لماذا تخسر الشركات عملاءها؟ 5 أخطاء شائعة في خدمة العملاء
في زمنٍ تتعدّد فيه البدائل وتتراجع فيه ولاءات العملاء، تصبح تجربة الزّبون حجر الأساس في بناء الثّقة، وتغدو خدمة العملاء أداة بقاءٍ لا مجرّد ترفٍ

في عصرٍ تشتدّ فيه المنافسة وتتعدّد فيه خيارات المستهلكين، لم تعد الجودة وحدها كافيةً للحفاظ على العملاء؛ فالشّركات الّتي تهمل تجربة العميل، أو تسيء إدارة نقاط التّواصل، سرعان ما تفقد ثقة الزّبائن وتخسر مكانتها في السّوق. ويعدّ ضعف خدمة العملاء اليوم أحد الأسباب الجوهريّة الّتي تؤدّي إلى تراجع الولاء وارتفاع معدّلات فقدان العملاء، حتّى في أكبر المؤسّسات وأعرقها. فما المقصود بفقدان العملاء؟ وما هي الأخطاء الّتي تقع فيها الشّركات عند تقديم الدّعم والخدمة؟ والأهمّ: كيف يمكن للمؤسّسات أن تتجنّب خسارة عملائها وتبني ولاءً طويل الأمد؟ هٰذا ما سنتعرّف عليه في هٰذا المقال.
ما المقصود بفقدان العملاء؟
يقصد بفقدان العملاء توقّف العميل عن شراء منتجات الشّركة أو الاستفادة من خدماتها، سواءً بشكلٍ مؤقّتٍ أو نهائيٍّ. ويترتّب على هٰذا التّوقّف تدنٍّ في الإيرادات وضعفٌ في حصّة الشّركة السّوقيّة. ويمكن أن يحدث فقدان العميل لعدّة أسبابٍ، منها سوء التّجربة، أو وجود بدائل أكثر جاذبيّةً، أو بسبب الإهمال في التّواصل والمتابعة.
وتشير الدّراسات إلى أنّ الاحتفاظ بالعملاء القائمين يكون أقلّ تكلفةً بخمس مرّاتٍ من الاستحواذ على عملاء جددٍ، ممّا يجعل إدارة العلاقات مع العملاء أولويّةً استراتيجيّةً في كلّ مؤسّسةٍ تسعى للنّموّ والاستدامة. وفي هٰذا السّياق، لا تقاس خدمة العملاء بعدد المكالمات أو سرعة الرّدّ فقط، بل بجودة التّفاعل، ورضا العميل، وشعوره بأنّه مسموعٌ ومقدّرٌ وذو قيمةٍ. [1]
5 أخطاء شائعة في خدمة العملاء
في سياق الحرص على تقديم تجربة عميلٍ متماسكةٍ وفعّالةٍ، تقع العديد من الشّركات في أخطاءٍ متكررةٍ في مجال خدمة العملاء، تؤدي إلى فقدان ولاء الزّبون وانسحابه نحو بدائل أخرى. وفيما يلي أبرز هذه الأخطاء الّتي يجب على المؤسّسات تفاديها بوعيٍ واحترافٍ: [2] [3]
البطء في الاستجابة
في زمنٍ تسوده السّرعة وترتفع فيه توقّعات العملاء، يعدّ التّأخّر في الرّدّ على الاستفسارات أو الشّكاوى من أشهر الأخطاء الّتي تسيء إلى تجربة العميل. حيث يتوقّع العميل استجابةً سريعةً أو على الأقلّ في وقتٍ معقولٍ. وكلّ تأخّرٍ – وإن قلّ – يشعره بالإهمال، ويدفعه للاتّجاه نحو منافسٍ أكثر تفاعلاً ومرونةً.
ولمعالجة ذٰلك، يجب على الشّركات توفير قنوات تواصلٍ فعّالةٍ، كالرّدّ الآليّ الفوريّ عبر البريد الإلكترونيّ، أو خدمة الدّردشة الفوريّة، مع ضرورة تدريب فرق الدّعم على التّعامل مع ضغوط الزّمن.
عدم فهم احتياجات العميل بشكلٍ صحيحٍ
إحدى أكبر العثرات في مجال خدمة العملاء هي الاكتفاء بمعالجة المشاكل على السّطح، دون الدّخول في جذور الانزعاج الّذي يشعر به العميل. فالكثير من الموظّفين يقدّمون ردوداً جاهزةً، دون تفهّمٍ حقيقيٍّ للواقع. ويكمن الحلّ في الاستماع النّشط، وطرح أسئلةٍ دقيقةٍ، وتفصيل الرّدّ وفق ظروف العميل. إذ يحوّل الفهم العميق تجربةً سيّئةً إلى فرصةٍ لبناء ولاءٍ أقوى.
ضعف المهارات التواصلية لموظفي الدعم
ليست كلّ المشكلات تقنيّةً، فبعضها يكمن في الطّريقة الّتي يخاطب بها الموظّف العميل. فالرّدّ الجافّ، أو النّبرة العدائيّة، أو حتّى عدم التّعاطف، كفيلةٌ بإضعاف العلاقة وإضاعة الفرصة. ومن هنا تكمن أهمّيّة تدريب الفرق على مهارات التّفاوض، وامتصاص الغضب، وبناء الثّقة، واستخدام لغةٍ مهنيّةٍ دافئةٍ تشعر العميل بالاحترام والاهتمام.
عدم تنفيذ الوعود
أحد الأخطاء الّتي تقتل المصداقيّة هو إعطاء وعودٍ لا يتمّ الإيفاء بها. سواءً في مواعيد التّسليم، أو التّعويض، أو الدّعم الفنّيّ، فإنّ الإخلال بالكلمة يؤدّي إلى نقص الثّقة ويجعل العميل يشعر بالخداع. لذٰلك، على الشّركة أن تكون واقعيّةً في وعودها، وألّا تقدّم التزاماتٍ لا تستطيع تنفيذها. وفي حال حصول أيّ تغييرٍ، يجب إخبار العميل بشكلٍ فوريٍّ والاعتذار بصدقٍ ووضوحٍ.
تجاهل آراء العملاء وعدم الاستفادة منها
ترسل الكثير من الشّركات استطلاعات رأيٍ ثمّ تتجاهل النّتائج. وهٰذا يرسل إشارةً سلبيّةً تفهم العميل أنّ صوته لا يؤخذ بالجدّيّة. ومع تكرار ذٰلك، يتشكّل شعورٌ بالإحباط ويبدأ العميل بالبحث عن بديلٍ. لذٰلك، يجب التّعامل مع ملاحظات العملاء كفرصةٍ للتّطوير، وأن تربط بقرارات تحسين المنتج وتجربة الخدمة، وذٰلك عبر تحليل الملاحظات بشكلٍ دوريٍّ ومنظّمٍ.
كيف تتجنب الشركات خسارة العملاء؟
لتفادي فقدان العملاء، لا يكفي أن تتجنّب الشّركة الأخطاء التّقليديّة في خدمة العملاء، بل يجب عليها أن تتبنّى نهجاً استباقيّاً ومنظّماً يضمن بناء تجربةٍ متكاملةٍ ومرضيةٍ للزّبون في كلّ مرحلةٍ من رحلته مع المنظّمة. فتكمن الخطوة الأولى في التّركيز على التّجربة الشّاملة للعميل، لا في لحظة الشّراء فقط، وإنّما في كلّ نقطة تواصلٍ تبدأ من زيارته الأولى للموقع الإلكترونيّ وتمتدّ إلى خدمات ما بعد البيع. ويجب كذٰلك بناء نظام تغذيةٍ راجعةٍ فعّالٍ، يمكّن العملاء من مشاركة آرائهم بسهولةٍ، ويضمن أن تكون تلك الآراء موضع تفاعلٍ وتطويرٍ حقيقيٍّ.
ولا يجب أن تتوقّف المنظّمة عند إرضاء العملاء الحاليّين، بل عليها أن تحلّل أسباب الانسحاب، وذٰلك من خلال متابعة العملاء الّذين توقّفوا عن التّعامل مع الشّركة، وفهم الدّوافع الحقيقيّة الّتي جعلتهم يغادرون، سواءً كان ذٰلك بسبب سوء التّجربة، أو وجود خياراتٍ أخرى أفضل في السّوق. وفي السّياق نفسه، تكون مكافأة الولاء عنصراً حيويّاً في تعزيز الارتباط العاطفيّ مع العميل، وذٰلك من خلال برامج حصريّةٍ تقدّم للعملاء الدّائمين، كنظام النّقاط، أو العروض الشّخصيّة، أو الدّعم المتميّز.
وأخيراً، لا بدّ من إشراك جميع الأقسام الدّاخليّة في الشّركة في مسؤوليّة تقديم خدمة عملاء متميّزةٍ، فليس فريق الدّعم فقط هو من يشكّل التّجربة، بل المبيعات، والتّسويق، والإدارة، كلّها تساهم في رسم الصّورة النّهائيّة الّتي يحملها العميل عن الشّركة. ومتى تكامل هٰذا النّهج، أصبح فقدان العملاء أمراً نادراً، وتحوّل كلّ تفاعلٍ إلى فرصةٍ لبناء ولاءٍ أعمق وأكثر استمراراً.
الخلاصة
في نهاية المطاف، تبقى خدمة العملاء العنصر الحاسم الّذي يحدّد ما إذا كان العميل سيستمرّ في تعامله مع الشّركة أم سيرحل نحو بدائل أخرى. فكلّ تفاعلٍ -وإن بدا بسيطاً- يمكن أن يحدث فارقاً عميقاً في انطباع العميل، ويؤثّر مباشرةً في قراره بالاستمرار أو الانسحاب. والشّركات الّتي تجيد فنّ خدمة الزّبائن، وتضع رضا العميل في صلب استراتيجيّتها، هي وحدها الّتي تستطيع بناء قاعدةٍ مستدامةٍ من العملاء الأوفياء، وتحقّق النّجاح في سوقٍ لا يرحم من يقصّر في الإنصات والتّفاعل.
-
الأسئلة الشائعة
- ما الفرق بين خدمة العملاء وتجربة العملاء؟ خدمة العملاء هي الدّعم المباشر المُقدَّم للعميل، بينما تجربة العملاء تشمل كل التّفاعلات والانطباعات التي يعيشها العميل مع الشّركة من البداية للنّهاية.
- هل تؤثر خدمة العملاء على قرارات الشراء؟ نعم، أكثر من 70% من العملاء يتّخذون قرارات الشّراء بناءً على جودة الخدمة، لا المنتج فقط، خاصّةً في الأسواق التّنافسيّة.
- ما العلاقة بين ولاء العملاء ونمو الإيرادات؟ العملاء الوفياء يشترون أكثر، ويُوصون بالمنتج، ما يؤدّي إلى نموّ الإيرادات بشكلٍ مستدامٍ.