5 أخطاء تمنع الشركات الناشئة من النمو إلى عشرة ملايين دولار
عواملٌ خفيّةٌ تعرقل مسار التّوسّع في الشركات الناشئة وتمنعها من بلوغ مراحل متقدّمةٍ من النّموّ وتحقيق إيراداتٍ تتجاوز الحدود

ها المقال متوفّرٌ باللّغة الإنجليزيّة من هنا.
بصفتي مدرّباً تجاريّاً رافق العديد من المؤسّسين والمدراء التّنفيذيّين في رحلتهم نحو التّوسّع، فقد عاينتُ عن قرب التّحدّيات المعقّدة التي تبرز عند محاولة رفع مستوى الأعمال إلى آفاقٍ جديدةٍ؛ فبينما ينجح عددٌ كبيرٌ من المؤسّسين في دفع شركاتهم للوصول إلى عتبة المليون دولار من الإيرادات، فإنّ قلّةً منهم فقط يتمكّنون من اختراق هذا الحاجز، والارتقاء بها إلى مستوى العشرة ملايين.
- فما السّبب في هذا التعثّر؟
يكمن الخطأ الجوهريّ في تمسّكهم بالاستراتيجيّات ذاتها الّتي أوصلتهم إلى النّجاح الأوّل، غير مدركين أنّ ما يصلح للانطلاق، لا يصلح بالضّرورة للانطلاق المضاعف؛ فما كان فعّالاً في البدايات قد يتحوّل إلى عقبةٍ صامتةٍ في مراحل النّموّ المتقدّمة، تُبطئ المسار وتُقيّد الانطلاقة؛ فهم:
فهم، في الغالب، يواصلون أداء دور البائع الأوّل في شركاتهم، بدلاً من بناء منظومة مبيعاتٍ قابلةٍ للتّوسّع، موثوقةٍ، ومستقلّةٍ عن وجودهم المباشر. كما أنّهم يُحيطون أنفسهم بأشخاص يُجيدون قول "نعم"، ويؤثرون المجاملة على الصّراحة، عوضاً عن اختيار من يمتلك الجرأة على التّحدّي، والقدرة على طرح الأسئلة الصّعبة التي تُحفّز التّفكير والنّموّ. ولا يقتصر الخطأ على دائرة الأشخاص فقط، بل يمتدّ إلى طريقة النّظر والإدارة؛ إذ ينشغل كثيرٌ منهم في النّظر إلى الدّاخل، غارقين في تفاصيل العمليّات والإجراءات، بدلاً من التّوجّه بأبصارهم نحو السّوق الخارجيّ المتغيّر، الذي يحمل الفرص كما يحمل التّهديّدات. وفوق ذلك، يتورّطون في إدارة الفرق اليوميّة، يتدخلون في الصّغائر والكبائر، ويُقيّدون فرقهم بإشرافٍ مفرطٍ يحجب عنهم روح المبادرة والمسؤوليّة. ثمّ يغفلون -وربما يتجاهلون-اللّجوء إلى أولئك الذين يمكن أن يشكّلوا فارقاً حقيقيّاً: المستثمرين، والمستشارين، والخبراء، ممن يحملون خبراتٍ استراتيجيّةً وأدواتٍ عمليّةً قادرةً على إحداث قفزةٍ نوعيّةٍ في مسار الشّركة.
إنّ هذه الأخطاء الخمسة، على شيوعها، تُعدّ من أبرز الأسباب التي تُعيق الكثير من المؤسّسين عن بلوغ مستوى العشرة ملايين دولار. ولكن الخبر السّار هو أنّ كلّ واحدة منها قابلة للمعالجة والتّجاوز. والسؤال الأهم هو: كيف نُوسّع الأعمال بالطّريقة الصّحيحة؟
لا يستطيعون التوقف عن البيع
من أكبر العوائق أمام النّموّ هو عدم قدرة المؤسّس على التّخلّي عن عمليّة البيع بنفسه. في المراحل الأولى، يكون المؤسّس غالباً أفضل بائع في الفريق؛ لأنّه يعرف المنتج عن ظهر قلبٍ ومتحمسٌ لقيمته. ولكن، هذا الأسلوب لا يصلح للتّوسّع. للانتقال من مليون إلى عشرة ملايين، يجب على المؤسّس أن يتحوّل من دور البائع إلى بناء نظام مبيعاتٍ يمكن تكراره والتّوسّع فيه. هذا يشمل توظيف فريق مبيعات، وتطوير عمليّة مبيعاتٍ متماسكةٍ، والاستثمار في أدواتٍ تساعد الفريق على العمل بكفاءةٍ؛ فالنّظام البيعيّ الجيد قادرٌ على توليد الإيرادات بشكلٍ منتظمٍ ومستدامٍ، ممّا يتيح للشّركة أن تنمو خارج حدود طاقة المؤسّس الشّخصيّة.
يريدون أن يكونوا الأذكى في الغرفة
يجب أن يوظّف المؤسّسون الرّاغبون في التّوسّع أشخاصاً أذكى وأكثر خبرةً منهم في مجالاتٍ محدّدةٍ. ولكن، كثيراً ما يحيط المؤسّسون أنفسهم بأشخاصٍ يقولون لهم ما يرغبون في سماعه فقط، بدلاً من أولئك الذين يجلبون أفكاراً جديدةً أو يطرحون تساؤلاتٍ صعبةً. وللوصول إلى مستوى عشرة ملايين، يجب على المؤسّس أن يبني فريق قيادةٍ من المدراء التّنفيذيّين المتمرّسين القادرين على دفع الشّركة للأمام. ويتطلّب ذلك التّخلّي عن الحاجة لأن يكون هو الأذكى في الغرفة، وقبول الذكاء الجماعي لفريقٍ متنوّعٍ وقويٍّ.
شاهد أيضاً: ريادة الأعمال المستدامة: الأهمية والتحديات
يركزون داخليّاً أكثر من اللازم
خطأ شائعٌ آخر هو الانشغال المفرط بتحسين العمليّات الدّاخليّة والأنظمة على حساب التّفاعل مع السّوق الخارجيّ. رغم أنّ الكفاءة التّشغيليّة ضروريّةٌ، إلّا أنّها لن تقود النّموّ وحدها. يحتاج المؤسّسون إلى الخروج من مكاتبهم، والتّفاعل مع العملاء، وفهم المنافسين، وبناء علاقاتٍ استراتيجيّةٍ تدفع الشّركة إلى الأمام. ومن خلال تحويل التّركيز من العمليّات الدّاخليّة إلى الفرص الخارجيّة، يمكن للشّركات أن تفتح أبواباً لأسواقٍ جديدةٍ، وتؤسّس شراكاتٍ ذات قيمةٍ، وتستفيد من مصادر دخلٍ إضافيّةٍ تُعدّ ضروريّةً للتّوسّع؛ هذا التّوجه الاستراتيجيّ يسمح باستكشاف إمكانيّاتٍ غير مستغلّةٍ والابتكار، مما يدفع بالنّمو ويزيد من القدرة التّنافسيّة في السّوق.
يتدخلون في كل التفاصيل
غالباً ما يميل المؤسّسون إلى التّدخل في تفاصيل عمل فرقهم، مركّزين على المهامّ والعمليّات بدلاً من النّتائج؛ فقد يكون هذا الأسلوب مناسباً في البدايات، لكنّه يتحوّل إلى عنق زجاجةٍ عندما تبدأ الشّركة في النّموّ. ولكي يتمكّن المؤسّسون من توسيع أعمالهم بفعاليّةٍ، عليهم تطوير قادةٍ داخل الشّركة يستطيعون تحديد الأهداف، ووضع استراتيجيّاتٍ، وتنفيذها دون إشرافٍ مستمرٍّ. ومن خلال تمكين أعضاء الفريق لاتّخاذ قراراتهم وتحمّل مسؤوليّة مشاريعهم بالكامل، يستطيع المؤسّسون تحرير وقتهم الثّمين؛ هذا النّهج لا يقلّل من عبء القيادة فحسب، بل يُنشئ أيضاً ثقافةً من المساءلة والابتكار داخل المؤسّسة.
يؤدّي هذا التّمكين إلى فريقٍ أكثر اندماجاً وتحفيزاً، حيث يشعر الأفراد بأنّهم محلّ تقديرٍ وثقةٍ، ممّا يدفعهم إلى تحقيق نتائج ملموسةٍ. كما أنّ هذه الاستراتيجيّة تُسرع النّموّ وتخلق بيئة عملٍ استباقيّةً ومبدعةً يتحمّل فيها الجميع مسؤوليّة نجاح الشّركة.
لا يستفيدون من الموارد الخارجية
أخيراً، يقع الكثير من المؤسّسين في فخ الاعتقاد بأنّ عليهم القيام بكلّ شيءٍ بأنفسهم؛ هذه العقليّة الّتي تقول "أنا أستطيع القيام بذلك بشكلٍ أفضل" تحدّ من قدرتهم على التّوسّع؛ فالمؤسّسون النّاجحون يدركون قيمة الاستفادة من الموارد الخارجيّة، مثل: المستثمرين، والمستشارين، والخبراء، والمدربين. فهذه الموارد يمكن أن تقدّم رأس المال والخبرة والإرشاد الاستراتيجيّ اللّازم للنّموّ بشكلٍ أسرع وأكثر ربحيّةً.
ومن خلال استغلال الموارد الخارجيّة بشكلٍ استراتيجيٍّ، يستطيع المؤسّسون تجنّب العديد من العقبات التي تواجهها الشّركات أثناء النّموّ؛ هذا النّهج يُتيح لهم اتّخاذ قراراتٍ مدروسةٍ تستند إلى رؤىً وخبراتٍ قد لا تتوفّر داخل الشّركة. نتيجةً لذلك، يمكن أن يكون لهذا التّفوق الاستراتيجيّ تأثيرٌ كبيرٌ على تسريع وتيرة النّموّ، ممّا يساعدهم على تحقيق أهدافهم التّجاريّة بشكلٍ أسرع وأكثر كفاءةً.
يتطلّب توسيع نطاق الأعمال من مليون إلى عشرة ملايين دولارٍ أكثر من مجرّد العمل الجادّ، بل يتطلّب تحوُّلاً جذريّاً في العقليّة والاستراتيجيّة. ومن خلال التّراجع عن البيع المباشر، وتوظيف أفضل الكفاءات، والتّركيز على السّوق، وبناء قادة داخليّين، واستغلال الموارد الخارجيّة، يمكن للمؤسّسين أن يتخطّوا العقبات التي تمنعهم من الوصول إلى المرحلة التّالية من النّموّ.
نُشِر هذا الرأي الخبير للمدرّب الاستراتيجيّ والرّئيس التّنفيذيّ لشركة "بروس إيكفيلد" (Bruce Eckfeldt)، المدرجة ضمن قائمة Inc. 5000، في الأصل على موقع (Inc.com).