5 أخطاء يقع فيها المدراء الجدد... تعرّف عليها
حين يخطو المدراء الجدد أولى خطواتهم القياديّة، يصبح إدراك الأخطاء الشائعة أساساً لبناء قيادةٍ ناجحةٍ ومستدامةٍ

تدخل كثيرٌ من الكفاءات الجديدة عالم الإدارة بحماسٍ كبيرٍ، لكنّ الحماس وحده لا يكفي لبناء مسيرةٍ قياديّةٍ ناجحةٍ. يقع بعض المدرّاء الجدد في أخطاء القيادة الّتي تؤثّر على فريقهم وتبطئ من نجاح مؤسّساتهم. تشكّل الإدارة مسؤوليّةً كبيرةً، فهي لا تقتصر على تنظيم المهامّ فقط، بل تشمل بناء فرق عملٍ قويّةٍ، واتّخاذ قراراتٍ حاسمةٍ، وتحقيق أهدافٍ استراتيجيّةٍ. وعند تجاهل الدّروس الأساسيّة أو الوقوع في أخطاءٍ متكرّرةٍ، يخسر المدير الجديد ثقة فريقه ويعرّض المؤسّسة لتراجع الأداء.
5 أخطاء يقع فيها المدراء الجدد
تواجه البدايات الإداريّة دائماً تحدياتٍ أساسيّةً، وهنا نستعرض أبرز 5 أخطاء متكررةٍ يقع فيها المدراء الجدد وتؤثر مباشرةً على نجاحهم:
الخطأ الأول: فرض السيطرة المطلقة
يحاول كثيرٌ من المدراء الجدد أن يثبتوا سلطتهم من خلال فرض السّيطرة الكاملة على كلّ صغيرةٍ وكبيرةٍ داخل الفريق. ويمارس المدير أسلوب الإدارة الدّقيقة المفرطة، يراقب التّفاصيل اليوميّة ويتدخّل في كلّ قرارٍ، ممّا يزرع التّوتّر ويفقد الفريق روح المبادرة.
يقود هٰذا النّهج إلى إضعاف ثقة الموظّفين بأنفسهم، ويجعلهم يعتمدون بشكلٍ كاملٍ على المدير، ما يؤدّي إلى بطء الإنجاز وفقدان الابتكار. ومن جهةٍ أخرى، يشعر الفريق بعدم الرّاحة لأنّ بيئة العمل تتحوّل إلى مساحة مراقبةٍ بدلاً من أن تكون بيئة ثقةٍ وإبداعٍ. لتجاوز هٰذا الخطأ، يجب على المدير أن يمنح موظّفيه مساحةً من الحرّيّة، وأن يوازن بين المتابعة والتّفويض. [1]
الخطأ الثاني: إهمال الاستماع إلى الفريق
يتجاهل بعض المدراء الجدد أهمّيّة الإصغاء إلى آراء موظّفيهم. يعتقد المدير أحياناً أنّ موقعه يمنّحه المعرفة الكاملة، فيتّخذ القرارات منفرداً دون استشارة فريقه. لكن هٰذا الأسلوب ينتج فجوةً بين القيادة والموظّفين، ويضعف التّعاون داخل المؤسّسة.
عندما يهمل الاستماع، يفقد المدير فرصاً ثمينةً لفهم التّحدّيات الحقيقيّة الّتي يواجهها الموظّفون. كما يضيّع إمكانيّة الاستفادة من الأفكار الجديدة الّتي قد يحملها الفريق. ينعكس ذٰلك سلباً على الأداء، ويشعر الموظّفون بأنّ آرائهم لا قيمة لها، ممّا يؤدّي إلى انخفاض الحماس والإنتاجيّة. ويعتبر الإنصات الفعّال من أهمّ أدوات الإدارة الحديثة، لأنّه يفتح قنوات التّواصل ويعزّز المشاركة. يحتاج المدير الجديد أن يتعلّم فنّ الإصغاء، وأن يشرك الفريق في صناعة القرار. [1]
الخطأ الثالث: تجاهل التطوير الشخصي والمهني
يركّز المدير الجديد أحياناً على متابعة أداء فريقه، لكنّه يغفل تطوير نفسه. يظنّ أنّ حصوله على المنصب القياديّ يكفي، ليتوقّف عن التّعلّم المستمرّ. لكن في بيئة عملٍ سريعة التّغيّر، يصبح تجاهل التّطوير الذّاتيّ أحد أخطر أخطاء القيادة. يؤدّي هٰذا الإهمال إلى جمودٍ فكريٍّ ونقصٍ في المهارات الّتي يحتاجها القائد للتّعامل مع التّحدّيات المستقبليّة. كما يفقد المدير فرصة مواكبة أحدث أسلوب الإدارة وأدواتها الرّقميّة.
لتجنّب هٰذا الخطأ، يجب على المدير أن يستثمر في نفسه عبر القراءة المستمرّة، وحضور الدّورات التّدريبيّة، وطلب التّغذية الرّاجعة من زملائه. تقوم القيادة النّاجحة على النّموّ الدّائم، إذ يصبح القائد المتعلّم قدوةً لفريقه.
الخطأ الرابع: تجاهل الذكاء العاطفي
يركّز بعض المدراء الجدد على الجانب العمليّ فقط، يقيسون النّجاح بعدد المهامّ المنجزة دون النّظر إلى مشاعر فريقهم. يتجاهل هٰؤلاء أهمّيّة الذكاء العاطفيّ في الإدارة، الّذي يمكّن القائد من فهم انفعالات الموظّفين والتّعامل معها بمرونةٍ. وعندما يهمل المدير هٰذا الجانب، يخلق بيئة عملٍ جافّةً تخلو من الدّعم النّفسيّ، حيث يشعر الموظّفون بأنّهم مجرّد أدوات إنتاجٍ، يضعف انتماؤهم للمؤسّسة، ويصبح الفريق أكثر عرضةً للتّوتّر والصّراعات الدّاخليّة.
أمّا المدير الّذي يمتلك ذكاءً عاطفيّاً، فيعرف كيف يحفّز موظّفيه ويخفّف ضغوطهم، ويخلق بيئة عملٍ إيجابيّةً ترفع الإنتاجيّة. لذٰلك يعتبر تطوير الذّكاء العاطفيّ شرطاً أساسيّاً للنّجاح في القيادة. [1]
الخطأ الخامس: غياب الرؤية الإستراتيجية
يقع كثيرٌ من المدراء الجدد في خطأ التّركيز على المهامّ اليوميّة دون وضع رؤيةٍ بعيدة المدى. يقود هٰذا الأسلوب إلى إدارةٍ قصيرة النّظر، حيث يتمّ إنجاز الأعمال بشكلٍ متكرّرٍ دون توجيهٍ استراتيجيٍّ يحدّد الهدف النّهائيّ. وعندما تغيب الرّؤية، يفقد الفريق الحافز، لأنّ الموظّفين لا يرون الهدف الكبير وراء جهودهم، كما تهدر الموارد في أعمالٍ لا تحقّق قيمةً إستراتيجيّةً للمؤسّسة.
يحتاج المدير النّاجح أن يوازن بين متابعة التّفاصيل اليوميّة ورسم صورةٍ مستقبليّةٍ واضحةٍ، إذ تعتبر الرّؤية الإستراتيجيّة بوصلة الفريق، فهي تمنح العمل معنى، وتساعد المؤسّسة على التّكيّف مع التّغيّرات السّوقيّة.
كيف يتجنب المدراء الجدد هٰذه الأخطاء؟
يعتمد النّجاح في الإدارة على وعي القائد بالمطبّات الّتي قد تعترض طريقه. ويمكن للمدير الجديد أن يتجنّب أخطاء القيادة من خلال اتّباع مجموعةٍ من الخطوات العمليّة: [1] [2]
- يفوّض المهامّ بذكاءٍ بدلاً من مراقبة التّفاصيل.
- يشرك فريقه في النّقاشات ليستفيد من خبراتهم.
- يستثمر في تطوير مهاراته القياديّة باستمرارٍ.
- ينمّي ذكاءه العاطفيّ ليبني بيئة عملٍ داعمةً.
- يضع خطّةً استراتيجيّةً واضحةً ويوضّحها للفريق.
الخلاصة
تكشف تجربة الإدارة أنّ المنصب ليس غايةً بحدّ ذاته، بل مسؤوليّةً تحتاج إلى وعيٍ ومهارةٍ وصبرٍ؛ فقد يقع المدراء الجدد في أخطاء القيادة عندما يفرضون السّيطرة المطلقة، أو يهملون الاستماع، أو يتجاهلون التّطوير، أو يبتعدون عن الذكاء العاطفي، أو يغفلون الرّؤية الاستراتيجيّة. ولٰكن تجاوز هٰذه الأخطاء ممكنٌ إذا التزم المدير بالتّعلّم المستمرّ، وبناء الثّقة، وتحقيق التّوازن بين التّفاصيل والرّؤية الكبرى.
-
الأسئلة الشائعة
- ما هو الفرق بين أخطاء القيادة لدى المدراء الجدد والمدراء ذوي الخبرة؟ يقع المدراء الجدد غالباً في أخطاءٍ أساسيّةٍ مثل السّيطرة المطلقة أو ضعف الاستماع أو غياب الرّؤية، بينما يواجه المدراء ذوو الخبرة تحديّاتٍ أعمق مثل مقاومة التّغيير أو صعوبة الابتكار أو الإرهاق القياديّ.
- كيف تؤثر أخطاء الإدارة على ثقافة الشركة؟ عندما تتكرر الأخطاء القياديّة مثل ضعف الاستماع أو غياب العدالة، تنعكس مباشرةً على ثقافة الشّركة؛ فينتشر الإحباط بين الموظّفين، وتتراجع الثّقة بالإدارة، ويضعف الولاء المؤسّسيّ. أمّا عند تجنّب هذه الأخطاء، تُبنى ثقافةٌ قائمةٌ على الشّّفافيّة، التّعاون، والابتكار.