الرئيسية الريادة نادي شمس يبني مجتمعاً للإبداع والثقافة: كيف يغير قواعد التواصل في المنطقة؟

نادي شمس يبني مجتمعاً للإبداع والثقافة: كيف يغير قواعد التواصل في المنطقة؟

حين تركّز الشّبكات التّقليديّة على النّتائج السّريعة والمعاملات التّجاريّة، يظهر مجتمعٌ جديدٌ قائمٌ على الإبداع والتّعاون والثّقافة لتوسيع فرص التّواصل والابتكار

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

هذا المقال متوفّرٌ باللّغة الإنجليزيّة من هنا.

في عالمٍ تهيمن عليه الشّبكات المهنيّة التي تركّز على المعاملات السّريعة والنّتائج الفوريّة، تنبثق مبادرةٌ مختلفةٌ تقودها امرأتان تسعيان إلى بناء ما يتجاوز المصالح المؤقّتة: مجتمعٌ قائمٌ على الإبداع والثّقافة والتّواصل الإنسانيّ الحقيقيّ.

تعرّف إلى لينا خوري (Lena Khouri)، رائدة الأعمال والمنتجة، وياسمين رسول (Yasmine Rasool)، المستشارة الثّقافيّة، الشّريكتين المؤسِّستين لـ"نادي شمس" (Shams Club)، وهي منصّةٌ عضويّةٌ عالميّةٌ تهدف إلى جمع المبدعين وروّاد الأعمال والقادة الثّقافيين من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENA.

انطلق "نادي شمس" في أغسطس 2025 ليكون مساحةً تُعزّز التّواصل والتّمكين بين الفنّانين وروّاد الأعمال من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا. وبمزج الأدوات الرّقميّة بالتّجارب الواقعيّة، يسعى النّادي لأن يكون ملتقىً يتبادل فيه الأعضاء الأفكار، ويشعلون شرارة التّعاون، ويوسّعون آفاق الإبداع الفنيّ والثّقافيّ. وتتمثّل رسالته في تنمية المهارات، وإثراء التّعبير الإبداعيّ، ودفع عجلة الابتكار العالميّ، عبر بناء منظومةٍ متكاملةٍ يلتقي فيها الواقع بالعالم الرّقميّ لتشكيل بيئةٍ إبداعيّةٍ نابضةٍ بالحياة.

تقول خوري في حديثها إلى مجلة "عربية .Inc": "نادي شمس هو مجتمعٌ عضويٌّ عالميٌّ يجمع المبدعين وروّاد الأعمال والقادة الثّقافيّين من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومنتشرها في العالم. هدفنا أن نمدّ الجسور بين الشرق والغرب من خلال خلق مساحةٍ يمكن فيها تبادل الأفكار والموارد والفرص بسهولةٍ وحريّةٍ".

تعود جذور "نادي شمس" إلى مشاريع سابقةٍ لكلٍّ من المؤسستين؛ فقد أسّست خوري منصّة "واسطى" (WAASTAA)، وهي مساحةٌ جماعيّةٌ تهدف إلى تسليط الضّوء على المواهب الفنيّة في الشّرق الأوسط، بينما أنشأت رسول شركتها الإعلاميّة "بيتوين إيست" (Between East) في لوس أنجلوس، والمكرّسة لسرد القصص التي تنبع من المنطقة. وكان المشروعان في جوهرهما مساحةً للتّعاون الإبداعيّ بين الفنّانين والمبدعين. كما توضّح خوري قائلةً: "لقد عملنا لسنواتٍ على تطوير مجتمعاتنا الإبداعية من خلال "واسطى" و"بيتوين إيست"، وحين التقينا، اكتشفنا فرصةً لربط مجتمعاتنا العالميّة عبر منصّةٍ رقميّةٍ يمكنها أن تمكّننا من التّواصل والتّعلّم والبناء المشترك".

ومن خلال إطلاق "نادي شمس" في بُعدين -رقمي وواقعي- تمزج خوري ورسول بين شبكاتهما الواسعة لبناء جسورٍ جديدةٍ بين المبدعين وروّاد الأعمال في مختلف القطّاعات؛ فتقول خوري: "نحن نطمح إلى تمكين المبدعين حول العالم من الالتقاء وبناء المشاريع المشتركة". وعن الفئات المستفيدة من العضويّة تضيف: "نادي شمس مخصّصٌ لصنّاع الأفلام والمصمّمين والموسيقيّين والفنّانين والمبتكرين والمؤسّسين؛ فهو لكلّ من يجمع بين الإبداع وريادة الأعمال والثّقافة، ويرغب أن يكون جزءاً من منظومتنا الإقليميّة والعالميّة".

كما تشير خوري إلى أنّ "نادي شمس" يتجاوز كونه منصّةً للتّواصل، فهو يُبنى ليكون حركةً قائمةً على الانتماء والتّبادل الثّقافيّ؛ فتضيف: "ما يجعلنا مختلفين هو أنّنا نجمع بين المجتمع والأدوات الإبداعيّة والانتماء الثّقافيّ في إطارٍ واحدٍ. ونحن نرعى حركةً إبداعيّةً توسّع الفرص وتعيد تشكيل الطّريقة التي يُنظر بها إلى المواهب القادمة من منطقتنا على المستوى العالميّ. وبما أنّنا نعمل من طرفين مختلفين من العالم -أنا في لوس أنجلوس وياسمين في الرياض- أردنا أن نُنشئ نقاط التقاءٍ سهلةً للآخرين كي يتعرّفوا على بعضهم ويصنعوا شيئاً ذا تأثيرٍ، تماماً كما فعلنا نحن عندما أنشأنا هذه المنصّة".

أما رسول، فتؤكّد أن تركيز "نادي شمس" على بناء منظومةٍ متكاملةٍ يشكّل جوهر هويته. وتوضّح: "معظم الشّبكات أو المسرّعات اليوم تتعامل بشكلٍ تجاريٍّ بحتٍ، تركّز على الصّفقات أو التّمويل أو النّتائج قصيرة الأمد. أمّا نحن في "نادي شمس"، فنركّز على بناء منظومةٍ يكون فيها التّعاون والهويّة الثّقافيّة والظّهور الإبداعيّ بنفس أهميّة النّجاح التّجاريّ".

ولهذا صُمِّم "نادي شمس" خصيصًا لمواجهة أبرز التّحدّيات التي تعترض المبدعين في المنطقة: غياب الظّهور، وضعف فرص الإرشاد، وصعوبة الوصول إلى الموارد. وتشرح قائلةً: "أنشأنا النادي واضعين هذه التّحدّيات في الحسبان. أوّلاً، نوفّر للأعضاء فرص الظّهور من خلال دليلٍ عالميٍّ للمبدعين، ومجموعاتٍ محليّةٍ بحسب المدن، وفرص عملٍ منتقاةٍ بعنايةٍ. ثانيّاً، نتيح فرص الإرشاد عبر جلسات إبداعيّةٍ يقودها خبراء الصّناعة، حيث يمكن للأعضاء المشاركة وطرح الأسئلة وبناء علاقاتٍ مباشرةٍ مع هؤلاء القادة بعد الجلسات. ثالثاً، نجعل الموارد متاحةً للجميع، بدءاً من الأدوات العمليّة وأدلّة التّمويل، وصولاً إلى شبكات التّواصل بين الأقران. فكرتنا أن نستبدل العزلة التي يشعر بها الكثير من المبدعين بمنظومة دعمٍ حيّةٍ".

ولا يقتصر نشاط "نادي شمس" على العالم الرّقميّ فحسب، بل يمتدّ إلى فعاليّاتٍ واقعيّةٍ تُنظَّم في مدنٍ كبرى لتعزيز التّواصل الحقيقيّ بين الأعضاء. وتشمل هذه الفعاليّات موائد عشاء للمؤسّسين، وورش عملٍ إبداعيّةً عمليّةً، ولقاءاتٍ للتّواصل المهنيّ، وكلّها تُصمَّم بعنايةٍ لخلق علاقاتٍ جديدةٍ وفتح آفاقٍ وفرصٍ للأعضاء.

وتوضّح خوري أنّ هذا التّوازن بين الاتّصال الرّقميّ والتّجربة الواقعيّة هو ما يمنح "نادي شمس" خصوصيّته: "تضمن المنصّة الرّقميّة بقاء الأعضاء على تواصلٍ يوميٍّ عالميٍّ، ليستكشفوا الفرص ويتعاونوا ويتبادلوا المعرفة أينما كانوا. لكنّنا نؤمن بأنّ الإبداع يزدهر أيضاً من خلال اللقاء المباشر، لذلك نعمل على تنظيم فعاليّاتٍ حضوريّةٍ -من العشاءات المنسّقة إلى التّجمّعات الثّقافيّة واللّقاءات المحليّة- لإعادة إحياء هذه الطّاقة في الواقع. إنّنا نخلق توازناً دائريّاً يضمن أن يُبقي التّواصل الرّقميّ الزّخم قائماً، بينما تُعمّق اللّقاءات الواقعيّة الثّقة والعلاقات الّتي تمنح مجتمعنا قوّته".

تقول الشّريكتان إنّ إطلاق "نادي شمس" يأتي في لحظةٍ محوريّةٍ تشهد فيها دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا اهتماماً متزايداً بتنمية القطّاعات الثّقافيّة وبناء منظومات ريادة الأعمال، تماشياً مع مبادراتٍ إقليميّةٍ كـ"رؤية السعودية 2030" و"أجندة الاقتصاد الإبداعي الإماراتية"، إلى جانب برامج مماثلةٍ في قطر والكويت والبحرين وعُمان. وتوضّح رسول: "كلا المبادرتين، السعودية والإماراتية، تركّزان على تنويع الاقتصاد وتنمية المواهب وجعل الثّقافة محرّكاً للنّموّ. وينسجم نادي شمس تماماً مع هذه الأهداف؛ فنحن نحشد جيلاً جديداً من المبدعين، نزوّدهم بالأدوات والشّبكات اللّازمة لازدهارهم، ونرفع تأثيرهم إلى مستوىً عالميٍّ. ومن خلال الرّبط بين المواهب عبر الحدود، نبني رأس المال الثّقافيّ الذي تسعى هذه الرّؤى الوطنيّة لإبرازه أمام العالم".

وتضيف خوري أنّ من الاعتبارات الأساسيّة في رؤيتهما لنمو "نادي شمس" الاستدامة الاقتصاديّة للمشروع نفسه؛ فتقول: "بالنّسبة إلينا، الغاية والرّبحيّة ليسا ضدّين، بل يعزّز أحدهما الآخر. ولا يمكن المجتمع أن يستمرّ إلّا إذا قدّم قيمةً حقيقيّةً، وعندما يتحقّق ذلك، فإنّ الأعضاء مستعدّون للاستثمار فيه. لذلك نطرح نظام العضويات المتدرّجة الذي يتيح للجميع الانضمام مع ضمان الاستدامة. كما نعمل على بناء شراكاتٍ مع علاماتٍ تجاريةٍ ومؤسّساتٍ وهيئاتٍ ثقافيّةٍ تتوافق مع رسالتنا. المهم هو البقاء صادقين مع هدفنا، وفي الوقت نفسه بناء مصادر دخلٍ ذكيّةٍ تمكّننا من التّوسّع وتعظيم الأثر".

ويقدّم "نادي شمس" فئتين من العضويّة: مجانيّةٌ ومدفوعةٌ. وتمثّل فئة "المستكشف" (Explorer) المدخل المجانيّ للانضمام إلى المجتمع دون أي التزامٍ ماليٍّ، وتتيح الوصول إلى النّشرة الإخباريّة، واستكشاف الشّبكة العالميّة للأعضاء، والاطّلاع على فرص العمل، والمشاركة في بعض المساحات المجتمعيّة. أمّا فئة "المنوِّر" (Luminary)، فتوفّر تجربةً أعمق تشمل ورش عملٍ حصريّةً، ومكتبة موارد متخصّصة، وتعريفات مهنيّة منتقاةً، وجلسات إرشادٍ جماعيّةً. وهي مصمّمةٌ لأولئك الذين يرغبون في أن يكونوا فاعلين ومساهمين حقيقيّين في المجتمع لا مجرّد أعضاء.

وفي رسالةٍ إلى المبدعين وروّاد الأعمال الشّباب في المنطقة، فتقول: "ابدأوا بخطواتٍ بسيطةٍ، وابحثوا عن الشّركاء المناسبين، وابدأوا الآن. ولا تنتظروا الإذن ولا اللّحظة المناسبة، لأنّها لن تأتي؛ فابنوا بما هو متاح لديكم، ودعوا مشروعكم ينمو بشكلٍ طبيعيٍّ. واعتمدوا على مهاراتكم، وحوّلوها إلى مصدر قوتكم، فالعالم متعطّش لقصصٍ حقيقيّةٍ ومنظوراتٍ صادقةٍ من منطقتنا ومنتشرنا في العالم".

وتختتم رسول حديثها قائلةً: "تماماً كما يسعى نادي شمس إلى إخراج الأفراد من عزلتهم المهنيّة، على المبدعين وروّاد الأعمال أن يجدوا المسارات التي تتيح لهم التّعاون مع آخرين يدعمون رحلتهم. والأهمّ من ذلك: لا تخوضوا الطّريق وحدكم. وابحثوا عن مجتمعكم -سواء كان نادي شمس أو غيره- لأن التّعاون والدّعم المتبادل سيقودانكم إلى أبعد ممّا يمكن لأيّ جهدٍ فرديٍّ أن يحقّقه".

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
زمن القراءة: 7 دقائق قراءة
آخر تحديث:
تاريخ النشر: