الرئيسية الريادة أهمية الريادة المجتمعية في تعزيز التنمية المحلية

أهمية الريادة المجتمعية في تعزيز التنمية المحلية

الريادة المجتمعية ليست مجرّد أداةٍ لمعالجة المشكلات المحلّيّة، بل وسيلةٌ لإعادة بناء العلاقة بين الإنسان ومجتمعه، عبر العمل الجماعيّ والمبادرة الذّاتيّة

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

مع تزايد الضّغوط الاجتماعيّة وتراجع النّماذج التّقليديّة للحلول، تبرز أهمّيّة الريادة المجتمعية كإحدى الرّكائز الحيويّة لتحقيق تنميةٍ محلّيّةٍ مستدامةٍ وشاملةٍ. لم تعد التّنمية شأناً حكوميّاً بحتاً، بل أصبح الأفراد، لا سيما أصحاب المشاريع ذات الطّابع المجتمعيّ، عناصر فاعلةً في صياغة مستقبل مناطقهم ومجتمعاتهم. فالابتكار الاجتماعي، والمبادرات، والمشاريع الّتي تولد من رحم الحاجات المحلّيّة، تجسّد اليوم المعنى الأعمق للريادة المجتمعية، الّتي باتت تعدّ محرّكاً للتّغيير الإيجابيّ من القاعدة إلى القمّة.

ما هي الريادة المجتمعية؟

تعرف الريادة المجتمعية (Social Entrepreneurship) بأنّها إنشاء مشاريع أو مبادراتٍ تستهدف معالجة قضايا اجتماعيّةٍ أو بيئيّةٍ ضمن سياقاتٍ محلّيّةٍ، من خلال تقديم حلولٍ مستدامةٍ ومبتكرةٍ. وعلى عكس ريادة الأعمال التّقليديّة الّتي تهدف إلى تحقيق الرّبح المادّيّ، تركز الرّيادة المجتمعيّة على إحداث أثرٍ اجتماعيٍّ ملموسٍ، مع الحفاظ في الوقت نفسه على استدامة النّموذج الماليّ للمبادرة.

وتمتاز هٰذه الرّيادة بأنّها تنطلق من وعيٍ عميقٍ باحتياجات المجتمع المحلّيّ، وتقدّم حلولاً ذكيّةً وواقعيّةً تساهم في تحسين جودة الحياة، سواءً في مجالات التّعليم، أو الصّحّة، أو التّوظيف، أو حماية البيئة، أو تموين الفئات المهمّشة وتفعيل دورها في التّنمية. [1]

أهمية الريادة المجتمعية في تعزيز التنمية المحلية

تشكّل الريادة المجتمعية حجر الأساس في بناء مجتمعاتٍ محلّيّةٍ مزدهرةٍ، حيث تسهم في معالجة التّحدّيات الدّاخليّة بطرقٍ مرنةٍ ومستدامةٍ: [2]

  • معالجة القضايا المحلّيّة بطرقٍ مرنةٍ وفعّالةٍ: تتميّز الريادة المجتمعية بقدرتها على فهم التّحدّيات المحلّيّة من منظورٍ داخليٍّ، وتقديم حلولٍ عمليّةٍ لا تعتمد فقط على الدّعم الحكوميّ أو المؤسّسات الكبيرة. فالمبادر المحلّيّ يعرف مجتمعه، ويعي الفجوات الحقيقيّة، ما يجعل مبادراته أكثر دقّةً وارتباطاً بالواقع.
  • خلق فرص عملٍ وتنشيط الاقتصاد المحلّيّ: تؤدّي المشاريع المجتمعيّة إلى خلق فرص عملٍ جديدةٍ داخل المجتمعات المحلّيّة، خصوصاً في المناطق النّائية أو الأقلّ نموّاً. إذ إنّ كلّ مبادرةٍ تنشئ سلسلةً من الخدمات المساندة، وتحفّز الدّورات الاقتصاديّة المحلّيّة، ما ينعكس بشكلٍ مباشرٍ على النّموّ والتّماسك الاجتماعيّ.
  • تعزيز روح الانتماء والمواطنة: عندما يشارك أفراد المجتمع في حلّ مشكلاتهم بنفوسهم، تنمو فيهم مشاعر الانتماء والالتزام، وتتحوّل المجتمعات من متلقّيةٍ للدّعم إلى صانعةٍ للحلول. ويعدّ هٰذا التّحوّل جوهريّاً في بناء مجتمعاتٍ قويّةٍ ومرنةٍ قادرةٍ على مواجهة التّحدّيات.
  • تشجيع الابتكار المحلّيّ: من خلال البحث عن حلولٍ جديدةٍ ومناسبةٍ للبيئة المحلّيّة، تدفع الريادة المجتمعية بعجلة الابتكار إلى الأمام؛ فالأفكار الّتي تولد من رحم الحاجة، وتطبّق ضمن موارد محدودةٍ، غالباً ما تكون أكثر مرونةً واستدامةً من النّماذج المستوردة الجاهزة.
  • تمكين الفئات المهمّشة: تسهم الريادة المجتمعية في إدماج الفئات الّتي غالباً ما تستثنى من عمليّات التّنمية، مثل: النّساء، والشّباب، وذوي الإعاقة، وسكّان الأرياف؛ فعبر التّدريب، والتّوظيف، وبناء القدرات، توفّر هٰذه المبادرات منصّاتٍ لتمكينهم اقتصاديّاً واجتماعيّاً.

عناصر الريادة المجتمعية الناجحة

لكي تنجح مبادرةٌ رياديّةٌ مجتمعيّةٌ، ينبغي أن تتضمّن العناصر التّالية:

  • وضوح الرّؤية والأثر: يجب أن تحدّد المبادرة المجتمعية هدفاً اجتماعيّاً واضحاً، مثل: خفض معدّلات البطالة، أو تحسين التّعليم، أو زيادة الوعي البيئيّ، حيث تساعد الرّؤية الموحّدة على جذب الشّركاء والدّاعمين، وتوجّه الجهود نحو الأثر المرجوّ.
  • نموذجٌ ماليٌّ مستدامٌ: رغم الطّابع الاجتماعيّ، لا بدّ أن تتمتّع الريادة المجتمعية بنموذجٍ اقتصاديٍّ قابلٍ للاستمرار، سواءً عبر البيع المباشر، أو الدّعم المؤسّسيّ، أو التّمويل المختلط، إذ تضمن الاستدامة الماليّة بقاء الأثر وتوسّعه على المدى الطّويل.
  • التّفاعل المجتمعيّ الحقيقيّ: تتطلّب الريادة المجتمعية مشاركةً فعليّةً من سكّان المنطقة في التّصميم والتّنفيذ. ولا يفرض التّغيير من الخارج، بل يبنى من داخل النّسيج الاجتماعيّ، وهٰذا ما يكسب المبادرة شرعيّةً وقبولاً واسعاً.
  • القابليّة للقياس والتّطوير: يجب أن تقاس النّتائج باستخدام مؤشّراتٍ واضحةٍ، مثل: عدد المستفيدين، أو نسب التّحسّن في الخدمات. وبتحليل البيانات، يمكن تحسين المبادرة باستمرارٍ، وضمان تعاظم أثرها بمرور الوقت.

أثر الريادة المجتمعية في الوطن العربي

يعدّ أثر الريادة المجتمعية في الوطن العربيّ مفتاحاً رئيسيّاً لتجاوز الكثير من التّحدّيات الاجتماعيّة والاقتصاديّة الّتي تواجه المنطقة. ففي ظلّ ارتفاع نسب البطالة، واتّساع الفجوات بين الحضر والرّيف، وندرة بعض الخدمات الأساسيّة كالتّعليم والصّحّة، تبرز الريادة المجتمعية كفرصةٍ ذهبيّةٍ لإحداث تغييرٍ ملموسٍ ومتجذّرٍ في الحياة اليوميّة للمواطن العربيّ. [3]

تشهد العديد من البلدان العربيّة، في الوقت الرّاهن، نموّاً لافتاً في المبادرات الاجتماعيّة، خصوصاً في مجالاتٍ مبتكرةٍ مثل: التّعليم الإلكترونيّ، والمشاريع البيئيّة، وبرامج تمكين النّساء والشّباب في المناطق النّائية. ومع هٰذه الطّفرة، تتصاعد فرص الإدماج الاجتماعيّ، ويتعزّز الإحساس بالمسؤوليّة الجماعيّة، ويتعاظم دور الفرد في صنع المستقبل.

وقد بدأت بعض الحكومات وصناديق التمويل في دعم هٰذه الرّيادة، مثل: ما نشاهده في الإمارات، ومصر، وتونس، والمغرب، حيث تمّ إنشاء حاضناتٍ ومسرّعات أعمالٍ متخصّصةٍ في هٰذا المجال، وهو ما يشير إلى اعترافٍ رسميٍّ متزايدٍ بأهمّيّة الريادة المجتمعية كرافعةٍ للتّنمية الشّاملة والمستدامة في العالم العربيّ.

في النّهايّة، تشكّل أهمّيّة الريادة المجتمعية نقطة التقاءٍ بين الطّموح الشّخصيّ، والمسؤوليّة الاجتماعيّة، والابتكار، والتّنمية المستدامة. فهي ليست مجرّد أداةٍ لمعالجة المشكلات المحلّيّة، بل وسيلةٌ لإعادة بناء العلاقة بين الإنسان ومجتمعه، عبر العمل الجماعي والمبادرة الذّاتيّة. حيث تحتاج مجتمعاتنا العربيّة إلى أنواعٍ جريئةٍ من المشاريع الّتي تولد من قلب الواقع، وتنبض بحاجاته، وتستثير فيه مواطن القوّة والإبداع. فالريادة المجتمعية ليست طريقاً للتّغيير فقط، بل جسراً نحو مجتمعٍ أكثر عدلاً، وأعمق وعياً، وأشدّ قدرةً على بناء مستقبلٍ يشبه آماله.

  • الأسئلة الشائعة

  1. هل يمكن أن تكون الريادة المجتمعية مشروعاً ربحياً؟
    نعم يمكن أن تكون الريادة المجتمعية مشروعاً ربحياً، بشرط أن يكون الهدف الأساسي اجتماعيّاً، مع وجود نموذجٍ ماليٍّ يضمن الاستدامة.
  2. ما التخصصات الجامعية الأنسب للريادة المجتمعية؟
    التخصصات الجامعية الأنسب للريادة المجتمعية، هي: ريادة الأعمال، والعلوم الاجتماعيّة، والتّنمية الدّوليّة، ودراسات السّياسات العامّة، والإدارة غير الرّبحيّة.
  3. كيف أبدأ مشروعي المجتمعيّ الخاص؟
    ابدأ بتحديد مشكلةٍ محليّةٍ، ثمّ صمّم حلّاً واقعيّاً لها، وجرّبه على نطاقٍ صغيرٍ، وابحث عن شراكاتٍ أو تمويلٍ لضمان النّمو والاستدامة.
تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
آخر تحديث:
تاريخ النشر: