شركة Spare السعودية تحصد تمويلاً بقيمة 5 ملايين دولار
جولةٌ تمويليّةٌ جديدةٌ تضع منصّةً ناشئةً في قلب التّحوّل الماليّ بالخليج، حيث يلتقي الابتكار بالثّقة لتشكيل منظومةٍ مصرفيّةٍ مفتوحةٍ أكثر أماناً ومرونةً

هذا المقال متوفّرٌ باللّغة الإنجليزيّة من هنا.
نجحت شركة التّقنية الماليّة السّعوديّة "سبير" (Spare) في جمع 5 ملايين دولارٍ ضمن جولةٍ ما قبل الفئة "أ"، بمشاركة مجموعةٍ من المستثمرين البارزين، تتقدّمهم "أنب سيد فند" (anb Seed Fund)، الذّراع الاستثماريّ المغامر لشركة "أنب كابيتال" (ANB Capital)، التّابعة للبنك العربيّ الوطنيّ (Arab National Bank).
وضمّت الجولة أيضاً مستثمرين آخرين من بينهم "رؤية فنتشرز" (Vision Ventures) ومسرّعة المشاريع "سيدرا فنتشرز" (SEEDRA Ventures) من السعودية، إلى جانب صندوق الاستثمار العالميّ "غلوبال 500" (500 Global) الّذي يتّخذ من سان فرانسيسكو مقرّاً، وشركة "بوبيان فنتشرز" (Boubyan Ventures) الكويتيّة المتوافقة مع الشّريعة الإسلاميّة، إضافةً إلى "ميدل إيست فنتشر بارتنرز" (Middle East Venture Partners – MEVP) الّذي يركّز على الاستثمارات في الشرق الأوسط، إلى جانب عددٍ من المستثمرين الأفراد.
تأسّست سبير عام 2019 في السعودية على يد دلال الريس وسوراب شاه، لتقدّم منصّةً متكاملةً للبنية التّحتيّة المصرفيّة المفتوحة، تُتيح للمؤسّسات الماليّة وشركات التّقنية الماليّة الوصول الآمن إلى البيانات الماليّة وتنفيذ المدفوعات المباشرة بين الحسابات. وتشمل خدمات الشّركة حلول تجميع الحسابات، والتّحقّق من الهويّة، وتقييم المخاطر، وإدارة المدفوعات المتكرّرة. وقد تبنّت شركاتٌ إقليميّةٌ بارزةٌ خدمات سبير بالفعل، من بينها مزوّد المدفوعات الرّقميّة الكويتيّ "تاب بايمنتس" (Tap Payments)، ومنصّة "اشترِ الآن وادفع لاحقاً" السعّودية "تمارا" (Tamara)، وشركة الحلول التّجاريّة الإلكترونيّة "زيد" (Zid) الّتي تتّخذ من الرياض مقرّاً لها.
وفي مقابلةٍ مع "عربية .Inc"، أوضحت الريس أسباب جذب سبير لهذا الحجم من المستثمرين: "عادةً ما يبحث المستثمرون عن 3 عناصر: سوقٌ كبيرةٌ وواعدةٌ، وعرضٌ متفرّدٌ، وفريقٌ مؤسّسٌ يتمتّع بالقدرة على التّنفيذ. وفي حالتنا، ساعد توقيت نموّ قطّاع التّقنية الماليّة واعتماد المصرفيّة المفتوحة على خلق فرصةٍ هائلةٍ، وتموضعت سبير في صميم هذا التّحوّل. وما يميّزنا أنّنا نرتقي بخدمات القطّاع الماليّ في المنطقة من خلال ربط المؤسّسات الماليّة والشّركات والمستهلكين في منظومةٍ واحدةٍ. وبفضل سبير، تستطيع الشّركات إطلاق ابتكاراتٍ جديدةٍ وتقديم خدماتٍ غير مسبوقةٍ، ضمن بيئةٍ ماليّةٍ آمنةٍ، ومتاحةٍ وتعاونيّةٍ. وما أثار اهتمام المستثمرين فعلاً هو سرعة اكتسابنا للزّخم في السّوق، مع تغطيةٍ كاملةٍ للبنوك في ثلاث أسواقٍ، ونموٍّ متواصلٍ في محفظة منتجاتنا وقاعدة عملائنا".
تنعكس هذه النّتائج في حضور الشّركة الحالي، إذ ترتبط سبير اليوم بأكثر من 35 مؤسّسةً ماليّةً، وتحمل ترخيصاً من مصرف البحرين المركزيّ، وتعمل ضمن البيئة التّجريبيّة للبنك المركزي السّعوديّ "صندوق المال" (Sandbox)، كما تختبر خدماتها في الكويت، في حين حصلت على موافقةٍ أوّليّةٍ لرخصة التّمويل المفتوح في الإمارات. وتضيف الريس أنّ المستثمرين لم ينظروا فقط إلى الأرقام، بل أيضاً إلى قوّة الفريق المؤسّس: "يجمع المزيج الّذي أقدمه أنا وسوراب بين خبرةٍ عميقةٍ في القطّاع الماليّ وخبرةٍ عملّيةٍ مباشرةٍ في تطوير المنتجات، وهو ما منح المستثمرين الثّقة في قدرتنا على التّنفيذ والتّوسّع. ونحن محظوظون لأنّنا نعمل مع مستثمرين لا يقدّمون رأس المال فقط، بل يضيفون خبراتٍ استراتيجيّةً والتزاماً طويل الأمد".
شاهد أيضاً: Maalexi تحصل على تمويل بقيمة 3 ملايين دولار
يأتي هذا التّمويل بعد جولةٍ سابقةٍ بلغت قيمتها 3 ملايين دولارٍ في 2023، قادتها "رؤية فنتشرز" (Vision Ventures)، بمشاركة "واعد فنتشرز" (Wa’ed Ventures)، و"سيدرا فنتشرز" (SEEDRA Ventures)، و"غلوبال 500" (500 Global)، وعددٍ من المستثمرين الملائكيّين. ومع رأس المال الجديد، تستعدّ سبير لتوسيع منصّتها، وتعزيز تكامل واجهاتها البرمجيّة (APIs)، وإطلاق منتجاتٍ جديدةٍ، وتسريع انتشارها في أسواق الخليج. ويأتي ذلك في وقتٍ يشهد زخماً متصاعداً لاعتماد التّمويل المفتوح في المنطقة، حيث أطلق البنك المركزيّ السّعوديّ "معمل المصرفيّة المفتوحة" وإطاراً تنظيميّاً لتعزيز قابليّة التّشغيل البينيّ، فيما يسرّع المصرف المركزيّ الإماراتيّ العمل على إطارٍ خاصٍّ بالتّمويل المفتوح. وتشير التّقديرات إلى أنّ السّوق الإقليميّة قد تصل قيمتها إلى 10.16 مليار دولار بحلول 2030، وهو ما يضع سبير في موقعٍ مثاليٍّ لمواكبة هذه التّحوّلات.
لكن النّمو السّريع لا يخلو من التّحديات؛ فبينما تتوسّع سبير بعمقٍ أكبر في السّوق السّعوديّة وتستعدّ لدخول الإمارات وأسواقٍ أخرى، تبقى أمامها عقباتٍ، على رأسها تباين الأطر التّنظيميّة في المنطقة؛ فتقول الريس: "تزيد الاختلافات في الأنظمة التّنظيميّة، وحالات الاستخدام، والمتطلّبات الفنيّة بين سوقٍ وأخرى من تعقيد الشّراكات الإقليميّة وإمكانات التّوسّع. غير أنّ ما يبعث على التّفاؤل هو أنّ الأطر التّنظيميّة في المنطقة تتطوّر بوتيرةٍ متسارعةٍ لدعم هذا التّحوّل. في السعودية مثلاً، الحكومة داعمٌ قويٌّ للمصرفيّة المفتوحة، والتّطوّر التّنظيميّ يسير بخطىً لافتةٍ. أمّا إطار التّمويل المفتوح في الإمارات، الّذي أُطلق العام الماضي، فيحمل تفويضاً أوسع. كما أنّ البحرين سبّاقة في هذا المجال وتتمتّع بنظامٍ ناضجٍ، بينما الكويت سوقٌ واعدةٌ تلحق بسرعةٍ بالرّكب التّنظيميّ".
وتضيف الريس: "رغم أنّ المصرفيّة المفتوحة تواصل كسب الزّخم اليوم، إلّا أنّ أعيننا تتّجه إلى ما بعدها: التّمويل المفتوح. تُتيح المصرفيّة المفتوحة لنا بناء المكوّنات الأساسيّة، لكن التّمويل المفتوح سيفتح الباب لفرصٍ جديدةٍ في قطّاعاتٍ مثل التّأمين، والاستثمارات، والإقراض بمختلف أنواعه. وهنا أعتقد أنّ الابتكار الحقيقيّ سيظهر". وفي الوقت نفسه، تركّز سبير على تعزيز موقعها في السّوق السّعوديّة، مع الاستعداد للتّحرّك بسرعةٍ في الإمارات، ومتابعة تطوّرات الأطر التّنظيميّة في الكويت، وعُمان، وقطر، بنظرةٍ طويلة الأمد نحو بقيّة أسواق الشرق الأوسط.
وعن الدّروس الّتي يمكن أن يستفيد منها مؤسّسو شركات التّقنية الماليّة الآخرين، تختتم الريس قائلةً: "أهمّ نصيحة أقدّمها هي أن تجعلوا التّنظيم والامتثال جزءاً محوريّاً من استراتيجيّاتكم منذ البداية، لا شيئاً مؤجّلاً لما بعد. ومن المهمّ أيضاً أن تدركوا أنّ كلّ سوقٍ تختلف في سلوكها الماليّ وتوقّعات المستهلكين. لكن الأهم على الإطلاق هو اختيار الأشخاص الّذين يشاركونكم الرّؤية والشّغف بما تبنونه، فهذا هو الاستثمار الأثمن.