الرئيسية الريادة التعليم الريادي.. تعلُّم التفكير كرائد أعمال مهما كان عملك

التعليم الريادي.. تعلُّم التفكير كرائد أعمال مهما كان عملك

التعليم الريادي لا يفيد فقط روّاد الأعمال، فالابتكار والإبداع والتغلب على المشكلات واقتناص الفرص أمور أساسية للنجاح في كل مجالات الحياة

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

رؤية الفرص واستغلالها وتحقيق قيمةٍ حقيقيَّةٍ للفرد والمجتمع هو الأمر الأساسيُّ الذي يدور حوله مفهوم التعليم الريادي، فهو يركّز على تطوير المواقف والسُّلوكيَّات اللّازمة للعمل في مجال ريادة الأعمال، وهذا ضمن السّياقات التّجاريّة وغير التّجاريّة أيضاً، فما مفهوم التعليم الريادي، وما أهمّيَّته للأشخاص والاقتصاد والمجتمع؟ ولماذا أصبح من أهمّ أهداف التَّنمية المستدامة؟ وهل يمكن دمجه بكفاءةٍ في النّظام التَّعليميِّ الرَّسميّ؟ وهل تتوفَّر بالفعل برامج تعليم رياديّ عربيَّةٌ؟ كلُّ هذا وأكثر سنتعرف عليه في الأسطر المقبلة.

مفهوم التعليم الريادي وأهميته

التّعليم الريادي أو تدريس مهارات ريادة الأعمال يدور حول تعليم الطُّلاب طريقةَ التَّفكير كرائد أعمالٍ حتَّى يتمكَّنوا من اكتساب المهارات والمعرفة اللَّازمة وتطبيقها على تحدّيات العالم الحقيقيَّة، فلا يتعلَّق الأمر فقط بإطلاق مشروعٍ تجاريٍّ على أهمّيَّة هذا الهدف الشَّديدة في مقاومة البطالة وزيادة نموّ الاقتصاد، ولكنَّه يتعلَّق عموماً بتعلُّم طريقة تحويل الفكرة إلى حقيقةٍ، بدءاً من التمويل إلى بناء الفريق وصولاً إلى أبحاث السُّوق وتطوير الاستراتيجيَّات وانتهاءً بالتَّنفيذ الفعليّ.

وتتزايد أهمّيَّة التعليم الرياديّ بشدَّة في القرن الحادي والعشرين، ليكون من أهمّ أهداف التَّنمية المستدامة، وفقاً لتقارير منظَّمة الأمم المتَّحدة للتجارة والتنمية، ومن أهم فوائد التعليم الريادي:  [3] [2]

أهمية التعليم الريادي للاقتصاد والتنمية المستدامة

أكَّد تقرير الأمم المتَّحدة للتجارة والتنمية عام 2018 عن البلدان الأقلّ نموَّاً على أهمية التعليم الريادي في توفير فرص العمل ومحاربة بطالة الشَّباب وتحسين نوعيَّة الحياة مع تراكم المدخرات المالية على المدى البعيد، ممَّا يؤدّي إلى زيادةٍ مؤكَّدةٍ في النَّاتج المحليّ ورفع معدَّل الإنتاجيَّة والمنافسة، وهو ما ينعكس سريعاً على الأداء الاقتصاديّ عموماً وعلى الدَّخل الفرديّ خصوصاً.

أهمية التعليم الريادي للطلاب

أحد أهم فوائد التعليم الريادي هو تدريب الطُّلاب على طريقة التَّفكير كرجل أعمالٍ بما يشمل تحديد المشكلات ووضع حلولٍ لها، وهو ما يُطلق عليه "توليد الأفكار"، وهي من المهارات ذات القيمة الكبيرة للطُّلاب والتي يمكنهم تطبيقها في كلّ مرحلةٍ من مراحل حياتهم، سواء أصبحوا روّادَ أعمالٍ أم لا، فأيّاً كانت الوظيفة التي يشغلونها، فإنّ الطلّاب الذين درسوا ريادة أعمال يحقِّقون تفوُّقاً ملحوظاً في التَّكيُّف وتحليل المشكلات والتَّغلُّب على العوائق وغيرها. 

أهمية التعليم الريادي للمجتمع

عند تعليم الطُّلاب ريادة الأعمال، فإنَّهم سيطوِّرون إحساساً أفضل بالمسؤوليَّة الاجتماعيَّة عبر التّعرُّف على أهمّ المشكلات في مجتمعاتهم وتطوير الحلول العمليَّة للسُّوق التي يعملون بها، بالإضافة إلى كيفيَّة التَّعاون مع الآخرين وتوصيل الأفكار لهم لتغيير الوضع الرَّاهن وتحسينه مع تلبية الاحتياجات والتَّركيز على نقاط الضَّعف عبر منتجات وخدمات مخصَّصة.

أهمية التعليم الريادي للمرأة

تقف الظُّروف المجتمعيَّة في الكثير من الأحيان عائقاً أمام الإناث لتنفيذ أفكارهنَّ، ويمكن للتعليم الريادي أن يقلِّلَ كثيراً من الفجوة في المناصب القياديَّة بين الجنسين والموجودة في كلّ الصِّناعات تقريباً مع تحقيق أقصى استفادةٍ عمليَّة خلال سنوات الدّراسة العاديَّة أو بعد التَّخرُّج عبر برامج مخصَّصة. 

شاهد أيضاً: كيف تمكّنت رائدة أعمال مبتدئة من الحصول على تمويل من 6 أرقام؟

دمج التعليم الريادي في المنظومة التعليمية

ليس من السَّهل حتَّى الآن دمجُ التعليم الريادي في المنظومة التَّعليميَّة سواء في أوروبا وأمريكا وأيضاً في العالم العربي والشَّرق الأوسط، فمن الشُّروط المُهمَّة لرجل الأعمال أن يكون مُغامراً ولا يتضمَّن التَّعليم النّظامي الممارسة العمليَّة حتَّى في تلك المدارس والبرامج التي تقدّم نفسَها باعتبارها خاصَّة بتعليم ريادة الأعمال، فهذا الدَّمج يتطلَّبُ خطَّةً شاملةً لتعلُّم سلوك ريادة الأعمال من المغامرة والتَّغلُّب على الفشل واغتنام الفرص وغيرها، وهو أمرٌ لا يمكن أن يتمَّ بين جدران الفصول، بل يتطلَّب الاحتكاك الحقيقيَّ بالعالم الواقعيّ من شركاتٍ وأحزابٍ وجمعياتٍ وغيرها.

المبادئ العامة للتعليم الريادي

لإنجاح أيَّة خططٍ للتعليم الريادي سواءٌ كانت هذه الخطط نظاميَّةً أو خاصَّةً عبر الدَّورات المتنوِّعة، فإنَّ هناك عدَّةَ مبادئ يجب أن تتوفّرَ في هذه الخُطط، ومن أهمّ هذه المبادئ: [1]

  • التَّركيز على القيمة: وهي أمرٌ أكبر بكثيرٍ من المال أو الدَّخل، بل يرتبط أكثر بالرّضا والتَّقدير، ووفقاً لهذا المبدأ لا تتعلَّق أهمّيَّة التعليم الريادي فقط في تحقيق الدَّخل وزيادة مستوى الحرّيَّة، ولكن أيضاً بإضافة قيمةٍ للبيئة المحيطة والعملاء والمواطنين عموماً.
  • تعلُّم طريقة رؤية الفرص: من خلال تقنيَّات الإبداع والعصف الذهني، يُمكن أن يتطوَّرَ الوعي الريادي لرؤية الفرص المتاحة والتَّخلِّي تماماً عن فكرة أنَّ السُّوق مغلقةٌ أو لا يشجِّع على العمل والاستثمار.
  • تعلَّم اغتنام الفرص: ويتمُّ عبر التَّركيز على أهمّيَّة السُّلوك المغامر وعدم السّماح للخوف بالسَّيطرة على عقليَّة المتدرّبين، بل تحويل الخوف إلى حافزٍ للتَّقدُّم.
  • الابتكار: وهو المبدأ الأخير والضَّروريُّ لتحفيز عقليَّة رجال الأعمال وإعداد موظَّفين بكفاءةٍ كبيرةٍ لسوق العمل المغامر والمتغيّر بسرعةٍ، وهو قد يكون فطريّاً، ولكنَّه مبدأٌ يمكن تعلُّمهُ أيضاً.

أهداف التعليم الريادي

تتنوَّع أهداف التعليم الريادي، ويجب التعرّف عليها وفهمُها قبل إنشاء أيّ برامجٍ يتعلَّق بهذا المجال، سواء من قبل رجال أعمال مهتمِّين بنقل خبرات ريادة الأعمال للجيل الجديد أو من منظومة التَّعليم الرَّسمية نفسها، ويمكن تلخيص هذه الأهداف في: [4]  

تطوير السمات والمهارات اللازمة لريادة الأعمال

مثل الإبداع والفضول والقدرة على التَّعلُّم الدَّائم مع الطَّبيعة المنفتحة إلى حدٍّ كبيرٍ والقدرة على التُّعامل بثقةٍ مع الآخرين وعرض الأفكار والاستعداد للمنافسة، كما تُعدُّ مهارة الصَّبر من الأساسيَّات أيضاً، وهي لا تتعارض مع الطُّموح وأهمّيَّة السُّرعة في اتِّخاذ القرارات، ولكن الصَّبر على النَّتائج النّهائيَّة وعدم اليأس، كما أنَّ المرونة وتحمُّل المخاطر من المهارات اللَّازمة لريادة الأعمال والتي يمكن تعلُّمها عبر أنشطةٍ مختلفةٍ.

محو الأمية المالية وتطوير الفطنة التجارية

ليس كلُّ مبدعٍ ومغامرٍ يمكنُه أن يكون رجل أعمال ناجحاً دون تعلُّم مهارات إدارة الوقت والالتزام والتَّنظيم وطريقة التَّوجُّه نحو السُّوق وتحليل البيانات ومهارات التسويق وطريقة التَّحدُّث أمام الجمهور والتَّواصل والتَّفاوض، وغيرها من مهاراتٍ ماليَّةٍ شديدة الأهميَّة لصنع القرار بسهولةٍ.

تطوير عقليَّة ريادة الأعمال

وهو الهدف الثَّالث من أهداف التعليم الريادي، ويشمل القدرة على مواجهة الشَّكّ وزيادة الثّقة في النّفس مع المرونة وعدم الخوف من خوض التَّجربة، وكلَّما بدأت هذه التَّجارب في سنٍّ صغيرةٍ كان تأثيرُها أفضل.

متطلبات وتحديات التعليم الريادي في المنطقة العربية

على الرَّغم من أهمّيَّة التعليم الريادي في دعم الاقتصاد الدّوليّ عموماً وفي الدُّول العربيَّة خصوصاً، مع ارتفاع نسبة الشَّباب وزيادة معدَّلات البطالة، إلَّا أنَّ هناك تحدّيات حقيقيَّةً قد تُعيقُ التَّطبيق الأمثل للتعليم الريادي على العمومِ وفي منظومة التَّعليم الرَّسميّ على الخصوص، ومن أهمّ هذه التحديات: [5]  

  • لا يمكن للتعليم الريادي أن يتَّبع الخطَّ الأكاديميَّ التَّقليديَّ، فيجب أن يدورَ حول حلِّ مشكلات العالم الحقيقيّ والتَّعامل الإيجابيِّ معها.
  • تنوُّع الحواجز بين الجنسين في العالم العربي يُمكن أن يقلِّلَ من فرص النساء تحديداً في تحقيق طموحهنَّ في ريادة الأعمال.
  • عدم وجود الكوادر المؤهَّلة لتقديم التعليم الريادي بطريقةٍ صحيحةٍ بسبب حداثة التَّجارب إلى حدٍّ كبيرٍ حتَّى على المستوى العالمي.
  • يمثِّل الانغلاق الاجتماعيُّ والثَّقافيُّ جزءاً مهمّاً من عوائق التعليم الريادي في الوطن العربي، فعلى الرَّغم من محاولات الانفتاح المستمرَّة إلَّا أنَّها عادةً ما تُقابلُ برفضٍ مجتمعيٍّ، ولا يمكن إنجاح تعليم ريادة الأعمال دون الحرص على التّنوّع الثّقافيّ وقبول الاختلافات والتَّعايش معها بإيجابيَّةٍ دون رفضٍ ولا تقليدٍ في الوقت ذاته.

أهم برامج التعليم الريادي في الوطن العربي

مع كثرة الاهتمام العالميّ بالتعليم الريادي وتأكيد الكثير من الدّراسات على أهميته في التنمية المستدامة ونمو الاقتصادات، فإنّ بعض التجارب بدأت بالفعل في العالم العربي، لتعليم ريادة الأعمال -خصوصاً لطلاب الجامعات والخريجين- ومن أهمّها:

برامج أكاديمية دبي لريادة الأعمال

  • البلد: الإمارات.
  • المؤسّسة التّابعة لها الأكاديميّة: مؤسّسة محمد بن راشد لتنمية المشروعات الصّغيرة والمتوسّطة.
  • رابط التّسجيل: هنا.

انطلقت أكاديمية دبي لريادة الأعمال بمبادرة عام 2014، وهي تابعة لمؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشروعات الصّغيرة والمتوسّطة؛ لتكون الذّراع التّعليميّ للمنظّمة وتمكين روّاد الأعمال من تحقيق التّنمية الاقتصاديّة، وهي تهتم بجميع الجوانب التّعليميّة اللّازمة لتطوير فكر ريادة الأعمال في الإمارات العربية المتحدة.

البرامج الريادية لجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية

  • البلد: السعودية.
  • المؤسّسة التّابع لها: جامعة الملك عبد الله للعلوم والتّقنية.
  • رابط التّسجيل: هنا.

فهناك مجموعةٌ متنوعة من البرامج الريادية في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية تهدف إلى تقديم الإرشاد والتدريب لروّاد الأعمال، سواء داخل أو خارج الحرم الجامعي، وتحويل الابتكارات إلى شركاتٍ جديدةٍ مع مساعدتها على النّمو.

برنامج InnovEgypt  لرعاية الأعمال للجامعيين والخريجين عبر الإنترنت

  • البلد: مصر.
  • المؤسّسة التّابع لها: مركز الإبداع التّكنولوجيّ وريادة الأعمال.
  • رابط التّسجيل: هنا.

يهدف InnovEgypt لتوفير التّعليم والتّدريب على نطاقٍ واسعٍ، لدعم تفكير ريادة الأعمال في جميع الجوانب بدءاً من الأفكار حتى التّسويق والتّطوير وغيرها.

وفي النّهاية، إنّ التعليم الريادي لا يُفيد فقط أولئك الذين يتّجهون إلى مجالات العلوم والتكنولوجيا وإدارة الأعمال، بل يُمكن أيضاً حتّى لطلّاب الفن والموسيقى والعلوم الإنسانيّة المختلفة أن يحقّقوا استفادةً كبيرةً من إدخال منهج التعليم الريادي في المؤسّسات التّعليميّة الرّسميّة، فهو يدور حول تطوير الخيال وتعلّم تطبيق مهارات التفكير الإبداعي على مشكلات العالم الحقيقيّ والتهيئة المبكّرة لتحديّات المستقبل المتنوّعة والمتغيّرة باستمرارٍ، ويتطلّب الأمر تغييراً حقيقياً في العالم العربي، لتخريج أجيالٍ مبدعةٍ في كلّ المجالات تتمكّن من مواكبة التّسارع الكبير الذي نعيشه في العالم المعاصر.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
آخر تحديث:
تاريخ النشر: