الرئيسية ستارت أب من ناشئ متحدٍ إلى شريك مصرفي: الرهان الكبير لشركة Qashio

من ناشئ متحدٍ إلى شريك مصرفي: الرهان الكبير لشركة Qashio

تشكّل الشّراكات بين المصارف الكبرى والشّركات النّاشئة في التّكنولوجيا الماليّة خطوةً تعيد رسم مشهد الابتكار، وتفتح فصلاً جديداً في رحلة التّحوّل نحو اقتصادٍ رقميٍّ ذكيٍّ

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

هذا المقال متوفّرٌ باللّغة الإنجليزيّة من هنا.

عندما يقرّر عملاقٌ مصرفيٌّ دعم شركةٍ ناشئةٍ في مجال التّكنولوجيا الماليّة، فإنّ الأمر يتجاوز مجرّد صفقةٍ ماليّةٍ؛ فهو أيضاً تصديق على متانة وأسس تلك الشّركة.

تجسّد هذا المعنى بوضوحٍ في سبتمبر من هذا العام، حين استحوذ "مصرف الإنماء" (Alinma Bank) السّعوديّ المتوافق مع الشّريعة على حصّةٍ استراتيجيّةٍ، وأبرم شراكةٍ مع منصّة إدارة الإنفاق النّاشئة "كاشيو" (Qashio)  المولّودة في الإمارات.

بالنّسبة للمؤسّس والرّئيس التّنفيذيّ "أرمين مرادي" (Armin Moradi‏)، يمثّل هذا التّطوّر تأكيداً على نجاح شركته ونقطة تحوّلٍ حاسمةً في مسارها. وقال أرمين في مقابلةٍ مع "عربيةInc. ": "يعدّّ استحواذ مصرفٍ سعوديٍّ رائدٍ -مثل الإنماء- على حصّةٍ استراتيجيّةٍ في كاشيو إشارةً قويّةً إلى أنّ السّوق السّعوديّ بات جاهزاً لحلول إدارة الإنفاق الحديثة. ولا يعبّر استثمارهم فقط عن الثّقة بمستقبل التّكنولوجيا الماليّة السّعوديّة، بل يمثّل أيضاً تصديقاً قويّاً على تكنولوجيا كاشيو، ويمنحنا المصداقيّة والدّعم اللّازمين لتسريع اعتماد منصّتنا في المملكة".

تأسّست "كاشيو" في الإمارات عام 2021، ودخلت سوق التّكنولوجيا الماليّة المكتظّ بالمنافسين، لكنّها تمكّنت سريعاً من فرض حضورها؛ فقد كانت الشّركة الأولى في الإمارات التي أصدرت بطاقات موظّفين للشّركات، ممّا أتاح لها التّميّز في مجالي رؤية الإنفاق والسّيطرة عليه لقادة الماليّة. واليوم، يستخدم خدمات "كاشيو" أكثر من 10,000 مستخدمٍ نشطٍ في المنطقة، وتشمل عروض الشّركة كلّ شيءٍ من تقارير الإنفاق اللّحظية إلى تطبيق السّياسات الماليّة.

وقد أسهم هذا الزّخم في جذب استثمار مصرف الإنماء في كاشيو. ولكن الأمر لا يقتصر على التّمويل فحسب؛ فمن خلال إدراج كاشيو ضمن محفظتها في قطّاع التّكنولوجيا الماليّة، والّتي تضم شركاتٍ مثل: "أموال تك" (Amwal Tech)، و"إيجاري" (Ejari)، و"لين تكنولوجي" (Lean Technology)، و"نير باي" (NearPay)، بالإضافة إلى عدّة صناديق رأس مالٍ مغامرٍ محليّةٍ، يربط المصرف بشكلٍ فعليٍّ مستقبل المنصة باستراتيجيته المؤسّسيّة. وستعمل الشّركتان معاً على بناء منصّةٍ لإدارة الإنفاق مصمّمةٍ خصيصاً للشّركات الصّغيرة والمتوسّطة والكبيرة في المملكة، جامعَتين بين قاعدة عملاء الإنماء الواسعة وتكنولوجيا كاشيو سريعة التّطوّر.

قال مرادي: "تتيح لنا هذه الشّراكة تقديم أدوات إدارة الإنفاق الأفضل في فئتها لعملاء المصرف، بما يمكّنهم من النّموّ مع سيطرةٍ وكفاءةٍ أعلى. وبالتّعاون معاً، يمكننا ضمان أن تعمل كلّ بطاقةٍ، ومعاملةٍ، وسياسةٍ ماليّةٍ بسلاسةٍ تامّةٍ للشّركات السّعوديّة. والأهمّ من ذلك، أنّ دعم الإنماء يضع كاشيو في موقعٍ يمكنها من التّوسّع بسرعةٍ وعمقٍ أكبر في السّّوق السّعوديّ، مع منح المؤسّسات الثّقة بالعمل مع منصّةٍ مدعومةٍ مصرفيّاً ومصمّمةٍ لتلبية احتياجاتها.

وقد عزّز دعم مصرف الإنماء أيضاً مكانة كاشيو في السّوق الإقليميّة، مانحاً إيّاها تميّزاً لا يمكن لأيّ منصّة إدارة إنفاقٍ أخرى في منطقة الشّرق الأوسط وشمال أفريقيا الادّعاء به. وأوضح مرادي: "بدعمٍ من مصرف الإنماء، أصبحت كاشيو الحلّ الوحيد لإدارة الإنفاق المدعوم مصرفيّاً في المنطقة. ومع أكثر من 10,000 مستخدمٍ نشطٍ بالفعل، ونحن في موقع يمكننا من حماية حصّتنا السّوقيّة وتوسيعها من خلال الجمع بين الخبرة المحليّة، والتّكنولوجيا على مستوى المؤسّسات، ومصداقيّة شريكٍ مصرفيٍّ موثوقٍ".

تأتي حصة مصرف الإنماء  في كاشيو متماشيةً مع رؤية المملكة 2030، الّتي أعطت أوّلويّةً للابتكار الماليّ والتّحوّل نحو اقتصادٍ بلا نقدٍ، ضمن إطار تنويع الاقتصاد بشكلٍ أوسع. وبالنّسبة لكاشيو، لم يكن التّوقيت أفضل من هذا؛ فقد جمعت الشّركة في مايو تمويلاً قدره 19.8 مليون دولارٍ أمريكيٍّ، بمشاركة مستثمرين مثل: "روكتشيب لرأس المال المغامر" (Rocketship.vc)، و"مورثان كابيتال" (MoreThan Capital)، إلى جانب بنوكٍ إقليميّةٍ ومكاتب عائليّةٍ. وبالتّالي، تمثّل الشّراكة السّعوديّة امتداداً طبيعيّاً لاستراتيجيّة نموّ الشّركة الإقليميّة.

ومع تعزيز كاشيو لمكانتها، تواجه في الوقت ذاته سوقاً يزداد تنافسيّةً يوماً بعد يومٍ؛ فاللّاعبون الإقليميّون والمنافسون العالميّون يسعون جميعاً لاقتناص الحصّة السّوقيّة، لكن مرادي يرى المنافسة محفّزاً أكثر منها تهديداً؛ فقال: "المنافسة صحيّةٌ؛ فهي تدفعنا جميعاً للابتكار بوتيرةٍ أسرع. وفي كاشيو، يتمثّل تميّزنا في ثلاثة أعمدةٍ: فرقنا البشريّة، وتقنياتنا، وشراكاتنا".

يشير مرادي إلى أنّ رؤية كاشيو تحقّقت بفضل عمق خبرة فريقها؛ فبفضل الخلفيّات المتنوّعة الّتي تمتدّ بين الأنظمة العالميّة والأسواق الإقليميّة، مكّنت خبرة الفريق الشّركة من بناء حلولٍ تلبّي احتياجات الأعمال المحليّة فعليّاً، مع توقّع التّحدّيات المستقبليّة.

وقال مرادي: "فريقنا بالكامل محليٌّ. ومع خبرتهم في الأنظمة الماليّة العالميّة، مثل "أوراكل" (Oracle)، و"أودو" (Odoo)، و(SAP)، هم على درايةٍ بالتحدّيات الّتي تواجهها الشّركات المحليّة. إضافةً إلى ذلك، فإنّ خلفيّتي تشمل كوني كُنت قائداً سابقاً في أوراكل ومديراً ماليّاً سابقاً، لذا فأنا أفهم عن قربٍ نقاط الألم الّتي يواجهها قادة الماليّة، وكيفيّة معالجتها على نطاقٍ واسعٍ".

تتجلّى ميّزةٌ أخرى لدى كاشيو في قدرتها على تمكين الشّركات من التّوسع بثقةٍ في كلّ مرحلةٍ من مراحل نموّها. وأوضح مرادي: "على عكس العديد من أدوات إدارة الإنفاق الّتي تقتصر على الشّركات الصّغيرة والمتوسّطة، صُمّمت كاشيو لدعم رحلة النّموّ بكاملها، بدءاً من الشّركات النّاشئة في مراحلها المبكّرة وصولاً إلى المؤسّسات الكبرى، إذ توفّر تقاريرنا للرّؤساء الماليّين رؤىً شاملةً على مستوى مجلس الإدارة، وفي الوقت نفسه تظلّ سهلة الاستخدام بما يكفي ليتعامل معها المؤسّسون الجدد بلا تعقيدٍ".

