الرهان التقني: لماذا قد تكون خطوتك القادمة هي الاخطر
استراتيجيات النجاح والفشل في التحوّل الرقمي: التحديات والمخاطر للشركات في عصر التقنية المتسارعة



الرهان التقني: لماذا قد تكون خطوتك القادمة سبب نجاح أو فشل شركتك
تخيّل أنك الرئيس التنفيذي لشركة ناجحة. هاتفك يرنّ بإشعار جديد: AI يغيّر قواعد اللعبة في الصناعة. منافسك أطلق مبادرة .Blockchain أعضاء مجلس الإدارة يسألونك عن “استراتيجية التحوّل الرقمي”.
هل يبدو هذا مألوفًا؟ أهلاً بك في أغلى لعبة “الخوف من أن يفوتك القطار” في تاريخ الأعمال.
السؤال الذي يساوي 3.9 تريليون دولار
الواقع أن الشركات ستنفق حوالي 3.9 تريليون دولار على مبادرات التحوّل الرقمي بحلول 2027. ومع ذلك، تشير الدراسات إلى أن ما بين 70% إلى 85% من هذه المشاريع تفشل في تحقيق أهدافها. أي أنها أشبه بشراء تذاكر يانصيب بأموال الشركة لكن بفرص نجاح أقل.
لكن المفارقة: عدم دخولك السباق قد يكون أخطر من دخوله.
تذكر Blockbuster؟ الشركة التي سخرت من عرض شراء Netflix عام 2000 مقابل 50 مليون دولار. اليوم Netflix قيمتها السوقية تفوق مئات المليارات، وBlockbuster أصبحت قصة تُروى عن الغرور وانعدام الرؤية. الدرس؟ لم يكن الأمر عن “اتجاه جديد”، بل عن عدم إدراك اللعبة الحقيقية.
السرّ وراء “التحوّل الرقمي“
ما لا يقوله لك الاستشاريون: معظم الشركات لا تحتاج “تحوّل رقمي شامل”، بل تحتاج لحل مشاكلها الفعلية.
القيمة الحقيقية للتقنية تظهر في أمثلة بسيطة:
- مصنع صغير يستخدم حساسات بسيطة للتنبؤ بأعطال الماكينات.
- مطعم محلّي يقلل هدر الطعام بنسبة 30% عبر تحليلات بيانات بسيطة.
- عيادة طبية تقلّص وقت الانتظار للنصف باستخدام برنامج جدولة ذكي.
المغزى؟ التقنية وسيلة، وليست الغاية.
ثلاثة أسئلة تكشف الوهم
قبل أن تستثمر ريالًا واحدًا في التقنية، اسأل نفسك:
- ما المشكلة المحددة التي نريد حلها؟
مثل: “نخسر 200 ألف ريال شهريًا بسبب توقف الماكينات”، أو “شكاوى العملاء من التأخير ارتفعت 40″% - ما أبسط حل ممكن؟
أحيانًا لا تحتاج AI. شركة أنفقت ملايين على نظام معقّد لتوزيع الشحنات، بينما منافسها وظّف خبير لوجستيات ذكي بتكلفة أقل وحقق نتائج أفضل. - هل يمكننا اختبار الحل بتجربة صغيرة ورخيصة؟
الشركات الذكية تبدأ بتجارب محدودة. مثل تجربة Toshiba لمساعد AI مع جزء من الموظفين قبل التوسّع. النتيجة؟ وفّر كل موظف 5.6 ساعات شهريًا، ما سهّل اتخاذ قرار التعميم.
السباقات التقنية التي تستحق الانضمام
ليس كل “سباق” تقني يستحق الاستثمار. لكن هناك سباقات لا غنى عنها:
- سباق الحماية من الاختراق: الأمن السيبراني لم يعد خيارًا. في 2023 وحدها، شهد قطاع الصحة العالمي أكثر من 700 اختراق كبير. حماية البيانات تعني حماية الثقة والسمعة
. - سباق معرفة الأرقام: الشركات التي تستخدم تحليلات البيانات تحقق عوائد أعلى بـ40%. لا تحتاج أن تكون Google؛ ابدأ بأسئلة بسيطة: من عملاؤنا الأكثر ربحية؟ ما المنتج الذي يحقق أقل عائد؟
- سباق العمل من أي مكان: بعد 2020، أصبح الحوسبة السحابية ضرورة، لا رفاهية. أكثر من 90% من الشركات تستخدمها اليوم. التحدي الآن: كيف تستخدمها بذكاء وتخفض التكاليف؟
- سباق أتمتة المهام الروتينية: هنا يظهر دور .AI المهام المملة التي تهدر وقت الموظفين؟ يمكن أتمتتها تدريجيًا. ابدأ بعملية واحدة فقط، وستفاجأ بالنتائج.
نمط النجاح الذي لا يراه الكثيرون
الشركات الناجحة في التقنية تشترك في 4 سمات:
- تبدأ من المشاكل لا من الحلول.
- تشرك المستخدمين الفعليين منذ البداية.
- تقيس النتائج الحقيقية (وقت، تكلفة، رضا العملاء).
- لا تخشى إيقاف المشاريع غير المجدية.
الحقيقة المقلقة عن منافسيك
منافسك لم يعد فقط الشركة المجاورة. قد يكون Startup في الرياض أو جدة يستخدم AI لتقديم نفس خدمتك بجزء من التكلفة. أو عملاق عالمي يرى أن سوقك يستحق الدخول.
لكن ميزة شركتك أنك تعرف عملاءك وسوقك السعودي مثلا أكثر من أي أحد. التكنولوجيا مجرد أداة. الفهم العميق لاحتياجات العملاء هو السلاح الحقيقي.
الخلاصة: الأمر لا يتعلق بالسباق
تشبيه “السباق” مضلل. التقنية ليست سباق سرعة، بل أقرب إلى ركوب الأمواج. الموجات ستستمر بالقدوم، سواء استعددت أم لا. لا يمكنك إيقافها، لكن يمكنك تعلم ركوبها.
الفائزون ليسوا من يملكون أحدث تقنية، بل من يعرفون أي موجة تستحق ركوبها، وكيفية استخدامها لتحقيق أهدافهم.
نعم، على شركتك أن تنضم إلى السباق التقني، لكن بشروطك: بوعي، وبتركيز على حل مشاكل حقيقية لعملاء حقيقيين.
السؤال ليس “هل سنشارك؟” بل: إلى أين نتجه، ولماذا؟