شبكة G42 للذكاء تُعيد تشكيل الحياة بخدمات ذكية متكاملة
من المستشفيات الذّكيّة إلى المرور التّفاعليّ والخدمات العامّة الفوريّة، تبني G42 طبقة ذكاء اصطناعي محيطةً تُعزّز عمل المجتمعات وتفاعلها ونموّها بسلاسةٍ وفعاليّةٍ غير مرئيةٍ

هذا المقال متوفّرٌ باللّغة الإنجليزيّة من هنا.
تخيَّل مدينةً لا تكتفي بأن تُصغي إليك، بل تُفكِّر معك: مستشفياتٌ تتوقّع قدومك قبل أن تُمسّ، وطرقاتٌ تُغيّر مساراتها قبل أن يولد الازدحام، وفرقُ طوارئٍ لا تعتمد على الحدس وحده، بل على بيانات الأقمار الصّناعيّة والمعلومات الآنيّة الّتي تنبض بالحياة. خدماتٌ لا تبدو كأنظمةٍ جامدةٍ، بل كحدسٍ ذكيّ تجسّد في هيئةٍ مرئيّةٍ.
هذا ليس إعلاناً ترويجيّاً، ولا مشهداً من قصّة خيالٍ علميٍّ، بل هو تجسيدٌ لفكرةٍ مفاهيميّةٍ تطلق عليها مجموعة "جي 42" (G42) -الشّركة الإماراتيّة الرّائدة في الذكاء الاصطناعي والتّكنولوجيا المتقدّمة- اسم: "شبكة الذكاء".
من الحسّاسات الطّرفيّة إلى السُّحب السّياديّة، ومن النّماذج التّوليديّة إلى أدوات التّحليل المتقدّمة، صُمِّم كلّ عنصرٍ في هذه الشّبكة ليعمل بتناغمٍ ويُغذّي منظومةٍ أوسع. والغاية لا تقتصر على الأتمتة، بل تمتدّ إلى تنسيقٍ مدروسٍ يجمع البشر، والآلات، والبيانات في نسيجٍ واحدٍ، لتحسين أداء الأنظمة اليوميّة بطرقٍ بالغة السّلاسة، تكاد تكون غير مرئيّةٍ.
كان هذا المفهوم هو المحور الفكريّ الّذي دارت حوله قمّة "سوبر تشارجد" (Supercharged)، الفعاليّة الرّائدة الّتي نظّمتها مجموعة جي 42 في وقتٍ سابقٍ من هذا الشّهر، والّتي جمعت أكثر من 2,400 موظّفٍ، وشريكٍ، وخبيرٍ عالميٍّ، من بينهم سام ألتمان من شركة "أوبن إيه آي" (OpenAI)، وبراد سميث من شركة "مايكروسوفت" (Microsoft).
ووفقاً لما طرحته جي 42، فإنّ "شبكة الذكاء" ليست مجرّد مجموعةٍ من الأدوات، بل منظومةٌ مترابطةٌ من التّقنيات المتقدّمة، صُمّمت لتقديم الذّكاء -عند الطّلب- وبمقاييس غير مسبوقةٍ. ليست شيئاً تُفعّله أو تطلبه، بل هي بنيةٌ خفيّةٌ تشكّل الأساس لكلّ ما هو قائمٌ. كما وصفتها جي 42، هي "طبقةٌ غير مرئيّةٌ من الذكاء": سياديّةٌ، قابلةٌ للوصول، ومُدمجةٌ بسلاسةٍ في الأنظمة الّتي تقوم عليها الحياة الحديثة.
ما يعنيه ذلك أنّ الذكاء الاصطناعي لم يَعُد حبيس الشّاشة، بل أصبح جزءاً من المشهد اليوميّ، ينبض في قلب الخدمات العامّة، ويحرّكها باستجابةٍ فوريّةٍ؛ فتخيّل أنظمةً صحيّةً تعتمد النّمذجة التّنبؤيّة لفرز الحالات قبل أن تتحوّل إلى أزماتٍ، وشبكات نقلٍ ذكيّةٍ تُقلّل الانبعاثات من خلال التّكيّف اللّحظي مع الواقع المتغيّر.
ترى جي 42 أنّ هذه الشّبكة لم تعُد مجرّد رؤيةٍ مستقبليّةٍ، بل واقعاً تشغيليّاً يُعيد تشكيل القطّاعات الحيويّة -من الطّاقة، إلى التّعليم، إلى الاستجابة للطّوارئ- عبر منظومةٍ ذكيّةٍ تُمكّن المجتمعات من تجاوز حدود الممكن.
الرّهانات الاقتصاديّة جسيمةٌ، والفرص غير مسبوقةٍ؛ فبحلول عام 2030، من المتوقّع أن يُسهم الذكاء الاصطناعي بما يصل إلى 14% من النّاتج المحليّ الإجماليّ لدولة الإمارات العربيّة المتّحدة، أي ما يُعادل نحو 100 مليار دولارٍ أمريكيٍّ. غير أنّ مجموعة جي 42 لا تنظر إلى "شبكة الذكاء" بوصفها مجرّد محرّكٍ للنّموّ الاقتصاديّ، بل كمنصّةٍ شاملةٍ لإعادة تشكيل العلاقة بين الإنسان والتّكنولوجيا: تمكينٌ لا إزاحةٌ، وتوسيعٌ لقاعدة الاستفادة لا تركيزها في يد النّخبة.
فالغاية ليست فقط في تسريع الابتكار، بل في توجيهه نحو مستقبلٍ أكثر عدالةً. إذ إنّ "شبكة الذكاء" كما تتصوّرها جي 42، هي أداةٌ لبناء منظومةٍ يُعاد فيها تصميم الذكاء الاصطناعي ليكون امتداداً للإمكانات البشريّة، لا بديلاً عنها؛ ومساراً يضمن ألّا تظلّ فوائد الثّورة التّقنية حكراً على من يملكون أدوات الوصول.
وفي هذا السّياق، قال بينغ شياو، الرّئيس التّنفيذيّ لمجموعة جي 42، في بيانٍ لافتٍ:
"تم اختراع الكهرباء قبل أكثر من 140 عاماً، ومع ذلك لا يزال ملايين الأشخاص في الجنوب العالميّ يفتقرون إلى وصولٍ موثوقٍ لها. وبينما نُشيّد اليوم البنية التحتيّة الرّقميّة من خلال مشاريع مثل: "ستارغيت الإمارات" (Stargate UAE) وحرم الذكاء الاصطناعي الإماراتيّ–الأمريكيّ بقدرة 5 غيغاوات، لا يمكننا تحمّل تكرار ذلك الخطأ التّاريخيّ. لذلك، يجب أن تُصمَّم شبكة الذكاء منذ لحظتها الأولى لتكون شاملةً، عادلةً، وعالميّة الوصول، حتّى تصل فوائد الذكاء الاصطناعي إلى كلّ زاويةٍ من زوايا العالم، لا إلى النّخبة وحدهم".
بهذا التّصور، تتحوّل "شبكة الذكاء" من مشروعٍ تقنيٍّ إلى التزامٍ أخلاقيٍّ، ومن بنيةٍ تحتيّةٍ ذكيّةٍ إلى دعوةٍ لبناء عالمٍ أذكى... وأكثر إنصافاً.
تُشيّد هذه البنية التّحتيّة بالفعل، قطعةً تلو الأخرى، عبر منظومة الشّركات الّتي تُشكّل نسيج مجموعة جي 42. على سبيل المثال، تنبض مراكز البيانات من خلال شركة "خزنة" (Khazna)، وتتجسّد قدرات الحوسبة والسّحابة عبر شركة "كور42" (Core42)، وتطوّر النّماذج التّأسيسيّة شركة "إنسيبشن" (Inception)، ويشرف على الأمن السيبراني شركة "سي بي إكس" (CPX)، وتتولّى تحليلات البيانات شركة "بريسايت" (Presight)، وينبثق الذّكاء الجغرافيّ الفضائيّ من "سبيس42" (Space42)، أمّا الحسّاسات والحوسبة الطّرفية، فتأتي من شركة "أنالوج" (Analog)، في حين تُقدَّم التّطبيقات الموجّهة للمستهلكين من خلال "أستراتك" (AstraTech).
إنّه فريقٌ متكامل البنية والرّؤية، مدعومٌ بتحالفاتٍ عالميّةٍ مع عمالقةٍ مثل: مايكروسوفت، وأوبن إيه آي، و"انفيديا" (NVIDIA)، و"سيريبراس" (Cerebras)، وتُعزّزه شراكاتٌ بحثيّةٌ مع جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي (MBZUAI)، إلى جانب مراكز الذكاء الاصطناعي المسؤول الّتي أُطلقت بالتّعاون مع شركة مايكروسوفت.
ومع ذلك، فإنّ "شبكة الذكاء" لا تظلّ حبيسة الورق أو رهينة الطّموح النّظري، بل بدأت فعليّاً في إحداث أثرٍ ملموسٍ؛ فقد أشار بينغ شياو إلى أنّ هذه الشّبكة تُسهم حاليّاً في تسلسلٍ أكثر من 800,000 عيّنةٍ جينيّةٍ، دعماً للطّب الدّقيق. كما تُشكّل دعامةً للرّقابة الماليّة، وتُسهم في تحسين الاستجابة للكوارث من خلال الذكاء الاصطناعي في مختلف أنحاء المنطقة. وكما قال شياو: "هذا هو ما يعنيه تشغيل الذكاء على نطاقٍ واسعٍ."
وإن تحقّقت رؤية جي 42، فلن تبقى "شبكة الذكاء" مجرّد منظومةٍ تُدير الأنظمة من حولنا، بل ستغدو نسيجاً متداخلاً مع الحياة ذاتها، بنيةٌ تحتيّةٌ هادئةٌ، مرنةٌ، وذكيّةٌ، تعمل بصمتٍ ولكن بفعاليّةٍ، لتعيد تشكيل مفهوم العيش ذاته في العصر الرّقميّ.