علاوةً على ذلك، بينما يركّز كثيرٌ من المنافسين في هذا المجال على الامتثال أو الكفاءة، جعلت "كاشيو" الولاء محور تميّزها؛ فقد أنشأت الشّركة في الإمارات منظومةً متكاملةً من المكافآت تشمل شراكاتٍ مع جهاتٍ، مثل: "إمارات سكاي واردز " (Emirates Skywards)، و"أفيُوس" (Avios)، و"إير فرانس" (Air France)، و"كي إل إم"  (KLM)، و"جُميرا ون" (Jumeirah One)، و"أكور للفنادق" (Accor Hotels)، و"إنتركونتيننتال " (Intercontinental)، و"شكراً" (Shukran)، وهي استراتيجيّةٌ يرى مرادي أنّها تعكس الطّريقة الّتي ستفكّر بها الشّركات في الإنفاق مستقبلاً.

وقال مرادي: "الولاء ليس مجرّد إضافةٍ ثانويّةٍ، بل هو جوهريٌّ في طريقة تفكير الشّركات بشأن الإنفاق… في حياتنا اليوميّة، نحرص بالفعل على تحسين كلّ معاملةٍ، سواء باستخدام بطاقة استردادٍ نقديٍّ للنّفقات اليوميّة أو بطاقة سفرٍ للاستفادة القصوى من المكافآت. ولا ينبغي أن تختلف الأمور بالنّسبة للشّركات؛ فالنّفقات المؤسّسيّة تمثّل أحد أكبر مراكز التّكلفة، وتحسينها عبر المكافآت يؤثّر مباشرةً في النّتائج الماليّة".

كما يرى مرادي أنّ تركيز كاشيو على الولاء ليس هدفاً منفصلاً، بل جزء من تحوّلٍ أوسع في طريقة تفكير الشّركات بالماليّة، حيث لم يعد الإنفاق مجرّد أداةٍ للرّقابة، بل أصبح وسيلةً لخلق قيمةٍ فعليّةٍ؛ فقال: "يكمن مستقبل إدارة الإنفاق في الدّمج المتكامل: مزج الضّبط والامتثال والشّفافيّة مع تقديم مزايا ولاءٍ حقيقيّةٍ. وعند بلوغ هذه المرحلة النّاضجة، ستبحث كلّ مؤسّسةٍ عن طرقٍ لتعظيم استفادتها من كلّ دولارٍ تنفقه. و تمثّل منظومة الولاء الّتي طوّرتها كاشيو استجابتنا لهذه الحقيقة، إذ نحوّل النّفقات اليوميّة للأعمال إلى قيمةٍ ملموسةٍ عبر مكافآت الطّيران والفنادق والتّجزئة وبرامج الاسترداد النّقديّ".

ويعكس هذا النّهج الدّروس الّتي اكتسبها مرادي خلال رحلته الرّياديّة. وأضاف: "لقد كانت رحلةً طويلةً، وأكبر نصيحةٍ أقدّمها هي وضع الأسس بشكلٍ صحيحٍ. بناءً على ذلك، وظّف أفضل الأشخاص الّذين تستطيع العثور عليهم، واستمع إليهم، ففريقك سيكون أثمن أصولك، وركّز على حلّ مشكلةٍ حقيقيّةٍ وملحّةٍ، وابنِ حولها أفضل الحلول الممكنة. إذا فعلت ذلك بانضباطٍ، ستأتي النّتائج تلقائيّاً. لم تكن كاشيو لتصل إلى ما هي عليه اليوم لولا ثقة عملائنا وتعليقاتهم. وقد كنّا شغوفين بتقديم تجربة خدمةٍ استثنائيّةٍ، فشكّل هذا النّهج المرتكز على العميل كلّ قرارٍ اتّخذناه بشأن منتجاتنا".

وينتقل مرادي هنا إلى نصائحه لمؤسّسي شركات التّكنولوجيا الماليّة في المنطقة، مشدّداً على: " كسب الثّقة منذ البداية؛ فحين تطلب من النّاس أن يضعوا أموالهم بين يديك تصبح المصداقيّة والامتثال والشّفافيّة عناصر لا تفاوض عليها. وفكّر دائماً بعينٍ طويلة المدى فيما يخصّ الشّراكات، فبناء علاقاتٍ متينةٍ مع الجهات التّنظيميّة والبنوك وروّاد الصّناعة يحتاج إلى وقتٍ، لذلك ابدأ مبكّراً وكن ثابتاً على مبادئك. تحرّك بسرعةٍ مع تحمّل المسؤوليّة، فمع أنّ الابتكار أمرٌ مثيرٌ، إلّا أنّ هامش الخطأ في قطّاع التّكنولوجيا الماليّة ضيّقٌ للغاية. واحرص على التّوازن بين السّرعة والأمان والامتثال، وكن صامداً ومرناً؛ فطريق النّجاح ليس مستقيماً، وكلّ تحدٍّ ستواجهه سيصقل منتجك وفريقك".

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
زمن القراءة: 7 دقائق قراءة
آخر تحديث:
تاريخ النشر: