الرئيسية التنمية الواقع الافتراضي في التدريب.. كيف يُغيّر شكل صناعات كاملة؟

الواقع الافتراضي في التدريب.. كيف يُغيّر شكل صناعات كاملة؟

حين تتعلّم من قلب الحدث، دون أن تغادر مقعدك… يصبح التّدريب تجربةً لا تُنسى، والنتائج تتكلّم

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

يعدّ استخدام الواقع الافتراضيّ في التّدريب بتحسّنٍ بنسبة 70% بأداء الموظّفين، مع تخفيضاتٍ كبيرةٍ في الأخطاء البشريّة، وتطوّرٍ واضحٍ في عمليّة اتّخاذ القرارات داخل الفرق.

فهذه التّقنيّة الّتي تشجّع أنماط التّعلّم الأربعة: "السّمعيّة، والبصريّة، والمقروءة، والحركيّة"، تزيد من فاعليّة الاحتفاظ بالمعلومات مع الدّخول في أكثر التّجارب خطورةً وتكلفةً بسهولةٍ تامّةٍ، دون اعتباراتٍ خاصّةٍ بالمسافة أو الزّمن أو التّكلفة.

فكيف يمكنك الاستفادة من الواقع الافتراضيّ في التّدريب لرفع مستوى الأداء في العمل، مع زيادة التّقارب مع العملاء، وإطلاق منتجاتٍ وخدماتٍ خضعت لتجربةٍ فعليّةٍ تزيد من فرص نجاحها على أرض الواقع؟

لماذا يجب أن تهتمّ بالواقع الافتراضيّ في التّدريب؟

تتمثّل تقنيّة الواقع الافتراضيّ في التّدريب في إنشاء محاكاةٍ رقميّةٍ مخصّصةٍ لسيناريوهاتٍ واقعيّةٍ لتطوير المهارات، ممّا يوفّر بيئة تعلّمٍ غامرةً وتفاعليّةً باستخدام سمّاعات الواقع الافتراضيّ وأجهزة التّحكّم.

ويختلف الأمر عن التّدريب الافتراضيّ، والّذي يقتصر فقط على توفير موادٍ تعليميّةٍ يمكن الوصول إليها عبر الإنترنت، ولكن تقنيّة الواقع الافتراضيّ تنقل المتعلّمين إلى بيئاتٍ واقعيّةٍ ثلاثيّة الأبعاد مع إمكاناتٍ تفاعليّةٍ لا حصر لها، مع إنشاء سيناريوهاتٍ وتفاعلاتٍ بين مستخدمين آخرين.

ومن أهمّ الفوائد الّتي يجدها فوراً كلّ من استعان بالواقع الافتراضيّ في التّدريب:

  • تعزيز نتائج التّعلّم: يحتفظ المتدرّبون بالمعرفة لفترةٍ أطول مقارنةً بالتّدريب العاديّ، بفضل التّعرّض إلى تجارب غامرةٍ، ويعتبر التّعلّم بهذه التّقنيّة أسرع بأربع مرّاتٍ من الطّرق التّقليديّة، وفقاً لتقرير شركة PwC المتخصّصة في الخدمات المهنيّة،
  • المساهمة في السّلامة وتخفيف المخاطر: يمكن للموظّفين متابعة إجراءاتٍ خطرة وتجربة نماذج دون عواقب حقيقيّةٍ كما في العالم الواقعيّ.
  • زيادة المشاركة والدّافع: يحصل المتدرّبون على تعليقاتٍ في الوقت الفعليّ، ممّا يساعد في تحسين الأداء بسرعةٍ.
  • توفير الوقت: لا يحتاج المتدرّبون إلى السّفر أو الانتقال للتّدرّب، ممّا يخفّض التّكلفة والوقت المستهلك.
  • إتاحة محاولاتٍ لا نهائيّةٍ: يمكن تجربة الفشل والتّعلّم بدون قيودٍ، ممّا يساعد في تعزيز المهارة بسرعةٍ.
  • توفير الأموال: توفّر هذه التّقنيّة ما يتراوح بين 30-70% من تكاليف التّدريب العاديّة، بإمكانيّة محاكاة سيناريوهاتٍ واقعيّةٍ دون الحاجة إلى أجهزةٍ مكلّفةٍ.

أهمّ المجالات الّتي تستفيد فعليّاً من الواقع الافتراضيّ في التّدريب

يمكن لجميع مجالات الحياة تقريباً الاستفادة من الواقع الافتراضيّ، فمجرّد امتلاك سمّاعة الرّأس المناسبة، يمكنك الالتحاق ببرامج تدريبٍ مدفوعةٍ أو مجّانيّةٍ لتطوير مهاراتك، ومع ذلك، تزداد فاعليّة بعض المجالات بشكلٍ خرافيٍّ عند تطبيق هذه التّقنيّة، ومنها:

التّدريب على المهارات النّاعمة بالواقع الافتراضيّ

إنّ القيادة والعمل الجماعيّ والتّعاطف وغيرها من المهارات النّاعمة لم تعد تقلّ أهمّيّةً عن المهارات الصّلبة، خصوصاً مع التّعامل مع الجمهور، وسلّط بحثٌ لـPwC  الضّوء على قدرة الواقع الافتراضيّ على زيادة الارتباط العاطفيّ، وتعزيز التّعلّم العميق، والاحتفاظ بالمهارات.

تدريب العملاء

برزت هذه التّقنيّة بقوّةٍ في خدمات التّعليم والاستشارات، فيمكن للمؤسّسات العاملة في هذا المجال توفير تجربةٍ غامرةٍ للعملاء تتجاوز الطّرق التّقليديّة، فسواءٌ كنت معلّماً ترغب في إشراك الطّلّاب بطريقةٍ مبتكرةٍ، أو مستشار علاقاتٍ، أو في الجوانب النّفسيّة، فإنّ هذه التّقنيّة تساعدك على سدّ الفجوة بين الشّرح وفهم العملاء لرسالتك.

التّدريب الطّبّيّ

وهو من أكثر المجالات الّتي اعتمدت بقوّةٍ على تدريب الواقع الافتراضيّ، فيمكن لطلّاب الطّبّ والجراحة إجراء مجموعةٍ واسعةٍ من العمليّات الخاضعة للرّقابة مع محاكاة الحالات الطّبّيّة النّادرة والمعقّدة، كما يستخدم في تدريب الموظّفين في المستشفيات للعناية بالجروح والاستجابة للطّوارئ والإنعاش القلبيّ وغيرها، وقد تبيّن زيادة معدّل الاحتفاظ بالمعلومات بنسبة 60% مقارنةً بطرق التّدريب التّقليديّة.

تدريبات السّلامة

يمكن تطبيق هذه التّقنيّة في المجالات الخطرة مثل التّصنيع والبناء والطّيران، لتعزيز الذّاكرة العضليّة ورفع قدرة فريق العمل على اتّخاذ القرارات.

عناصر أساسيّةٌ تساعدك في زيادة فاعليّة الواقع الافتراضيّ في التّدريب

يتّسم مشهد الأعمال اليوم بالسّرعة الشّديدة والتّنافسيّة الفائقة، ويتطلّب البقاء في المنافسة الالتزام بالابتكار الدّائم وتطوير الموظّفين. وظهر التّدريب بالواقع الافتراضيّ كأداةٍ تحويليّةٍ لا تميّز فقط الشّركات، ولكن تزوّدها بميزةٍ تنافسيّةٍ. ولكي تنجح فعليّاً في الاستفادة بهذه التّقنيّة في التّطوير المؤسّسيّ، عليك الاهتمام بالآتي:

تحديد الهدف من التّدريب

إذا كان هذا العنصر مهمّاً في كلّ أنواع التّدريب فهو أكثر فاعليّةً بكثيرٍ عند استخدام تقنيّة الواقع الافتراضيّ، فيمكن مثلاً تحديد الهدف زيادة مهارة اتّخاذ القرار مثلما فعلت شركة Deloitte للخدمات المهنيّة، فهذا يزيد من مستوى المشاركة، ومن الاحتفاظ بالمعلومات. وإذا كان لديك أكثر من هدفٍ، فيمكن الاختيار بينها وفقاً لمدى إلحاحها والجدوى الاقتصاديّة والعائد على الاستثمار وغيرها. ويمكن أن تتمثّل الأهداف المحدّدة في تقليل المخاطر كما فعلت شركة وول مارت لتقليل نزاعات العملاء في الجمعة البيضاء، أو تحسين التّذكّر التّلقائيّ، أو تقليل أخطاء العمل، أو غيرها من أهدافٍ محدّدةٍ للغاية.

اختيار تقنيّات الواقع الافتراضيّ الملائمة لأهداف التّدريب

اهتمّ بانتقاء منصّة واقعٍ افتراضيٍّ تلائم الميزانيّة وقدرات الفريق والهدف من التّدريب، وتحقّق من جانب الموثوقيّة والكفاءة، واحرص على التّوسّع التّلقائيّ وتقديم الدّعم لعناصر الفريق لينخرطوا في التّدريب.

تهيئة الفريق لتدريب الواقع الافتراضيّ

لا تقفز مباشرةً لتدريب الواقع الافتراضيّ، وتتصوّر أن الجميع لديهم علم أو تعامل معها، بل درّب الفريق على هذه التّقنيّة، ووضّح طريقة التّنقّل في المساحات المختلفة، وأسلوب التعامل مع سمّاعة الرأس وغيرها من مهارات ضرورية قبل البدء، للتأكد من انخراط الجميع في المشاركة.

ابتكار محتوًى جذّابٍ دون إفراطٍ بالمعلومات

لا تتوقّع أن تكون تقنيّة الواقع الافتراضيّ جذّابةً بمفردها، ولكن اهتمّ بجودة المحتوى واجعله مخصّصاً لأهدافك، وتجنّب الإفراط في المعلومات أو إطالة فترة التّدريب، وشجّع التّعاون بين عناصر الفريق، مع وضع قواعد للمشاركة وطرح الأسئلة، ولا تدخل التّدريب مطلقاً دون تحضيرٍ متكاملٍ لكلّ العناصر.

شركاتٌ حقّقت طفراتٍ مع الواقع الافتراضيّ في التّدريب

لم يعد الواقع الافتراضيّ في التّدريب مجرّد تقنيّةٍ مستقبليّةٍ، بل أصبح أمراً حقيقيّاً استفادت منه الكثير من الشّركات والمؤسّسات. ومن أهمّ التّجارب العمليّة النّاجحة في هذا الشّأن:

  • شركة Deutsche Telekom MMS: تدعم هذه الشّركة الشّركات الكبيرة والمتوسّطة في التّحوّل الرّقميّ، وتتعامل مع أكثر من 2100 موظّفٍ في 9 مواقع، وتطوّر تجارب شاملةً تتجاوز الرّقميّة، تستخدم في ورش العمل، والتّدريب على النّماذج الأوّليّة، والتّعرّف على ثقافة الشّركة، وجلسات التّخطيط.
  • شركة Konecranes: هي مجموعةٌ رائدةٌ في مجال رفع الأثقال، وتستخدم الواقع الافتراضيّ لتهيئة المتدرّبين بشأن إصداراتها الجديدة وتوضيح إرشادات التّمرين وطريقة عمل الأجهزة.
  • جامعة مونستر: تستخدم الواقع الافتراضيّ لأغراضٍ مختلفةٍ، من ندواتٍ وتطوير مهاراتٍ ذات صلةٍ بالمشهد الرّقميّ، وتوفّر خبرةً مباشرةً في عالم الميتافرس وتطبيقاته في مختلف جوانب الحياة.
  • شركة فايزر: لجأت إلى تدريب الواقع الافتراضيّ خلال جائحة كوفيد-19، وقلّلت وقت التّدريب على المهامّ الجديدة بنسبة 40%، كما درّبت آلاف الأشخاص على حالات الطّوارئ وإنتاج اللّقاحات واختبارها.
  • سلسلة Sprouts Farmers Market: استخدمت الواقع الافتراضيّ في التّدريب والتّوجيه داخل متاجرها منذ عام 2019، أكّدت زيادة القدرة على التّذكّر 16 مرّةً مقارنةً بالتّدريب العاديّ.

ختاماً، من المتوقّع أن يصل حجم سّوق تقنية الواقع الافتراضيّ إلى ثلاثة عشر ملياراً وثمانية وتسعين مليوناً ومئتي ألف دولار أمريكي في عام 2026، وربّما تكون التّكلفة مرتفعةً بعض الشّيء لبعض الشّركات؛ مما يمثل تحدياً أساسيّاً في توسيع نطاق تطبيق هذه التقنيّة، كما أن السّيطرة يمكن أن تكون ضعيفة على المتدرّبين، مع فقدان الإحساس الطّبيعيّ مثل اللّمس والاستنشاق وردود الفعل الكاملة.

إلا أنّه يمكنك تطبيقها بكفاءة عبر تحديد مدى ملاءمتها لطبيعة المجال نفسه والهدف من التدريب، وتأهيل الموظّفين نفسيّاً، وإعداد محتوًى متكاملٍ مع تجربةٍ واقعيّةٍ، والاهتمام بردود الفعل والملاحظات المتنوّعة، وبهذا سوف تحقّق طفرات قويّة بإدخال هذه التّقنيّة للتّواصل مع الموظّفين والعملاء، والحصول على ردود فعلٍ سريعةٍ بشأن أيّ منتجٍ أو خدمةٍ جديدةٍ، أو تفادي الأخطاء، ورفع مستوى الإنجاز والإتقان.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
آخر تحديث:
تاريخ النشر: