الرئيسية التنمية لماذا يجب على القادة التفكير بعقلية مسؤولي المنتجات؟

لماذا يجب على القادة التفكير بعقلية مسؤولي المنتجات؟

لا تنبثق الرّيادة من الثّبات على المألوف، بل حين يتحوّل المدراء إلى بُناة منتجاتِ، يرون ما لا يُرى، ويقودون فرقهم بشغف الابتكار لا بجمود الإدارة

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

هذا المقال متوفّرٌ باللّغة الإنجليزيّة من هنا.

بات المشهد التّجاريّ اليوم مختلفاً إلى حدٍّ يكاد يُذهل، مقارنةً بما كان عليه في السّابق فقد تسارعت التّحوّلات، واشتدّت المنافسة، وأصبحت التّقلّبات رفيقاً دائماً لا يغادر. وما يزيد الأمر إثارةً هو التّطوّر الجذريّ في تكوين فرق القيادة التّنفيذيّة داخل المؤسّسات، الّتي لم تعد تقتصر على الأدوار التّقليديّة كالماليّة والتّسويق والعمليّات فحسب، بل باتت تضمّ ممثّلين من مجالاتٍ كانت في السّابق مغيّبةً عن دائرة الاهتمام، وعلى رأسهم قادة المنتجات، أو ما يُطلق عليهم اليوم "رؤساء المنتجات التنفيذيين".

مع تحوّل السّوق نحو نماذج تركّز على المنتج كأولويّةٍ، ارتقى قادة المنتجات إلى مناصب عليا في الهيكل الإداريّ. فمنذ عام 2020، ازداد عدد شركات "فورتشن 1000" (Fortune 1000) الّتي تضم رؤساء منتجات على نحو شبهٍ متسارعٍ. ووفقاً لدراسةٍ حديثةٍ، فإنّ عدد تلك الشّركات التي توظّف مدراء منتجاتٍ تنفيذيّين قد تضاعف عشر مرّاتٍ مقارنةً بخمس سنواتٍ مضت. كما أشارت الدّراسة إلى أن الشّركات الّتي تضمّ CPO قويّاً ضمن فريقها التّنفيذيّ تتفوّق على السّوق بنسبة 35%. وبحلول عام 2030، يُتوقّع أن يكون حوالي 30% من الرّؤساء التّنفيذيّين قد شغلوا سابقاً منصب CPO.

لا يعود هذا النّموّ اللّافت فقط لاعتماد نموذج المنتج أوّلاً، بل لأنّ لقادة المنتجات رؤيّةً فريدةً حول كيفيّة عمل المؤسّسة؛ فهم يتعاونون باستمرارٍ مع جميع الفرق المعنيّة بالتّطوير، ويمتلكون وعياً دقيقاً بدورهم في العمليّة. لقد حان الوقت لأن يتعلّم باقي أعضاء الإدارة التّنفيذيّة من نظرائهم الجدد. وإليكم كيف يبدو ذلك:

استبدال المشاريع بالمنتجات

تتّسم العقليّة التّقليديّة لإدارة المشاريع بانشغالها بالجداول الزّمنيّة، والمخرجات المرحليّة، وضبط الميزانيّات. ورغم ما تحمله هذه العناصر من أهميّةٍ تنظيميّةٍ، إلّا أنّ هذا النّهج يفرض منظوراً قاصراً للنّجاح، يكتفي بمؤشّراتٍ آنيّةٍ ويغفل عن البوصلة الأبعد مدى. في المقابل، يدرك قادة المنتجات، بفعل التّجربة والممارسة، أنّ النّجاح لا يُقاس بما يُنجز فحسب، بل بما يُحقّق من أثرٍ. فكلّ خطوةٍ في مسار العمل يجب أن تُوجَّه نحو الغاية الكبرى: خلق قيمةٍ حقيقيّةٍ، ومعالجة مشكلاتٍ جوهريّةٍ، ودفع عجلة التّقدّم بحسٍّ استراتيجيٍّ ومعنىً أعمق.

كل الطرق تؤدي إلى العميل!

تتقدّم أولويّات قادة المنتجات بفهمٍ عميقٍ في رحلة العميل، والسّعي الحثيث لضمان تلبية احتياجاته المتغيّرة. ولكن، لا ينبغي أن يبقى هذا التّوجّه المرتكز على العميل حكراً على فرق المنتجات وحدها، بل يجب أن يتغلغل في شرايين المؤسّسة بأكملها، حتّى تصبح تجربة العميل هي البوصلة الّتي تهتدي بها كلّ القرارات. ورغم أنّ أقساماً كالشّؤون الماليّة أوالموارد البشرية قد تبدو ظاهريّاً بعيدةً عن مسار العميل، فإنّها في جوهرها تُشكّل جزءاً لا يتجزّأ من هذه الرحلة. فبغياب العملاء، ينتفي وجود العمل ذاته. لذا، ينبغي أن تُبنى جميع السّياسات والقرارات على أساسٍ راسخٍ من إدراك قيمة المستخدم، وجعلها محوراً لا يغيب عن نظر كلّ فريقٍ.

العقول المتعددة تصنع التميّز

لا ينجح منتجٌ في تلبية تنوّع مستخدميه ما لم يعكس فريقُ تطويره ذلك التّنوّع في الخلفيّات والخبرات والرّؤى. ولا يتحقّق هذا التّوازن إلا حين تتكامل المعرفة التّقنية مع الفهم السّلوكيّ والعمق التّجاريّ، في بيئةٍ تحتفي بالاختلاف وتمنحه دوراً جوهريّاً في صناعة القرار. ولا يختلف الحال داخل المؤسّسة نفسها، إذ يُعيق العمل المتناثر وتتنازع الأهداف المتضادة وتُربك التّجارب المتقاطعة مسيرة التّقدّم، ويُفضي ذلك إلى احتكاكاتٍ غير ضروريّةٍ وفرصٍ مهدورةٍ. كما لا تجني الفرق الإداريّة النّجاح الكامل إلا عندما تُعزّز روح التّعاون، وتُوحّد الرّؤى نحو غاياتٍ مشتركةٍ تُضيء طريق الإنجاز الجماعيّ.

لا تنهِ العمل... طوّره باستمرار

تظلّ المشاريع بطبيعتها محكومةً بالبداية والنّهاية، أمّا السّعي نحو منتجٍ أكثر كفاءةً وقيمةً، فلا يعرف خطّ الوصول. قلّما يحظى فريق المنتجات بلحظةٍ يُعلن فيها اكتمال عمله؛ دائماً ما تلوح في الأفق تحسيناتٌ مطلوبةٌ، وتغييّراتٌ لا بدّ منها، وتحديثاتٌ يفرضها المستقبل. ويُعدّ هذا النّهج المستمرّ فرصةً ثمينةً للمدراء في القطّاعات الأخرى ليتحرّروا من عقليّة الإنجاز المرحليّ، ويتبنّوا فلسفة التّقدّم المتواصل. فمثل هذا التحوّل لا يغرس فقط ثقافة التّطوير المستمرّ، بل يؤسّس أيضاً لذهنيّةٍ ابتكاريّةٍ تُعيد تشكيل منهجيّة العمل برمّتها داخل المؤسّسة.

التملك الكامل للعمل من البداية للنهاية

من أولى الدّروس الّتي يتشرّبها قادة المنتجات أنّ المسؤوليّة النّهائيّة لا تُوزَّع، بل تُحمَل كاملةً دون شريكٍ.إذ إنّ دورة حياة المنتج، من لحظة ولادة الفكرة حتّى التّسليم وما يتبعه، تظلّ تحت عهدتهم، بغضّ النّظر عن النّتائج، سواء جاءت مُرضيةً أو خالفت التّوقعات. ولكن، الأهمّ من ذلك هو ترسيخهم لمبدأ جماعيٍّ في ثقافة العمل: النّجاح يُبنى معاً، والإخفاق يُواجه معاً. وعندما تنتقل هذه الرّوح إلى بقيّة أقسام المؤسّسة، يبدأ كلّ فردٍ في إدراك أثر مساهمته ضمن المشهد الكلّيّ، ممّا يُنبت بيئةً يشعر فيها الجميع بأنّهم شركاء حقيقيّون في تحقيق النّجاح الجماعيّ.

القيادة الجديدة تبدأ من فهم المنتج

لم يعد صعود منصب الرّئيس التّنفيذيّ للمنتج (CPO) مجرّد موجةٍ عابرةٍ، بل يشير إلى بزوغ عصرٍ جديدٍ في القيادة المؤسسيّة؛ عصرٌ يتّكئ على المرونة، والتّكامل، واستبصار المستقبل، مع تركيزٍ غير مسبوقٍ على العميل. هذه السّمات ليست دخيلةً على قادة المنتجات، بل تُشكّل لبّ ممارساتهم منذ نشأة هذا الدّور؛ فهم اعتادوا الإصغاء لصوت العميل، وغرس ثقافة التّطوير المستمرّ، وتهيئة المنتجات لمتطلّبات الغدّ، وكسر الحواجز بين الفرق في سبيل تحقيق نتائج ملموسةٍ، ما يجعلهم النّموذج الأمثل لقائد المستقبل، أيّاً كان مجاله.

رأي لويز ك. آلن، الرّئيس التّنفيذيّ للمنتجات في "بلانفيو" (Planview)، نُشر أصلاً على Inc.com

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
آخر تحديث:
تاريخ النشر: