الرئيسية تكنولوجيا رحلة العالمة القائدة: كيف تقود نجوى الأعرج ثورة الابتكار؟

رحلة العالمة القائدة: كيف تقود نجوى الأعرج ثورة الابتكار؟

تحوّل نجمة غلاف عدد أكتوبر 2025 من مجلة "عربية .Inc"، انضباطها الشّخصيّ إلى نموذجٍ لطموحٍ وطنيٍّ يتّجه بثباتٍ نحو الريادة

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

هذا المقال متوفّرٌ باللّغة الإنجليزيّة من هنا.

تشغل د. نجوى الأعرج اليوم منصب الرّئيسة التّنفيذية لمعهد الابتكار التكنولوجي في الإمارات (TII - Technology Innovation Institute)، إلّا أنّها لم ترَ نفسها في هذا الدّور لفترةٍ طويلةٍ. فقبل أن تتولّى قيادة هذا المركز البحثيّ العالميّ في أبوظبي في مايو من العام الماضي، شغلت د. نجوى منصب الباحثة الرّئيسة في كلٍ من مركز أبحاث التّشفير ومركز أبحاث الرّوبوتات الذّاتيّة في المعهد، وهي أدوارٌ كانت تتوافق أكثر مع خلفيّتها كمتخصّصةٍ في التّقنية. ومع أكثر من عقدين من الخبرة في البحث التّطبيقيّ الحيويّ، كانت تردّدها في قبول لقب الرّئيسة التّنفيذيّة نابعٌ من مخاوفها من أنّ ذلك سيجبرها على إبعاد شغفها التّقنيّ جانباً. ومع ذلك، تعترف د. نجوى الآن أنّ هذا كان سوء فهمٍ من جانبها؛ فقد اكتشفت أنّ قيادة المعهد لا تعني ترك البحث خلفها، بل تعني تعزيز أثره وتحويله إلى تطبيقاتٍ واقعيّةٍ في العالم.

تقول د. نجوى الأعرج لمجلة  "عربيةInc.": "كنت أعتقد أنّ تولّي منصب الرّئيسة التّنفيذيّة يعني أنّ عليّ التّوقّف عن أيّ عملٍ تقنيٍّ. بالطّبع، تعلّمت لاحقاً أنّ هذا غير صحيحٍ، ولكن هذه كانت انطباعاتي السّابقة. والأمور، كما تعلمون، لا تسير دائماً كما نخطّط. والآن أشعر بأنّني محظوظةٌ لقيادة مثل هذه المؤسّسة، وللتّعامل مع العديد من الأشخاص الأذكياء والمتميّزين عبر تخصّصاتٍ متنوّعةٍ".

ولا يعني ذلك أنّ قيادة المعهد تأتي بلا تحدّياتٍ، لكن د. نجوى تختار مواجهتها بالطّريقة الّتي اعتادت عليها كعالمةٍ، بالمثابرة والإصرار والصّرامة لتحقيق النّتائج الصّحيحة. وتضيف: "بالنّسبة إليّ شخصيّاً، الاستسلام ليس خياراً على الإطلاق، ودائماً أحبّ أن أنهي الأعمال الّتي أبدأها. لذلك، أتّخذ قراراتٍ مدروسةً ومحسوبةً حول متى يجب التّوقّف عن مشروعٍ ما، إذا لم يكن منطقيّاً من النّاحية الفيزيائيّة أو الواقعيّة أو التّجاريّة أو الماليّة، ولكن إذا أمكنني إتمام شيءٍ، فسأراه حتّى النّهاية".

رحلة العالمة القائدة: كيف تقود نجوى الأعرج ثورة الابتكار؟

تتجلّى العزيمة الّتي تميّز شخصية د. نجوى الأعرج في الرّؤية الّتي تنطلق منها المؤسّسة الّتي تقودها اليوم، إذ يندرج معهد الابتكار التّكنولوجيّ في الإمارات تحت مظلّة "مجلس أبوظبي لأبحاث التّكنولوجيا المتقدّمة" (Advanced Technology Research Council  - ATRC)، الّذي يهدف إلى إرساء منظومةٍ حيويّةٍ للبحث والتّطوير في الإمارة، وبذلك وضع أبوظبي والإمارات ككلٍّ كلاعبٍ رئيسيٍّ على المسرح التّكنولوجي العالميّ.

ويشكّل معهد الابتكار التّكنولوجيّ الرّكيزة البحثيّة التّطبيقيّة التّابعة لـ"مجلس أبحاث التكنولوجيا المتقدّمة" (Advanced Technology Research Council)، ليحتلّ موقعاً محوريّاً بين "أسباير" (ASPIRE) الذّراع الّتي تحوّل احتياجات الصّناعة إلى مشاريع بحثيّةٍ، و"فينتشرون" (VentureOne)، الذّراع المخصّصة لتحويل الابتكارات إلى أعمالٍ قابلةٍ للتّطبيق. ومع أنّ نطاق عمل المعهد يمتدّ إلى تقنياتٍ متقدّمةٍ مثل الذّكاء الاصطناعيّ، والرّوبوتات، والتّشفير، والحوسبة الكميّة، والطّاقة الموجّهة، تؤكّد الدكتورة نجوى أنّ الغاية لا تقتصر على نشر الأبحاث أو اختبار النّظريات، بل تتمحور حول إيجاد سُبلٍ لتطبيقها عمليّاً، بما يعزّز منظومة التّكنولوجيا النّاشئة في دولة الإمارات. وما يميّز المعهد -كما تقول- هو التزامه بالبحث الّذي يحمل هدفاً.

ويُحسب لمعهد الابتكار التّكنولوجيّ في الإمارات أنّه منذ تأسيسه في مايو 2020 حاز على اعترافٍ إقليميٍّ وعالميٍّ بفضل أعماله الرّائدة في مجالاتٍ متعدّدةٍ. وربّما كان أبرز إنجازاته في مجال الذكاء الاصطناعيّ، حيث أصبحت سلسلة نماذج اللّغة الكبيرة "فالكون" (Falcon) الّتي طوّرها المعهد من أكثر النّماذج مفتوحة المصدر اعتماداً في الشّرق الأوسط.

ومن الابتكارات الحديثة منصة "منارات" (Manarat)، وهي نظامٌ متخصّصٌ في إلكترونيّات التّحكّم، ووصفتها إدارة المعهد بأنّها «رافعةٌ رئيسيّةٌ لبناء الحواسيب الكميّة القويّة في المستقبل، أنظمةٌ قادرةٌ على إعادة تشكيل صناعاتٍ من الرّعاية الصّحيّة إلى الطّاقة». وفي مجال الطّاقة الموجّهة، أطلق المعهد في سبتمبر الماضي ليزر ألياف ثوليوم بسمك ميكرومترين، واعتُبر معياراً جديداً للأداء والسّلامة والتّنوّع في مجالاتٍ مثل الطّب والتّصنيع ومعالجة المواد. وفي الشّهر ذاته، تعاون المعهد مع عملاق التّكنولوجيا "إنفيديا" (NVIDIA) لإطلاق أوّل مركزٍ من نوعه في الشّرق الأوسط لتطوير نماذج الذّكاء الاصطناعيّ المتقدّمة، ومنصّات الرّوبوتات، وتقنيات الإنسان الآليّ، وهو ما يُتوقّع أن يسرّع الابتكار عبر مجموعةٍ واسعةٍ من الصّناعات.

رحلة العالمة القائدة: كيف تقود نجوى الأعرج ثورة الابتكار؟

عند استعراض هذه الإنجازات مجتمعةً، قد يظنّ البعض أنّ معهد الابتكار التّكنولوجيّ في الإمارت ا يسعى دوماً إلى أن يكون رائداً في كلّ مجالٍ، إلا أنّ د. نجوى توضّح سريعًا أنّ كونه «الأوّل» ليس هدفاً محدّداً للمعهد؛ فتقول: "كونك الأوّل ميّزة، لكن الجوهر في هذا المجال يكمن في الابتكار. ونحن نسعى لتطوير تقنياتٍ لها أثرٌ حقيقيٌّ، تسهم في مجالاتٍ وقطّاعاتٍ متعدّدةٍ، ويمكن تطبيقها عمليّاً، وليس مجرّد أبحاثٍ تُوضع على الرّف. ونسعى دائماً إلى التّميّز في كلّ عملٍ نقوم به، وإذا تحقّق أن نكون الأوّليّن فليكن، لكنّنا لا نبدأ بهدف ذلك؛ الأمر ليس بأيّ ثمنٍ". وتضيف: "لا نختصر الطّريق إلى المعرفة، ولا نتهاون في الهندسة، ولا في التّطوير، بل نحرص دائماً على أن يكون عملنا مساهماً فعّالاً في الابتكار والتّكنولوجيا".

لقد شكّلت هذه الرّغبة في العمق مسار د. نجوى نفسها؛ فبعد حصولها على شهادة البكالوريوس في هندسة الحاسوب والاتّصالات من الجامعة الأمريكيّة في بيروت، انتقلت إلى الولايات المتّحدة لاستكمال الدّكتوراه في جامعة "برينستون" (Princeton)؛ فقد كانت خطّتها في البداية التّركيز على تصميم دوائر أشباه الموصلات، لكن ذلك تغيّر حين شاهدت فريقاً بقيادة البروفيسور "إدوارد فلتن" (Edward Felten) في جامعة برنستون يوضّح كيف يمكن اختراق أجهزة التّصويت الإلكترونيّة الّتي أُدخلت آنذاك في الولايات المتّحدة. أثار هذا الحدث اهتمامها، وكان نقطةً فاصلةً حدّدت مسار حياتها المهنيّة، فقررت الانتقال إلى دراسة الدكتوراه في التّشفير التّطبيقيّ وأمن الأنظمة المدمجة. وبعد إتمام دراستها، عملت د. نجوى في أدوارٍ بحثيّةٍ لدى شركاتٍ متعدّدة الجنسيّات مثل "آي بي إم" (IBM)  و"إنتل"(Intel)  في الولايات المتّحدة، وصولًا إلى شركة الاستشارات الساّبقة " بوز أند كومباني " (Booz & Company)، المعروفة الآن باسم "استراتيجي لاند" (Strategy&)، وهو التّحوّل الّذي قادها لاحقاً إلى العمل في الإمارات.

أثناء عملها كمستشارةٍ لإحدى الجهات الحكوميّة في الإمارات، التقت د. نجوى بسعادة فيصل البناي، الّذي يشغل اليوم منصب الأمين العام لمجلس أبوظبي لأبحاث التّكنولوجيا المتقدّمة (ATRC)، وكان في ذلك الوقت مؤسّساً لشركةٍ ناشئةٍ في مجال الأمن السّيبرانيّ باسم "دارك ماتر" (DarkMatter). وانضمّت د. نجوى إلى صفوف أوّل موظّفي هذه الشّركة، الّتي نمت لاحقاً لتصبح مشروعاً تجاريّاً بقيمة 400 مليون دولارٍ.

وتستعيد د. نجوى تلك الفترة فتشير إلى النّقاشات الّتي جمعتها مع فيصل حول ضرورة تأسيس مؤسّسةٍ بحثيّةٍ في الإمارات تُنتج تقنياتٍ متقدّمةً ذات سيادةٍ واستراتيجيّةٍ، وتتمتّع بإمكاناتٍ تجاريّةٍ قادرةٍ على تفعيل منظومةٍ متكاملةٍ من التّكنولوجيا والشّركات النّاشئة في الدّولة؛ فتقول: "كانت هذه الحوارات قبل أن يرى معهد الابتكار التّكنولوجيّ  (TII) النّور، لكن سعادته رجلٌ ذو رؤيةٍ جريئةٍ وقيادةٍ حازمةٍ، رجلٌ يجعل الأمور تتحقّق. وعندما أُطلق المعهد وأصبح واقعاً، وبالنّظر إلى خبرتي الأكاديميّة والبحثيّة والإداريّة، كان الانضمام إلى مؤسّسةٍ تعنى بالذّكاء الاصطناعيّ والتّشفير والحوسبة الكميّة والطّاقة الموجّهة وكل ما يرتبط بها بمثابة تحقيق حلمٍ. كان القرار طبيعيّاً بالنّسبة لي للمساهمة في تأسيسه والانطلاق فيه".

في بداية عملها في معهد الابتكار التّكنولوجيّ في الإمارات قادت د. نجوى جهود البحث والتّطوير في مجالات التّشفير وتقنيات الاتّصال الكمّي، كما أشرفت على تطوير الرّوبوتات الذّاتيّة والمركبات ذاتيّة القيادة. وبالنّظر إلى اتّساع نطاق مسؤوليّاتها آنذاك، وتردّدها السّابق في قبول منصب الرّئيسة التّنفيذيّة، كان من الطّبيعيّ أن تحتاج ترقيتها في 2024 إلى فترةٍ للتّأقلّم. لكنّها لا تنكر ذلك، مشدّدةً على قناعتها بأنّ "لا شيء سهلٌ، لكن لا شيء مستحيلٌ إذا كرّست جهدك لإنجازه على الوجه الصّحيج"

ويفسّر هذا النّهج الحماس الّذي تتحلّى به اليوم في قيادة المعهد، فتقول: "أكثر ما يثير شغفي هو ربط المجالات التّكنولوجيّة المختلفة التي نغطّيها في المعهد. كيف يخدم الذّكاء الاصطناعيّ الأمن؟ كيف يتكامل الكمّ مع الرّوبوتات؟ وكيف تتفاعل الروبوتات مع تقنيات المناخ؟ كلّ هذا يثير اهتمامي ويحفّزني".

ومع ذلك، يرافق الإشراف على هذا الطّيف الواسع من التّخصّصات تحدّياتٍ كبيرةً، خصوصاً حين تقع خارج دائرة خبرتها، إلى جانب المسؤوليّات الإداريّة لمنصبها، الّتي تتطلّب التعامل مع تنوّع الشّخصيّات والعمل على توجيه الفريق بكفاءةٍ. وتوضّح: "كثيراً ما تضطرّ كرئيسةٍ تنفيذيّةٍ لاتّخاذ قراراتٍ صعبةٍ، مثل إيقاف مشاريع معيّنةٍ أو إعادة هيكلةٍ تضمن تركيزنا على الأوّلويّات… الأمر ليس سهلاً أبداً، وله أثرٌ على الشّخص نفسه. لكنّك تتعامل معه بأفضل طريقةٍ ممكنةٍ، ثم تمضي قدماً، وفي كلّ مرّةٍ تتعلّم كيف تدير الأمور بشكلٍ أكثر حكمةٍ

ويرجع الكثير من هذا -بحسب د. نجوى- إلى طبيعة الشّخصيّة، مشيرةً إلى أنّ كونها امرأةً في بيئةٍ يهيمن عليها الذّكور يحمل بعض المزايا؛ فتقول: "كرائداتٍ، أعتقد أنّنا أكثر صبراً وأكثر تعاطفاً. وعندما يتطلّب الأمر العمل ضمن فريقٍ، كثيراً ما تنشأ خلافاتٌ، ونحن أفضل في التّعامل معها وحلّها. كما أنّنا متميّزاتٌ في المثابرة؛ نحرص على إنجاز الأمور حتّى النّهاية. شخصيّاً، لا أستطيع أن أتخيّل أن أستسلم لمشروع دون أن أحاول 100 مرّةٍ تقريباً. وفي الوقت ذاته، أعلم متى يجب التّراجع، ومتى أتّخذ القرار بوقف ما لا يسير على ما يرام، والانتقال إلى مشروعٍ آخر أو تبنّي نهجٍ مختلفٍ. كما أنّ الحدس النّسائيّ يفيد في مثل هذه المواقف، إذا جاز لي القول".

لكن هذه الصّفات تمثّل جانباً واحداً فقط من المعادلة، فبيئة العمل تلعب دوراً محوريّاً أيضاً. ومن منظور د. نجوى، شكّلت الإمارات أرضيّةً خصبةً لدورها كامرأةٍ قياديّةٍ في قطّاع التّقنية؛ فتقول: "عندما يتعلّق الأمر بتحدّيات كونك امرأةً وسط كثافةٍ كبيرةٍ من الرّجال في هذا المجال، أستطيع القول إنّ الأمر كان أكثر يسراً في الإمارات مقارنةً بأيّ دولةٍ أخرى عملت فيها. وهنا يوجد إدراكٌ عميقٌ للدّور الفاعل الّذي يمكن للنّساء أن يقمن به في هذا القطّاع، والاحترام الممنوح للمرأة -في مكان العمل وخارجه- هو أمرٌ متّفقٌ عليه. هذا التّقدير نادرٌ في أماكن أخرى، خصوصاً في ثقافاتٍ اعتادت على هيمنة الذّكور من نمطٍ محدّدٍ. لقد عايشت تلك البيئات، ولم يكن الأمر سهلاً، لكن في الإمارات، أصبح من الأسهل بكثير للمرأة أن تعمل في مجال التّقنية، وأن تتبوّأ موقعاً قياديّاً".

تُضفي هذه السّمات المتعلّقة بالإمارات بعداً شخصيّاً عميقاً على دوافع د. نجوى في قيادتها لمعهد الابتكار التّكنولوجيّ في الإمارات؛ فتقول: "الإمارات هي وطني؛ هنا قضيت أطول فترةٍ في حياتي. لهذا، أشعر بأنّني مدينةٌ للبلاد، وأودّ أن أُعيد لها الجميل، وأيضاً للمنطقة بأسرها. قليلون يدركون أنّ العالم العربي كان منبع العديد من الاكتشافات العلميّة الكبرى، واليوم تمثّل الإمارات منارة أملٍ لاستعادة هذا الإرث… لذا، أشعر بأنّ الأمر واجبٌ، ومهمّةٌ، ودافعٌ شخصيٌّ يسير بي نحو المساهمة في كلّ ذلك".

ويُعزّز وضوح هذا الالتزام امتلاكها منظوراً يتيح لها رؤية أثر عملها بشكلٍ ملموسٍ. وتوضّح: "كرئيسةٍ تنفيذيّةٍ للمعهد، وحتّى بشكلٍ عامٍّ كقائدةٍ لمؤسّسةٍ في الإمارات، يمكنني أن أرى بوضوحٍ كيف يؤثّر عملي على مستوى الدّولة، وكذلك على الصّعيد العالميّ، وهذا أمرٌ ذو قيمةٍ بالغةٍ".

وتوضّح رؤية د. نجوى المستقبليّة لمكانة معهد الابتكار التّكنولوجيّ في الإمارات أهدافه؛ فتقول: "أحد أبرز مهامنا هو تطوير تقنياتٍ ذات سيادةٍ في الإمارات، وبناء منظومةٍ تدعم تصدير التّكنولوجيا إلى العالم، ما يحوّل الدّولة إلى محورٍ تكنولوجيٍّ. وقد شرعنا بالفعل في تحقيق هذا الهدف، وخرجت العديد من التّقنيات إلى العالم. لكنّني أرغب في أن نرى هذا الأثر متضخمّاً، من حيث عدد التّقنيات الّتي تم تصديرها وتطبيقها، وعدد الشّركات النّاشئة الّتي أسّسها المعهد، وكذلك قيمة الشّركات النّاشئة الّتي تظهر من الإمارات".

رحلة العالمة القائدة: كيف تقود نجوى الأعرج ثورة الابتكار؟

إنّها تلك الرّؤية بالذّات الّتي ترسم ملامح ما تنقله الدكتورة نجوى من توجيهاتٍ لمن يسعون إلى شقّ طريقهم في قطّاع التّكنولوجيا في المنطقة؛ فتقول: "ألاحظ أنّ كثيراً من الشّباب الّذين يدرسون الهندسة لا يطيقون انتظار اكتساب المعرفة العمليّة والخبرة الحقيقيّة، فيتّجهون مبكّراً نحو المناصب الإداريّة. وهذه الظّاهرة لا تقتصر على منطقتنا، بل أراها في العالم أجمع".

ثم تضيف بنبرةٍ واقعيّةٍ: "الصّبر ليس من السّمات البارزة في الجيل الجديد، لكنّه مهارةٌ ينبغي أن يتقنوها. لذلك، عليهم أن يتصالحوا مع فكرة أنّ التّعلّم مسارٌ لا يمكن القفز فوق مراحله. فالمعرفة لا تختصر، والعمق لا يأتي إلّا بالوقت والجهد. وعليهم أن يحتفوا برحلة التّعلّم ذاتها، وأن يواصلوا الطّريق حتّى يكتمل، ويتحمّلوا مسؤوليّة ما ينجزون؛ هذا أمرٌ جوهريٌ في أيّ مسارٍ مهنيٍّ جادٍّ".

وتوجز نجوى فلسفتها بعبارةٍ صافية المعنى: "لا طريق مختصر إلى المعرفة، ومن يحاول اختصاره لن يبلغ الغاية". وربّما في هذه القناعة يكمن سرّ قيادتها لمعهد الابتكار التّكنولوجيّ، إذ لم تكن القيادة هدفاً سعت إليه بقدر ما كانت ثمرةً طبيعيّةً لمسيرتها. فالمناصب -كما تقول تجربتها- لا تصنع القادة، بل تصنعهم الإرادة. وفي حالة معهد الابتكار التّكنولوجي، يبدو أنّ هذه الإرادة بالتّحديد هي ما يصوغ ملامح مستقبله.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
زمن القراءة: 12 min read
آخر تحديث:
تاريخ النشر: