الرئيسية الأخبار منصة InstaBank العراقية تحصد تمويلاً بقيمة 15 مليون دولار

منصة InstaBank العراقية تحصد تمويلاً بقيمة 15 مليون دولار

شركةٌ مصرفيّةٌ رقميّةٌ ناشئةٌ تجمع بين الابتكار التّقنيّ والرّؤية الماليّة لإعادة تشكيل المشهد المصرفيّ ضمن أكثر الأسواق احتياجاً للخدمات الحديثة

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

هذا المقال متوفّرٌ باللّغة الإنجليزيّة من هنا.

في خطوةٍ تمهّد لانطلاقةٍ قويّةٍ في عالم التكنولوجيا المالية بالعراق، نجحت منصة "إنستابنك" (InstaBank)، المصرفيّة الرّقميّة، في تأمين تمويلٍ بقيمة 15 مليون دولارٍ أمريكيٍّ لدعم إطلاقها ونموّها في السّوق المحليّ. وقد شمل هذا التّمويل استثماراً محوريّاً بقيمة 3 ملايين دولارٍ من شركة  (EQIQ) الإماراتية، المتخصّصة في رأس المال الاستثماريّ وبناء المشاريع.

تأسّست إنستابنك، والّتي تُعرف رسميّاً باسم "مصرف الفور الرقمي" (Al-Fawr Digital Bank)، في عام 2025، وطُوّرت لتقديم خدماتٍ مصرفيّةٍ قابلةٍ للتّوسّع، مدعومةٍ بالتّكنولوجيا، في أحد أكثر الأسواق الماليّة ضعفاً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وفي مقابلةٍ مع مجلة "عربية .Inc"، أشار مؤسّس إنستابنك، حسين قرة غولي، إلى أنّ العراق يُعدّ رابع أكبر اقتصادٍ في المنطقة، ومع ذلك فإنّ 83% من السّكان لا يمتلكون حساباتٍ مصرفيّةً.

وقال قرة غولي: "تهيمن على القطّاع المصرفيّ العراقيّ مؤسّساتٌ عامّةٌ وخاصّةٌ غير فعّالةٍ، تعتمد بشكلٍ أساسيٍّ على الأرباح النّاتجة من تحويلات العملات الأجنبيّة وخدمات رواتب الموظّفين الحكوميّين". وأضاف: "تعاني معظم البنوك الخاصّة من ضعف جودة الخدمات ولم تتمكّن من التّطوّر إلى ما بعد خدمات تحويل العملات الأجنبيّة، خاصّةً بعد أن أوقف البنك المركزيّ العراقيّ نظام مزاد العملة (المزاد)، ممّا أدّى إلى بقاء القطّاع بعيداً عن مجالاتٍ حيويّةٍ، مثل: المصرفيّة للأفراد، والإقراض للمؤسّسات الصّغيرة والمتوسّطة، والمدفوعات الرّقميّة. كما لا تزال الودائع منخفضةً، ونسبة الاعتماد على الائتمان محدودةً، وتجربة العملاء سيئةً. بناءً على ذلك، تفتح هذه العيوب الهيكليّة الباب أمام دخول منافسين رقميّين".

لذلك، تتركّز استراتيجيّة إنستابنك على معالجة هذه الفجوات منذ اليوم الأوّل. وأوضح قرة غولي قائلاً: "مع ارتفاع الطّلب على المدفوعات الإلكترونيّة والمنتجات الماليّة الحديثة، فإنّ السّوق مفتوحٌ على مصراعيه أمام المصارف التّقنيّة لتقديم خدماتٍ شاملةٍ ومتمحورةٍ حول العميل". وتابع: "اللّاعبون التّقليديّون ليسوا مهيئيّن للتّكيف، ما يتيح للوافدين الجدد فرصة تجاوز النّماذج القديمة وإعادة تعريف الوصول الماليّ في العراق".

يتجلّى خلف هذه الرّؤية الطّموحة اسمٌ وازنٌ في عالم المال والاستشارات السّياديّة؛ إنّه حسين قرة غولي، الخبير الماليّ العراقيّ-الأمريكيّ، الّذي يحمل في جعبته عقوداً من الخبرة المتراكمة في أروقة المال العالميّ. فقد تبوّأ مناصب قياديّةً في كبرى المؤسّسات الماليّة العالميّة، من بينها: "ميريل لينش" (Merrill Lynch)، و"سيتي غروب" (Citigroup)، و"دويتشه بنك" (Deutsche Bank). وكان له الدّور المحوريّ في قيادة واحدةٍ من أكثر عمليّات إعادة هيكلة الدّيون طموحاً في التّاريخ الماليّ للعراق، والّتي بلغت قيمتها 22 مليار دولارٍ، فضلاً عن إشرافه على إصدار عدّة سنداتٍ سياديّةٍ باسم الدّولة. واليوم، يُسخّر قرة غولي تلك الخبرات العميقة والمعرفة الاستراتيجيّة في مبادرةٍ ماليّةٍ رقميّةٍ جريئةٍ، تسعى لسدّ الفجوات المتجذّرة في البنية التّحتيّة الماليّة للعراق، وإرساء نموذجٍ مصرفيٍّ عصريٍّ يُواكب تطلّعات المرحلة المقبلة.

كما قال قرة غولي: "تدور الاستشارات السّياديّة في جوهرها حول بناء الثّقة وتحقيق أثرٍ إيجابيٍّ، ليس فقط مع العميل، بل ضمن منظومةٍ من أصحاب المصلحة. وخلال إعادة هيكلة ديون العراق عام 2004، دخلنا عقب اتفاقيّة نادي باريس بقيادةٍ أمريكيّةٍ، والتي ضمنت تخفيض 80% من الدّيون لصالح الأجيال القادمة".

وأوضح أنّ تلك التّجربة التّكوينيّة تطلّبت تنسيقاً لسنواتٍ مع أعلى المؤسّسات التّنظيميّة في العراق، بما في ذلك البنك المركزيّ. واليوم، فإنّ تلك الثّقة المؤسسيّة تسمح له بتبنّي نهجٍ واقعيٍّ ومبنيٍّ على البنية التّحتيّة في مشروع إنستابنك، نهجٌ يوازن بين التّوافق مع أولويّات الجهات التّنظيميّة ومعالجة الفجوات الجذريّة في النّظام الماليّ. وأكّد: "إنّ مزيج هذه التّخصّصات -الاستشارات السّياديّة، والتّمويل المنظّم، والائتمان، والتكنولوجيا المالية- شكّل مباشرةً منهجيّة بناء إنستابنك: بثقةٍ تنظيميّةٍ، وانضباطٍ مؤسّسيٍ، وتركيزٍ على حلّ الفجوات الهيكليّة من خلال مصرفيّةٍ شاملةٍ رقميّةٍ أوّلاً".

بالطبع، إليك النص بصياغة أكثر ترابطًا وبلاغة، مع الحفاظ على المعنى الكامل:

لم تكن هذه المحاولة هي الأولى لحسين قرة غولي في ميدان التكنولوجيا المالية؛ فمنذ عام 2022، انخرط في بناء وتوسيع منصّاتٍ ماليةٍ مبتكرةٍ في كلٍّ من المملكة المتّحدة وألمانيا، تنوّعت مجالاتها بين إقراض المؤسّسات الصّغيرة والمتوسّطة، وتمويل مشاريع البنية التّحتيّة عبر تقنيات البلوك تشين المتقدّمة. وقد أسهمت هذه التّجارب المتراكمة في صقل رؤيته الاستراتيجيّة، لا سيما فيما يتعلّق بتصميم المنتجات وآليّات الدخول إلى الأسواق النّاشئة، وعلى رأسها السّوق العراقيّة.

ففي العراق، يشهد السّلوك الماليّ تحوّلاً متسارعاً من الاعتماد التّقليديّ على النّقد إلى التوجّه المتزايد نحو الرّقمنة. وفي هذا السياق، أشار قرة غولي إلى معطياتٍ لافتةٍ تعكس هذا التّحوّل، مؤكّداً أنّ: "نسبة انتشار الهواتف المحمولة تبلغ 98%، فيما تصل نسبة امتلاك الهواتف الذّكية إلى 82%، ما يعني أنّ العراقيّين باتوا أكثر ارتباطاً بالتّقنية من أيّ وقتٍ مضى".

ورغم تأخّر البنية التّحتيّة المصرفيّة، إلّا أنّ المستهلكين والشّركات العراقيّة يعملون بالفعل في واقعٍ رقميٍّ، ممّا يدفع الطّلب على أدواتٍ ماليّةٍ حديثةٍ. إذ قال قرة غولي: "المؤسّسات الصّغيرة والمتوسّطة نشطةٌ رقميّاً -72% تسوّق عبر الإنترنت، و42% تقّدم خدماتها رقميّاً. ومع ذلك، لا تزال الخدمات الماليّة متأخّرةً، ولكن هذا الفارق يتقلّص بسرعةٍ. اليوم، تجاوز عدد بطاقات المصرف 20 مليون بطاقةٍ، مدفوعاً جزئيّاً بقراراتٍ حكوميّةٍ تُلزم بالدّفع عبر البطاقة للوقود والخدمات العامّة. كما ارتفع عدد نقاط البيع (POS) إلى أكثر من 23,000 نقطةٍ، ممّا يتيح الاستخدام الواقعيّ اليوميّ".

غير أنّ قرة غولي يرى أنّ الفرصة الحقيقيّة تكمن في تقديم الأساسيّات بشكلٍ صحيحٍ، إذ قال: "لا يطالب العراقيّون بثورةٍ، بل فقط بإجراءات فتح حساباتٍ رقميّةٍ سهلةٍ، وتحويلاتٍ ماليّةٍ سلسةٍ، ورسومٍ شفّافةٍ". ومن هذا المنطلق، سيعتمد إنستابنك على الذكاء الاصطناعي في بناء ملفّاتٍ ائتمانيّةٍ دقيقةٍ مبنيّةٍ على البيانات. وأضاف: "هذا سيسمح لنا بتسعير المخاطر بشكلٍ مسؤولٍ، وتقديم منتجاتٍ ملائمةٍ، وبناء علاقاتٍ طويلة الأمد مع العملاء. إذ تؤكّد استطلاعاتنا الميدانيّة ما تقوله البيانات: الطّلب على الخدمات المصرفيّة الجيّدة موجودٌ وبقوّةٍ".

لا يقتصر طموح إنستابنك على تحسين عمليّات فتح الحسابات والدّفع، بل يطمح لأن يكون شريكاً ماليّاً طويل الأمد للعراقيّين، وخصوصاً للفئات المهمّشة مثل: الشّباب والمؤسّسات الصّغيرة. وقال قرة غولي: "سيتشكّل مستقبل التكنولوجيا المالية في العراق عبر شريحةٍ شابّةٍ، محمولةٍ أوّلاً، ومتّصلةٍ باستمرارٍ؛ فالعراق يضمّ 45 مليون نسمةٍ، 60% منهم في سنّ العمل، ونصفهم تحت عمر 25 سنةً، ما يجعله بلداً صامداً ومحروماً في الوقت ذاته. كما أنّ معدّلات انتشار الهواتف والإنترنت تتسارع، والنّشاط على وسائل التواصل الاجتماعي يكاد يكون شاملاً، والتّجارة الإلكترونيّة تنمو بمعدّل نموٍّ سنويٍّ مركّبٍ يبلغ 16%. وخلال السّنوات الثّلاث إلى الخمس المقبلة، سيكون أكبر تحوّلٍ من خلال تقديم الخدمات الماليّة الأساسيّة بشكلٍ رقميٍّ، شفّافٍ، وعلى نطاقٍ واسعٍ: من فتح الحسابات إلى المدفوعات، والادّخار، والائتمان للأفراد والشّركات الصغيرة".

وعند سؤاله عن خطط التّوسّع الإقليميّ لإنستابنك، أشار قرة غولي إلى أنّه يراقب ظروف السّوق عن كثبٍ، لكنّه يركّز في الوقت الحاليّ على العراق. إذ قال: "رغم أنّ نموذج إنستابنك قابلٌ للتّوسّع، إلّا أنّ تركيزنا الأساسيّ يبقى على العراق، حيث تشكّل الدّيناميكيّة الرّقميّة والانفتاح التّنظيميّ والحاجة الكبيرة للخدمات المصرفيّة فرصةً فريدةً لا مثيل لها؛ فالسّوق يشهد تحوّلاتٍ هيكليّةً، ونحن في موقعٍ مثاليٍّ للمساهمة في المرحلة التّالية من تطوّره الماليّ".

وحول استجابة المستثمرين لنموذج إنستابنك، قال قرة غولي: "نحن محظوظون بأنّ جولة التّمويل كانت مكتظّةً بالمستثمرين المهتميّن". وأضاف: "من البداية، لم يكن هدفنا مجرّد جمع رأس مالٍ، بل كنّا نبحث عن شركاء استراتيجيّين وطويلي الأمد، يشاركون رؤيتنا ويمكنهم المساهمة بما هو أكثر من مجرّد التّمويل". وأشاد تحديداً بشركة EQIQ، واصفاً إيّاها بأنّها "شركة بناء مشاريع ذات سجلٍّ قويٍّ وقناعةٍ راسخةٍ بالسّوقين العراقيّ والإقليميّ"، مضيفاً أنّ هذا التّوافق ساهم في تعزيز جودة الجولة الاستثماريّة.

ومع اقتراب إطلاق خدمات إنستابنك في العراق، يبدو أنّ قرة غولي، إلى جانب كونه رائد أعمالٍ، مؤهّلٌ لتقديم نصائح ثمينةٍ للمؤسّسين الآخرين العاملين في الأسواق النّاشئة. إذ قال: "يتطلّب البناء في الأسواق غير المُخدَّمة عقليّةً مختلفةً تماماً. لا تنتظر وجود بنيةٍ تحتيّةٍ مثاليّةٍ، بل صمّم حلولك حول الثّغرات، وادخل السّوق عبر حالات استخدامٍ حقيقيةٍ بدلاً من محاولة بيع منتجٍ تقنيٍّ. وكُن مستعدّاً للعمل جنباً إلى جنبٍ مع المنظّمين، وبناء الثّقة معهم بمرور الوقت. ففي الأسواق الحدوديّة، يتحقّق التّقدّم بقدر ما يعتمد على العلاقات والمصداقيّة، كما هو على الكود والتّمويل".

ومن خلال تجربته، يؤكّد قرة غولي أنّ تصميم المنتجات في بيئةٍ ضعيفة الثّقة يتطلّب إعادة تفكيرٍ في كيفيّة تقديمها للمستخدم. إذ قال: "تثقيف المستخدمين ليس عائقاً، بل جزءٌ لا يتجزّأ من المنتج نفسه. البساطة، الثّقة، والشّفافيّة، أقوى بكثيرٍ من أيّ حملةٍ تسويقيّةٍ؛ فإذا لم يفهم المستخدم الرّسوم، أو كيفيّة عمل الخدمة، أو قيمتها، لن يعود حتّى لو كانت تقنيتك مذهلةً".

وختم قرة غولي حديثه بنصيحةٍ للمؤسّسين الباحثين عن تمويلٍ في المنطقة: "اختر مستثمريك وشركاءك بعنايةٍ. الصّبر، الصّلابة، والرّؤية المحليّة أهمّ بكثيرٍ من رأس مالٍ لا يحمل قناعةً أو منظوراً طويل الأمد. لا تفرّط برؤيتك المستقبليّة، ولا تسمح لأيّ مستثمرٍ محتملٍ أن يقلّل من قيمة التزامك ومساهمتك".

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
آخر تحديث:
تاريخ النشر: