Buildroid تجمع 2 مليون دولار في جولة ما قبل البذرة مع خروجها من مرحلة التخفيّ
يجري تطوير منظومةٍ روبوتيّةٍ تعتمد المحاكاة والذكاء الاصطناعي لإعادة تعريف كفاءة مواقع البناء، عبر تجارب حيّةٍ وتوجّهٍ نحو توسيع النّماذج التّجاريّة في المنطقة
خرجت شركة "بيلدرويد للذكاء الاصطناعي" (Buildroid AI)، شركة الروبوتات الأمريكيّة التي أسّسها سلافا سولونيتسين وأنطون غلانس في عام 2025، من مرحلة التخفيّ بعدما حصدت جولة ما قبل البذرة بقيمة 2 مليون دولار قادها المستثمر المقيم في سان فرانسيسكو تيم دريبر، المعروف بدعم شركات مثل Tesla وSpaceX وSkype وRobinhood.
واحتفلت الشركة بالإعلان عبر أوّل عرض عام لها خلال "مؤتمر الخمسة الكبار للبناء" في دبي، المنعقد بين 24 و27 نوفمبر 2025، حيث كشفت عن روبوت لبناء الحوائط يعتمد نموذج محاكاة "نمذجة معلومات البناء إلى التنفيذ" (BIM-to-BUILD) الهادف إلى إعادة التفكير في أتمتة مواقع العمل. وبدأ الروبوت الأوّل لبناء الحوائط لدى بيلدرويد عمله فعليًّا في مواقع البناء في دولة الإمارات، حيث تُجري الشركة برامج تجريب حيّة مع المقاولين.
وترتكز رؤية بيلدرويد على روبوتات بناء تقودها المحاكاة، تستخدم نمذجة معلومات البناء و"التوائم الرقميّة" المدعومة بالذّكاء الاصطناعي (AI) لتخطيط مهام الموقع واختبارها وتنفيذها. ويربط هذا النهج مخطّط البناء الرقمي مباشرةً بالتنفيذ في الموقع، بما يتيح للروبوتات العمل اعتماداً على المخطّطات ذاتها التي يستخدمها المعماريّون والمهندسون. ويستند ذلك كلّه إلى بيئة محاكاة متكاملة تعمل عبر Nvidia Omniverse، ما يتيح لبيلدرويد إجراء اختبارات شاملة لحركة الروبوتات ولمسارات العمل قبل وصول أي معدّات إلى موقع البناء.
وفي مقابلة مع "عربية .Inc"، قال سولونيتسين -المنتمي إلى Y Combinator، والذي أسّس سابقًا شركة Mighty Buildings وجمع أكثر من 100 مليون دولار وشيّد ما يفوق 50 منزلًا مطبوعًا بتقنية 3D- إنّ ثقة دريبر في بيلدرويد انطلقت من رؤية مشتركة تسعى إلى تجاوز الاختناقات المزمنة في قطاع البناء عالميّاً. وشرح أنّ دريبر كان يبحث منذ زمن عن شركات قادرة على معالجة أزمات الإسكان والبناء ورفع حجم المعروض السكني على نطاق واسع. وقد تابع دريبر مسار الفريق في Mighty Buildings، ورأى كيف عملوا على مواجهة أصعب التحدّيات التقنية، وجعل البناء بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد ممكناً حتى قبل تأسيس Mighty Buildings نفسها
وأضاف أنّ قناعة دريبر تعود أيضاً إلى قدرة المؤسّسين على تحويل خبراتهم السابقة إلى نموذج أكثر قابلية للتوسّع. وقال: "أدخلنا هذا التوجّه في إطار الامتثال؛ على سبيل المثال، يحترم الفريق ويرى في الرؤية الجديدة والدروس المستفادة من مشروعنا السابق ترجمة عمليّة لنهج أكثر قابليّة للتوسّع".
وبفضل رأس المال الجديد، تعتزم بيلدرويد توسيع برامجها التجريبية، وتعزيز أنظمة المحاكاة والأنظمة الذاتيّة، والاقتراب من نشرٍ تجاري أوسع. وسينطلق الفريق من الجدران غير الحاملة، ثم يتوسّع نحو التجهيزات الداخليّة ومسارات العمل الإنشائي الأوسع. وبدءاً من الربع الثاني من العام المقبل، تعتزم بيلدرويد تقديم فرق روبوتيّة تجارية مدعومة بالذكاء الاصطناعي بالتعاون مع المقاولين العامّين، على أن تتقاضى حصّة من وفورات التكلفة المتحقّقة على امتداد المشروعات.
وترى الشركة أنّ قوّتها تكمن في حلول الأتمتة التي تقع عند تقاطع الروبوتات وقطاع البناء، مع ضمان اقتناع المقاولين بها. وقال سولونيتسين: "لا يُعدّ أتمتة القطاعات الكبرى، مثل قطاع البناء، مساراً يسيراً. غير أنّني أرى أنّه يحمل إمكانات ضخمة للشركات الناشئة من الجيل المقبل، لأنّه واحد من أهمّ التحدّيات التي تعجز شركات الذّكاء الاصطناعي عن معالجتها". وأضاف: "تستلزم هذه الشركات، في الواقع، انطلاقتها من خلال تعاون وثيق مع شركات البناء، التي تعمل في بيئة ميدانيّة فعليّة".
ويشكّل "البناء بالمحاكاة أوّلاً" جوهر نهج الشركة، ويرى سولونيتسين أنّه سيصوغ المرحلة المقبلة من صناعة روبوتات البناء. وقال: "حين أنشأنا هذا النسق، أي المحاكاة واسعة النطاق، إنّما أنشأنا تصويراً شاملاً لطريقة بناء المنشآت، وكيفية تجميعها عنصراً عنصراً، ومساراً مساراً. وبذلك نتمكّن من اختبار التصاميم، وتصاميم الروبوتات المستقبلية، وحركيّتها أمام التوأم الرقمي للمشروعات المقبلة، لنرى أيّ التصاميم يقدّم أداءً أفضل من ناحية الإنتاجيّة والأداء وسواهما من المؤشّرات".
وباعتماد هذا النموذج، تتمكّن الشركة من اختبار تقنيّاتها افتراضيّاً قبل نشرها في الميدان. وقال: "نتّبع هذا المنهج لأنّنا نريد اختبار آلاف الفرضيّات والسيناريوهات في البيئة الافتراضيّة قبل نشر أي معدّات في العالم الفيزيائي، وهو مسار مكلف للغاية عند العمل في مجال الروبوتات الصلبة. وهكذا يُستخدم الذّكاء الاصطناعي، على سبيل المثال، في تمكين شركات الجيل المقبل".
وفي دولة الإمارات، تركّز بيلدرويد على استهداف قطاع الجدران الفاصلة كثيفة العمالة داخل سوق البناء الذي تبلغ قيمته 42.75 بليون دولار. وتؤكّد الشركة أنّ استراتيجيّة تعدّد الروبوتات قادرة على رفع الإنتاجية بما يصل إلى عشرة أضعاف وخفض التكاليف بما يصل إلى أربعة أضعاف مقارنة بالعمل اليدوي. وعلى المدى الطويل، تتوقّع الشركة أن يتطوّر منصّتها إلى نظام تشغيل لروبوتات البناء، يتيح للمقاولين تخطيطاً قائماً على المحاكاة قبل دخول الفرق الروبوتية إلى الموقع.
ويأتي هذا الزخم في وقتٍ يتّجه فيه سوق البناء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى 401.2 بليون دولار بحلول عام 2030، بينما تتفاقم أزمة نقص العمالة عالميّاً. ويرى سولونيتسين أنّ هذا المشهد يفتح باباً واسعاً أمام المؤسّسين الذين يعملون عند تقاطع الأتمتة والتقنيات الصلبة والقطاعات الواقعيّة.
ومع هذا الزخم، شدّد سولونيتسين على أنّ الفرصة الحقيقية تكمن في التعامل مع المجالات التي كانت أبطأ استقبالًا للابتكار، وهو تحوّل يراه كفيلاً بتحديد ملامح الجيل المقبل من البنّائين والتقنيات. وقال: "يعجّ القطاع المبنيّ بدرجات عالية من عدم اليقين. ونشهد مكاسب إنتاجية كبيرة في كثير من المهن اليوم، غير أنّ المهن المقرّبة من الخبرة الميدانية الفعليّة ظلّت بمنأى عن الذّكاء الاصطناعي. ومن هذه الزاوية، ستتوجّه الموجة المقبلة من الشركات الكبرى نحو القطاعات الواقعية الأصعب اختراقاً".