5 أخطاء شائعة في إدارة الموارد البشرية الناشئة

تعدّ إدارة الموارد البشرية من الرّكائز الأساسيّة لأيّ شركةٍ تسعى للنّموّ والاستدامة، سواء أكانت مؤسّسةً كبرى أم مشروعاً ناشئاً في بداياته. ففي عالم الشركات الناشئة، تمثّل إدارة رأس المال البشريّ عنصراً حاسماً يمكن أن يصنع الفارق بين النّجاح والفشل. ولٰكن، وعلى الرّغم من هٰذه الأهمّيّة، تقع الكثير من الشّركات الجديدة في أخطاءٍ متكرّرةٍ في إدارة فرقها ومواهبها. فما هي إدارة الموارد البشرية؟ وما أبرز وظائفها؟ ^[1]  

ما هي إدارة الموارد البشرية؟

إدارة الموارد البشرية هي العلم والفنّ الّذي يهتمّ بتنظيم العلاقة بين المؤسّسة وموظّفيها. وتشمل هٰذه الإدارة جميع الأنشطة المتعلّقة باختيار الكفاءات، وتعيينهم، وتدريبهم، وتحفيزهم، وتقييم أدائهم، وضمان الالتزام بسياسات العمل. يُنظر إلى إدارة الموارد البشريّة باعتبارها حلقة الوصل بين الاستراتيجيّة العامّة للشّركة وبين الموظّفين الّذين يـنفّذونها. وتعدّ هٰذه الإدارة أداةً استراتيجيّةً في بناء ثقافةٍ مؤسّسيّةٍ قويّةٍ، وتحقيق بيئة عملٍ صحّيّةٍ تعزّز الإنتاجيّة والابتكار. ^[2]  

5 أخطاء شائعة في إدارة الموارد البشرية الناشئة

تواجه الشركات الناشئة تحدّياتٍ كثيرةً في مجال إدارة الموارد البشرية، وفي غمار التّطوّر والنّموّ، يكثر الوقوع في أخطاءٍ قد تؤثّر على نجاح الفريق والمشروع بأكمله: ^[3]  

التوظيف العشوائي دون تخطيط

تقع بعض الشركات الناشئة في فخّ التّسرّع في تعيين الموظّفين دون تحديدٍ واضحٍ للاحتياجات الوظيفيّة أو تقييم المهارات الفعليّة المطلوبة. وفي الغالب، يكون الدّافع هو الرّغبة في تسريع العمل، ولٰكن النّتيجة تكون توظيف أشخاصٍ غير مناسبين للمهامّ. وينصح هنا بوضع خطّةٍ واضحةٍ للقوى العاملة منذ البداية، وتحديد توصيفٍ دقيقٍ لكلّ وظيفةٍ، ثمّ التّوظيف وفقاً لمعايير موضوعيّةٍ.

إهمال ثقافة العمل وقيم الفريق

تغفل بعض المشاريع النّاشئة أهمّيّة بناء ثقافةٍ داخليّةٍ متماسكةٍ تعبّر عن قيم الشّركة وتوجّهاتها؛ فعدم وجود هٰذه الثّقافة يؤدّي إلى بيئة عملٍ مضطربةٍ وفوضويّةٍ، يصعب فيها الاحتفاظ بالانضباط أو روح التّعاون. ومن الضّروريّ أن تقوم إدارة الموارد البشرية النّاشئة منذ البداية بتحديد القيم المؤسّسيّة، وأن تعمل على ترسيخها عن طريق التّدريب، والتّواصل الدّاخليّ، وممارسات التّقدير والمكافأة.

غياب برامج التدريب والتطوير

يعدّ إهمال تدريب الموظّفين من أبرز الأخطاء الّتي تؤثّر سلباً على كفاءة الفريق مع الوقت؛ فتتغيّر المهارات المطلوبة في سوق العمل باستمرارٍ، والشّركات الّتي لا تواكب هٰذا التّغيّر تفقد قدرتها على المنافسة. وعلى إدارة الموارد البشرية في الشركات الناشئة أن توفّر برامج تدريبٍ مستمرّةٍ، تركّز على تطوير المهارات التّقنيّة والمهارات الناعمة، وربط ذٰلك بخطط الأداء والتّرقية.

تجاهل تقييم الأداء والتّغذية الرّاجعة

لا تضع بعض الشركات الناشئة نظاماً واضحاً لتقييم أداء الموظّفين، إمّا لسبب نقص الخبرة، أو لاعتقادها أنّ صغر حجم الفريق يغني عن هٰذه الآليّة. ولٰكن غياب التّقييم يفقد الموظّف البوصلة ويضعف الحافز. لذٰلك، فإنّ من المهمّ إنشاء نظامٍ بسيطٍ وفعّالٍ لقياس الأداء، يشمل أهدافاً فرديّةً واضحةً، وتغذيةً راجعةً دوريّةً، مع ربط النّتائج بالمكافآت وخطط التّطوير.

ضعف التواصل الداخلي وسوء إدارة النزاعات

يعدّ التواصل الداخلي الفعّال من أهمّ العوامل الّتي تساهم في بناء بيئة عملٍ متوازنةٍ ومنتجةٍ، ولٰكن الكثير من الشركات الناشئة تهمله، ممّا يؤدّي إلى تراكم المشاكل الصّغيرة وتحوّلها إلى أزماتٍ. كما أنّ بعض المدراء يتجنّبون التّعامل مع النّزاعات بدافع الانشغال أو الحرج، ممّا يضعف الانسجام داخل الفريق. وينبغي على إدارة الموارد البشرية أن تبني آليّةً للتّواصل الشّفّاف، وتعزّز ثقافة الحوار، وتدرّب القادة على إدارة الخلافات بشكلٍ محترفٍ.

أهم وظائف إدارة الموارد البشرية

تتنوّع وظائف إدارة الموارد البشرية بحسب حجم الشّركة وأهدافها، لكن أبرز الوظائف المشتركة تشمل:

• التّخطيط للقوى العاملة: تحديد عدد ونوعيّة الموظّفين الّذين تحتاجهم الشّركة.
• التّوظيف والاختيار: جذب الكفاءات وتعيين المرشحين الأنسب.
• التّدريب والتّطوير: رفع مستوى مهارات الموظّفين وتطوير قدراتهم.
• تقييم الأداء: متابعة إنتاجيّة الموظّفين وتحديد مجالات التّحسين.
• التّعويضات والمزايا: تحديد الرّواتب والمكافآت بما يحقّق العدالة والتّحفيز.
• العلاقات العماليّة: إدارة التّواصل مع الموظّفين وحل النّزاعات.
• إدارة السّجلات والبيانات: حفظ ملفات الموظّفين وتنظيمها.

الهدف من إدارة الموارد البشرية

يكمن الهدف من إدارة الموارد البشرية في ضمان الاستخدام الأمثل للعنصر البشريّ داخل المؤسّسة، بما يُعزّز الأداء العام ويقود إلى تحقيق الأهداف الاستراتيجيّة للشّركة؛ فهي لا تقتصر فقط على مهامّ التّوظيف أو الرّواتب، بل تشمل دورة حياة الموظّف كاملةً، بدءاً من استقطاب الكفاءات المناسبة، مروراً بتطوير مهاراتهم، ووصولاً إلى تحفيزهم وخلق بيئة عملٍ صحّيّةٍ تحافظ على ولائهم.

في سياق الشركات الناشئة، يصبح هذا الهدف أكثر حساسيّةً؛ لأنّ الموارد غالباً ما تكون محدودةً، ممّا يتطلب إدارةً دقيقةً وذكيّةً لرأس المال البشري. كما تهدف إدارة الموارد البشرية أيضاً إلى خلق انسجامٍ بين تطلعات الإدارة العليا وتوقّعات الموظّفين، عبر آلياتٍ فعّالةٍ للتّقييم والتّغذيّة الرّاجعة والتّطوير المستمرّ. ومن خلال ذلك، لا تتحقّق فقط الكفاءة التّشغيليّة، بل يُبنى أساسٌ ثقافيٌّ متينٌ يُسهم في استقرار الفريق ونموّه، وهو ما يعدّ من أهم عوامل النّجاح المستدام في عالم الأعمال.

الخلاصة

لا تقلّ إدارة الموارد البشرية أهمّيّةً عن أيّ وظيفةٍ أخرى في الشّركة، بل هي العمود الفقريّ الّذي يدعم كلّ العمليّات والنّموّ. وفي الشركات الناشئة تحديداً، حيث تكون الموارد محدودةً، يصبح التّعامل الذّكيّ مع العنصر البشريّ هو الفارق بين التّقدّم والانهيار؛ فتفادي الأخطاء الخمسة المذكورة أعلاه، والعمل على تأسيس إدارةٍ فعّالةٍ للموظّفين، يعدّ خطوةً استراتيجيّةً لبناء مشروعٍ ناجحٍ ومستدامٍ من الدّاخل قبل الخارج.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال

انضم الآن