الرئيسية فعاليات أبوظبي تقود ثورة الأنظمة الذاتية باستثمارها في عقول الشباب

أبوظبي تقود ثورة الأنظمة الذاتية باستثمارها في عقول الشباب

بينما يتركز الحوار العالميّ حول التّنقل الذّاتيّ على الخوارزميّات والاستثمارات الضّخمة، تقود أبوظبي ثورتها الذّاتيّة بقدراتٍ شابةٍ من جامعة خليفة، حيث يبتكر الطّلبة أنظمةً وروبوتاتٍ تشكّل ملامح مستقبل الاستقلاليّة في الإمارات

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

هذا المقال متوفّرٌ باللّغة الإنجليزيّة من هنا.

يتركّز الحوار العالميّ حول التّنقّل الذّاتيّ غالباً على الخوارزميّات المتقدّمة، واستثماراتٍ بمليارات الدّراهم، وأساطيل تبدو من عالمٍ آخر. في أبوظبي، ثمّة قوّة مختلفة تقود هذه التّحوّل: الشّباب.

في الجامعات والمسابقات والمختبرات البحثيّة، يصوغ المبتكرون الشّباب طريقة بناء الأنظمة الذّاتيّة واختبارها وكسب ثقة الجمهور، وتنبثق كثيرٌ من المشاريع الأكثر طموحاً من جامعة خليفة (Khalifa University)، التي تنظّم "روبوكب آسيا والمحيط الهادئ" (RoboCup Asia-Pacific – RCAP) من 10–15 نوفمبر 2025 في مركز أبوظبي الوطني للمعارض (ADNEC)، بدعم مجلس الأنظمة الذّكيّة والذّاتيّة (Smart and Autonomous Systems Council – SASC). ويتوقّع الحدث وجود أكثر من 500 طالبٍ وسيشكّل جزءاً من أسبوع أبوظبي للأنظمة الذّاتيّة (Abu Dhabi Autonomous Week – ADAW) الأوّل، المقام برعاية صاحب السمو الشيخ حمدان بن محمد بن زايد آل نهيان، نائب رئيس ديوان الرّئاسة للشّؤون الخاصّة، ورئيس مجلس الأنظمة الذّكيّة والذّاتيّة.

احتلّ فريق جامعة خليفة لرياضيي الروبوتات (Khalifa University Robotics Athletes – KURA) مؤخّراً أحد المراكز الأربعة الأولى عالميّاً في دورة الألعاب العالميّة للرّوبوتات الشّبيهة بالبشر 2025 في بكين، ما جسّد تزايد قوّة الإمارات في الروبوتات الشّبيهة بالبشر والابتكار الشّبابيّ. وسيمثل الفريق الجامعة في روبوكب آسيا والمحيط الهادئ 2025، مستثمراً نجاحه للمنافسة في فئة كرة القدم للأطفال وإلهام الطّلاب لمواصلة البحث المتقدّم في الروبوتات والذكاء الاصطناعي. وقد ظهر العام الماضي فريق KURA على المسرح العالميّ في تحدّي روبوكب 2024 في هولندا، أرقى مسابقات الروبوتات والذكاء الاصطناعي. سواء في تصميم روبوتات إنقاذ مستقلّةٍ أو فرق كرة قدم روبوتيّةٍ قادرةٍ على اتّخاذ قراراتٍ آنيّةٍ، كان هؤلاء الطّلاب يجسّدون تحدّيات الإدراك والتّنسيق والاستقلاليّة نفسها التي تواجه المركبات ذاتيّة القيادة وأنظمة اللّوجستيّات.

ويمثّل التزام جامعة خليفة باستضافة روبوكب آسيا والمحيط الهادئ 2025 في أبوظبي محطّةً مهمّةً لاندماج الشّباب في منظومات الأنظمة الذّاتيّة. وسيجمع الحدث نحو 1,900 مشارك عبر 34 مسابقةً و15 فئةً فرعيّةً تغطّي روبوكب لكرة القدم وروبوكب للإنقاذ إلى روبوكب الصناعي وروبوكب للمنزل، مانحاً شباب الإمارات وصولاً استثنائيّاً إلى خبراتٍ عالميّةٍ وتحدّياتٍ متقدّمةً وفرص ابتكارٍ تعاونيٍّ.

تعكس المشاركة تواصلاً دوليّاً قويّاً، مع وفودٍ من سنغافورة والصين واليابان وكوريا الجنوبية وماليزيا وروسيا. ستشارك الإمارات بثلاثة فرقٍ مكوّنةٍ من 18 طالباً تمثّل الدّولة في فئات "روبوكب جونيور" (RoboCupJunior). إجمالاً، يتوقّع أن يستضيف RCAP 2025 أكثر من 150 فريقاً، ما يجعله من أكبر تجمّعات الروبوتات التي شهدتها المنطقة. وستتضمّن المنافسة لأوّل مرّةٍ مباريات كرة قدم بشريّة روبوتيّة 5v5 في حدثٍ إقليميٍّ لروبوكب، وهو إنجازٌ نوعيٌّ لهواة الروبوتات عالميّاً.

تتوافق ثيمات المنافسة -الأربع: الاستدامة، وتحويل الصّناعات، وروبوتات موفّرة للطّاقة، ونماذج مستدامة يقودها الذكاء الاصطناعي- بشكلٍ وثيقٍ مع استراتيجّية الصّفر الصافي 2050 (Net Zero 2050 Strategy) ورؤية الإمارات 2031 (Vision 2031). يبرز الحدث تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي موفّرةٍ للطّاقة، وروبوتات خضراء، وتقنيّات متكيّفةٍ مع المناخ، مانحاً الشّباب فرصةً لا لبناء الروبوتات فحسب، بل للمساهمة في مستقبل وطنهم.

يمثّل للطّلبة والباحثين في جامعة خليفة، عودةً إلى البيت ومنصّةً عالميّةً في آنٍ واحدٍ. وعبر البرنامج الاستراتيجيّ لتحدّي الروبوتات الذاتية (Strategic Program for Autonomous Robotics Challenge – SPARC)، ستنسّق فرق الطّلبة والمتطوّعين عروضاً بحثيّةً وتجارب تفاعليّةً وأنشطةً لإشراك الشّباب. في مركز جامعة خليفة للأنظمة الروبوتية الذاتية (KU-CARS) ومركز الأبحاث والابتكار المتقدم (ARIC)، يبني الطّلبة والباحثون طائراتٍ مسيرةً تتنقل في مناطق الكوارث، وروبوتات بحريّةٍ تقوم بفحوصاتٍ أوتوماتيكيّةٍ في أعالي البحار، ومنصّات بريّةٍ قد تدعم مستقبلاً خدمات النّقل العام أو سلاسل الإمداد.

وهذا ليس بحثاً نظريّاً فقط؛ تُختبر العديد من المشاريع ميدانيّاً عبر شراكاتٍ حكوميّةٍ وصناعيّةٍ. أمام المهندسين الشّباب، وتعني هذه الشّراكات أن اختراقاتهم الأولى لا تقف عند حدود القاعات الدّراسيّة، بل تنفذ في الموانئ والمصانع وشوارع المدن الإماراتيّة. كما تقوى مشاركة الشّباب في منظومة التّنقّل الذّاتيّ في أبوظبي عبر شبكةٍ متناميةٍ من حاضنات الابتكار ومسرّعات الأعمال التي تحول الأفكار إلى مشاريع قابلةٍ للحياة. تحفّز برامج مثل روبوكب جونيور وهاكاثون الذي تنظمه شركة مؤسسات جامعة خليفة (Khalifa University Enterprises Company – KUEC) طلّاب المدارس والجامعات في أنحاء الإمارات على استكشاف مساراتٍ في الذكاء الاصطناعي والبرمجة والروبوتات.

تكمل هذه المبادرات جهود (Hub71) المقيم في سوق أبوظبي العالمي (Abu Dhabi Global Market – ADGM)، الذي أدرج التّنقّل واللّوجستيّات ضمن قطّاعاتَه الأساسيّة، ما يتيح للمؤسّسين الشّباب وصولاً إلى تمويلاتٍ مبدئيّةٍ وشراكاتٍ مؤسسيّةٍ وإرشاداً أثناء تطوير حلول نقلٍ ولوجستيّاتٍ مدفوعةٍ بالذكاء الاصطناعيّ. وفي مدينة مصدر (Masdar City)، يوفّر Krypto Labs (Krypto Labs) موارد ضمن بيئةٍ تعاونية عبر برامج مسرّعات ومساحات عملٍ مشتركةٍ، ممّا يمكّن المبتكرين الصّاعدين من صقل النّماذج الأوّليّة واختبار المفاهيم المبكّرة وربطها بمستثمرين عالميّين.

قد تتنافس مدن أخرى على البرمجيّات والمستشعرات؛ لكن أبوظبي تتجاوز ذلك وتستثمر في العقول التي ستبني مستقبل التّنقّل الذّاتيّ. ومن خلال إدماج الشّباب في المنافسة والبحث والتّجسيد التّجاريّ والحوكمة، تضمن الإمارات أن تكون أنظمتها الذّاتيّة اختراعاتٍ وطنيّةً لا وارداتٍ أجنبيّةً.

لا يتعلّق مستقبل الاستقلاليّة في أبوظبي بشبابٍ يستخدمون تكنولوجيا الغد فحسب؛ إنّه شبابٌ يصنعونها اليوم.

عن الكاتب

الدكتور حمد كركي (Hamad Karki) هو أستاذٌ مشاركٌ في الهندسة الميكانيكيّة في جامعة خليفة (Khalifa University)، متخصّصٌ في روبوتات الميدان الذّاتيّة وتصميم المركبات والطّائرات المسيّرة وأنظمة التّحكّم المتقدّمة. ويحمل درجات البكالوريوس والماجستير والدكتوراه في الميكاترونيك وهندسة النّظم من جامعة Tokyo University of Technology. ومنذ انضمامه إلى جامعة خليفة عام 2008، قاد الدكتور كركي البحث والتّدريس والإشراف على مشاريع طلبة متقدّمةٍ في الرّوبوتات والاستقلاليّة.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
زمن القراءة: 5 دقائق قراءة
آخر تحديث:
تاريخ النشر: