الرئيسية تكنولوجيا البيانات هي النفط الجديد: كيف تستخرج القيمة من بياناتك؟

البيانات هي النفط الجديد: كيف تستخرج القيمة من بياناتك؟

تحوّلت البيانات في العصر الرّقميّ إلى أصلٍ استراتيجيٍّ، تتطلب إدارتها الفعّالة فهماً عميقاً وأدواتٍ متقدّمةً لتحقيق النّموّ والابتكار واتّخاذ القرار السّليم

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

في عصر الرّقمنة والتّحوّل الذّكيّ، لم تعد البيانات مجرّد معلوماتٍ خامٍ تخزّن على الأقراص الصّلبة، بل أصبحت من أثمن الأصول الاستراتيجيّة الّتي تمتلكها المؤسّسات، حتّى أطلق عليها لقب "النّفط الجديد". وكما يحتاج استخراج النّفط الخام إلى بنيةٍ تحتيّةٍ وتقنيّاتٍ متقدّمةٍ لتحويله إلى طاقةٍ قابلةٍ للاستفادة، فإنّ استخراج القيمة من البيانات يتطلّب الاستعانة بأدوات تحليل البيانات، والاستفادة من البيانات الضّخمة، وتسخيرها في عمليّة اتّخاذ القرار، عبر ما يعرف بذكاء الأعمال؛ فكيف يمكن لهٰذه البيانات أن تتحوّل إلى قوّةٍ دافعةٍ للنّموّ والابتكار؟ وكيف نتعامل معها كأصلٍ حيويٍّ لا يقلّ أهمّيّةً عن رأس المال أو الموارد البشريّة؟

كيف تستخرج القيمة من بياناتك؟

لا يقتصر استخراج القيمة من البيانات على توليد تقارير إداريّةٍ أو رسومٍ بيانيّةٍ تجمّل العرض التّقنيّ، بل يتعدّى ذٰلك ليصبح مصدراً للتّحوّل الحقيقيّ في أداء المؤسّسة. والبيانات، في جوهرها، موادٌّ خامٌّ، ولكن إذا تمّ تجميعها ومعالجتها وتحليلها بشكلٍ دقيقٍ ومنظّمٍ، يمكن أن توفّر معرفةً عميقةً تساعد على صنع قراراتٍ أفضل وفرصٍ جديدةٍ للتّطوير والنّموّ. ولاستخراج هذه القيمة، يجب اتباع سلسلةٍ مترابطةٍ من الخطوات العمليّة: [1]

جمع البيانات بذكاء

يجب أن تبدأ العمليّة بجمع البيانات من كلّ نقطة تواصلٍ ممكنةٍ مع العملاء أو الموارد الدّاخليّة. ويشمل ذٰلك سجلّات الشّراء، وأنشطة الزّوّار على المواقع الإلكترونيّة، وبيانات خدمة العملاء، وحتّى محتوى وسائل التّواصل الاجتماعيّ، حيث يجب أن يكون جمع هٰذه البيانات دقيقاً، وبأدنى نسبة فقدانٍ، مع مراعاة أسس الحماية والخصوصيّة.

تخزين البيانات بشكل آمن 

تخزين البيانات في بيئةٍ تقنيّةٍ قادرةٍ على الاتّساع مع الزّيادة في الحجم، وفي نفس الوقت، توفّر أعلى درجات الأمان، هو خطوةٌ أساسيّةٌ. حيث تدعم قواعد البيانات الحديثة هٰذا الأمر، كما يمكن الاستفادة من التّخزين السّحابيّ لضمان الاستمراريّة وسهولة الوصول.

تنظيف البيانات ومعالجتها

البيانات الّتي تحتوي على أخطاءٍ، أو نقصٍ، أو تكرارٍ، قد تؤدّي إلى قراراتٍ خاطئةٍ. لذٰلك، يجب تنقيتها من كلّ شوائبها، والتّأكّد من أنّها جاهزةٌ للتّحليل. وتشمل هٰذه الخطوة أيضاً توحيد صيغ البيانات وتفاعلها بين مصادر مختلفةٍ.

استخدام أدوات التحليل المتقدمة

هناك طيفٌ واسعٌ من الأدوات التّقنيّة الّتي تستخدم الذكاء الاصطناعي والتّعلّم الآليّ لتحليل البيانات، حيث تساعد هٰذه الأدوات على تكشيف الأنماط، والتّنبّؤ بالسّلوك، واستبدال التّخمين بالوضوح والدّقّة.

ربط البيانات بالأهداف الاستراتيجية

هناك فرقٌ كبيرٌ بين التّحليل من أجل العرض، والتّحليل من أجل التّنمية؛ فالقيمة الحقيقيّة تظهر عندما تكون البيانات موجّهةً لخدمة الأهداف الرّئيسيّة للشّركة، سواء كان ذٰلك في تحسين خدمة العملاء، أو تخفيض التّكلفة، أو زيادة الولاء والاحتفاظ بالعملاء.

مشاركة النتائج مع الفرق المختصة

النّتائج الّتي تظلّ محصورةً في دائرة التّحليل تفقد قيمتها. لذلك، يجب نقل الرّؤى إلى أصحاب القرار والفرق التّشغيليّة، بطريقةٍ مبسّطةٍ وفعّالةٍ تمكّنهم من التّفاعل معها، وتطبيقها على أرض الواقع.

عندما تتكامل هٰذه الخطوات، تصبح البيانات ليست وسيلةً للتّوثيق، ولكن وقوداً للتّغيير والنّهوض وبناء ميزةٍ تنافسيّةٍ حقيقيّةٍ.

البيانات الضخمة وأهميتها في المشهد الرقمي

تشير مصطلحات البيانات الضّخمة (Big Data) إلى كمّيّاتٍ هائلةٍ، ومتدفّقةٍ، ومتنوّعةٍ من المعلومات الّتي تتكوّن بشكلٍ يوميٍّ من مصادر عديدةٍ، مثل: المتاجر الإلكترونيّة، ووسائل التّواصل الاجتماعيّ، وأجهزة الاستشعار، وبرامج تصفّح الإنترنت، وغيرها. وتكمن التّحدّيات الرّئيسيّة في هٰذه البيانات في حجمها الكبير وتعقيدها، ممّا يجعل الأدوات التّقليديّة غير كافيةٍ لمعالجتها أو تحليلها بكفاءةٍ. [2]

وغالباً ما يتمّ تعريف البيانات الضّخمة من خلال خمس خصائص أساسيّةٍ، تعرف بـ 5V:

  1. الحجم (Volume): يدلّ على الضّخامة الهائلة في كمّيّة البيانات، الّتي تصل إلى تراباياتٍ وبيتاباياتٍ، وتتطلّب بنيةً تحتيّةً خاصّةً للتّخزين والمعالجة.
  2. السّرعة (Velocity): تشير إلى سرعة إنتاج البيانات وتدفّقها في الوقت الحقيقيّ، ممّا يستوجب أنظمةً تستجيب فوراً وتحلّل بلحظتها.
  3. التّنوّع (Variety): يعني تعدّد أنواع البيانات، بين نصٍّ، وصورٍ، وفيديوهاتٍ، وتسجيلاتٍ صوتيّةٍ، ومصادر مختلفةٍ مثل التّطبيقات والأجهزة الذّكيّة.
  4. الموثوقيّة (Veracity): تشير إلى درجة صحّة وجودة البيانات، وقدرة النّظام على تمييز البيانات الدّقيقة من المشوّهة أو الغير موثوقةٍ.
  5. القيمة (Value): وهي الجانب الأهمّ، إذ تقاس جدوى البيانات بما يمكن استخراجه منها من معرفةٍ، ورؤى، وفرصٍ قابلةٍ للتّطبيق.

في ضوء ذٰلك، تعدّ الشّركات الّتي تتمكّن من التّعامل مع البيانات الضّخمة بفعّاليّةٍ من أكثر الكيانات قدرةً على التّنافس في السّوق. فهي تستطيع، على سبيل المثال، تحسين تجربة العملاء من خلال فهم سلوكهم واحتياجاتهم، وتوقّع التّغييرات في طلب السّوق، وتحليل التّوجّهات بدقّةٍ تمكّنها من التّخطيط الاستراتيجيّ بشكلٍ أفضل.

تحديات التعامل مع البيانات

على الرّغم من الإمكانات الهائلة الّتي توفّرها البيانات في العصر الرّقميّ، وما تفتحه من آفاقٍ للتّطوير والابتكار، إلّا أنّ هناك مجموعةً من التّحدّيات الجوهريّة الّتي تؤثّر على كيفيّة إدارة البيانات والاستفادة منها بشكلٍ فعّالٍ، ومن أهمّ هٰذه التّحدّيات:

  • الأمان والسّرّيّة: وذٰلك بسبب الازدياد المتسارع في نسبة الهجمات السّيبرانيّة الّتي تستهدف قواعد البيانات، ممّا يستوجب تطبيق أعلى معايير الحماية والتّشفير.
  • الخصوصيّة: خصوصاً في ظلّ وجود تشريعاتٍ دوليّةٍ ملزمةٍ كقانون حماية البيانات الأوروبّيّ (GDPR)، والّذي يفرض ضوابط صارمةً في طريقة جمع البيانات وتخزينها ومعالجتها.
  • جودة البيانات: فالبيانات غير الدّقيقة أو الّتي تحتوي على أخطاءٍ قد تؤدّي إلى تفسيراتٍ خاطئةٍ وقراراتٍ مغلوطةٍ، ممّا يضعف أثر التّحليل ويقلّل من فعّاليّة الاستفادة من البيانات.
  • ندرة الكفاءات: فهناك حاجةٌ ملحّةٌ إلى محلّلين ومهندسي بياناتٍ ذوي خبرةٍ وكفايةٍ عاليةٍ، وقلّة هٰذه الكفاءات تجعل من التّطبيق العمليّ لمشاريع البيانات أمراً معقّداً وبطيئاً.

ومن أجل مواجهة هٰذه التّحدّيات، لا بدّ من وضع خططٍ واضحةٍ ومنظّمةٍ، تعتمد على ممارسات حوكمةٍ رقميّةٍ صارمةٍ، تضمن الالتزام بالضّوابط التّشغيليّة والتّقنيّة والقانونيّة، وتوفّر إطاراً آمناً وفعّالاً للتّعامل مع البيانات في كلّ مراحلها.

الخلاصة

لم يعد النّفط وحده المصدر الرّئيس للقوّة الاقتصاديّة في القرن الحادي والعشرين، بل أصبحت البيانات العنصر الأهمّ الّذي يشكّل مستقبل الأعمال، ويؤثّر في مسارات النّموّ والتّطوير. ومن خلال استخدام تقنيّات تحليل البيانات، والتّعامل الذّكيّ مع البيانات الضّخمة، وتوظيف أدوات ذكاء الأعمال، يمكن لأيّ مؤسّسةٍ، سواء أكانت كبيرةً أو ناشئةً، أن تحوّل البيانات من عبءٍ إداريٍّ إلى كنزٍ معرفيٍّ قادرٍ على دعم اتّخاذ القرار وتحقيق النّجاح المستدام.

  • الأسئلة الشائعة

  1. هل يمكن للشركات الصغيرة الاستفادة من البيانات؟
    نعم، حتى الشّركات الصّغيرة يمكنها استخدام أدوات تحليلٍ مبسّطةٍ لتحسين عمليّاتها واتّخاذ قراراتٍ أفضل.
  2. هل تحليل البيانات مكلف؟
    ليس بالضّرورة أن يكون تحليل البيانات مكلفاً، إذ توجد أدواتٌ مجانيّةٌ ومنخفضة التّكلفة تناسب مختلف أحجام المؤسّسات.
  3. ما علاقة البيانات باتخاذ القرار؟
    تزوّد البيانات صنّاع القرار بمعطياتٍ واقعيّةٍ تساعدهم على اتّخاذ قراراتٍ مبنيّةٍ على أدلّةٍ وليس على الحدس.
تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
زمن القراءة: 5 دقائق قراءة
آخر تحديث:
تاريخ النشر: