار
حين تتقاطع التّكنولوجيا مع الزّراعة، يظهر جيلٌ جديدٌ من الأدوات الذّكيّة التي تمنح المزارعين قراراتٍ أدقّ وإنتاجيّة أعلى لمواجهة تقلّبات المناخ وارتفاع التّكاليف

هذا المقال متوفّرٌ باللّغة الإنجليزيّة من هنا.
جمعت شركة "أيدي" (Aydi) الإماراتيّة النّاشئة في مجال التّكنولوجيا الزّراعيّة تمويلاً أوّليّاً بقيمة 7.5 ملايين دولارٍ لإطلاق "أورث" (Orth)، وهو مساعدٌ يعتمد على الذكاء الاصطناعي لمساعدة المزارعين على اتّخاذ قراراتٍ أدقّ وتحسين الإنتاجيّة في ظلّ تقلّبات المناخ وارتفاع التّكاليف التي تعيد تشكيل الزّراعة عالميّاً.
شارك في الجولة التّمويليّة كل من "كوتو فنتشرز" (COTU Ventures) الإماراتيّة المتخصّصة في الاستثمار التّأسيسيّ، و"دالتكس" (Daltex) المصريّة المتخصّصة في الأعمال الزّراعيّة وتصدير المحاصيل، و"نوى كابيتال" (Nuwa Capital) الإماراتيّة الّتي لها مكاتب في الرياض والقاهرة، إلى جانب "مغربي أغريكالتشر" (Magrabi Agriculture) و"فاونديشن فنتشرز" (Foundation Ventures) المصريتين.
تأسّست "أيدي" عام 2022 على يد حسن فايد في الإمارات، وتصف نفسها بأنّها «نظام تشغيل ميداني للزّراعة» يمزج بين رصد الأقمار الصّناعيّة، والتّحليلات التّنبؤيّة، والذكاء الاصطناعي التّفاعليّ في طبقةٍ واحدةٍ من المعلومات الذّكيّة، ولها مكاتب أيضاً في إسبانيا ومصر.
يستند مساعدها الذكي "أورث"، الذي كُشف عنه في معرض "فروت أتراكشن" (Fruit Attraction) الدّوليّ في مدريد هذا العام، إلى إشارات الأقمار الصّناعيّة وبيانات الطّقس وملايين النّقاط الميدانيّة ليقدّم إرشاداتٍ فوريّةً مخصّصةً لكلّ قطعة أرضٍ. وبفضله يستطيع المزارعون اكتشاف المشكلات مبكّراً، والحصول على توصياتٍ دقيقةٍ، وزيادة الكفاءة بأكثر من 20% من دون الحاجة إلى أجهزة أو لوحات تحكّمٍ معقّدةٍ.
يقول حسن فايد، الرئيس التّنفيذيّ لـ"أيدي"، في حديث مع "عربية .Inc": "إنّ أورث هو طبقة الذّكاء الّتي كانت الزّراعة تفتقدها؛ فهو يترجم ما يقوله حقلُك بالفعل -تغيّرات الطّقس، وحالة التّربة، ومرحلة المحصول، وإشارات الأقمار الصّناعيّة- إلى توصياتٍ واضحةٍ وسياقيّةٍ يمكنك تنفيذها فوراً. ليست نظريّات، ولا لوحات تحكم لن تفتحها أبداً، بل إرشاد يوميّ يحترم طريقة عمل المزارع فعليّاً".
هذا التّركيز على الوضوح والفوريّة هو كذلك مفتاح "أيدي" لكسب ثقة المزارعين الّذين اعتادوا على الخبرة التّقليديّة أكثر من التّكنولوجيا. ويوضّح فايد: "نبدأ ببساطةٍ، نقدّم قيمةً بسرعةً، ونبقى في الخلفيّة: لا أجهزة مطلوبة، دقائق للانضمام، ونصائح تصبح أكثر دقّةً كلّما استخدمتها. صمّمنا أورث ليكون خبيراً هادئاً في جيبك، شفافاً في ‘لماذا’ ومخصّصاً لكلّ حقلٍ، لتحافظ على حكمك بينما يتراجع عدم اليقين".
ويرى فايد أنّ "أورث" ليس إلّا نقطة انطلاقٍ لمشروعٍ أوسع. ويقول: "مع الوقت، سيتكامل أورث ضمن منظومةٍ أوسع من ‘ذكاء الحقول’ تشمل العمليّات والامتثال والتّحليلات، لكنّه سيحافظ على وعده الأساسيّ: إرشاد زراعيّ مخصّص في الوقت المناسب ومندمج بهدوءٍ في العمل".
ومن موقعه، يرى فايد أنّ الزّراعة تُعاد صياغتها اليوم حول أهميّة التّوقيت الدّقيق: "تفرض التّقلّبات المناخيّة وارتفاع تكاليف المدخلات قراراتٍ في السّاعة لا في الشّهر. لذلك، فإنّ الأدوات القادرة على التّنبؤ بوقت الرّي أو الرّش أو الحصاد هي الّتي ستحدّد هوامش الرّبح". ويشير أيضاً إلى ضرورة التّحوّل من جمع البيانات بشكلٍ سلبيٍّ إلى تحويلها إلى رؤىً قابلةٍ للتّنفيذ، فيقول: "المزارع غارقةٌ في الطّقس والصّور والسّجلّات، لكن القيمة تأتي عندما تتحدّث هذه البيانات بلغة توصياتٍ واضحةٍ مرتبطةٍ بسياق حقلك".
ويلفت فايد إلى أن التّكنولوجيا تغيّر أيضاً طريقة وصول المزارعين إلى الخبرات الّتي كانت بعيدة المنال: "أقلّ من 10% من المزارعين يستطيعون الوصول إلى خبيرٍ زراعيٍّ عند الطّلب؛ فالذكاء الاصطناعي يختصر هذه الفجوة، ويضع توجيهاً ميدانيّاً ثابتاً في يد كلّ عاملٍ. والنّتيجة: مرورٌ أقلّ في الحقول بلا داعٍ، ومفاجآتٌ أقلّ، وجودة أكثر استقراراً".
ويختتم فايد موجّهاً نصيحته إلى مؤسّسي شركات التّكنولوجيا الزّراعيّة: "ابنوا ابتكاراتكم في الحقول لا في المختبرات، واكسبوا ثقة المزارعين سريعاً وقيسوا القيمة بالأيّام لا بالأرباع. ولا تُحوّلوا الذكاء الاصطناعي إلى شعارٍ مبالغٍ فيه، بل اجعلوه أداةً مفيدةً، هادئةً، شفّافةً. وصمّموا حلولاً سهلة التّبنّي بلا أجهزةٍ ثقيلةٍ أو تغيّيراتٍ إداريّةٍ معقّدةٍ، واندمجوا مع ما يعمل أصلاً في المزرعة. والأهمّ، احترموا حكم المزارع؛ فالأدوات المثلى لا تستبدل قراراته، بل تبدّد شكّه وتُعزّز يقينه".