الرئيسية التنمية القواعد الجديدة للتوظيف: الفائزون في 2026 هم الأكثر إنسانية

القواعد الجديدة للتوظيف: الفائزون في 2026 هم الأكثر إنسانية

مع تسارع الذكاء الاصطناعي وتحوّل أسواق العمل، تدخل المؤسّسات سباقاً جديداً لا يفوز فيه سوى من يصمّم تجربة توظيف أكثر إنسانيّةً، ويمنح المرشّحين وضوحاً واحتراماً ونمواً حقيقيّاً

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

هذا المقال متوفّر باللّغة الإنجليزيّة من هنا.

التنبؤ بأي شيء في الوقت الحالي يبدو أمراً شبه مستحيل؛ فبعد أكثر من عقدين من العمل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لا أدّعي أنني أعرف بدقّة ما الذي تحمله السنوات المقبلة؛ خصوصاً بعد قراءة تقرير جديد حول الذكاء الاصطناعي يرسم مستقبلاً أكثر قتامة مما يجرؤ معظمنا على قوله علناً. ولكن هناك مبادئ تعلّمتها من آلاف المحادثات مع العملاء هنا وحول العالم يمكن أن تساعدك على المنافسة الآن.

إذا كنت تعمل في مجال المواهب اليوم، فأنت تشعر بذلك: الأرض تتحرك تحت قدميك؛ فالشرق الأوسط لا يواكب فقط الاتجاهات العالمية في التوظيف، بل يتقدم عليها. الذكاء الاصطناعي يندفع بسرعة. والمرشحون يريدون الاستقرار والنمو. والقادة يدركون أن قواعد التوظيف القديمة لم تعد تعمل؛ هذه ليست قصة "مستقبل العمل"، بل قصة "واقع العمل الآن". وإذا كنت مسؤولاً عن العثور على المواهب أو تطويرها أو الاحتفاظ بها؛ فأنت تعرف تماماً ما أعنيه.

إغراء وكلاء الذكاء الاصطناعي

كان الذكاء الاصطناعي شيئاً تتحدّث عنه الشركات، والآن أصبح شيئاً تستخدمه. لن يتم استبدال المقرّبين (Recruiters)، لكن سيتم "إعادة تشكيلهم". ماذا تقول البيانات؟ وفقاً لتقرير "توجهات اكتساب المواهب لعام 2026" الصادر عن كورن فيري، فإن 84% من قادة المواهب حول العالم يخططون لاستخدام الذكاء الاصطناعي في 2026.

وليس الأمر مقتصراً على فرز السير الذاتية؛ إذ يخطط 52% من قادة المواهب لإضافة وكلاء ذكاء اصطناعي ذاتي التشغيل إلى فرقهم في 2026؛ هذا لا يعني أن هؤلاء الوكلاء سيستبدلون الأدوار البشرية، بل يعني أن طبيعة العمل نفسها تتغير.

تستخدم أذكى الشركات الذكاء الاصطناعي لإزالة عبء المهام المتكررة عن البشر، حتى يتمكنوا من التركيز على ما لا تستطيع الآلات القيام به: الحكم المهني، العلاقات، واتخاذ القرارات التي تشكّل مستقبل الأعمال.

لكن يجب على القادة أن يكونوا حذرين في "العدسة" التي ينظرون بها إلى الدمج مع الذكاء الاصطناعي؛ فإذا كانت العدسة الوحيدة هي "خفض التكاليف"، فسيغفلون الصورة الأكبر: الذكاء الاصطناعي يجب أن يقوّي الفرق لا أن يفرّغها. نعم، يمكن للشركات توفير المال على المدى القصير باستبدال دور راتبه ستة أرقام بوكيل ذكاء اصطناعي لا يتجاوز راتبه خمسة أرقام. لكن لا توجد أي بيانات تثبت أن هذا النموذج قادر على دعم نمو مستدام خلال السنوات 5–10 القادمة.

ما نعرفه اليوم هو التالي: تنمو الشركات عندما يتعاون الناس جيداً، حين تتحدى الفرق بعضها، وتتخذ قرارات مدروسة، وتبني ثقة لا يمكن لأي خوارزمية تكرارها؛ فالشركات التي تربح ليست تلك التي تقلّل تكاليفها اليوم، بل التي تبني قدراتها للغد

المهارات هي العملة الجديدة 

النمو في المنطقة يتفوق على حجم المعروض من المواهب، والجميع يوظّف من نفس المخزون المحدود — والمحدود جداً. وإليك الحقيقة غير المريحة: أنت لا تنافس فقط الشركات الأخرى… بل تنافس قطاعات كاملة.

قرأت مؤخراً خبراً عن مهندس من قطاع الطيران انتقل للعمل في الذكاء الاصطناعي لأن الفرصة كانت أكبر، ثم قرأت عن عالِم بيانات ترك بنكاً عالمياً لينضم إلى قطاع التجزئة لأنه أصبح أكثر ابتكاراً واستثماراً.

هذه القصص تشترك في شيء واحد: الناس لم يعودوا مخلصين للقطاعات؛ بل للفرص؛ فالمهارات تنتقل بسهولة -من الطيران للذكاء الاصطناعي، ومن التمويل للتجزئة… والشرق الأوسط ليس استثناءً.

صمّم تجربة التوظيف كما لو كانت علاقة — لا معاملة

يتوقع المرشحون في 2026 أكثر من السرعة؛ إنهم يتوقعون الاحترام، ويريدون:

  • خطوات واضحة.
  • تغذية راجعة صادقة.
  • دليل على أن أحداً قرأ سيرتهم الذاتية.
  • عملية توظيف تبدو "إنسانية" لا آلية.

لا يقارن المرشحون الشركات فقط بالرواتب، بل بكيفية تعاملها معهم وهم ما يزالون "مرشحين"؛ فالشركات التي تتمسك بسياسات “العمل من المكتب فقط” قد تواجه صعوبة؛ إذ يجد تقرير كورن فيري أن 52% من قادة المواهب يرون أن هذه السياسات تضعف قدرة الشركات على التوظيف، بينما الأدوار المرنة والهجينة أسهل بكثير في التعيين.

الفوز اليوم ليس للأكثر سخاءً، بل للأكثر إنسانية. الشركات الرابحة تصمم التوظيف على أنه علاقة، لا معاملة.

وفي الشرق الأوسط، حيث لا تكون المرونة خياراً دائماً، لا يعني "المرن" العمل عن بعد، بل يعني وضوح التوقعات، بدائل هجينة حيث يمكن، وتجربة مرشح سريعة ومحترمة ومتسقة ثقافياً.

اكتساب المواهب أصبح وظيفة استراتيجية

توقف أقوى القادة في المنطقة عن النظر إلى التوظيف كخدمة مساندة، وأصبحوا يرونه محركاً استراتيجياً؛ فهناك حقيقة لا نقولها بصوت مرتفع: قرارات التوظيف تحدد نتائج الأعمال أكثر من أي خطة ربع سنوية.

  • التوظيف الجيد يتنبأ بالنمو.
  • التوظيف الضعيف يتنبأ بالأزمات.
  • التوظيف العظيم، المرتبط بالمهارات والثقافة والطموح طويل المدى، يصبح ميزة تنافسية.

يبني الشرق الأوسط على مستوى لم يشهده العالم منذ عقود فرق التوظيف لا تملأ شواغر، بل تبني المستقبل. وعلى المؤسسات أن تضع فرق التوظيف على طاولة التخطيط الاستراتيجي، لا في خانة “الاستبدال”.

ما الذي يجب على القادة فعله الآن؟

إذا كنت تعمل في مجال المواهب، فهذه هي اللحظة:  أنت تبني المستقبل، والقواعد تغيّرت. وإليك ما يجب القيام به الآن:

  • استخدم الذكاء الاصطناعي حيث يفيد، وليس حيث يضر.
  • دع البشر يتخذون القرارات التي تعتمد على الخبرة والحس البشري — خاصة في التوظيف.
  • وظّف من أجل المهارات وطريقة التفكير، لا الألقاب.
  • تشير البيانات إلى أن التفكير النقدي هو الأولوية رقم 1؛ حيث يصنفه 73% من قادة التوظيف كأهم مهارة يبحثون عنها.
  • اجعل عملية التوظيف إنسانية. فهي انعكاس مباشر لهوية شركتك.
  • تعامل مع اكتساب المواهب كإستراتيجية. استخدم البيانات، والنفوذ، وبنِ فريقك بوعي وهدف.

هذه المنطقة تملك طموحات كبيرة. ولن تحققها إلا بموظفين يشعرون أن بإمكانهم النمو معك — لا مجرد العمل لديك.

الشركات التي تفهم ذلك، التي تبني وظيفة المواهب كوظيفة استراتيجية قائمة على البيانات ومتمحورة حول الإنسان، ستكون الفائزة في 2026. أما الشركات التي لا تفعل… فستظل تتساءل لماذا يتحرك الجميع أسرع منها.

حول الكاتب

اكتمال دانشوار هي نائبة الرئيس وشريكة رئيسية أولى في خدمات الاستعانة بمصادر التوظيف الخارجية في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا لدى شركة "كورن فيري" (Korn Ferry)، وهي شركة عالمية متخصصة في الاستشارات التنظيمية.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
زمن القراءة: 5 دقائق قراءة
آخر تحديث:
تاريخ النشر: