Orbii تحصد 3.6 مليون دولار لتغيير مشهد تمويل الشركات الصغيرة
حين يُعاد تعريف التّمويل للمؤسّسات الصّغيرة والمتوسّطة، تفتح التّكنولوجيا والبيانات فرصاً جديدةً لتوسيع الائتمان وتقليل المخاطر وتعزيز النّموّ المستدام

هذا المقال متوفّرٌ باللّغة الإنجليزيّة من هنا.
أعلنت شركة "أوربي" (Orbii)، وهي شركةٌ ناشئةٌ في مجال البنية التّحتيّة الائتمانيّة مقرّها الرياض، عن جمع تمويلٍ تأسيسيٍّ بقيمة 3.6 مليون دولارٍ أمريكيٍّ، في جولةٍ قادتها "بروسس فنتشرز" (Prosus Ventures)، الذّراع الاستثماريّ في رأس المال المغامر لشركة الإنترنت الاستهلاكيّة العالميّة "بروسس" (Prosus).
شملت قائمة المستثمرين الآخرين: شركة "فينتشر سوق" (VentureSouq) المتخصّصة في استثمارات رأس المال المغامر في منطقة الشّرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومستثمر المراحل المبكّرة الإقليميّ "داش فنتشرز" (DASH Ventures)، ومكتب الاستثمارات الخاصّة "تاز إنفستمنتس" (Taz Investments)، وصندوق التّمويل التّأسيسيّ المدعوم سعوديّاً "سنابيل 500" (Sanabil 500) الّذي يساند الشّركات النّاشئة في المملكة وخارجها.
تأسّست أوربي عام 2024 في السعودية على يد نعمان علي ونصارة موغال و"جيوم كيفر" (Guillaume Kieffer)، وهي منصّة إقراضٍ مدمجةٌ مدفوعةٌ بالذّكاء الاصطناعيّ تمكّن البنوك، وشركات التّكنولوجيا الماليّة، ومنظومات الأعمال بين الشّركات (B2B) من تطوير منتجات ائتمانٍ للمؤسّسات الصّغيرة والمتوسّطة (SMEs) وتوسيع نطاقها.
وفي حوارٍ مع "عربية .Inc"، أشار علي، الرّئيس التنّفيذيّ (CEO) لأوربي، إلى أنّ هذه الشّركة النّاشئة تُعيد صياغة تمويل المؤسّسات الصّغيرة والمتوسّطة في منطقة الشّرق الأوسط وشمال أفريقيا، من خلال معالجة أبرز التّحديات البنيويّة التي تحوّل دون حصول هذه المؤسّسات على الائتمان.
وقال علي: "ثمّة تحدياتٌ عديدةٌ: تاريخٌ ائتمانيٌّ ضعيفٌ أو منعدمٌ، ومصادر بياناتٍ متجزّئةٌ، إجراءاتٌ موافقةٍ طويلةٌ، وتركيزٌ على التّحليل التّاريخيّ". وأضاف: "تتصدّى أوربي لهذه العقبات باستخدام مزيجٍ من البيانات البديلة ونماذج التعلّم الآليّ (Machine Learning) لتقييم المخاطر وأتمتة عمليّة الاكتتاب. وبدلاً من الحكم على المؤسّسات الصّغيرة والمتوسّطة بناءً على نقص الاقتراض الماضي، تُقيَّم اليوم وفق أدائها التّجاريّ الفعليّ وسلوكها الماليّ وقدراتها التّنبّؤيّة الّتي لم تكن ممكنةً من قبل".
كما ترتكز ميّزة أوربي الفارقة على فلسفة بياناتٍ تتحدّى أساسات النّماذج التّقليديّة للتّصنيف الائتمانيّ؛ فيقول علي: "يعتمد المقرضون التّقليديّون على بياناتٍ تاريخيّةٍ ودرجاتٍ ائتمانيّةٍ وبياناتٍ ماليّةٍ مُدقَّقةٍ، بينما تقلب أوربي هذا النّموذج رأساً على عقبٍ، وتؤمن بأنّ درجات الائتمان كما نعرفها اليوم ستصبح متقادمةً. ونحن ندمج بياناتٍ لحظيّةً واستشرافيّةً، مثل بيانات المعاملات من مصادر ماليّةٍ متعدّدةٍ، وبيانات المورّدين، وبياناتٍ تتجاوز المؤشّرات الاقتصاديّة الكليّة، وقد ثبت أنّها أكثر جدوى في تحديد الأهليّة الائتمانيّة".
وعن آليّة تنفيذ ذلك، أوضح علي أنّ ما يميّز مقاربة أوربي هو استخدامها الذكاء الاصطناعيّ والتّعلّم الآليّ لإعادة تعريف الجدارة الائتمانيّة للمؤسّسات الصّغيرة والمتوسّطة، بما يخفض معدّلات التخلّف عن السّداد ويزيد الموافقات على القروض مقارنةً بالعمليّات اليدويّة التقليديّة؛ فيقول: "نُطبّق التّعلّم الآليّ لاستخراج إشارات السّداد من آلاف المتغيّرات غير التّقليديّة بدلاً من الاعتماد على درجةٍ جامدةٍ واحدةٍ، وكلّ ذلك يُكيَّف بعنايةٍ مع طبيعة كلّ نشاطٍ تجاريٍّ. ونعيد تدريب النّماذج باستمرارٍ، فتتطوّر رؤى المخاطر ديناميكيّاً مع أداء المؤسّسات، ما يتيح تمويل كياناتٍ كانت ستظلّ ’غير مرئيّة‘ دون تحمّل مخاطر غير متناسبةٍ".
وبتحويل تلك المؤسّسات إلى جهاتٍ مرئيّةٍ وقابلةٍ للتمويل، تخلق أوربي سوقاً جديدةً بالكامل، وتتيح قروضاً لشركاتٍ لم تكن لتتأهّل لها من قبل. كذلك تستفيد من ثقافة المنطقة واستراتيجيّتها وزخم نموّها لتضع لنفسها هدفاً طموحاً: إطلاق تمويلٍ بقيمة مليار دولار أمريكيٍّ للمؤسّسات الصّغيرة والمتوسّطة بحلول 2026. ويقول علي إنّ هذا الهدف الطّموح بات ممكناً بفضل التّحوّلات الجذريّة في المشهد التّنظيميّ والماليّ في المنطقة: "حين تضع دولٌ مثل السعودية والإمارات رؤىً طموحةً، تتطلّب تحقيقها أفكاراً كبيرةً. جزءٌ من ثقافتنا في أوربي هو وضع أهدافٍ جريئةٍ مع الإصرار على بلوغها، ما يتيح لنا التّفكير باستمرارٍ خارج الصّندوق؛ وهذه هي طريقة أوربي".
وأشار أيضاً إلى أنّ الإصلاحات التّنظيميّة وسرعة التّغيّر في ديناميّات السوق الإقليميّة تخلق طلباً متزايداً على تمويل المؤسّسات الصّغيرة والمتوسّطة المعتمد على التّكنولوجيا، ما يفتح فرصةً فريدةً لشركاتٍ ناشئةٍ مثل أوربي. وقال: "في السعودية يتزايد الطّلب على الائتمان، وفي عموم منطقة الشّرق الأوسط وشمال أفريقيا شهدنا نموّاً بنسبة 44% في الحاجة إلى رأس المال ليصل إلى نحو 340 مليار دولارٍ، ما يخلق فجوةً بنيويّةً تتأهّل أوربي لسدّها. وتُعدّ الإمارات مركزاً معروفاً للمؤسّسات الصّغيرة والمتوسّطة وللتّجارة عبر الحدود، مع بيئةٍ تنظيميّةٍ نشطةٍ في التكنولوجيا المالية. وينمو الطّلب خصوصاً بين الشّركات النّاشئة عالية النّموّ التي تحتاج إلى خدمةٍ. ونرى المقرضين يقدّمون منتجاتٍ متنوّعةً لتلبية احتياجات الإقراض المختلفة، من القروض الصّغيرة ورأس المال العامل إلى خصم الفواتير؛ وإن كان ثمّة وقتٌ تشتدّ فيه الحاجة إلى ذكاءٍ يساعد على نشر الائتمان، فهو الآن. السوقان معاً على أعتاب الحاجة إلى نماذج تمويلٍ أكثر مرونةً مدعومة بالتكنولوجيا".
ومع ذلك، يشير علي إلى أنّ عمل أوربي لن يكون بسيطاً أو جاهزاً للتّطبيق فوراً، لافتاً إلى بعض التّحدّيات المقبلة: "بالطّبع سنحتاج إلى حلّ مسائل التوزيع ورأس المال مع دفع العجلة التّقنيّة قدماً. ولدينا قناعةٌ قويّةٌ باستراتيجيّتنا في السعودية والإمارات ونؤمن بأنّ هذا الهدف الجريء قابلٌ للتّحقيق. حقّقنا ربعاً أوّل وثانياً قويّين في 2025 ومكّنا المقرضين من نشر أكثر من 280 مليون دولار هذا العام، ولدينا إيمانٌ قويٌّ بمراكمة هذا النّموّ".
شاهد أيضاً: Maalexi تحصل على تمويل بقيمة 3 ملايين دولار
كما أشار علي إلى أنّ قدرة أوربي على كسب ثقة المستثمرين انطلقت من التّواصل المنتظم وإثبات التّقدّم: "اتّخذنا نهجاً استباقيّاً لمشاركة تقدّم أوربي شهريّاً مع قائمةٍ مُنتقاةٍ من المستثمرين الّذين أردنا جذب انتباههم. ومن خلال ذلك أثبتنا أنّنا نبني منتجاً يعالج مسألة رأس المال للمؤسّسات الصّغيرة والمتوسّطة، ويُمكّن المقرضين من تقليص أوقات التّقييم مع تقليل المخاطر عبر النّماذج الّتي طوّرناها لتعزيز الثّقة في نشر الائتمان. وكنّا شفّافين بشأن نموّنا ومسارنا، وأعتقد أنّ هذا ساعدنا حقّاً في جذب مستثمرين يشاركوننا الذّهنيّة نفسها والرّؤية نفسها".
سيُغذّي رأس المال الجديد نموّ أوربي، ما يتيح لها توسيع فرق الهندسة وعلوم البيانات، وتعزيز التّكامل مع المنصّات الماليّة، وتوسيع حضورها في السعودية والإمارات. وأشار علي إلى أنّ الدّعم الاستراتيجيّ من نخبة المستثمرين العالميّين المساهمين في الجولة منح الشّركة مصداقيّةً وأداةً تشغيليّةً: "كان وجود بروسس في الجولة مؤشّراً قويّاً بحكم أنّها معروفةٌ بالاستثمار في أكثر شركات التّكنولوجيا ابتكاراً عالميّاً، فيما يمنحنا كلٌّ من فينتشر سوق وداش فنتشرز، وهما يركّزان على المؤسّسين ومتخصّصان في مجال التّكنولوجيا الماليّة، فرصةً للاستفادة من خبراتهما. أما سنابيل 500، بشبكتها القويّة في منظومة المملكة، فوفّرت لنا نقطة دعمٍ أخرى. ونشعر بامتنانٍ كبيرٍ لوجود هذا العمود الفقريّ القويّ عبر مستثمرينا الذي سيساعد أوربي على التّوسّع بسرعةٍ أكبر".
ويضيف علي أنّ هذا التّمويل الجديد يعكس ثقةً استثماريّةً قويّةً في نموذج أوربي ويجهّزها لتوسيع عمليّاتها: "جمع 3.6 مليون دولار إشارةٌ قويّةٌ إلى قناعة مستثمرين عالميّين بنموذج أوربي وملاءمة سوقها. ويمنحنا مدرّج الإقلاع لتسريع تطوير المنتجات وتعميق قدرات علوم البيانات وتوسيع تغطية الائتمان لمزيدٍ من المؤسّسات الصّغيرة والمتوسّطة. عمليّاً، ينقلنا هذا من مرحلة إثبات النّموذج إلى مرحلة توسيعه عبر الأسواق. واستراتيجيّاً، يضع أوربي على مسارٍ لتصبح طبقة ذكاءٍ ائتمانيٍّ بديلةً رائدةً للمؤسّسات الصّغيرة والمتوسّطة".
وعن التّطلّعات المقبلة، أشار علي إلى طموحات أوربي في أسواقٍ مجاورة: "نرى تقارباً طبيعيّاً في مصر والأردن وباكستان؛ فكلٌّ منها يمتلك قاعدةً كبيرةً من المؤسّسات الصّغيرة والمتوسّطة المحرومة من الائتمان الرّسميّ، وتزايداً في رقمنة المدفوعات والخدمات المصرفيّة، وحكوماتٍ تروّج بفعاليّةٍ لتمويل هذه المؤسّسات كمحرّكٍ للنّموّ. والتوسّع هنا يخلق تأثير شبكةٍ إقليميّةٍ، مزيداً من البيانات، مزيداً من التّمويل، وموقعاً إقليميّاً أقوى".