الرئيسية الابتكار العظمة لا تُشترى بالسرعة: فهل نملك صبر الانتظار؟

العظمة لا تُشترى بالسرعة: فهل نملك صبر الانتظار؟

حين يكتفي القادة بالنّجاح المريح، تفقد المؤسّسات روح التّقدّم والابتكار، وتعجز دروب العظمة عن بناء إرثٍ خالدٍ

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

هذا المقال متوفّر باللّغة الإنجليزيّة من هنا.

نادراً ما تغيِّر الشركات "الجيّدة" الصّناعات، أو تجذب أفضل المواهب، أو تُشيِّد إرثاً باقياً. نعم، هذا صحيحٌ. حين تكون الشّركة جيّدةً، تبدو غالباً حسنة المظهر من الخارج. تُحقَّق الأهداف، وتخدم العملاء، وتُسجَّل عوائد محترمةً. لكن كما جادل جيم كولينز في كتابه "من جيد إلى عظيم" (Good to Great)، فإنّ العدوّ الحقيقيّ للعظمة ليس الفشل، بل الرّاحة؛ فمعظم المؤسَّسات ترسو عند حدّ "الجيد بما يكفي"، لأنّه يبدو آمناً.

درس فريق كولينز أكثر من ألف شركةٍ، فلم يجد سوى 11 شركةً قفزت من الأداء العادي إلى الأداء الاستثنائيّ، ثم حافظت عليه. ما ميَّزها لم يكن حركاتٍ استعراضيّةً ولا قادة نجومٍ، بل الانضباط: الانضباط في الأشخاص، والانضباط في الفكر، والانضباط في الفعل. ومع أنّ النتائج تُقرأ كإطار عملٍ، إلّا أنّها تتردّد في الأذهان كحقائق قياديّةٍ.

1. الانضباط في الأشخاص

يُفرط معظم فرق القيادة في الانشغال بالرّؤية والاستراتيجيّة قبل معالجة مسألة المواهب. أمّا الشركات العظيمة فتعكس هذا التّرتيب؛ فتُدخل الأشخاص المناسبين إلى الحافلة (وتُخرج غير المناسبين منها) قبل أن تُقرِّر وجهتها. لماذا؟ لأنّ العالم يتغيّر بسرعةٍ تفوق أيّ خطّةٍ خمسيّةٍ، والقدرة على التّكيّف تأتي من النّاس لا من العروض التّقديميّة؛ فإذا كان فريقك صائباً، يمكن للاتّجاه أن يتبدّل بلا فوضى. لذلك، اتبع ما يلي:

  • دقّق في مقاعد القيادة لديك، فإن اضطررت غداً أن تبدأ من الصّفر، فمَن الّذين ستقاتل للاحتفاظ بهم؟ ومَن الذين يكتفون بشغل مساحةٍ؟ أجب بصدقٍ.
  • ارفع معايير التّوظيف، واتّخذ قرارات "مَن" بصرامةٍ، ولا تُفرّط أبداً بملاءمة الثّقافة لمجرّد ملء مقعدٍ.
  • أزِل برفقٍ، لكن بسرعةٍ؛ فإبقاء الأشخاص غير المناسبين ظلمٌ للمناسبين.

2. الانضباط في الفكر

تُنشئ الشّركات العظيمة ثقافةً يُقال فيها الحقّ صريحاً، وتُعرض البيانات كما هي بلا تزييفٍ، ويصبح النّقاش حول المقدّسات المؤسّسيّة مسموحاً ومفتوحاً؛ فكيف يُترجَم هذا إلى ممارسةٍ فعليّةٍ؟

  • اجعل الانفتاح قاعدةً مؤسّسيّةً راسخةً، واعقد شهريّاً اجتماعات "العلم الأحمر" لتُعرض فيها الحقائق الأصعب بلا خوفٍ من التّداعيات.
  • اقتلع المقدّسات المؤسّسيّة بلا تردّدٍ؛ فالمنتجات أو الأقسام أو الاستراتيجيّات الّتي كانت ناجحةً يوماً ولم تعد تخدم الهدف الحقيقيّ للشّركة، احذفها سريعاً، حتّى لو كانت جزءاً من تاريخ المؤسّسة.
  • وازن بين الحقائق والإيمان؛ فالصّراحة الصّارمة لا تعني التّشاؤم، بل وضوحاً مقروناً بالثّقة بأنّ الشّركة قادرةٌ على التّغلّب على الصّعاب.

حين يواجه القادة الواقع بانضباطٍ، يُلهمون الثّقة ويزيحون الخوف، فتترسّخ قدرة المؤسّسة على اتّخاذ قراراتٍ جريئةٍ وصائبةٍ.

3. الانضباط في الفعل

على خلاف صورة الرّئيس التّنفيذيّ البطولي الّذي نحبّ تمجيده، فإنّ القادة الّذين يرتقون بالشّركات من "جيدة" إلى "عظيمة" متواضعون في نسب الفضل لأنفسهم، لكنّهم صارمون في التّنفيذ، إذ تُقدّم قراراتهم مصلحة الشّركة على المدى الطّويل فوق أيّ تصفيقٍ عابرٍ؛ فكيف يُترجَم هذا إلى ممارسةٍ فعليّةٍ؟

  • غيّر الضّمير، أي في النّجاح قُل "هم"، وفي الفشل قُل "أنا". هذه الممارسة تبني الثّقة وتُظهر تحمّل المسؤوليّة بصدقٍ.
  • ابنِ خطّ خلافةٍ، وذلك كن خلال صنع  قادةٍ قادرين على أن يحلّوا مكانك، فهكذا تخلق شركاتٍ طويلة البقاء وقاعدةً صلبةً لإرثك.
  • وجّه الأنا نحو الرّسالة، فاسأل نفسك يوميّاً: هل أبني شركةً ذات معنىً حقيقيّ، أم أنّني ألمّع سيرتي الذّاتيّة فحسب؟

ما الذي تبدو عليه العظمة حقاً؟

بالنّسبة إلى معظم الرّؤساء التّنفيذيّين، ليس السّؤال: "هل نحن جيدّون؟" إذ يكون الجواب غالباً نعم؛ فالسّؤال الحقيقيّ هو: "هل نحن مستعدّون لأداء العمل الشّاق -غير اللّامع- المطلوب لنصبح عظماء؟"

مع مطالب المستثمرين المتزايدة، وتحوّلات أسواق المواهب، والتّكنولوجيا الّتي تعيد تشكيل الصّناعات بشكلٍ شبهٍ يوميٍّ، يسهل الاكتفاء بـ "الجيّد بما يكفي". لكن العظمة لا تنبثق من إعلاناتٍ برّاقةٍ أو انتصاراتٍ سريعةٍ؛ إنّها تنبثق من خياراتٍ منضبطةٍ ثابتةٍ تُتَّخذ يوماً بعد يوم، غالباً بلا اعترافٍ.

فاسأل نفسك: هل تبني زخماً ثابتاً في الاتجّاه الصّحيح، أم تسمح لنفسك أن تصدِّق أنّ "الجيد" هو أقصى ما يمكن بلوغه؟

هذا الرّأي الخبير بقلم دانيال ماركوس (Daniel Marcos)، الشّريك المؤسِّس والرّئيس التّنفيذيّ لـ "معهد النمو" (Growth Institute)، نُشِر أوّلاً على موقع Inc.com.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
زمن القراءة: 3 دقائق قراءة
آخر تحديث:
تاريخ النشر: