الرئيسية الابتكار كم عمر أكثر المبتكرين استثنائية؟ إجابة لدراسةٍ جديدةٍ ستفاجئك!

كم عمر أكثر المبتكرين استثنائية؟ إجابة لدراسةٍ جديدةٍ ستفاجئك!

إن الطابع النمطي للمبتكر المتميز عشرينيّ في سترة ذات قلنسوة، لكن أبحاث الواقع الفعلي تشير إلى صورة مختلفة تماماً، فما حقيقة ذلك؟

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

يبدأ النّاس بالأعمالِ في الأعمارِ جميعها، بالطّبعِ، بدءاً بعرباتِ بيع العصائر في المدرسةِ الابتدائيّةِ وصولاً إلى الأعمالِ الاستشاريّةِ الحرّةِ ما بعد التّقاعدِ. لكن، سلْ أحدهم أن يرسمَ في مخيّلته صورةً لرائد أعمالٍ يكون مبتكراً جريئاً، وعلى الأرجحِ، سيتناهى إلى الذّهنِ تصوّرٌ محدّدٌ للغايةِ. [1]

بالنّظرِ إلى كمٍّ من ابتكاراتٍ أفضت لتغييرِ المجتمعِ قد كانت ذات طابعٍ برمجيّ على مدارِ العقدين الماضيين، فمن المرجّحِ أن يتصوّرَ عديدٌ من النّاسِ مبرمجاً يافعاً منكبّاً بتجهّدٍ على لوحةِ مفاتيحٍ في وقتٍ متأخّرٍ من اللّيلِ داخل مرآبٍ أو حيّزِ عملٍ مشتركٍ في مكانٍ ما.

ذاك هو القالبُ المرسَّخُ بتأثيرِ أمثالِ مارك زوكربيرج، وبيل جيتس، وستيف جوبز، وزوبعةُ وسائلِ الإعلامِ من حولهم، وهو معزّزٌ بالصّورِ النّمطيّةِ الثّقافيّةِ باليةِ الاستخدامِ حول كبارِ السّنِّ كعقباتٍ على دروبهم. حتّى أنّ الاعتقادَ بكون صغارِ العمرِ هم أكثرُ رجحاناً للإتيانِ بأفكارٍ مبتكرةٍ؛ أمرٌ قد عُبًّر عنه بضحالةٍ من قبلِ مستثمرين مجانبي الصّوابِ سياسيّاً.

لكن، هل هذا دقيقٌ؟ هل الشّبابُ هم مصدرُ ابتكاراتٍ ونظمُ أعمالِ المجتمعِ الأكثر إبداعاً؟ بالطبعِ ليس وفقاً لدراسةٍ جديدةٍ، بل لأني قد نظرتُ في 3000 مؤسّسٍ ألمانيّ خلال مدّةٍ تزيدُ عن 9 أعوامٍ. فإن كنت تريدُ ابتكاراً ثوريّاً بحقّ، فعليكَ على الأرجحِ أن توجّهَ اهتمامك نحو رعيلِ من فاقو الخمسين، هكذا وجدَ البحثُ.

مزيد من شيب الشّعر، مزيد من الأفكار المُبتَكَرة

عندما محصّت Vivra Salmivaara، أستاذةٌ في جامعةِ أعمالٍ فرنسيّةٍ، برفقةِ معاونيها، في بياناتٍ حول 2900 رائدِ أعمالٍ ألمانيّ، أثبتوا الاعتقادَ السّائدَ بأنّ المؤسّسين الصّغار يأتون بالفعلِ بمزيدٍ من الابتكاراتِ. لكن، ما كانت طبيعةُ تلك الابتكاراتِ؟

في معظمها، وفقاً لما كتبت Salmivaara في مجلّةِ The Conversation مؤخّراً، ابتكاراتٌ أكثرُ بروزاً في عالمِ الأعمالِ ومركّزةٌ على تحسينِ العملياتِ والنّواتجِ المعروضةِ لشركةٍ بعينها. قد يشتملُ ذلك على إنشاءِ برمجيّاتٍ جديدةٍ للحدّ من التّكاليفِ، واستخدامِ تقنيّاتٍ جديدةٍ لتقليصِ زمنِ الإنتاجِ، أو تقديمِ ميّزاتٍ جديدةٍ لجعلِ المُنتجِ أو الخدمةِ أكثر ترحيباً من قبلِ المستخدمِ.

كلّها تحسيناتٌ قيّمةٌ، من المؤكّدِ ذلك، لكن، إن كنت ترغبُ في نسفِ الطّريقةِ الّتي يجري بها العملُ عوضاً عن صنعِ تحسيناتٍ تدرجيّةٍ، فقد اكتشفَ فريقُ Salmivaara أنّ عليك المراهنة على روّادِ أعمالٍ ذوي خبرةٍ.

"وجدنا أنّ كلّ 10 سنين إضافيّةٍ من العمرِ تزيدُ من احتماليّةِ تقديمِ المؤسّسِ لفكرةٍ مبتكرةٍ في السّوقِ بنسبةٍ تصلُ حتّى 30%. بذلك، فإنّ روّادَ الأعمالِ في مراحل متأخّرة من مسيرتهم المهنيّةِ، والّذين هم موجّهون بكثافةٍ للابتكارِ وذوي خبرةٍ إداريّةٍ، أكثر احتمالاً لتقديمِ الأفكارِ الجديدةِ للسّوقِ مقارنةً بمعدّلِ العيّنةِ بثلاثةِ أضعافٍ."

يعتقدُ المؤلّفون بأنّ العددَ الأكبرَ من الأفكارِ الجديدةِ بحقٍّ والمقدّمة من قبلِ المؤسّسين الأكبر سنّاً مرّدها إلى خبرتهم وثروتهم الأكبر. إذ لديهم المعرفةُ، وشبكةُ العلاقاتِ، والمواردِ لاتّخاذِ تغييراتٍ أجرأ. خذ مثلاً Elon Musk موجّهاً أموالَ شركتهِ حينها PayPal صوبَ تأسيسِ SpaceX والتّطلّعِ نحو المرّيخِ، مجازفةً أكثر تحدّياً مقارنةً بتحسينِ المدفوعاتِ عبر الإنترنت. (رغمَ أنّ Musk، الميّالُ للصّعابِ دائماً، كان في الثّلاثين من عمرهِ فقط آنذاك).

أبحاث مختلفة، أرقام متشابهة

لكن رويدك، ربّما تجادلُ بأنّ هذهِ دراسة أوروبيّة، ولعلّها تنطبقُ فقط على المؤسّسين الأوروبّيين. ذاك سؤالٌ مشروعٌ للطّرحِ، لكنّ تحليلات مشابهة كانت قد أُجريت حول المؤسّسين الأمريكيّين وأشارت نحو التّصوّرِ عينه. إنّ متوسّطَ العمرِ الّذي ينشئ عنده المؤسّسون شركاتٍ ناشئةٍ مموّلةٍ برأسمالٍ استثماريّ مع خروجٍ مُثمرٍ في الولايات المتّحدة هو فعليّاً سبعة وأربعون عاماً؛ وفقاً لأستاذِ ريادةِ الأعمالِ Joshua Gains.

على أنّ هذا لا يعني الادّعاءَ بعدمِ وجودِ أمثالِ Zuckerberg ممّن يقتحمون آفاق ابتكاراتٍ تغيّر شكلَ العالمِ في حين أنّهم بالكادِ متخرّجون من الثّانويّةِ. التّاريخُ مكتظّ بنوابغةٍ صغارٍ على نحوٍّ مدهشٍ. إذ كان Einstein في السّادسةِ والعشرين فقط من العمرِ عندما دوّن أشهرَ أوراقهِ البحثيّةِ. لكنّ البحثَ يُظهر أنّ هذا ليس إلّا نموذجاً وحيداً من العباقرةِ الأعاجيب، لكن النّادرين.

إنّ العديدَ من الابتكاراتِ العظيمةِ لا تنبثق من لحظةِ استلهامٍ لعقلٍ يافعٍ، بل من تراكمٍ بطيء للخبرةِ والبصيرةِ. التّاريخُ مليءٌ بأمثلةٍ على هذا أيضاً، من Charles Darwin إلى Virginia Woolf. إذ يقضي متأخّرو النّبوغِ هؤلاء عقوداً في تجميعِ المعرفةِ والتّمحيصِ عبر المُعضلاتِ، كما تُزهرُ الابتكاراتُ الجذريّةُ من هذا التّحضيرِ عندما يخطو أولئك الأفرادُ منتصّفَ العمرِ.

لذا، في المرّةِ القادمةِ الّتي يطلبُ أحدٌ منك أن تعطيَ تصوّراً لمبتكرٍ ثوريّ، أو حين تسألُ نفسك مرّةً أخرى عمّا إذا كنت قادراً أن تغدو كذلك يوماً ما، تذكّر هذا البحثَ وتأكّد من كون تصوّرك العقليّ متوائماً مع الحقيقةِ. ومن المرّجحِ لك أكثر أن تستقي أفكاراً متميّزةً من متمرّسين محنّكين في خمسينيّاتِ أعمارهم مقارنةً مع عشرينيّ ذي معطفٍ بقبّعةٍ.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
آخر تحديث:
تاريخ النشر: