دروسٌ من Trendyol لتمكين نمو التجارة الإلكترونية بالخليج
خبراتٌ ميدانيّةٌ تكشف كيف يمكن للمشروعات الصّغيرة والمتوسّطة في الخليج تحقيق نموٍّ مستدامٍ في سوق التجارة الإلكترونية الأكثر ديناميكيّةً عالميّاً

هذا المقال متوفّرٌ باللّغة الإنجليزيّة من هنا.
شهدت سوق التجارة الإلكترونية في منطقة الخليج نموّاً لافتاً جعلها واحدةً من أكثر الأسواق حيويّةً وإثارةً على مستوى العالم، حيث تقف الشّركات الصّغيرة والمتوسّطة في قلب هذا الازدهار. وفي شركتي، "ترينديول" (Trendyol)، السّوق الإلكترونيّة متعدّدة الفئات الّتي انطلقت من تركيا وأصبحت من أبرز منصّات التجارة الإلكترونية عالميّاً، نعمل يوميّاً مع آلاف الشّركات في مختلف أنحاء المنطقة. وما اتضّح لنا بجلاء هو أنّ الفرصة هائلةٌ، لكن اغتنامها يتطلّب ما هو أكثر من مجرّد الوجود على الإنترنت.
ومع وجود أكثر من 2000 شركةٍ محليّةٍ صغيرةٍ ومتوسّطةٍ في الخليج تبيع منتجاتها عبر ترينديول، لمسنا عن قرب العوامل الّتي تدفع عجلة النّموّ، وكذلك مواضع التّعثّر الّتي تواجه العديد من الشّركات؛ فالأمر يستلزم استراتيجيّةً مركّزةً، وتنفيذاً منضبطاً، وفهماً دقيقاً لما يحفّز النّموّ فعليّاً في المنطقة. وخلال العام الماضي، تبيّن لنا ما الّذي ينجح، وما الّذي لا يحقّق النّتائج المرجوة. وفيما يلي 6 دروسٍ استقيناها من الخطوط الأماميّة يمكن أن تساعد الشّركات الصّغيرة والمتوسّطة على زيادة مبيعاتها وبناء نموٍّ مستدامٍ عبر الإنترنت.
استثمر في نجاحك بنفسك
من أكثر الأخطاء شيوعاً أن تتعامل الشّركات مع التجارة الإلكترونية كمشروعٍ جانبيٍّ، فيكتفون برفع عددٍ محدودٍ من المنتجات، واستخدام صورٍ متاحةٍ بجودةٍ متواضعةٍ، وكتابة وصفٍ مختصرٍ، ثم انتظار النّتائج.
في بيئةٍ تنافسيّةٍ بهذا القدر، نادراً ما ينجح هذا النّهج. ولكن الخبر السّار أنّ الأمر لا يتطلّب ميزانيّةً ضخمةً، بل يحتاج إلى استثمارٍ فيما يهمّ فعلاً: صورٌ واضحةٌ وعالية الجودة، وأوصاف منتجاتٍ قابلةٌ للبحث، وتسعيرٌ تنافسيٌّ، وتوافر مخزونٍ كافٍ لتلبية الطّلب. ومن الأخطاء الأخرى أن تركّز الشّركات كلّ جهدها في جانبٍ واحدٍ، مثل جذب الزّوار، دون التّأكّد من قدرتها على الوفاء بوعودها؛ فالتسويق والعمليّات التّشغيليّة يجب أن يسيرا معاً لتحقيق نموٍّ مستدامٍ.
لهذا السّبب، تستثمر ترينديول بشكلٍ نشطٍ في البنية التّحتيّة، والتّقنيات، والشّراكات التي تمكّن البائعين من التّوسّع بشكلٍ مستقرٍّ، سواء عبر أدوات الانضمام، أو مراكز التّوزيع الإقليميّة، أو التّحليلات اللّحظيّة، بهدف أن نكون داعماً حقيقيّاً للتّجارة في الخليج.
أضف عنصر الإلحاح بصدق
المستهلكون في هذه المنطقة أذكياء ويقدّرون القيمة، ويتفاعلون مع العروض ذات الطّابع العاجل، لكن بشرط أن تكون أصيلةً. إحدى الطّرق الفعّالة هي تقديم عروضٍ محدودة المدّة مرتبطةٌ بمناسباتٍ ذات مغزىً، مثل: اختيار منتجٍ رائجٍ أو موسميٍّ، وإطلاق حملةٍ قصيرةٍ ومركّزةٍ لعيد الفطر، أو رمضان، أو عطلة نهاية الأسبوع الّتي تسبق يوم الرواتب، أو العودة إلى المدارس. حتى عبارة بسيطة مثل "لمدة 48 ساعة فقط: مستلزمات رمضان المنزليّة بخصم 20%" يمكن أن تولّد شعوراً بالملاءمة والآنيّة يحفّز العملاء على الشّراء دون إحساسٍ بالضّغط.
انطلق خارجياً من قاعدة محلية قوية
عندما دخلت ترينديول سوق الخليج، تجنّبنا اعتماد استراتيجيّةٍ موحّدةٍ، إذ أدركنا أن ما ينجح في تركيا قد لا يحقّق النّتائج نفسها في الرياض أو دبي. لذلك، خصّصنا وقتاً للاستماع إلى المتسوّقين والبائعين، وفهم أوّلويّاتهم واحتياجاتهم الفعليّة، ثم صغنا خططنا بناءً على تلك المعطيات.
ومن خلال هذه التّجربة، تبيّن لنا أنّ الملاءمة الثّقافيّة -بدءاً من توقّعات التسعير ووصولاً إلى اختيار المنتجات الموسميّة- تمثّل حجر الأساس لبناء ولاءٍ طويل الأمد. ولهذا أنشأنا فرقاً محليّةً، وأبرمنا شراكاتٍ مع جهاتٍ إقليميّةٍ، مثل "منشآت" و"زد"، لنضمن أن يكون نموّنا متناغماً مع خصوصيّة السّوق، لا مجرّد حضورٍ شكليٍّ فيه.
وهذا المبدأ نفسه ينطبق على الشّركات الصّغيرة والمتوسّطة؛ فالبداية ينبغي أن تنطلق من جمهورك الرّئيس ومنتجاتك الأكثر قوّةً، مع ترسيخ الولاء في سوقك المحليّ وفهم ميّزتك التّنافسيّة الحقيقيّة، ثم التّوسع بخطواتٍ محسوبةٍ؛ فالشّركات الّتي تنمو من قاعدةٍ صلبةٍ غالباً ما تحقّق استقراراً أكبر ونموّاً أكثر استدامةً.
التعبير عن واقع عميلك
المحليّة ليست مجرّد ترجمةٍ لقوائم المنتجات إلى العربيّة، بل هي فنّ إظهار الفهم العميق لروح عميلك واحتياجاته؛ فهي قد تتجسّد في عرض أزياءٍ محتشمةٍ بأساليب تتماشى مع خصوصيّة المواسم وبهجة المناسبات، أو في إظهار تنوّع درجات البشرة في صور منتجات التّجميل بما يعكس واقع المجتمع وتفرّده، أو حتّى في انتقاء أسماءٍ للمنتجات وتصاميم للتّغليف تنسجم مع الذّوق المحليّ وتخاطب الحسّ الجماليّ السّائد.
وكلّما أيقن عملاؤك أنّك تدرك ملامح حياتهم وتقرأ تفضيلاتهم بصدقٍ، ازدادت ميولهم لاختيارك دون غيرك. ولعلّ من المهمّ أن نتذكّر أنّ الخليج ليس سوقاً واحدةً متجانسةً؛ فالأذواق قد تتباين بين الرّياض وجدة ودبي والشارقة، ومن ثمّ فإنّ مواءمة استراتيجيّتك مع البيئة المحليّة لكلّ مدينةٍ أو سوقٍ تمنحك فارقاً تنافسيّاً لا يُستهان به.
استفد من جميع الأدوات والبيانات المتاحة
كثيرٌ من الشّركات الصّغيرة والمتوسّطة لا تستغلّ الأدوات المتاحة لها بشكلٍ كاملٍ. على سبيل المثال، يتيح مركز البائع في ترينديول إنشاء الحملات وتشغيلها، وإبراز المنتجات خلال المواسم، والوصول إلى بياناتٍ حول ما يُباع ومتى ولمن.
تتجاوز هذه الأدوات إدارة الحملات إلى توفير وصولٍ مباشرٍ وفوريٍّ لبيانات العملاء، ومعدّلات التّحويل، وأداء المنتجات. وعند دمجها مع تقنيات الذكاء الاصطناعي الّتي تخصّص تجربة التسوق أو تترجم المحتوى آليّاً، تمنح هذه الأدوات الشّركات الصّغيرة والمتوسّطة ميّزةً استراتيجيّةً تضاهي الكيانات الكبرى. ويمكنك حتّى متابعة أداء الحملات المؤثّرة والتّعديل بناءً على النّتائج؛ فالشّركات التي تراجع هذه البيانات بانتظامٍ وتتّخذ قراراتٍ على أساسها تكون أكثر قدرةً على إدارة المخزون، وضبط الأسعار، وتصميم العروض التّرويجيّة بذكاءٍ، ممّا يتيح لها التّقدّم على منحنى الاتّجاهات.
ابنِ للمستقبل
في ترينديول، كان هدفنا دوماً تمكين التّجارة، لا مجرّد تقديم منصّةٍ، بل توفير الأدوات والرّؤى ونطاق الوصول الذي يمكّن الشّركات الصّغيرة والمتوسّطة من النّموّ بثقةٍ واستدامةٍ. كما نولي اهتماماً خاصاً بدعم المشروعات الّتي تقودها نساء وروّاد الأعمال المحليّون، لمساعدتهم على الازدهار في أسواقهم المحليّة، ومنحهم مساراً للتّوسّع خارج الحدود.
الشّركات الّتي رأيناها تحقّق النّجاح هي تلك الّتي استثمرت بذكاءٍ في منتجاتها، وعمليّاتها، ورسائلها التّسويقيّة؛ فهي توائم بين التّسويق وقدرات التّنفيذ، وتستفيد من الأدوات المتاحة، وتحافظ على تركيزها على كيفيّة انسجام منتجاتها مع حياة عملائها. وإذا ركّزت على إتقان هذه الأساسيّات وبنيت عليها، فلن تحقّق نموّاً في المبيعات فحسب، بل ستضع الأسس لشركةٍ قادرةٍ على الاستمرار والازدهار.