الرئيسية الريادة تجارب متطرفة.. كيف يتعلم رائد الأعمال من الخبرة الاستثنائية؟

تجارب متطرفة.. كيف يتعلم رائد الأعمال من الخبرة الاستثنائية؟

من الحروب إلى المجاعات ومناطق الصّراع السّياسي والعرقيّ مع الفقر والانتهاك الجسديّ.. كيف يمكن تحقيق النجاح من قلب المعاناة؟

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

ردّ فعلك على الظّروف المحيطة بك، وعلى ما تمرّ به من تجارب هو فقط ما يحدّد قدرتك على النّجاح أو الفشل، وتنطبق هذه القاعدة بأكثر الطّرق وضوحاً على عالم رجال الأعمال. فمع عشرات القصص الملهمة عن رجال أعمالٍ تعرّضوا للفشل الذّريع أو الرّفض أو الظّروف المادّيّة السّيّئة في بداية حياتهم، ورغم ذلك حقّقوا نجاحاً مبهراً، إلّا أنّنا لا نزال نجد من يعلّق فشله على شمّاعة الظّروف السّيّئة.

لذا سنرصد تجارب شديدة التّطرّف كان يمكن أن تهدم من تعرّض لها تماماً، وتشعره باليأس الشّديد والعجز، ورغم هذا لم ينجح أصحابها فقط في الصّمود، بل حقّقوا قفزاتٍ استثنائيّةٍ.

تجارب متطرّفةٌ أصبح أصحابها من أشهر الشّخصيّات العالميّة

من الانتهاك الجسديّ إلى الحياة وسط مناطق صراعٍ سياسيٍّ وعرقيٍّ، إلى الفقر المدقع والأمراض المزمنة، نجح روّاد أعمالٍ في الوصول بنجاحهم إلى العالميّة:

أوبرا وينفري: فقرٌ وانتهاكاتٌ جسديّةٌ وحملٌ في سنّ الطّفولة

تعرّضت أوبرا وينفري في طفولتها وحتّى قبل أن تولد لمجموعةٍ متباينةٍ من الظّروف الصّعبة، والّتي كانت النّهاية الطّبيعيّة لها إمّا الوفاة بجرعة مخدّرٍ زائدةٍ، أو القتل، أو ممارسة الرّذيلة. ولكنّها، مع ذلك، أصبحت قطباً إعلاميّاً لا غبار عليه مع ثروةٍ تتجاوز 2 مليار دولارٍ، لتكون واحدةً من أكثر الشّخصيّات نفوذاً في العالم.

ولدت أوبرا وسط عائلةٍ فقيرةٍ في ولاية ميسيسيبّي، وكانت والدتها في عمر المراهقة عندما أنجبتها. واعتادت أوبرا أن ترتدي أكياس البطاطس لتدفئة نفسها، لتتعرّض للاعتداء الجسديّ في عمر الثّالثة عشر، وتفقد طفلها في عمر الرّابعة عشر.

تنقّلت أوبرا في المعيشة بين جدّتها أحياناً، والّتي علّمتها القراءة، وبين والدتها، حيث واجهت مجموعةً متنوّعةً من التّحدّيات، ثمّ ذهبت إلى والدها، والّذي رغم صرامته، إلّا أنّه كان داعماً لتفوّقها، وشجّعها على الإيمان بنفسها لتفوز في مسابقة الجمال، وتكون طالبةً شديدة التّفوّق.

كانت انطلاقة أوبرا عندما أصبحت أوّل مذيعة أخبارٍ سوداء في ناشفيل، وتمتّعت بأسلوبٍ عاطفيٍّ شديد التّميّز في تقديم الأخبار، وسريعاً ما قدّمت برامج حواريّةً تليفزيونيّةً.

وجاءت نقطة تحوّلٍ ملهمةٍ عندما أدارت برنامجاً متعثّراً في شيكاغو، وحوّلته إلى "عرض أوبرا وينفري"، ليحقّق نجاحاً مذهلاً، ويؤدّي إلى شهرتها في جميع أنحاء العالم.

وكان من الممكن أن تكتفي أوبرا بهذا التّألّق، وتركّز فقط في تقديم البرامج، ولكنّها أنشأت شركة Harpo Productions لتصبح أوّل امرأةٍ تمتلك وتدير برنامجها التّليفزيونيّ، لتنمو إمبراطوريّتها الإعلاميّة، وتشمل مجلّاتٍ وشبكات إذاعةٍ وتليفزيونٍ، لتستخدمها في محاربة الفقر ومساعدة الآخرين.

ليليانا مايو ومشروعٌ تعليميٌّ متكاملٌ وسط حربٍ أهليّةٍ طاحنةٍ

نجحت ليليانا مايو (Liliana Mayo) في إنشاء أفضل مشروعٍ تعليميٍّ متكاملٍ وفاخرٍ مجانياً تماماً لذوي القدرات الخاصّة في بيرو، وسط أعنف وأطول حربٍ أهليّةٍ شهدتها أمريكا اللاّتينيّة في العصر الحديث، والّتي امتدّت من عام 1980 إلى 1992.

ففي هذه الظّروف لم يكن الأطفال الطّبيعيّون يتمتّعون بأيّ حقوقٍ تعليميّةٍ أو صحّيّةٍ، أمّا ذوو القدرات الخاصّة، فكانوا منبوذين تماماً. فكان المصابون بالشّلل الدّماغيّ والتّوحّد ومتلازمة داون يتركون عراةً ومقيّدين في أقفاصٍ على أسطح المنازل، بل إنّ الرّجل كان يهجر زوجته إذا اكتشف أنّ طفله يعاني من أيّ اضطرابٍ عصبيٍّ.

ومع التّوتّر النّاجم عن الحرب ونقص الرّعاية، ارتفع عدد الأطفال المصابين بأمراضٍ عصبيّةٍ ونفسيّةٍ متنوّعةٍ. وقرّرت الدّكتورة مايو المتخصّصة في علم النّفس أن تنقذ هؤلاء الأطفال بتجربةٍ استثنائيّةٍ باسم CASP، وهو اختصارٌ لاسم Centro Ann Sullivan del Perú.

فمن خلال هذا المركز التّعليميّ، أنقذت ليليانا مئات الأطفال بالتّعاون مع الأسر نفسها وإرشادهم لطريقة اكتشاف القوّة الحقيقيّة في هؤلاء الأطفال، ليصبح الكثير منهم، بعد 40 عاماً من إطلاق المركز، مساهماً فعّالاً في المجتمع، وفي مختلف الوظائف.

ولا يزال المركز عاملاً بكفاءةٍ في بيرو مع انتهاء الحرب الأهليّة، وتوسيع نطاق العمل لمقاطعاتٍ متنوّعةٍ في بيرو، ليصبح مصدر إلهامٍ للاهتمام بذوي القدرات الخاصّة على مستوى العالم. ونالت مايو عدّة جوائز عالميّةٍ عن إنجازاتها، منها جائزة الملكة صوفيا الإسبانيّة لإعادة التّأهيل والتّكامل، وجائزة بول بي هاريس من منظّمة روتاري الدّوليّة للعمل الجماعيّ، وجائزة تحليل السّلوك والخدمة المتميّزة من جامعة كانساس.

كاميل أندري باتاي وشركة أنكا للعمل في أصعب مناطق الصّراع السّياسيّ الأفريقيّة

إنّ كاميل أندري باتاي (Camille André-Bataille) هي الرّئيس التّنفيذيّ المشارك لشركة أنكا مدغشقر. وعلى الرّغم من لون بشرتها الفاتح، إلّا أنّها من المواطنين الأصليّين والمغتربين من جزيرة مدغشقر، والتي عانت من الاستعمار الفرنسيّ الطّويل، ثمّ الانقلابات السّياسيّة والتّوتّرات.

ليكون العمل العاديّ في مثل هذا المناخ تجربةً مضنيةً على الرّجال، وشديدة الوحشيّة على النّساء. ومع ذلك، تمكّنت كاميل، منذ عام 2017، وبمعاونة نيكو ليفاش، من دعم وتشغيل أنظمة الطّاقة الشّمسيّة الكهروضوئيّة الهجينة لتوليد شبكات كهرباء موثوقةٍ.

وتعتبر ANKA الآن هي المجموعة الوحيدة الّتي تقدّم حلاً عالميّاً للخدمات التّقنيّة في المناطق الأكثر فقراً والبعيدة عن المدنيّة والقانون في أفريقيا، مع توفير حلول التّنمية المستدامة. لتنتشر خدماتها في إثيوبيا، والصّومال، وتوغو، وزامبيا، وجمهوريّة الكونغو الدّيموقراطيّة، وغيرها.

ريتشارد برنسون ومعاناةٌ مع الأمراض العقليّة والرّفض المجتمعيّ

ريتشارد برنسون هو مؤسّس ورئيس مجموعة فيرجن (Virgin)، الأكثر شهرةً في مجال التّرفيه. وقد عانى في طفولته من اضطراب عسر القراءة وفرط الحركة ونقص الانتباه. ويشير في كتابه "العثور على عذريّتي" إلى كيفية تعرّضه للرّفض المجتمعيّ، وتأكيداتٍ ممّن حوله أنّه لن ينجح مطلقاً.

إلّا أنّ والدته ساعدته كثيراً في التّغلّب على مخاوفه، ولم تقتنع مطلقاً بفشله. وقد يذكّرك هذا بالعالم الأمريكيّ توماس إديسون، الّذي طردته المدرسة لأنّه "غبيٌّ"، لترفض والدته تصديق الأمر، وترعاه حتّى يصبح من أهمّ علماء البشريّة.

إنّ الاضطراب العقليّ يؤثّر على نحو 14% من السّكّان سنويّاً، ويتنوّع في شدّته بين الأمراض النّفسيّة البسيطة والاختلالات العميقة. لذا، يحتاج الأمر إلى بيئةٍ داعمةٍ للتّخلّص من التّأثيرات السّلبيّة والعيش بشكلٍ طبيعيٍّ.

وقد تعلّم برنسون أنّ الخروج من منطقة الرّاحة وعدم الخوف من الاستكشاف والتّجربة هو ما سيساعده دائماً على تحقيق النّجاح.

جون بول ديجوريا وصراعٌ مع عصابات الشّوارع

هناك فرقٌ كبيرٌ بين الحياة مع عائلةٍ فقيرةٍ، أو من دون عائلةٍ على الإطلاق، لتتلقّفك عصابات الشّوارع. وهذا بالضّبط ما حدث مع جون بول ديجوريا (John Paul DeJoria)، مؤسّس شركة جون بول ميتشل لمنتجات التّجميل، بشراكةٍ مع بول ميتشل، وصاحب شركة Patron Spirits Company لمشروبات التّكيلا الفاخرة.

ولد ديجوريا في لوس أنجلوس لأبوين فقيرين مهاجرين، وسريعاً ما انفصلا بالطّلاق، ليجد نفسه في منزل رعايةٍ، ثمّ انضمّ إلى عصابات الشّوارع. وكان القدر في صفّه، حيث أرسل له أستاذاً في المرحلة الثّانويّة يحذّره من عواقب طريقه، قائلاً: "إنّ الحال سينتهي بك إمّا في السّجن أو ميتاً إذا استمررت في هذا الطّريق."

استجاب ديجوريا للنّصيحة، فالتحق بالبحريّة بعد المدرسة الثّانويّة، وانتقل بين عددٍ من الوظائف، وعاش في سيّارةٍ قديمةٍ. وجاءت نقطة التّحوّل بشراكةٍ مميّزةٍ مع بول ميتشل لإنشاء شركة منتجات تجميلٍ برأس مالٍ 700 دولارٍ فقط. وكانا يوصلان المنتجات للزّبائن بنفسيهما، وتعرّضا للكثير من الصّعوبات. ولكن إصرار ديجوريا على النّجاح كان أكبر من أيّ عائقٍ، لتتحوّل علامته التّجاريّة إلى رمزٍ للجودة الفائقة.

وفي الوقت الحاليّ، لا يكتفي ديجوريا فقط بالنّجاح في عالم الأعمال، بل يتبرّع سنويّاً للكثير من القضايا المتعلّقة بالسّلام والحبّ والسّعادة، مع المساعدة في برامج المشرّدين وحلّ المشكلات البيئيّة، والمساهمة في برامج التّغذية في الصّحراء الكبرى. ليتحوّل إلى نموذجٍ ملهمٍ، بعد أن كانت حياته قاب قوسين أو أدنى من الضّياع التّامّ.

كيف تستفيد من التّجارب المتطرّفة في صناعة النّجاح؟

إنّ التّعرّض للتّجارب الصّعبة والمواقف السّيّئة هو قدر الإنسان على الأرض، فلا مهرب من الأمر على الإطلاق. ولكنّ قدرتك على النّجاة لا شكّ فيها إذا آمنت بقدرتك على التّحدّي والتّخطّي. ومن أهمّ ما يمكن أن تقدّمه لنفسك للتّغلّب على المواقف والتّجارب الصّعبة:

  • التّأكّد من وجود مناطق قوّةٍ كامنةٍ داخلك تحتاج فقط للتّعرّف عليها.
  • عدم التّخلّي عن شغفك على الإطلاق، مهما كانت طبيعة الوظيفة الّتي تعمل بها، فتملك دائماً فرصة استغلال مهاراتك في تطويرها وتنفيذها بطريقةٍ مميّزةٍ.
  • لا تجعل الفشل نهاية الحياة، بل تجربة تتعلّم منها.
  • اتّباع نصائح المقرّبين وعدم تجاهلها، بل التّفكير في تنفيذها.
تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
آخر تحديث:
تاريخ النشر: