منصة Qanooni تحصد تمويلاً بقيمة 2 مليون دولار
منصّة التّكنولوجيا القانونيّة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، تحصل على تمويلٍ لتوسيع انتشارها في الإمارات والمملكة المتّحدة، مع التّركيز على الأمان والتّخصّص والتّمكين البشريّ

هذا المقال متوفّرٌ باللّغة الإنجليزيّة من هنا.
جمعت منصة "قانوني" (Qanooni) وهي منصة تكنولوجيا قانونيّةٌ تعتمد على الذكاء الاصطناعي ومقرّها دبي- تمويلاً أوّليّاً بقيمة 2 مليون دولارٍ أمريكيٍّ، بهدف تسريع مهمّتها في إعادة تشكيل أساليب عمل الفرق القانونيّة، ليس عبر استبدال المحامين، بل من خلال تعزيز قدراتهم بالأدوات الذّكيّة المتخصّصة والآمنة.
وقد شارك في هذا التّمويل عددٌ من المستثمرين البارزين، من بينهم صندوق "فيلج غلوبال" (Village Global) الّذي يتّخذ من كاليفورنيا مقرّاً له، وصندوق "أوريكس" (Oryx Fund) التّابع لشركة "صليقة إنفستمنتس" (Salica Investments) والموجّه لمنطقة الشّرق الأوسط وشمال أفريقيا، إضافةً إلى شركة "تي إيه فنتشرز" (TA Ventures) الألمانيّة المتخصّصة في الاستثمار في المراحل المبكّرة، إلى جانب مجموعةٍ من المستثمرين الملائكيّين الاستراتيجيّين. وتعتزم الشّركة استخدام هذه الأموال لتوسيع عمليّاتها في كلٍّ من دولة الإمارات والمملكة المتّحدة، لتطوير خارطة طريق منتجاتها.
تأسّست قانوني في دولة الإمارات في عام 2024 على يد أنوشا إقبال، زياد أحمد، وكريم شياب. تهدف المنصّة إلى تقديم خدماتٍ متقدّمةٍ من الصّياغة، والمراجعة، والبحث، وإدارة القضايا القانونيّة، وذلك عبر تكاملٍ مباشرٍ مع أدوات مايكروسوفت أوتلوك ومايكروسوفت وورد، وهما الأداتان الرّقميتان الرّئيسيّتان للمحترفين القانونيّين. ولكن، طموحات قانوني تتعدّى حدود هذا التّكامل التّقنيّ.
تقول إقبال في حديثٍ لها مع موقع "عربية .Inc": "حين شرعنا في بناء قانوني، لم يكن هدفنا مجرّد مواكبة موجة الذكاء الاصطناعي في المجال القانونيّ، بل أردنا معالجة الثّغرات المؤلمة الّتي عايشناها بأنفسنا داخل هذه الصّناعة".
ومن واقع خبرتها في القانون والتكنولوجيا المالية، أوضحت إقبال أنّ معظم أدوات الذكاء الاصطناعي القانونيّة الحاليّة تركّز على التّوسع على حساب الأمان، وهو خللٌ كبيرٌ في صناعةٍ تُبنى على الثّقة والسّريّة والدّقة. وأضافت: "رأينا كثيراً من الأنظمة الّتي تحتفظ ببيانات العملاء الحسّاسة، وتمنح المحامين سيطرةً محدودةً، أو تُنتج مخرجاتٍ عامّةً وغير مسؤولةٍ؛ فكان هذا منطلقنا، إذ بُنيت قانوني لسدّ هذه الفجوات".
ومن أجل تحقيق هذا الهدف في الخصوصيّة والسّيطرة، تم إنشاء بنيةٍ تحتيّةٍ للمنصّة انطلاقاً من مبدأ الأمان. وقالت إقبال: "لا نحتفظ بأيّ بياناتٍ للعملاء، ولا نسجّل أيّ أوامر أو مخرجاتٍ، ويتم تحويل أي معلوماتٍ حسّاسةٍ إلى رموزٍ مشفّرةٍ فوراً".
وأضافت: "يتم استضافة كلّ شيءٍ محليّاً على خوادم "مايكروسوفت أزور" (Microsoft Azure) في المنطقة، بما يتماشى مع أعلى المعايير المحليّة والدّوليّة، مثل: قانون حماية البيانات الصّادر عن مركز دبي الماليّ العالميّ (DIFC) واللّائحة العامّة لحماية البيانات الأوّروبيّة (GDPR). أردنا أن يطمئنّ مستخدمونا -من مكاتب المحاماة وعملائهم- إلى أنّ بياناتهم محميّةً بحقٍّ".
لا تقلّ دقّة المهمّة عن الأمان، حيث ترفض قانوني فكرة أنّ نموذج ذكاء اصطناعي عامّاً قادرٌ على التّعامل مع تعقيدات المهامّ القانونيّة. وتقول إقبال: "صياغة بندٍ قانونيٍّ ليست كتصنيف وثيقةٍ أو تلخيص قضيّةٍ؛ لذا بُنيت قانوني بنهجٍ متعدّد النّماذج اللّغويّة (multi-LLM) يعمل وفقاً لوكلاء ذكيّين، ما يتيح توجيه كلّ مهمّةٍ قانونيّةٍ إلى النّموذج الأمثل لتنفيذها بدقّةٍ وكفاءةٍ".
والأهمّ من ذلك، أنّ هدف قانوني ليس أتمتة التّفكير القانونيّ، بل دعمه. توضّح إقبال: "لم نرغب في أن تحلّ الآلة محلّ حكم المحامي، بل أن تعزّزه". وهذا المفهوم متجذّرٌ في آليّة "المحامي في الحلقة" (LITL) الّتي تضمن مراجعة وموافقة خبيرٍ قانونيٍّ على كلّ مخرجات الذكاء الاصطناعي. وتضيف: "تُضخّم قانوني دور الخبير البشريّ، لا تستبعده".
شاهد أيضاً: منصة TAP تجمع تمويلاً بقيمة مليون دولار
تتميّز المنصة أيضاً بسجلّات تدقيقٍ شاملةٍ، ومراقبةٍ لحظيّةٍ، وضوابط وصولٍ صارمةٍ -ما يمنح المكاتب القانونيّة القدرة على إثبات الامتثال والأمان في أيّ لحظةٍ. وتقول إقبال: "في نهاية المطاف، قانوني ليست مجرّد منصّة ذكاء اصطناعي؛ إنّها تصوّرنا لما يجب أن تكون عليه أدوات الذكاء الاصطناعي القانونيّة: آمنةٌ، متخصّصةٌ، ومتمحورةٌ حول الإنسان".
ومع تطلّع قانوني إلى المستقبل، فإنّها لا تسير فقط مع الاتّجاهات، بل تسعى لاستباقها، إذ تقول إقبال: "خلال السّنوات الثّلاث إلى الخمس القادمة، سنشهد تحوّلاتٍ جوهريّةً في تكنولوجيا القانون، تحوّلاتٍ ستفصل بين الأدوات الّتي تكتفي برقمنة القانون، وتلك الّتي تعيد تشكيله فعلاً".
كما أشارت إلى أنّ من أبرز هذه التّحوّلات صعود الذكاء الاصطناعي الواعي بالسّياق. وتضيف: "تقترب أيّام النّماذج العامّة الّتي تعرف كلّ شيءٍ من نهايتها. المحامون لا يحتاجون إلى آلةٍ تعرف كلّ شيءٍ، بل آلةٍ تعرف ملفّهم، واختصاصهم القضائيّ، وعميلهم، وشهيّتهم للمخاطر". وهذا بالضّبط ما تسعى قانوني لتقديمه، من خلال بنيتها القائمة على تعدّد النّماذج اللّغويّة، والّتي تمنح المكاتب تحكّماً كاملاً في بياناتهم وحدودهم القضائيّة.
وأكّدت إقبال أنّ الشّفافيّة أصبحت ضرورةً لا مفرّ منها، فقالت: "لن تقبل مكاتب المحاماة بعد الآن أنظمة الذكاء الاصطناعي الصّندوقيّة الغامضة. التفسير، والتّدقيق، والسّيطرة ستصبح معايير إلزاميّةً. سواء من الجهات التّنظيميّة كقانون الذكاء الاصطناعي الأوروبيّ أو السّلطات المحليّة، أو حتّى من قبل العملاء المحافظين".
ولمواجهة هذه التّحديّات، طوّرت قانوني إطارها المعروف بـ"المحامي في الحلقة" (LITL) كعنصرٍ أساسيٍّ في المنصّة، وهو مصمّمٌ لتلبية المتطلّبات التّنظيميّة والحفاظ على أعلى المعايير الّتي تتوقّعها مكاتب المحاماة.
كما توقّعت إقبال أيضاً أن تدفع المتغيّرات الجيوسياسيّة ومتطلّبات الإقامة المحليّة للبيانات المكاتب إلى تفضيل الحلول الإقليميّة. وتقول: "تبحث مكاتب المحاماة بشكلٍ متزايدٍ عن منصّاتٍ توفّر سيادةً حقيقيّةً للبيانات، وليس مجرّد وعودٍ تعاقديّةٍ. تلبّي قانوني هذا الاحتياج من خلال استضافة خدماتها بالكامل في المنطقة على خوادم أزور الإمارات الشّماليّة، وامتثالها لمعايير مثل: مركز دبي المالي العالميّ واللّائحة العامّة لحماية البيانات".
لكن أبعد من البنية التّحتيّة والامتثال، ترى إقبال أنّ هناك تحوّلاً أعمق يحدث في الصّناعة القانونيّة. وتوضّح: "لن يحلّ الذكاء الاصطناعي محلّ المحامين، بل سيعيد تشكيل طريقة عملهم، إذ ستتفوّق المكاتب الّتي تجمع بين الحكم البشريّ والمساعدة الذّكيّة المتخصّصة من حيث السّرعة والتّكلفة والرّؤية. أمّا من يعتمدون على الذكاء الاصطناعي بثقةٍ عمياء أو يخافونه، فسيتخلّفون".
مع توسّع قانوني في كلٍّ من الإمارات والمملكة المتّحدة، تعلّمت إقبال أهميّة التكيّف المحليّ، ليس فقط على مستوى المنتج، بل في كامل استراتيجيّة دخول السّوق. وتقول: "التكنولوجيا القانونيّة ليست مجالاً يمكن التّعامل معه باستراتيجيّةٍ واحدةٍ؛ لأنّ القانون نفسه محليٌّ، ومنظّمٌ، ومتجذّرٌ في الثّقافة؛ فما ينجح في لندن قد لا ينجح في دبي، والعكس صحيحٌ. كروّاد أعمالٍ، علينا تكييف كلّ جزءٍ من استراتيجيتنا وفقاً للسّوق الّذي نعمل فيه".
وأضافت: "في الإمارات، الثقة والامتثال يسبقان كلّ شيءٍ؛ فالعملاء يريدون استضافةً محليّةً، وسيادة بياناتٍ، وضماناتٍ تنظيميّةً قبل أن يفكّروا حتّى في الميّزات، كما أنّ المصداقيّة من خلال اللّقاءات المباشرة أمرٌ حاسمٌ. أمّا في المملكة المتّحدة، فالوضع مختلفٌ، إذ إنّ السّوق هناك أكثر اعتياداً على خدمات SaaS والتّجريد السّحابيّ، ولكنّه يطالب بشهادات اعتمادٍ قويّةٍ مثل: ISO وSOC2، وحقوق تدقيقٍ مستقلّةٍ، وتقييمات طرفٍ ثالث.ٍ السوق هناك أكثر تقدّماً في تبني التّكنولوجيا، ويتوقّع وضوحاً فنيّاً وإثباتاً للقيمة".
ونصحت إقبال مؤسّسي الشّركات النّاشئة الطّامحين للتّوسّع عبر الحدود بفهم خصوصيّة كلّ سوقٍ، إذ قالت: "أكبر خطأ يرتكبه المؤسّسون هو افتراض أنّ الرّسالة نفسها ستنجح في كلّ مكانٍ. هذا غير صحيحٍ. عليك أن تخصّص رسالتك، وتثبت القيمة المحليّة، وتبني الثّقة بالطّريقة الّتي يتوقّعها كلّ سوقٍ. ولا يمكنك التّوسّع وأنت أعمى ثقافيّاً؛ عليك أن تقود السّوق بذكاءٍ".