الرئيسية الاستدامة لماذا يراهن المستثمرون على الزراعة العمودية اليوم؟

لماذا يراهن المستثمرون على الزراعة العمودية اليوم؟

في ظلّ الضّغوط البيئيّة والنّموّ السكّانيّ المتسارع، تبرز الزراعة العمودية كحلٍّ ثوريٍّ يعيد تشكيل مستقبل الأمن الغذائيّ والاستثمار الزّراعيّ في المدن

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

في ظلّ التّحدّيات البيئيّة المتسارعة، وتقلّص الأراضي الزّراعيّة، وازدياد الكثافة السّكّانيّة في المدن، لم تعد الطّرق التّقليديّة في الزّراعة كافيةً لتلبية الطّلب العالميّ على الغذاء. وهنا تبرز الزراعة العمودية كحلٍّ مبتكرٍ وجذّابٍ، لا يلبّي الاحتياجات الغذائيّة فحسب، بل يغيّر معادلات الاستثمار أيضاً. فما الّذي يجعل المستثمرين يراهنون عليها اليوم أكثر من أيّ وقتٍ مضى؟ وما الفوائد الحقيقيّة الّتي توفّرها الزّراعة الرّأسيّة مقارنةً بالأنظمة الزّراعيّة الكلاسيكيّة؟

ما هي الزراعة العمودية؟

الزراعة العمودية، أو الزّراعة الرّأسيّة، هي نظامٌ لإنتاجٍ نباتيٍّ يقوم على زراعة المحاصيل في طبقاتٍ رأسيّةٍ متعدّدةٍ، غالباً داخل بيئاتٍ مغلقةٍ يُتحكّم في ظروفها، مثل: الإضاءة، ودرجة الحرارة، والرّطوبة. وتستخدم هٰذه المزارع تقنيّاتٍ حديثةً، مثل: الإضاءة بتقنيّة LED، والزّراعة دون تربةٍ (الهيدروبونيك)، والتّقنيات الذّكيّة لمراقبة النّموّ.

بعكس المزارع التّقليديّة، لا تعتمد الزراعة العمودية على التّربة أو الطّقس الموسميّ، ما يجعلها قادرةً على إنتاج غذاءٍ طازجٍ طوال العام، وضمن مساحاتٍ محدّدةٍ، حتّى في قلب المدن المكتظّة. [1]

لماذا يراهن المستثمرون على الزراعة العمودية؟

يراهن المستثمرون العالميّون على الزراعة العمودية لعدّة أسبابٍ مرتبطةٍ بالاستدامة، والرّبحيّة، والتّوسّع المستقبليّ: [2]

  • الطّلب المتزايد على الغذاء الحضريّ: مع انتقال نسبةٍ كبيرةٍ من السّكّان إلى المدن، تزداد الحاجة إلى توفير غذاءٍ طازجٍ ومحلّيٍّ داخل المراكز الحضريّة، ما يجعل المزارع العموديّة حلّاً مثاليّاً لهٰذه الأزمة.
  • أمان سلاسل الإمداد: أثبتت الجائحة العالميّة هشاشة سلاسل الإمداد الغذائيّ. ولكن، توفّر الزراعة الرأسية إنتاجاً محلّيّاً يقلّل الاعتماد على التّوريد من الخارج، ويقلّص الفاقد النّاتج عن النّقل والتّخزين.
  • الاستثمار في الحلول المستدامة: يسعى رأس المال الاستثماريّ حاليّاً إلى تمويل المشاريع الخضراء والمستدامة، حيث توفّر المزارع العمودية نموذجاً بيئيّاً يقلّل استهلاك المياه بنسبةٍ تصل إلى 90% مقارنةً بالزّراعة التّقليديّة، ويقلّل الحاجة للمبيدات.
  • التّحوّل نحو التّكنولوجيا الزّراعيّة: توظّف الزراعة العمودية الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، وأجهزة الاستشعار الذّكيّة، وهي مجالاتٌ مغريةٌ جدّاً للاستثمار التّقنيّ. فكلّما زادت الأتمتة، زادت فرص الرّبح، وقلّت التّكاليف التّشغيليّة.
  • القدرة على التّوسّع والنّموّ السّريع: يمكن نسخ نموذج المزرعة العمودية وتطبيقه في مدنٍ مختلفةٍ دون الحاجة إلى آلاف الهكتارات من الأراضي. وتمنح هٰذه القابليّة للتّكرار والإنتاج داخل المدن المستثمرين أفقاً للتّوسّع السّريع على الصّعيد العالميّ.

فوائد الزراعة العمودية على البيئة والاقتصاد

لا تقاس قيمة الزراعة العمودية فقط بالإنتاج المرتفع، بل أيضاً بالفوائد المتعدّدة الّتي تقدّمها على المدى الطّويل، ومنها: [3]

  • الاستخدام الرّشيد للمياه: تعتمد على أنظمةٍ مغلقةٍ تعيد تدوير المياه، ممّا يقلّل الهدر إلى أدنى مستوى ممكنٍ.
  • توفير مساحاتٍ زراعيّةٍ: تمكّن من الزّراعة في البيئات غير الصّالحة للزّراعة مثل الصّحارى، أو الأسطح، أو الموانئ.
  • الحدّ من انبعاثات الكربون: بفضل قرب مواقع الإنتاج من المستهلك، تنخفض الحاجة إلى النّقل والتّبريد.
  • تقليل الهدر الغذائيّ: بسبب وفرة الإنتاج الطّازج في وقتٍ قصيرٍ، تقلّ احتمالات فساد الأغذية قبل استهلاكها.
  • تعزيز الأمن الغذائيّ المحلّيّ: تسمح الزراعة الرأسية للدّول بتحقيق نوعٍ من الاكتفاء الذاتي، حتّى في حالات الكوارث أو الحروب.

تحديات الزراعة العمودية: هل هي استثمار آمن؟

رغم ما تحقّقه الزراعة العمودية من نجاحاتٍ متسارعةٍ، فإنّها لا تخلو من تحدّياتٍ جادّةٍ. ففي طليعة هٰذه العقبات يأتي ارتفاع تكلفة الإنشاء الأوّليّة، والاحتياج إلى بنيةٍ تحتيّةٍ تقنيّةٍ متقدّمةٍ، ووجود فجوةٍ في الكوادر المتخصّصة المدرّبة على إدارة هٰذا النّوع من الزراعةومع ذٰلك، فإنّ هٰذه العقبات لم تحل دون إقبال الاستثمارات الكبرى على الزراعة العمودية؛ فقد نجحت شركاتٌ رائدةٌ -مثل: "Plenty" و"AeroFarms" و"InFarm"- في جذب مئات الملايين من الدّولارات، وهٰذا ما يعكس الثّقة الرّاسخة في جدوى الاستثمار في هٰذا القطّاع وإمكانات نموّه في المستقبل.

مستقبل الزراعة العمودية في العالم العربي

لم تعد الزراعة العمودية حكراً على الدّول المتقدّمة، بل أصبحت تخترق بقوّةٍ أسواق الخليج، وعلى رأسها الإمارات والمملكة العربيّة السّعوديّة، في إطار رؤى استراتيجيّةٍ لتعزيز الأمن الغذائيّ، وتقليل الاعتماد على الاستيراد. وتكمن أهميّة الزراعة العمودية في دول الخليج تحديداً في قدرتها على تخطّي التّحدّيات الطّبيعيّة الّتي تعاني منها هذه الدّول، مثل: ندرة المياه، وقلّة الأراضي الزّراعيّة، والمناخ الحارّ والجافّ الّذي يعيق الزّراعة التّقليديّة في الهواء الطّلق.

كما تتيح المزارع الرّأسيّة إمكانيّة إنتاج المحاصيل على مدار السّنة، وفي مساحاتٍ محدودةٍ نسبيّاً، مع توفيرٍ كبيرٍ في استهلاك المياه، يقدّر بأكثر من 90% مقارنةً بالمزارع التّقليديّةعلاوةً على ذلك، تساهم هذه التّقنيّة في خلق فرص عملٍ جديدةٍ في مجال التّقنيات الزّراعيّة الذّكيّة، وتحفّز الابتكار المحلّيّ في قطّاع الأغذية، وتمهّد لقيام منظومةٍ إنتاجيّةٍ متكاملةٍ تلبّي طموحات الرّؤى الوطنيّة المعاصرة، مثل: رؤية السعودية 2030 ورؤية الإمارات 2071.

الخلاصة

لم تعد الزراعة العموديّة مجرّد فكرةٍ طموحةٍ أو توجّهٍ بيئيٍّ للمستقبل، بل أصبحت ضرورةً استراتيجيّةً واقتصاديّةً لا غنى عنها؛ فرهان المستثمرين اليوم لا ينصبّ على تقنيةٍ جديدةٍ فحسب، بل على نموذجٍ يعيد تعريف العلاقة بين الإنسان وغذائهومع وازدياد عدد السّكّان، واشتداد التّنافس على الموارد، تبدو الزراعة الرأسية كأحدٍّ أذكى الاستثمارات المستقبليّة وأعلاها وعداً؛ إنّها ليست مجرّد مزرعةٍ بالمعنى الكلاسيكيّ، بل ثورةٌ زراعيّةٌ تنبض في قلب المدينة، وتشكّل جسراً بين الابتكار والاكتفاء، وبين المستقبل والاستقرار الغذائيّ.

  • الأسئلة الشائعة

  1. هل الزراعة العمودية مربحة على المدى الطويل؟
    نعم، رغم التّكاليف الأوّليّة المرتفعة، تُعدّ الزراعة العمودية مربحةً بفضل الإنتاجيّة العالية، وانخفاض الهدر، وتقنيات الأتمتة الّتي تقلّل من التّكاليف التّشغيليّة.
  2. ما هي المحاصيل المناسبة للزراعة العمودية؟
    تشمل المحاصيل المناسبة للزراعة العمودية: الخضروات الورقيّة مثل الخس والسبانخ، والأعشاب مثل النعناع والريحان، وبعض الفواكه الصّغيرة كالطماطم والفراولة.
  3. هل يمكن تنفيذ الزراعة العمودية في البيوت أو المدارس؟
    نعم، هناك نماذج صغيرة للزراعة الرأسية مخصصة للاستخدام المنزليّ أو التّعليميّ، وتُستخدم لأغراض التّوعية أو الاستهلاك الشّخصيّ.
  4. هل تؤثّر الزراعة العمودية على جودة الغذاء؟
    لا ؤثّر الزراعة العمودية على جودة الغذاء، بل على العكس، غالباً ما تكون المنتجات أكثر طزاجةً وخالية من المبيدات بفضل بيئة النّمو المحكمة.
تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
آخر تحديث:
تاريخ النشر: