الأخطاء الشائعة عند توسيع الفريق الإداري... كيف تتجنبها؟
حين تتحوّل عمليّة توسيع الفريق الإداري من خطوةٍ عدديةٍ إلى رؤيةٍ قياديةٍ متكاملةٍ، يصبح الوعي بالمزالق شرطاً للنّجاح لا ترفاً تنظيميّاً
 
 تعدّ عمليّة توسيع الفريق الإداريّ مرحلةً حاسمةً في مسيرة أيّ مؤسّسةٍ تتطلّع إلى تعزيز قدراتها التّنظيميّة والإشرافيّة وتحقيق نموٍّ متوازنٍ ومستدامٍ. غير أنّ هٰذه الخطوة، رغم ما تحمله من فرصٍ واعدةٍ، قد تتحوّل إلى عبءٍ إداريٍّ إذا لم تدار بوعيٍ واستبصارٍ. فكثيراً ما يقع القادة في فخّ الأخطاء الشّائعة عند توسيع الفريق الإداريّ حين يتعاملون مع التّوسيع بوصفه مجرّد زيادةٍ عدديّةٍ في المناصب، في حين أنّه في جوهره إعادة هيكلةٍ فكريّةٍ وسلوكيّةٍ لطريقة القيادة واتّخاذ القرار والتّواصل الدّاخليّ. ومن هنا، يصبح الوعي بالمزالق الإداريّة ضرورةً لا ترفاً، لأنّ النّجاح في هٰذه المرحلة لا يقاس بعدد المديرين الجدد، بل بمدى انسجامهم وقدرتهم على دفع المؤسّسة نحو أهدافها بثباتٍ وتكاملٍ.
الهدف من التوسيع الإداري
كثيراً ما تخطئ المؤسّسات حين تقدم على توسيع الفريق الإداريّ كردّ فعلٍ سريعٍ لضغط العمل، من دون تحليلٍ عميقٍ للغرض الحقيقيّ من هٰذا التّوسيع؛ فيظنّ بعض القادة أنّ زيادة المديرين ستؤدّي تلقائيّاً إلى تحسين الأداء، بينما تظهر التّجارب أنّ تضخيم الهيكل الإداريّ من دون وضوحٍ في المهامّ قد يخلق طبقاتٍ بيوقراطيّةً تبطئ القرارات وتربك التّنسيق.
ولتجنّب هٰذا الخطاء، يجب أن يبنى القرار على دراسةٍ دقيقةٍ لحجم العمل ونقاط الاختناق الإداريّ ومجالات الحاجة الفعليّة؛ فالتّوسيع الإداريّ النّاجح يبدأ بتحديد الرّؤية الاستراتيجيّة الّتي ستوجّه هٰذا التّغيير، لأنّ وضوح الغاية يقي المؤسّسة من الانجرار إلى توسّعٍ عشوائيٍّ يرهق الموارد بدلاً من أن يعزّز الإنتاجيّة. [1]
الأخطاء الشائعة عند توسيع الفريق الإداري... كيف تتجنبها؟
تعتبر مرحلة توسيع الفريق الإداريّ من أكثر المراحل دقّةً في حياة المؤسّسات، إذ يمكن أن تطلق شرارة النّموّ أو تحدث ارتباكاً تنظيميّاً إذا أديرت بطريقةٍ خاطئةٍ، لذٰلك يصبح فهم الأخطاء الشّائعة عند توسيع الفريق الإداريّ وتجنّبها شرطاً أساسيّاً لبناء قيادةٍ متماسكةٍ تدعم الرّؤية وتحقّق الاستقرار.
اختيار الأشخاص الخطاء في المناصب الحساسة
غالباً ما تهدر المؤسّسات إمكاناتها حين تمنح المناصب الإداريّة بناءً على الأقدميّة أو الولاء لا على الكفاية والجدارة؛ فهٰذا أحد أخطر الأخطاء الشّائعة عند توسيع الفريق الإداريّ، لأنّ القيادة لا تقاس بعدد السّنين، بل بالقدرة على الرّؤية والتّأثير واتّخاذ القرار المتّزن. وحين يعيّن شخصٌ يفتقر إلى المهارات القياديّة في موقعٍ مؤثّرٍ، يختل انسجام الفريق وتضعف الثّقة الدّاخليّة وتتراجع جودة القرارات.
لذٰلك، يجب أن يعتمد التّعيين على معايير دقيقةٍ تشمل تقييم السّلوك القياديّ والقدرة على إدارة الأشخاص والتّفكير الاستراتيجيّ، مع الاستعانة بأدواتٍ موضوعيّةٍ مثل المقابلات المتعمّقة واختبارات الكفاية والتّحليل النّفسيّ للمرشّحين؛ فاختيار القائد المناسب لا يعدّ رفاهيّةً تنظيميّةً، بل ضمانةً لاستقرار المنظومة الإداريّة بأكملها.
ضعف التواصل الداخلي أثناء التوسيع
يعدّ غياب التّواصل الواضح من أكثر الأسباب الّتي تحوّل التّوسيع الإداريّ من فرصةٍ إلى أزمةٍ؛ فحين لا توضّح الصّلاحيّات الجديدة، ولا يشرح تسلسل المسؤوليّات بعد إعادة الهيكلة، ينشأ الارتباك داخل المستويات الإداريّة المختلفة. وبدلاً من أن يسهم التّوسيع في تسريع اتّخاذ القرار، يتحوّل إلى صراعٍ خفيٍّ على النّفوذ والمهامّ.
لذٰلك، يجب أن يرافق التّوسيع الإداريّ حوارٌ مفتوحٌ ومنظّمٌ يشرح فيه مبادئ التّغيير وأهدافه وآليّاته، مع إنشاء قنوات تواصلٍ فعّالةٍ تضمن تبادل المعلومات بين الإدارات الجديدة والقديمة. فكلّ توسّعٍ ناجحٍ يحتاج إلى لغةٍ إداريّةٍ مشتركةٍ تبني الجسور لا الجدران، وتجعل الهيكل الجديد أكثر ترابطاً لا أكثر انقساماً.
تجاهل بناء ثقافة موحدة بعد التوسيع
حين تدخل شخصيّاتٌ إداريّةٌ جديدةٌ إلى المنظومة، تتغيّر تلقائيّاً المعادلات الثّقافيّة داخل المؤسّسة. وقد يفشل القائد أحياناً في ملاحظة هٰذا التّحوّل، فينشأ ما يعرف بـ «الجزر الإداريّة» حيث تعمل كلّ وحدةٍ بمعزلٍ عن الأخرى. وهٰذا الخطأ الثّقافيّ يعدّ من أكثر الأخطاء الشّائعة عند توسيع الفريق الإداريّ ضرراً على المدى الطّويل، لأنّه يفقد المؤسّسة روحها المشتركة ويحوّلها إلى كيانٍ مفكّكٍ تضعف فيه الرّؤية الجماعيّة.
ولتفادي ذٰلك، يجب أن يعزّز القائد القيم المشتركة منذ اليوم الأوّل، وأن ينظّم ورش عملٍ وبرامج إندماجٍ ترسّخ الهويّة المؤسّسيّة في أذهان المديرين الجدد؛ فحين يتوحّد الجميع حول رسالةٍ واحدةٍ وثقافةٍ واضحةٍ، يتحوّل التّنوّع الإداريّ إلى مصدر قوّةٍ لا تناقضٍ.
إغفال التدريب والتأهيل للمدراء الجدد
يخطئ كثيرٌ من القادة حين يفترضون أنّ المدير المميّز في مجالٍ تقنيٍّ سيبرع تلقائيّاً في القيادة. غير أنّ الفارق بين الخبير والقائد كبيرٌ، إذ يحتاج الأخير إلى مهاراتٍ إنسانيّةٍ وقدراتٍ إداريّةٍ تكتسب بالتّدريب والممارسة. لذٰلك، يعدّ تجاهل التّأهيل أحد أبرز الأخطاء الشّائعة عند توسيع الفريق الإداريّ، لأنّه ينتج قياداتٍ مرتبكةً غير قادرةٍ على التّفويض أو تحفيز الفريق أو إدارة الأزمات.
ولتجنّب ذٰلك، يجب أن ترفق كلّ عمليّة توسيعٍ بخطّة تطويرٍ شاملةٍ تشمل التّدريب على مهارات التّواصل، وإدارة الأداء، واتّخاذ القرار، والتّخطيط الاستراتيجيّ، بالإضافة إلى برامج إرشادٍ (Mentoring) تساعد القادة الجدد على الاندماج بسلاسةٍ مع ثقافة المؤسّسة؛ فبقدر ما يستثمر في تأهيل القادة، تبنى أسس النّجاح الإداريّ الحقيقيّ. [2]
إهمال المتابعة بعد التوسيع
لا ينتهي عمل القائد بمجرّد اكتمال الهيكل الجديد، بل يبدأ حينئذٍ دوره الأهمّ في مراقبة التّفاعل الدّاخليّ بين الأعضاء القدامى والجدد؛ فغياب المتابعة بعد التّوسيع يتيح للأخطاء أن تتكرّس وللخلافات أن تتعمّق دون رصدٍ مبكّرٍ. لذٰلك، يجب أن يطبّق القائد نظام مراجعةٍ دوريّةٍ يقيّم من خلاله أداء الفريق الإداريّ، ومستوى الانسجام، وجودة التّنسيق في اتّخاذ القرارات. ويمكن الاستعانة بمؤشّراتٍ واضحةٍ مثل سرعة التّنفيذ، ومعدّل تحقيق الأهداف، ومستوى الرّضا الوظيفيّ لدى المديرين؛ فالمتابعة المنتظمة لا تعتبر رقابةً، بل هي صمام الأمان لضمان أنّ التّوسيع الإداريّ يسير في الاتّجاه الصّحيح.
الخاتمة
إنّ إدراك الأخطاء الشّائعة عند توسيع الفريق الإداريّ يمثّل الخطوة الأولى في بناء قيادةٍ أكثر نضجاً وفاعليّةً. فالقائد النّاجح لا يسارع إلى التّوسيع قبل أن يحدّد الغاية منه بدقّةٍ، ولا يملأ المناصب لمجرّد ملئها، بل يختار الأكفأ والأقدر على الإضافة. كما يربط بين التّوسيع وبناء الثّقافة التّنظيميّة المشتركة، لأنّ الفريق الإداريّ النّاجح لا يقوم على السّلطة بل على التّفاهم والثّقة المتبادلة.
-  الأسئلة الشائعة
- ما الهدف الحقيقي من توسيع الفريق الإداري؟ يهدف التّوسيع الإداريّ إلى تحسين كفاءة المؤسّسة وزيادة قدرتها على اتّخاذ القرارات وتنظيم العمل، بشرط أن يكون مبنيّاً على تحليلٍ دقيقٍ للاحتياجات وليس على ردود فعلٍ سريعةٍ.
- كيف تضمن المؤسسة نجاح التوسيع الإداري على المدى الطويل؟ يُضمن النّجاح من خلال المتابعة المستمرّة لأداء الفريق الإداريّ، وقياس مؤشّراتٍ مثل سرعة اتّخاذ القرار وجودة التّواصل، إضافةً إلى دعم القادة بالتّطوير المستمرّ وبناء ثقافةٍ موحّدةٍ تدعم الرّؤية العامّة.
 
 