Netaj تُطلق أول استوديو لرأس المال الاستثماري في العراق
مبادرةٌ جديدةٌ لدعم المشاريع النّاشئة في مراحلها المبكّرة عبر الاستثمار الموجّه، والتّوجيه المهنيّ، وبناء قدراتٍ طويلة الأمد لريادة الأعمال

هذا المقال متوفّرٌ باللّغة الإنجليزيّة من هنا.
أعلنت منصة "نتاج" (Netaj) المتخصّصة بالابتكار في العراق رسميّاً عن إطلاق "نواة"، والّذي يُعدّ أوّل استوديو لرأس المال الاستثماريّ في البلاد، في خطوةٍ تهدف إلى إعادة تشكيل مشهد الشّركات النّاشئة في مراحلها المبكّرة داخل العراق. ويُتوقّع أن يدعم البرنامج نحو 40 مشروعاً عراقيّاً في مراحل الفكرة، والنّموذج الأوّليّ القابل للتّجريب (MVP)، ومراحل التّوسّع.
تأسّست نتاج عام 2023 كمركزٍ تقنيٍّ وتجاريٍّ يدعم الشّركات النّاشئة والمحترفين في مختلف أنحاء العراق. وتُوفّر خدماتٍ استشاريّةً، وتدريباتٍ، وحلولاً لريادة الأعمال، إلى جانب مساحات عملٍ تعاونيّةٍ تُتيح للفرق تطوير وتنمية أفكارهم. ويُوسّع إطلاق نواة من نطاق عمل نتاج، ليشمل إلى جانب خدمات ريادة الأعمال، تقديم التّمويل، والمشاركة الفعليّة في بناء الشّركات، والدّعم طويل الأجل للشّركات النّاشئة.
وصرّح وسام متوت، الرّئيس التّنفيذيّ لنتاج، في مقابلةٍ مع منصة "Inc. Arabia": "لقد صُمِّم برنامج نواة على يد فريق من روّاد الأعمال المتسلسلين، والمستثمرين، وبُناة المنظومات، الّذين أسّسوا ونمّوا وباعوا شركاتٍ في العراق، والخليج، ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا".
كما أضاف متوت أنّ ما يميّز نواة عن البرامج التّقليديّة للشّركات النّاشئة هو التّجربة الجماعيّة للفريق المؤسّس. وقال: "مبدأ (من المؤسسين للمؤسسين) ليس مجرّد شعارٍ، بل هو أساسٌ في هيكل البرنامج، ونهج الإرشاد، وفلسفة الاستثمار". وتابع: "يفهم فريقنا بعمقٍ التّحديّات المحليّة الّتي يواجهها المؤسّسون، إلى جانب المعايير العالميّة الّتي يجب عليهم تلبيتها ليكونوا منافسين حقيقيّين".
يقع مركز نواة في منطقة الجادريّة بالعاصمة بغداد، ويبعث برسالةٍ واضحةٍ للفاعلين الإقليميّين مفادها: العراق قابلٌ للاستثمار. وقال متوت: "يوجّه إطلاق نواة رسالةً مفادها أنّ العراق قابلٌ للاستثمار، شريطة أن يتم الاقتراب منه باستراتيجيّةٍ وهيكلٍ وثقةٍ في المنظومة".
وأشار متوت إلى أنّ السّنوات الثّلاث إلى الخمس المقبلة ستشهد تحوّل العراق من كونه سوقاً حدوديّاً إلى مركزٍ صاعدٍ لريادة الأعمال. وأضاف: "نطمح لتحويل العراق من كونه سوقاً مُهمّشاً إلى سوقٍ ناشئٍ محترمٍ، عبر تحقيق نتائج فعليّةٍ للشّركات النّاشئة وليس مجرّد عناوين".
شاهد أيضاً: إطلاق مركز FedEx الإقليمي بتكلفة 1.3 مليار درهم
وأوضح متوت أنّ نموذج نواة يختلف تماماً عن المسرّعات أو الحاضنات التّقليديّة؛ فبدلاً من دفع الشّركات النّاشئة ضمن إطارٍ زمنيٍّ صارمٍ، يدعم فريق نتاج كلّ مشروعٍ بشكل مباشرٍ من خلال برنامجٍ مخصّصٍ يمتدّ على مدار 6 أشهرٍ، يجمع بين الإرشاد، وتطوير المنتجات، والوصول إلى الأسواق، والاستعداد للاستثمار.
قال متوت: "بدلاً من دفع الشّركات النّاشئة وفقاً لجدولٍ زمنيٍّ، نحن نشارك في بنائها، ونساعد على تشكيل نماذج أعمالها، والتحقّق من افتراضاتها، والاستعداد للتوسّع". وأضاف: "يعالج هذا النّموذج أوجه القصور الجذريّة ويبني قدرةً طويلة الأمد".
وأشار إلى أن بيئة الشّركات النّاشئة في العراق لا تزال في مراحلها التّكوينيّة، وتواجه فجواتٍ كبيرةً في رأس المال المُنظَّم المبكّر، والإرشاد الخبير، والإرشاد نحو توافق المنتج مع السّوق، إذ قال: "تفترض المسرّعات التّقليديّة وجود جاهزيّةٍ لا تعكس الواقع في العراق، حيث يفتقر الكثير من المؤسّسين إلى المعرفة الأساسيّة في بناء المشاريع، وتصميم دخول السّوق، أو الهيكلة الماليّة".
ولمعالجة هذه الفجوات، يعتمد برنامج نواة على نهجٍ غامرٍ يمتدّ لستة أشهر، يتضمّن مخيّماتٍ تدريبيّةٍ يقودها خبراء، وإرشادٍ فرديٍّ، ودعمٍ قانونيٍّ وماليٍّ، وربطاً مدروساً مع المستثمرين. كما يقدّم الاستوديو دعماً عينيّاً يشمل تطوير المنتجات، والعلامات التجارية، والأدوات الرّقميّة، بقيمةٍ تتراوح بين 10,000 و25,000 دولارٍ أمريكيٍّ، بالإضافة إلى استثمارٍ مباشرٍ يتراوح بين 25,000 و250,000 دولار عبر سنداتٍ قابلةٍ للتّحويل أو حصصٍ في رأس المال.
كما وصف متوت هذا النّموذج الاستثماريّ الهجين بأنّه استجابةٌ مباشرةٌ للاحتياجات الّتي رصدها الفريق من خلال العمل مع أكثر من 100 شركةٍ ناشئةٍ عراقيّةٍ. وقال: «نموذجنا الهجين، الّذي يجمع بين الدّعم التّشغيليّ العينيّ ورأس المال المباشر، يُتيح لنا تقليل المخاطر عن الشّركات في مراحلها المبكّرة والأكثر هشاشةً". وأضاف: "بهذا نُتيح للمؤسّسين التّركيز على البناء بدلاً من استنزاف السّيولة قبل الأوان، ثم نردم فجوة التّمويل عبر السّندات القابلة للتّحويل أو الاستثمارات المباشرة بعد التّحقّق من وجود نتائج ملموسةٍ".
ورغم أنّ نواة لا تتقيّد بقطّاعٍ معيّنٍ، فإنّها تركز على قطّاعاتٍ تُظهر مؤشّراتٍ قويّةً في ظلّ التّحديّات الهيكليّة في السّوق العراقيّة. وقال متوت: "نرى إمكاناتٍ قويّةً في مجالات التكنولوجيا المالية (Fintech)، والزّراعة الذّكيّة (Agritech)، والتّعليم الرّقميّ (Edtech)، والتّقنيات الصّحيّة (Healthtech)، وهي قطّاعاتٌ تواجه تحديّاتٍ جوهريّةً في العراق، ويمكن للتّقنيات الرّقميّة أن تقفز بها فوق الأنظمة التّقليديّة".
وأشار إلى وجود فرصٍ واعدةٍ أيضاً في مجالات الخدمات اللّوجستيّة، وبنية التّجارة الإلكترونيّة، والتّقنيات الخضراء، خصوصاً مع بدء تدفّق الاستثمارات المشتركة بين القطّاعين العامّ والخاصّ.
عبر هذه القطّاعات، ستركّز نواة على الشّركات الّتي تُظهر مؤشّراتٍ واضحةً على الجديّة، والالتزام من قبل المؤسّسين، والإمكانات للتّوسع الإقليميّ. وقال متوت: "القاسم المشترك بين هذه القطّاعات هو الطّلب غير المُلبّى، والسّلوكيّات المتغيّرة، وخصوصاً لدى الشّباب العراقيّ المتمرّس تقنيّاً". وأضاف: "المؤسّسون الّذين يعالجون مشكلاتٍ محليّةً واضحةً، ويبنُون نماذج قابلةً للتّكيّف مع الأسواق الإقليميّة، سيكونون الأفضل استعداداً لتحقيق النّجاح القابل للتّوسّع".
تقوم استراتيجيّة نواة على نهجٍ محليٍّ أوّلاً، إقليميٍّ لاحقاً، وهي استراتيجيّةٌ متأصّلةٌ في جميع جوانب منهجيّتها. وقال متوت: "يجب على الشّركات النّاشئة أن تُظهر نتائج فعليّةً من خلال حلّ مشكلاتٍ محليّةٍ حقيقيّةٍ، ولكن منذ اليوم الأوّل، نُوجّهها لبناء نماذج قابلةٍ للتّوسّع". وأضاف: "ندعم البنى التّقنيّة ثنائيّة اللّغة، والمنصّات القائمة على واجهات برمجة التّطبيقات (APIs)، والهياكل الجاهزة للامتثال الّتي يمكن تكييفها مع ديناميكيّات الأسواق الإقليميّة".
ولفت متوت إلى أنّ التّحديّات الّتي يواجهها المؤسّسون العراقيّون لا تتعلّق فقط بالمنتج أو التّمويل، بل تشمل عوائق هيكليّةً أيضاً. وقال: "بعيداً عن التّمويل، يعاني المؤسّسون من مشاكل في الحوكمة المؤسّسيّة، والامتثال، واستقطاب المواهب، والتّحقّق من السّوق". وأضاف: "الوصول إلى المرشدين، والأدوات المحليّة، ومعرفة رأس المال الاستثماريّ لا يزال محدوداً، كما أنّ العديد من الشركات الناشئة تُبنى دون اختبار منتجٍ منظّمٍ أو خطط دخول سوقٍ قابلةٍ للتّوسّع".
ولمواجهة هذه التّحديّات، توفّر نواة دعماً شاملاً لا يقتصر على العروض التّقديميّة فقط. وقال متوت: "نُعالج هذه التّحديات عبر مسارات دعمٍ مخصّصةٍ تغطّي كلّ شيءٍ من تسجيل الشّركات والهيكلة القانونيّة إلى اختبار السّوق واكتساب العملاء". وأضاف: "نُرشد المؤسّسين في استراتيجيّات الامتثال، وتخفيف المخاطر، والتّمويل بعيداً عن المنح والمسابقات، مع التّركيز على رأس المال المؤسّسي المستدام".
وربّما الأهمّ من كلّ ذلك، أنّ نتاج تراهن على بناء قدرات طويلة المدى، لا على إنجازاتٍ مؤقّتةٍ. وقال متوت: "نحن لا نُدرّب المؤسّسين فحسب، بل نُرسّخ فيهم عقليّة المستثمر". وأضاف: "يخضع كلّ مؤسّسٍ لجلسات تدريب على النّمذجة الماليّة، والتّفاوض على بنود الاستثمار، وإعداد غرف البيانات، والاستعداد للعروض".
شاهد أيضاً: إطلاق منصة SKYNA للطيران الخاصّ في السعودية
كما تستفيد الشّركات النّاشئة من تواصلٍ مباشرٍ مع المستثمرين عبر فعاليّات العروض التّجريبيّة، وجلسات التّدريب، وساعات العمل، وشبكات ريادة الأعمال الإقليميّة، بما فيها الجالية العراقيّة في الخارج. وقال متوت: "الإرشاد لدينا ليس عابراً، بل مستمرٌّ، ومخصّصٌ، ومرتبطٌ بمعالم ملموسةٍ".
أمّا بالنّسبة للمستثمرين الإقليميّين والدّوليّين الّذين كانوا يتردّدون سابقاً في دعم الشّركات النّاشئة العراقيّة، فإنّ نواة تطمح لأن تكون بوابةً موثوقةً للتّعامل معهم، إذ قال متوت: "نأمل أن تصبح نواة مساراً موثوقاً لفرص الاستثمار للمستثمرين الإقليميّين الباحثين عن النّموّ والأثر والتّميّز الأوّل". وأضاف: "كما نطمح إلى إلهام المؤسّسات المحليّة، والبنوك، والشّركات الكبرى، للمشاركة في الاستثمار المشترك، والابتكار المشترك، والإيمان بإمكانات روّاد الأعمال العراقيّين".