الرئيسية الذكاء الاصطناعي أبوظبي تقود سباق الذكاء الاصطناعي عبر شراكات عالمية

أبوظبي تقود سباق الذكاء الاصطناعي عبر شراكات عالمية

من خلال منظومةٍ متكاملةٍ تجمع بين الشركات الناشئة والجامعات والحكومات والشركات الكبرى، تُثبت أبوظبي أنّ التّعاون هو الطّريق الأسرع نحو ريادة الذكاء الاصطناعي عالميّاً

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

هذا المقال متوفّرٌ باللّغة الإنجليزيّة من هنا.

لم يعد سباق الذكاء الاصطناعي العالمي محصوراً ضمن مراكز التّقنية التّقليديّة، إذ برز جيلٌ جديدٌ من المدن الطّموحة والمرنة، يسعى إلى إعادة صياغة هذا المجال بشكلٍ جذريٍّ. فهذه القوى النّاشئة لا تلاحق الصّيحات العابرة، بل تُشيّد منظوماتٍ مترابطةً ومدروسةً. وتُعدُّ أبوظبي من أبرز هذه النّماذج اللّافتة، لا بسبب حجمها أو تاريخها، بل لقناعتها الرّاسخة بأنّ مستقبل الذكاء الاصطناعي يكمن في الشّراكات العميقة والاستراتيجيّة، لا في الجزر المعزولة.

فبدلاً من تكرار نموذج "سيليكون فالي" (Silicon Valley)، قرّرت أبوظبي وضع قواعد لعبتها الخاصّة، إذ يقوم نموذجها على التّعاون بين الشركات الناشئة والعمالقة العالميّين وصنّاع القرار والجامعات، وكلّ ذلك في بيئةٍ تنظيميّةٍ داعمةٍ، مع توفّر رأس المال، وعقليةٍ تحتفي بالتّعاون على جميع المستويات.

تلعب الشّركات النّاشئة دوراً مركزيّاً في هذه الرّؤية؛ فهي تجلب الأفكار الجريئة، وتتحدّى الأعراف، وتتحرّك بسرعةٍ، لكنّها غالباً ما تفتقر للبنية التّحتيّة، والشّبكات، والتّمويل. وهنا تتدخّل أبوظبي لسدّ هذه الفجوات من خلال مبادراتٍ مثل "مسرعة Hub71 × غوغل للشركات الناشئة" (Hub71 x Google for Startups Accelerator)، التي توفّر لما يصل إلى 300 ألف دولارٍ أمريكيٍّ من أرصدة "غوغل غلاود" (Google Cloud)، بالإضافة إلى الإرشاد المباشر، والوصول إلى قادة الصّناعة حول العالم.

ومن خلال النّظام البيئيّ المتخصّص (Hub71+ AI)، دعمت الدّفعة الأولى من برنامج "مسرعة Hub71 × جوجل للشركات الناشئة" 28 شركةً ناشئةً من منظومة Hub71، لمساعدتها في توسيع حلولها بسرعةٍ وفعاليّةٍ. ولا تُسرّع هذه الشّراكات نموّ الشّركات فحسب، بل تعزّز متانة المنظومة بأكملها. وفي قلب أي أجندة ابتكار، تقف الموهبة. وتتبنى أبوظبي مقاربةً جريئةً ومتوازنةً؛ فهي تستثمر في القدرات المحليّة، وتستقطب الخبرات العالميّة. وعبر مبادراتٍ تعليميّةٍ، وبرامج تطوير المهارات، والانغماس في تقنيات التّحوّل، تعمل على تكوين قاعدةٍ بشريّةٍ هجينةٍ، عالميّة التّنافس ومحليّة الانتماء.

وتكمن قوّة أبوظبي أيضاً في قدرتها على الرّبط؛ فهي تشكّل جسراً جيوسياسيّاً واقتصاديّاً بين المناطق والصّناعات، من الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية، إلى الطّاقة النّظيفة. ويعتمد الابتكار على التّدفق الحرّ للمواهب، والأفكار، ورأس المال، والانسجام التّنظيميّ؛ وأبوظبي تُحرز تقدّماً في جميع هذه المجالات.

كما بدأت الشّركات الكبرى تدرك واقعاً جديداً: الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي لا يمكن أن يتم بمعزلٍ عن الآخرين؛ فوفقاً لتقرير "دراسة الابتكار العالميّة 2024" من مجموعة بوسطن الاستشاريّة (BCG)، يعتبر 83% من التّنفيذيين في المنطقة أنّ الابتكار ضمن أوّل ثلاث أوّلويّاتٍ، إلّا أنّ 3% فقط يشعرون بأنّ مؤسّساتهم مستعدّةٌ فعلاً للابتكار. وقد أدّى هذا التّباين إلى تحوّلٍ نحو التّعاون الخارجيّ، خصوصاً مع الشركات الناشئة.

وفي ميدان الذكاء الاصطناعي، حيث التّقدّم يسير بسرعة البرق، توفّر الشّراكات للشّركات الكبرى وسيلةً للوصول إلى أدواتٍ متقدّمةٍ، مثل: التّحليلات التّنبؤيّة، والأتمتة الذّكيّة، والتّجارب المخصّصة، دون الحاجة للبدء من الصّفر. وهذه الشّراكات ليست مجرّد أفكارٍ نظريّةٍ؛ بل تُثبت فاعليتها. ويُعدُّ التّعاون بين Hub71 وغوغل للشركات الناشئة نموذجاً واقعيّاً لكيف يمكن للابتكار الشّامل على مستوى المدينة أن يؤدّي إلى نتائج قابلةٍ للتّوسع.

لا تتساءل أبوظبي عمّا إذا كانت تمتلك القدرة على المنافسة في ميدان الذكاء الاصطناعي؛ بل تُجسّد، بالفعل، موقعها في صدارة هذا السّباق العالميّ المحتدم. فلروّاد الأعمال، والمستثمرين، والشّركات، وواضعي السّياسات، بات واضحاً أنّ المستقبل لا يُمنَح لمن بدأ أولاً، بل لمن يُحسن البناء بالعقل والرّؤية والشّراكة.

لقد وُضِعَت الأُسس، وترسَّخ الطموح، واتّسعت الآفاق. وفي عالمٍ يتسارع فيه تطوّر الذكاء الاصطناعي بلا هوادةٍ، لن ينتصر من يعمل منفرداً، بل من يصوغ منظومةً متكاملةً، تُجيد التّنسيق بين العقول، والموارد، والطّموحات. وفي أبوظبي، هذا المستقبل لم يعد حُلماً يُرتجى، بل واقعاً يُبنى، ويُرى، ويُلمَس.

عن الكاتبة

أبوظبي تقود سباق الذكاء الاصطناعي عبر شراكات عالمية
ديفيا ناير (Divya Nair) هي قائدة رحلة الشركات الناشئة في Hub71، منظومة التّقنية العالميّة في أبوظبي، والمسؤولة عن الإشراف على مسار الشركات الناشئة والمبادرات الدّاعمة لها.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
زمن القراءة: 3 دقائق قراءة
آخر تحديث:
تاريخ النشر: