حصاد رواد أعمال 2025: شركات ناشئة أعادت تشكيل السوق

في عام 2025 أثبتت ريادة الأعمال في العالم العربيّ قدرتها من جديدٍ على قلب معادلات السّوق، إذ تمكّنت مجموعةٌ من الشّركات النّاشئة، عبر أفكارٍ جريئةٍ واستثماراتٍ استراتيجيّةٍ، من إعادة تشكيل قطاعاتٍ حيويّةٍ وفتح مساراتٍ جديدةٍ للنّموّ الاقتصاديّ. ولم تقتصر هٰذه النّهضة الرّياديّة على قطاعٍ واحدٍ، بل امتدّت لتشمل التّقنية الماليّة، والخدمات الرّقميّة، والتّجارة الإلكترونيّة، والمطابخ السّحابيّة، ما جعل العام محطّةً مفصليّةً في مسار الابتكار العربيّ.

شركة Ziina 

أعادت شركة "زينة" (Ziina) تعريف مفهوم المدفوعات الرّقميّة في الإمارات، إذ قدّمت حلولاً مبتكرةً تشمل المحفظة الرّقميّة، والتّحويل الفوريّ بين الأفراد، وروابط الدّفع، وخدمة Tap-to-Pay، إضافةً إلى بوّابات دفعٍ مخصّصةٍ للشّركات الصّغيرة والمتوسّطة. وقد نالت الشّركة ترخيص SVF (Stored Value Facility) من البنك المركزيّ الإماراتيّ، ما منحها مصداقيّةً تنظيميّةً ورسّخ مكانتها بين مؤسّسات الدّفع المرخّصة في الدّولة.

ومع اتّساع قاعدة المستخدمين ونموّ حجم المعاملات الإلكترونيّة، أدرجت شركة زينة ضمن قائمة “Top 100 Most Promising Fintech Startups” لعام 2025، لتصبح رمزاً للتّحوّل نحو الاقتصاد الرّقميّ والدّفع غير النّقديّ في الإمارات. وبفضل هٰذه الخطوات المتسارعة، ساهمت الشّركة في تسهيل تعاملات التّجارة الإلكترونيّة، وتوسيع دائرة المشاركة الاقتصاديّة للشّركات النّاشئة وروّاد الأعمال في الدّولة. ^[1]  

شركة CredibleX

أمّا شركة "كريديبلكس" (CredibleX) فقد رسّخت حضورها كلاعبٍ أساسيٍّ في قطاع التّمويل للمشروعات الصّغيرة والمتوسّطة، إذ نجحت في سدّ فجوة التّمويل الّتي تعاني منها هٰذه الفئة الحيويّة. في عام 2024 حصلت على جولة تمويلٍ بلغت 55 مليون دولار، ممّا مكّنها من توسيع نشاطها وإطلاق خدمات تمويلٍ مبتكرةٍ. كما قدّمت خلال العام ذاته أكثر من 27 مليون دولار كقروضٍ للشّركات الصّغيرة، في خطوةٍ ساعدت على دعم بيئة ريادة الأعمال في الإمارات وتعزيز النّموّ في القطاع الخاصّ. ومع دخولها مجال التّمويل المدمج (Embedded Finance)، أصبحت كريديبلكس ركيزةً في منظومة الاقتصاد الرّقميّ، إذ سهّلت الوصول إلى التّمويل للشّركات والمورّدين، وأسهمت في تسريع الدّورة الاقتصاديّة داخل الأسواق الخليجيّة.

شركة JustClean

وفي الكويت، برزت شركة "جست كلين" (JustClean) كنموذجٍ ناجحٍ لتحويل الخدمات التّقليديّة إلى تجارب رقميّةٍ مرنةٍ. فقد بدّلت الشّركة طريقة إدارة خدمات الغسيل والتّنظيف من خلال تطبيقٍ ذكيٍّ يربط المستخدمين بشبكةٍ من مزوّدي الخدمة، مع نظامٍ متكاملٍ للتّحصيل والتّوصيل.

هٰذا الابتكار يعاكس التّحوّل نحو مفهوم “الخدمات عند الطّلب”، إذ يتيح للمستخدم طلب الخدمة بسهولةٍ من المنزل مع إمكانيّة الدّفع الإلكترونيّ السّريع. ومع ارتفاع معدّل الطّلب على الخدمات المنزليّة الرّقميّة، أصبحت "جست كلين" ضمن قائمة “Top Startups in Kuwait City 2025”، لتثبت أنّ التّحوّل الرّقميّ لم يعد مقتصراً على القطاعات التّقنيّة البحتة، بل أصبح يشمل حتّى أبسط احتياجات الحياة اليوميّة.

شركة Kitopi

واصلت شركة "كيتوبي" (Kitopi) ترسيخ موقعها كواحدةٍ من أكبر قصص النّجاح في المشهد الرّياديّ العربيّ، إذ تعدّ من شركات “اليونيكورن” الّتي تجاوزت قيمتها السّوقيّة 1.55 مليون دولار. هٰذا التّقييم يعكّس الثّقة الكبيرة من المستثمرين العالميّين في نموذج عملها القائم على المطابخ السّحابيّة، حيث تحضّر الوجبات في مواقع مركزيّةٍ مخصّصةٍ لخدمات التّوصيل فقط.

هٰذا النّهج المبتكر خفّض التّكاليف التّشغيليّة للمطاعم وسهّل التّوسّع في مدنٍ جديدةٍ دون الحاجة إلى إنشاء فروعٍ فعليّةٍ، ما جعل كيتوبي محرّكاً رئيسيّاً لتغيير قواعد سوق الطّعام السّريع في المنطقة. ومن خلال دمج التّكنولوجيا مع الخدمات اللّوجستيّة، أسهمت الشّركة في إعادة رسم مفهوم المطاعم الحديثة وربط المستهلكين بخدماتٍ أكثر سرعةً وكفاءةً. ^[2]  

شركة Tabby

من جهةٍ أخرى، نجحت شركة "تابي" (Tabby) في إعادة صياغة مشهد التّقنية الماليّة في الخليج عبر نموذج “اشتر الآن وادفع لاحقاً” (Buy Now Pay Later). فقد تصدّرت الشّركة قائمة أفضل الشّركات النّاشئة في السّعوديّة لعام 2025، بعدما أحدثت نقلةً نوعيّةً في تجربة التّسوّق الإلكترونيّ.

وقد ساعدت خدمتها على تنشيط حركة الشّراء عبر الإنترنت من خلال منح المستهلكين مرونةً في الدّفع وتقسيط المشتريات بسهولةٍ. هٰذا النّموذج لم يعزّز فقط سلوك الشّراء الذّكيّ لدى المستخدمين، بل دفع التّجّار إلى تبنّي حلول دفعٍ رقميّةٍ حديثةٍ، ما ساهم في إعادة تشكيل قطاع التّجزئة الإلكترونيّة في المنطقة وتسريع وتيرة نموّ التّجارة الرّقميّة. ^[2]

الخاتمة

أثبت عام 2025 أنّ ريادة الأعمال العربيّة لم تعد تدور حول الأفكار المبتكرة فحسب، بل أصبحت قوّةً قادرةً على إعادة بناء السّوق من الدّاخل. فقد قدّمت شركاتٌ مثل كيتوبي، وتابي، وزينة، وكريديبلكس، وجست كلين نماذج رياديّةً تجاوزت حدود النّجاح الماليّ لتؤسّس لبنيةٍ اقتصاديّةٍ جديدةٍ أكثر مرونةً وتكاملاً. ومع استمرار تدفّق الاستثمارات وارتفاع الطّلب على الحلول الرّقميّة، يبدو أنّ المرحلة المقبلة ستشهد توسّعاً أكبر لهٰذه الشّركات داخل المنطقة وخارجها. وهٰكذا، يواصل المشهد الرّياديّ العربيّ تحوّله من الهامش إلى الرّيادة، ممهّداً الطّريق لاقتصادٍ عربيٍّ رقميٍّ متكاملٍ يواكب التّحوّلات العالميّة بثقةٍ واقتدارٍ.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال

انضم الآن