مع حلول اليوم الدولي للمصارف تتجه الأنظار للخليج: مؤسسات مالية تسابق النمو
حين يشهد القطّاع المصرفيّ في الخليج نقلةً نوعيّةً عام 2025، تتسارع البنوك نحو النّموّ والابتكار وتعزيز الاستقرار الماليّ وتمويل التّنمية بفعاليّةٍ
يحتفل العالم في الرابع من ديسمبر من كلّ عامٍ بـ "اليوم الدّوليّ للمصارف"، تكريماً للدّور المحوريّ الّذي تؤدّيه المؤسّسات المصرفيّة في تمويل التّنمية، ودعم الاقتصاد، وتحقيق الاستقرار الماليّ. وقد سلّطت الأمم المتّحدة وموسوعة "ويكيبيديا" الضّوء على هذا اليوم باعتباره مناسبةً عالميّةً للاحتفاء بالدّور الإيجابيّ الّذي تؤدّيه البنوك في تعزيز النموّ والاستدامة الاقتصاديّة. ومع حلول عام 2025، توجّهت الأنظار إلى منطقة الخليج العربيّ، حيث شهد القطاع المصرفيّ نقلةً نوعيّةً دفعتها مؤسّساتٌ ماليّةٌ كبرى إلى سباقٍ متسارعٍ نحو النّموّ والتّوسّع في ظلّ بيئةٍ استثماريّةٍ مستقرّةٍ وإصلاحاتٍ نظميّةٍ متطوّرةٍ.
بنك أبوظبي الأول (FAB)
تصدّر بنك أبوظبي الأوّل المشهد المصرفيّ في دولة الإمارات بفضل نتائجه الماليّة القويّة. ففي الرّبع المنتهي في 30 يونيو 2025، أعلن البنك تحقيق صافي ربحٍ قدره 5.51 مليار درهمٍ إماراتيٍّ (نحو 1.50 مليار دولار) وفق تقارير "رويترز". وبلغ الدّخل من الفوائد قرابة 5 مليارات درهمٍ، في حين سجّل الدّخل غير المعتمد على الفوائد (كالرّسوم والعمولات) ارتفاعاً لافتاً تجاوز 60% مقارنةً بعام 2024، ممّا أسهم في دعم ربحيّة البنك. ثمّ أعلن بنك أبوظبي (FAB) في الرّبع الثّالث من العام نفسه ارتفاعاً إضافيّاً في صافي الرّبح نسبته 21% ليصل إلى 5.39 مليار درهمٍ. ويعكس هذا الأداء تسارع نموّ القروض وتنوّع مصادر الدّخل بعيداً عن الفوائد التّقليديّة، ممّا يؤكّد مكانة FAB كأحد أقوى المصارف في الإمارات والخليج في عام 2025. [1]
بنك الإمارات دبي الوطني
واصل بنك الإمارات دبي الوطنيّ ترسيخ مكانته كأكبر مجموعةٍ مصرفيّةٍ في دبي، حيث أعلن في الرّبع الأوّل من عام 2025 تحقيق صافي ربحٍ بلغ 6.2 مليار درهمٍ إماراتيٍّ. وعلى الرّغم من تراجع أرباح النّصف الأوّل إلى 12.5 مليار درهمٍ (نحو 3.40 مليار دولار)، أي بانخفاضٍ قدره 9% عن عام 2024، فقد عزا البنك هذا التّراجع إلى نقصان "عمليّات الاسترداد الماليّ" بمقدار 2 مليار درهمٍ ورفع معدّل الضّريبة. ومع ذٰلك، استمرّ نموّ الأصول والقروض، فقد تجاوزت أصول البنك حاجز التّريليون درهمٍ لأوّل مرّةٍ، في حين ارتفعت القروض بنسبةٍ تتراوح بين 11 و12%، وزادت الودائع نسبةً مشابهةً، ممّا يؤكّد حيويّة النّشاط المصرفيّ في بيئةٍ اقتصاديّةٍ تشهد توسّعاً في التّمويل والاستثمار. ويدلّ ذٰلك على أنّ البنك، رغم تذبذب الرّبحيّة الرّبعيّة، ما زال لاعباً رئيسيّاً في دبي بفضل قاعدته الرّأسماليّة الضّخمة ودوره المؤثّر في تمويل مشاريع التّنمية في الدّاخل والخارج.
مصرف الراجحي
أظهر مصرف الرّاجحي في عام 2025 أداءً ماليّاً استثنائيّاً، إذ أعلن أنّ صافي ربحه خلال الأشهر التّسعة الأولى من السّنة بلغ 18.417 مليار ريالٍ سعوديٍّ. ويمثّل هذا الرّقم نموّاً نسبته 30% مقارنةً بعام 2024، ممّا يشير إلى قوّة الأداء وفعاليّة الاستراتيجيّة الّتي يتّبعها البنك في تعزيز ربحيّته. وقد أكّد المصرف أنّ هٰذه النّتائج تعكس نهجه في التّوسّع في التّمويلات الإسلاميّة والخدمات المصرفيّة المبتكرة، إضافةً إلى إدارةٍ كفءٍ للمخاطر والأصول. ويؤكّد أداؤه أنّ "الرّاجحي" يحافظ على مكانته كأكبر مصرفٍ إسلاميٍّ في العالم وأحد أهمّ الأعمدة الماليّة في الخليج.
بنك الكويت الوطني (NBK)
احتفظ بنك الكويت الوطني بمكانته الريادية كأكبر مؤسسة مالية في البلاد من حيث حجم الأصول خلال عام 2025، ليؤكد بذلك دوره المحوري في النظام المصرفي الكويتي. فقد كشفت بيانات GulfBase أن إجمالي أصول البنك بلغ بنهاية عام 2024 نحو KD 40.3 مليار (ما يعادل 130.9 مليار دولار أمريكي)، مسجلاً نمواً بنسبة 7.1% على أساس سنوي، وهو ما يعكس أداءً مستقراً ومتوازناً في ظل التحديات الاقتصادية الإقليمية. كما حقق البنك عائداً على الأصول (ROA) بلغ 1.55%، وهو مؤشر قوي على كفاءة استخدامه لموارده واستدامة ربحية عملياته التشغيلية. وتؤكد هذه النتائج أن NBK نجح في تعزيز قدرته على جذب الودائع وإدارة محفظة أصول ضخمة بكفاءة عالية، مما يجعله ركيزة أساسية في القطاع المصرفي الكويتي وواجهة للاستقرار المالي في المنطقة.
البنك الأهلي السعودي (SNB)
أظهر البنك الأهليّ السّعوديّ في عام 2025 نموّاً لافتاً في ربحيّته، حيث أعلن ارتفاع صافي الرّبح نسبته 19% ليصل إلى 18.6 مليار ريالٍ سعوديٍّ وفقاً لتقارير "Saudi Standard". ونتج هٰذا النّموّ عن ارتفاع الدّخل التّشغيليّ، وتحقيق مكاسب استثماريّةٍ، وتراجع المصاريف التّشغيليّة، ممّا يدلّ على كفاءةٍ أعلى في إدارة الموارد والتّكاليف. ويثبت هٰذا الأداء أنّ SNB يرسّخ موقعه كأحد أعمدة النّظام المصرفيّ السّعوديّ والخليجيّ، مساهماً في تمويل مشاريع التّحوّل الاقتصاديّ ورؤية 2030. [2]
الخلاصة
في ختام عام 2025، يمكن القول إنّ القطاع المصرفيّ في دول الخليج لم يعد مجرد ركيزةٍ اقتصاديّةٍ تقليديّةٍ، بل أصبح محركاً محوريّاً لمسيرة التّحول الاقتصاديّ الشّامل في المنطقة. فبينما نجحت مؤسّساتٌ مثل بنك أبوظبي الأوّل ومصرف الرّاجحي وبنك الكويت الوطني في تحقيق أرباحٍ قياسيّةٍ وتوسيع حضورها الإقليمي، أثبتت بنوكٌ أخرى مثل الإمارات دبي الوطنيّ وبيت التّمويل الكويتيّ قدرتها على التّكيّف مع المتغيرات الرّقميّة ومواكبة معايير الحوكمة العالمية. لقد تجاوزت البنوك الخليجيّة دور الوسيط الماليّ لتصبح قوةً استثماريّةً تسهم في تمويل البنية التّحتيّة، ودعم الابتكار، وتعزيز الشّمول الماليّ.
-
الأسئلة الشائعة
- ما العوامل التي ساعدت البنوك الخليجية على تحقيق أرباح قياسية في عام 2025؟ حققت البنوك الخليجية أرباحاً قوية بفضل ارتفاع الطلب على القروض، وتنوع مصادر الدخل بين الفوائد والخدمات غير التقليدية مثل الرسوم المصرفية والاستشارات المالية، إضافة إلى التحول الرقمي الذي خفّض التكاليف التشغيلية وساهم في تحسين الكفاءة. كما لعبت البيئة الاقتصادية المستقرة في دول الخليج دوراً محورياً في تحفيز النمو المالي.
- ما التحديات التي تواجه البنوك الخليجية رغم الأرباح المرتفعة؟ تواجه البنوك الخليجية تحديات تتمثل في تقلب أسعار الفائدة، والمنافسة الشديدة بين المؤسسات المالية، وارتفاع التكاليف التشغيلية، إضافة إلى الحاجة المستمرة لتأمين البيانات وحماية الأنظمة الإلكترونية من الهجمات السيبرانية. كما أن بعض الأسواق لا تزال تعاني من ضعف في تنويع مصادر الدخل خارج قطاع النفط.