الرئيسية الريادة أخطاء شائعة عند تولي منصب جديد: نصائح لتجنب السقوط المبكر

أخطاء شائعة عند تولي منصب جديد: نصائح لتجنب السقوط المبكر

يشكّل تولّي منصبٍ جديدٍ اختباراً دقيقاً لذكاء القائد ومرونته معاً، إذ لا تقاس الكفاءة هنا بمقدار السّرعة في التّغيير، بل بعمق الفهم وقدرة التّكيّف مع الواقع

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

يواجه كثيرٌ من الموظّفين تحدّياً بالغاً عندما ينتقلون إلى موقعٍ إداريٍّ جديدٍ داخل المؤسّسة، إذ لا يقتصر التّحوّل على مجرّد تغيير المسمّى الوظيفيّ، بل يمتدّ ليشمل تبدّلاً عميقاً في طبيعة الأدوار والمسؤوليّات والتّوقّعات أيضاً. وغالباً ما تتعقّد هٰذه المرحلة لأنّها تمثّل نقطةً فاصلةً بين الماضي المهنيّ والمستقبل القياديّ، فينشأ ما يعرف بأخطاء المنصب الجديد، وهي مجموعةٌ من السّلوكيّات والقرارات المتسرّعة الّتي قد تضعف الثّقة وتهزّ الاستقرار منذ الخطوات الأولى. وتنشأ هٰذه الأخطاء عادةً من استعجال القائد في فرض سلطته قبل أن يفهم البيئة الجديدة، أو من ضعف تواصله مع الفريق، أو حتّى من رغبته المفرطة في إثبات الكفاءة سريعاً. وهٰكذا يجد نفسه أمام خطر السّقوط المبكّر قبل أن تتاح له فرصة بناء صورته القياديّة المتّزنة. ومن ثمّ، تبرز الحاجة الماسّة إلى إدراك هٰذه الأخطاء الشّائعة وتحليل جذورها النّفسيّة والتّنظيميّة بدقّةٍ، حتّى يتحوّل المنصب الجديد من اختبارٍ مضطربٍ إلى نقطة انطلاقٍ حقيقيّةٍ نحو النّجاح والاستقرار.

ما أبرز أخطاء المنصب الجديد التي يقع فيها القادة؟

تتنوّع الأخطاء الّتي تقوّض نجاح المديرين الجدد، غير أنّها جميعاً تتقاطع عند منبعٍ واحدٍ هو ضعف التّقدير لمتطلّبات المرحلة الجديدة. فكثيراً ما يدفع الطّموح المفرط أو الخوف من الإخفاق بعض القادة إلى سلوكٍ متسرّعٍ أو قراراتٍ غير محسوبةٍ، فتبدأ المشكلات من حيث أرادوا إثبات الكفاءة.

التحرك بسرعة مفرطة دون دراسة كافية

أوّل هٰذه الأخطاء يتمثّل في التّسرّع في التّحرّك قبل الإحاطة الكاملة بالواقع؛ فحين يسعى المدير الجديد إلى إحداث تغييراتٍ فوريّةٍ لإبراز حضوره، سينتج اندفاعه هٰذا في الغالب قراراتٍ سطحيّةً تتجاهل خصوصيّة المؤسّسة وثقافتها. وما إن يعيد القائد هيكلة الفرق أو يعدّل السّياسات دون استيعابٍ دقيقٍ للعلاقات الدّاخليّة حتّى يتولّد القلق بين الموظّفين، وتبدأ الثّقة بالتّآكل شيئاً فشيئاً. ولعلّ العبرة هنا أنّ الفهم يسبق الفعل دائماً، وأنّ الحكمة في البدايات تفوق أيّ اندفاعٍ نحو التّغيير السّريع. [1]

إهمال العلاقات الإنسانية والتركيز المفرط على السلطة

وثانيها إهمال البعد الإنسانيّ والانشغال المفرط بفرض السّلطة؛ فبعض القادمين الجدد يظنّون أنّ الحزم الصّارم منذ اليوم الأوّل هو الطّريق الأسرع للسّيطرة، غير أنّ هٰذا الأسلوب يحدث فجوةً عاطفيّةً بين القائد وفريقه. وما لم يدرك القائد أنّ القيادة تقوم على الثّقة لا على الخوف، فإنّ حماسته الأولى ستتحوّل إلى عزلةٍ لاحقةٍ. لذا يصبح من الضّروريّ أن يوازن بين الحزم والمرونة، وأن يضع الإنسان قبل النّظام، لأنّ تجاهل العلاقات الإنسانيّة من أخطر أخطاء المنصب الجديد الّتي تهدم الولاء من أساسه.

الاعتماد على الخبرات السابقة دون تكييفها مع الواقع الجديد

أمّا الخطأ الثّالث فيتجلّى في الاعتماد المفرط على الخبرات السّابقة دون تكييفها مع الواقع الجديد؛ فكثيرٌ من القادة يظنّون أنّ نجاحهم في مؤسّسةٍ ما يكفي لتكراره في مؤسّسةٍ أخرى، فيطبّقون الأساليب ذاتها من غير أن يلاحظوا اختلاف الهياكل والثّقافات وطرق اتّخاذ القرار. ولكنّ ما ينجح في بيئةٍ صغيرةٍ مرنةٍ قد يفشل تماماً في منظومةٍ بيوقراطيّةٍ ضخمةٍ. ومن هنا، لا بدّ من إعادة بناء أدوات القيادة بما يتناسب مع السّياق الجديد بدل إعادة إنتاج أنماطٍ قديمةٍ فقدت صلاحيّتها. [2]

تجاهل الاستماع وتبني أسلوب الأوامر

ويضاف إلى ذٰلك تجاهل الاستماع وتبنّي أسلوب الأوامر المباشرة؛ فمن أكبر أخطاء المنصب الجديد أن يبدأ القائد بإصدار القرارات وكأنّها حقائق مطلقةٌ، متجاهلاً أنّ الاستماع هو أوّل أبواب الفهم، وأنّ الإصغاء للآخرين لا ينتقص من الهيبة بل يعزّزها. فعندما ينصت القائد لتجارب فريقه وآرائهم، يكتسب احترامهم ويظهر تواضعاً يرسّخ مكانته، بينما يغلق المتسلّط على نفسه باب التّعلّم فينعزل عن واقعه شيئاً فشيئاً.

تجنب طلب المساعدة بدافع الخوف من الضعف

ويأتي الخطأ الخامس والأخير حين يتجنّب القائد طلب المساعدة ظنّاً أنّ ذٰلك يظهر ضعفاً؛ فالقيادة الحقيقيّة لا تقوم على الادّعاء بالكمال، بل على إدراك حدود المعرفة والسّعي الدّائم للتّعلّم. كما أنّ المدير الّذي يطلب المشورة لا يفقد هيبته، بل يثبت نضجه وثقته بنفسه، لأنّ التّواضع المهنيّ علامة قوّةٍ لا ضعفٍ، ودليل وعيٍ لا ارتباكٍ. [1]

نصائح لتجنب السقوط المبكر

لكي يضمن القائد الجديد انطلاقةً ثابتةً ويجنّب نفسه أخطاء المنصب الجديد، لا بدّ أن يتّبع منهجاً عمليّاً متدرّجاً يقوم على الفهم قبل التّغيير، والاستماع قبل القرار، والثّقة قبل السّلطة؛ فإدارة البدايات ليست فنّاً فقط، بل محكّاً حقيقيّاً للنّضج المهنيّ والوعي القياديّ.

فهم الثقافة التنظيمية قبل اتخاذ القرار

يجب أن يبدأ القائد بفهم الثّقافة التّنظيميّة فهماً عميقاً قبل اتخاذ أيّ خطوةٍ؛ فالملاحظة الدّقيقة والتّحليل الهادئ في الأسابيع الأولى يمكنانه من رؤيةٍ شاملةٍ لطبيعة العلاقات داخل المؤسّسة، وطريقة اتخاذ القرار فيها، وحدود النّفوذ بين الأقسام. ومن خلال هذا الفهم تتكوّن عنده رؤيةٌ واقعيةٌ تمكّنه من التصرّف بحكمةٍ واتّزانٍ، لأنّ القرار الذي ينبع من الفهم يبقى أكثر صلابةً وأقلّ عرضةً للخطأ.

بناء الثقة خطوة بخطوة

يحسن القائد بناء الثّقة تدريجياً عبر الأفعال الصّغيرة المتكرّرة، لأنّ الثّقة لا تُعطى مجاناً، بل تُكتسب بالزّمن والاستقامة. فحين يفي القائد بوعوده، ويشارك معلوماته بشفافيّة، ويقدّر جهود الآخرين علناً، يبني جسوراً من المصداقية لا تهدمها أيّ أزمة؛ فالثّقة تنشأ من التّكرار المتّسق للصّدق والعدل، وهي جوهر القيادة ولا قيمة للسّلطة بدونها.

تنمية مهارة الاستماع النشط واحترام الرأي المختلف

ينمّي القائد مهارة الاستماع النّشط واحترام الرّأي المختلف، فلا يمكن للابتكار أن ينبت في بيئةٍ أحادية الفكر. ومن خلال الحوار الصّادق يتحوّل النّقد إلى أداةٍ للتّصويب، ويشعر الفريق بأنّه شريكٌ في صناعة القرار، فيرتفع مستوى التزامهم ويزداد حسّهم بالمسؤوليّة. وبهذا يصبح القائد ملهماً لا آمراً، وشريكاً في التّطوير لا رقيباً على الأداء.

تحديد الأولويات وتجنب التشتت

يحدّد القائد أولوياته بوضوحٍ ويجنّب نفسه خوض كلّ المعارك دفعةً واحدةً. فالاندفاع نحو معالجة جميع الملفات في وقتٍ قصيرٍ يؤدي إلى تشتّت الجهود وإضاعة الموارد. ومن الحكمة أن يبدأ القائد بخطواتٍ صغيرةٍ محسوبةٍ تحقق نتائج ملموسة، لأنّ النّجاحات المتراكمة تبني الثّقة وترسّخ المصداقيّة أكثر من الوعود الكبيرة غير المنجزة؛ فالقيادة العاقلة تعرف أنّ الاستمرار في النّجاح أهمّ من السّرعة في البداية.

تبني التواضع والانفتاح على التعلم المستمر

يتعامل القائد مع المنصب بروح التّواضع والانفتاح على التّعلّم المستمرّ. فالموقع الإداريّ لا يعني امتلاك الإجابات الجاهزة، بل يعني المسؤوليّة في طرح الأسئلة الصّحيحة واستكشاف الحلول مع الفريق. ومن خلال هذه الذّهنيّة المتعلّمة، يرسّخ القائد ثقافة التّطوير الذّاتيّ ويحفّز الآخرين على النّموّ معه لا خلفه، فيصبح التّقدّم جماعياً والنّجاح مشتركاً.

الخلاصة

يشكّل تولّي منصبٍ جديدٍ اختباراً دقيقاً لذكاء القائد ومرونته معاً، إذ لا تقاس الكفاءة هنا بمقدار السّرعة في التّغيير، بل بعمق الفهم وقدرة التّكيّف مع الواقع. وإنّ أخطاء المنصب الجديد ليست حتميّةً، بل يمكن تفاديها إذا وعى القائد أبعادها وتعامل معها بوعيٍ إستراتيجيٍّ. فعندما يقدّم الفهم على التّنفيذ، ويضع الإنسان قبل المنصب، ويجمع بين الثّقة والتّواضع، يتحوّل المنصب الجديد من عبءٍ ثقيلٍ إلى فرصةٍ للنّضوج والتّميّز. وهٰكذا لا يصبح القائد مجرّد موظّفٍ نال ترقيةً، بل شخصيّةً قادرةً على صنع التّحوّل وبناء الثّقة وقيادة المستقبل بثباتٍ ووعيٍ.

  • الأسئلة الشائعة

  1. ما الخطأ الأول الذي يجب أن يتجنبه المدير عند توليه منصباً جديداً؟
    الخطأ الأول هو التّسرع في اتّخاذ القرارات قبل فهم بيئة العمل؛ فالقائد الذي يبدأ بإحداث تغييراتٍ سريعةٍ دون دراسةٍ كافيةٍ يفقد ثقة الفريق ويخلق حالةً من الارتباك داخل المؤسسة. ومن الأفضل أن يراقب ويتأمل ويجمع المعلومات قبل أيّ خطوةٍ، لأنّ الفهم العميق للثّقافة التّنظيميّة هو مفتاح القرارات السّليمة.
  2. كيف يمكن للقائد الجديد أن يكسب احترام فريقه بسرعة؟
    احترام الفريق لا يُنتزع بالقوّة، بل يُبنى بالصّدق والشّفافيّة. وعلى القائد أن يلتزم بكلمته، ويقدّر جهود الموظّفين، ويتواصل معهم بوضوحٍ دون غموضٍ أو تناقضٍ. كما يُفضّل أن يظهر تواضعاً في التّعلّم، ويطلب المساعدة عند الحاجة، لأنّ هذا السّلوك يعزّز صورته كقائدٍ واعٍ وإنسانيٍّ.
تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
زمن القراءة: 6 دقائق قراءة
آخر تحديث:
تاريخ النشر: