الرئيسية ستارت أب Merak Capital تدعم نمو قطاع الأزياء السعودي وتوسع استثماراته

Merak Capital تدعم نمو قطاع الأزياء السعودي وتوسع استثماراته

حين يشهد قطاّع الأزياء السّعوديّ نهضةً استثماريّةً وثقافيّةً، يسعى الدّعم المؤسّسيّ إلى تمكين الشّركات من النّموّ المستدام وفتح آفاق التّوسّع محليّاً وإقليميّاً

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

يشهد قطّاع الأزياء في المملكة العربيّة السّعوديّة انتقالاً متسارعاً نحو دائرة الضّوء، وتسعى "ميراك كابيتال" (Merak Capital) إلى ضمان توافر الدّعم المؤسّسيّ الّذي يمكّنه من النّموّ والتّوسّع.

وفي شهر سبتمبر، أطلقت الشّركة الاستثماريّة -الّتي تتّخذ من الرياض مقرّاً لها- صندوق الأزياء بقيمة 300 مليون ريالٍ سعوديٍّ (80 مليون دولارٍ أمريكيٍّ)، بالشّراكة مع صندوق التّنمية الثّقافيّ (CDF)، في خطوةٍ تمثّل دخولها الأوّل إلى عالم الأزياء.

كُشف عن الصّندوق الاستثماريّ الخاصّ خلال "مؤتمر الاستثمار الثقافي" الّذي نظّمته وزارة الثّقافة في المملكة، برعاية صاحب السّموّ الملكيّ الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء، وذلك في مركز الملك فهد الثّقافي بالرياض.

وجاءت هذه الشّراكة بدعم ورعاية صاحب السّموّ الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان آل سعود، وزير الثّقافة ورئيس مجلس إدارة صندوق التّنمية الثّقافيّ (CDF)، حيث ستتولّى "ميراك كابيتال" إدارة الصّندوق. ومع دخول الصّندوق الثّقافيّ التّنمويّ كمستثمرٍ رئيسٍ، يهدف "صندوق الأزياء" إلى ضخّ التّمويل في مراحل النّموّ لقطّاعات الأزياء والتّصميم والجمال، وكلّ ما يساندها من منظوماتٍ تمكينيّةٍ تمتدّ عبر سلسلة القيمة.

بالنّسبة إلى "ميراك كابيتال"، لا يُمثّل الصّندوق الجديد استثماراً ثقافيّاً فحسب، بل خطوةً في مسارٍ استراتيجيٍّ أوسع نحو التّطوّر والتّنوّع؛ فمنذ تأسيسها عام 2020 على يد عبد الله التمّامي وعثمان الحكيل، ركّزت الشّركة أساساً على القطّاعات المعزَّزة بالتّقنية. كما أنّها  حاصلةٌ على ترخيصٍ من هيئة السّوق الماليّة منذ عام 2018، وتدير اليوم أكثر من 3 مليارات ريالٍ سعوديٍّ (800 مليون دولارٍ أمريكيٍّ) عبر مجالات الملكيّة الخاصّة ورأس المال المغامر والائتمان الخاصّ. وتضمّ محفظتها استثماراتٍ في التّكنولوجيا الماليّة والتّنقّل والألعاب والبرمجيّات كخدمة (SaaS)، إلى جانب مبادراتٍ مثل "إكسل من ميراك" (Exel by Merak)، مسرّعة الألعاب الّتي أُطلقت عام 2024 وأقامت يومها التّعريفيّ الأوّل في أغسطس 2025.

في مقابلةٍ مع "عربية Inc."، يعتبر عبد العزيز السعيد، نائب الرّئيس في "ميراك كابيتال"، أنّ إطلاق صندوق الأزياء يشكّل خطوةً طبيعيّةً في مسار الشّركة الاستثماريّة متعدّدة الاستراتيجيّات ومقرّها الرياض. ويشير إلى أنّ الشّركة على مدار السّنوات دعمت شركاتٍ رائدةً في مجالات التّقنية والألعاب والتّكنولوجيا الماليّة والتّنقّل والبرمجيّات كخدمةٍ، ملتزمةً دوماً بالانضباط المؤسّسيّ وبمواكبة أهداف رؤية 2030 في تنويع الاقتصاد.

ويضيف عبد العزيز أنّ صندوق الأزياء ليس مجرّد تطبيقٍ لصرامة الاستثمار في قطّاعٍ جديدٍ، بل هو أيضاً تجسيدٌ للالتزام بقطّاعٍ يتناغم مع الاستراتيجيّة الثّقافيّة الوطنيّة. ومن خلال الشّراكة مع وزارة الثّقافة وصندوق التّنمية الثّقافيّ، تمثّل هذه المبادرة فرصةً لدمج الهويّة الثّقافيّة ضمن مسار النّموّ الاقتصاديّ للمملكة العربيّة السّعوديّة.

لم يكن الارتباط بالتّراث عارضاً، إذ وضعت رؤية 2030 الثّقافة والإبداع في قلب استراتيجيّة المملكة لتنويع الاقتصاد. ومن خلال توسيع استثماراتها لتشمل الأزياء، تخطو "ميراك كابيتال" نحو قطّاعٍ يجمع بين التّعبير عن الأصالة السّعوديّة والإمكانات الاقتصاديّة الواعدة. ويسعى صندوق الأزياء في الوقت نفسه إلى إدخال رأس المال المؤسّسيّ إلى هذا القطّاع الّذي ظلّ تاريخيّاً محدود التّمويل رغم قدراته الكبيرة على النّموّ. ومع دور صندوق التّنمية الثّقافيّ في تحفيز هذا التّمويل، وتوجيه لجنة الأزياء التّابعة لوزارة الثّقافة، وتوفير "ميراك كابيتال" للحوكمة والانضباط التّنفيذيّ، ترنو هذه الشّراكة إلى رفع صناعة الأزياء السّعودية إلى المستوى العالميّ.

كما يشير عبد العزيز إلى أنّ "المملكة العربيّة السّعوديّة تتمتّع بمكانةٍ فريدةٍ، إذ تحتضن إرثاً حضاريّاً من أغنى ما في المنطقة، وجيلاً ناشئاً يتّقد رغبةً في التّعبير عن ذاته ورؤيته للعالم. ورغم أن قطاّع الأزياء والجمال يساهم اليوم بحوالي 2.6% من النّاتج المحليّ الإجماليّ، فإنّ الاستراتيجيّة الثّقافيّة الوطنيّة ترسم أهدافاً طموحةً لرفع هذا الإسهام بشكلٍ ملموسٍ بحلول عام 2030. ويهدف صندوق الأزياء إلى ترجمة هذا الطّموح إلى واقعٍ عمليٍّ من خلال توجيه رأس المال المؤسّسيّ إلى قطّاعات الأزياء والجمال والتّصميم، تلك الّتي توفّر فرص عملٍ، وتدعم نموّ روّاد الأعمال، وتعكس الهويّة السّعوديّة على المستوى العالميّ.

في جوهر هذه المبادرة يكمن طموح "ميراك كابيتال"، المستند إلى قناعةٍ راسخةٍ بأنّ قطّاع الأزياء السّعوديّ يمثّل فئةً استثماريّةً واعدةً. ويشرح عبد العزيز قائلاً: "قليلةٌ هي شركات الملكيّة الخاصّة عالميّاً الّتي خصّصت رأس مالٍ للأزياء كفئةٍ مستقلّةٍ للاستثمار، أمّا السّعوديّة فتمتلك ميّزاتٍ استثنائيّةٍ: جيلٌ شابٌّ متقنٌّ للرّقمنة، ودعمٌ استراتيجيٌّ من رؤية 2030، وسلطةٌ ثقافيّةٌ واضحةٌ في مجالاتٍ مثل الأزياء المحتشمة. وبالنّسبة لـ"ميراك كابيتال"، الّتي تمتلك سجلّاً قويّاً في مجالي التّقنية والألعاب، تمثّل الأزياء الخطوة المنطقيّة التّالية؛ فرصةٌ لإضفاء العمق المؤسّسيّ والحجم والتّنافسيّة العالميّة على قطّاعٍ غنيٍّ بالتّراث والإبداع".

ويشير عبد العزيز أيضاً إلى الإمكانات الهائلة لسوق الأزياء المحليّ، وإلى النّموّ المتسارع للقطّاع، بوصفهما مساحةً خصبةً أمام المصمّمين وروّاد الأعمال الشّباب لاقتطاع نصيبهم. ويضيف: "يبلغ حجم قطّاع الأزياء في المملكة اليوم 34 مليار دولارٍ، ومن المتوقّع أن يتجاوز 40 مليار دولارٍ بحلول 2029. وفي هذا السّوق، يتسارع نموّ قطّاع الجمال، وتكاد تتضاعف المبيعات عبر التّجارة الإلكترونيّة، ويُظهر المستهلك السّعوديّ ولاءً استثنائيّاً للعلامات المحليّة، في الوقت الّذي يهيمن فيه اللّاعبون الدّوليّون؛ وهذه الفجوة هي فرصتنا".

لكنّ الأمر لا يقتصر على إمكانات السّوق فحسب؛ فقد قدّم العام الماضي بالفعل دلائل ملموسةً على أنّ الفرصة ناضجةٌ للاستثمار. ففي يناير من هذا العام، أطلقت شركة نايس ون بيوتي للتسويق الرقميّ (Nice One Beauty Digital Marketing Company)، المنصّة السّعوديّة للتّجارة الإلكترونيّة في مجال المكياج، عرضاً أوّليّاً للاكتتاب العامّ على سوق تداول، ثم أعلنت شركة "جمجوم لتجارة الأزياء" (Jamjoom Fashion Trading Co.) -المتخصّصة في بيع الأزياء ونمط الحياة- في سبتمبر عن خططٍ لبيع 30% من أسهمها عبر اكتتابٍ عامٍّ في السّوق الموازي «نمو». وتعدّ هذه الأمثلة جزءاً من الدّلائل العمليّة الّتي يرى عبد العزيز أنّ ميراك كابيتال يمكن البناء عليها.

ويضيف: "في الأشهر الأخيرة، طرحت عدّة شركاتٍ سعوديّةٍ في مجالي الأزياء والجمال أسهمها للاكتتاب العامّ، بقيمٍ إجماليّةٍ تقارب 2 مليار دولارٍ. هذه الأحداث ليست نجاحاتٍ منفردةً، بل إشاراتٌ للمستثمرين العالميّين بأنّ العلامات السّعوديّة قابلةٌ للاستثمار والتّوسّع، وقادرةٌ على توليد قيمةٍ كبيرةٍ. ويهدف صندوق الأزياء إلى تحويل هذا الزّخم إلى قاعدةٍ مؤسسيّةٍ، من خلال دعم الجيل التّالي من الشّركات، وتوفير الحوكمة ورأس المال والهياكل اللّازمة لتوسيع نطاق أعمالها على مستوى المنطقة وخارجها".

لكن السّؤال الأهمّ يبقى: إلى أيّ القطّاعات سيتوجّه هذا التّمويل؟ يرى عبد العزيز أنّ مجالات الجمال والعطور تحمل جاذبيّةً خاصّةً، لا سيما مع سيطرة المملكة العربيّة السّعوديّة على أكثر من نصف الطّلب الحاليّ في دول مجلس التّعاون الخليجيّ. ويضيف أنّ التّجارة الإلكترونيّة والتّجزئة متعدّدة القنوات تمثّل مساحة نموٍّ سريعٍ، إذ يُتوقّع أن تتضاعف المبيعات عبر الإنترنت لتبلغ 7.6 مليار دولارٍ بحلول 2029. أمّا الأزياء المحتشمة فتبرز كسوقٍ عالميٍّ يقدّر بنحو 318 مليار دولارٍ، وتمتلك السّعوديّة فيه شرعيّةً ثقافيّةً واضحةً، لكنّها ما تزال ممثّلةً بشكلٍ محدودٍ.

ومع ذلك، لا يقتصر هدف صندوق الأزياء على مجرّد التّمثيل، إذ يوضّح عبد العزيز أنّ دمج الإرث الثّقافيّ الغنيّ للمملكة مع ثقافة الأزياء المحليّة المتجدّدة يمكّن الصندوق من تطوير نماذج استثماريّةٍ قابلةٍ للتّطبيق وذات جدوىً حقيقيّةً في مجالات الأزياء والجمال والتّصميم، بما يعكس الهويّة السّعوديّة ويخلق فرصاً للنّموّ المستدام.

كما يوضّح عبد العزيز أنّ الرّبحيّة والأصالة الثّقافيّة ليسا هدفين متعارضين، بل إن كلّاً منهما يغذّي الآخر ويعزّزه؛ فالعلامة السعودية المبنية على الأصالة تتميّز بالصّلابة محليّاً والقدرة على التّفرّد عالميّاً. وتتمثّل مهمّة "ميراك كابيتال" في توفير الحوكمة ورأس المال والحجم الّذي يمكّن هذه العلامات من النّموّ والازدهار. وهكذا، تتحقّق العوائد الماليّة للمستثمرين في الوقت الّذي تُعزّز فيه الأهداف الوطنيّة. وقد أكّدت وزارة الثّقافة، عبر لجنة الأزياء التّابعة لها، أنّ الهوية الثّقافيّة والأثر الاقتصاديّ عنصران متلازمان، وهو ما تتبنّاه "ميراك كابيتال" بالكامل؛ فالأصالة تدعم الرّبحيّة، والرّبحيّة تحمي الأصالة وتضمن استدامتها.

ويعتقد عبد العزيز أنّ ما يميّز هذا المشهد ويؤهّل روّاد الأعمال والمصمّمين للنّجاح هو التّمسك بالقيم الجوهريّة للمملكة، مع التّوازن الدّقيق بين الإرث والتّوسّع؛ فيقول: "أوّل نصيحةٍ أقدّمها تكمن في استثمار الأصالة؛ فالمملكة العربيّة السّعوديّة تمتلك إرثاً ثقافيّاً من أغنى ما في العالم، والأصالة تشكّل الفارق الأهمّ الّذي يميّز روّاد الأعمال المحليّين. وقد سخّرت وزارة الثّقافة، عبر لجنة الأزياء، منصاتٍ فعّالةً لعرض التّصميم السّعوديّ، ويجب على المصمّمين استغلال هذه الفرص بشكلٍ كاملٍ لتعزيز حضورهم وتحقيق تأثيرٍ ملموسٍ.

ويواصل عبد العزيز عرض نصائحه قائلاً: "تكمن النّصيحة الثّانية في احتضان الانضباط المؤسّسيّ؛ فالإبداع يشكّل الشّرارة الّتي تولّد الفكرة، لكن ما يضمن جذب رأس المال واستدامة الأعمال على المدى الطّويل هو حوكمةٌ قويّةٌ، وهوامش ربحٍ صحيّةٌ، وعمليّاتٌ قابلةٌ للتّوسّع. أمّا النّصيحة الثّالثة فهي اعتماد التّفكير الرّقميّ أوّلاً؛ فالأزياء اليوم تنمو وتنتشر عبر المنصّات الرّقميّة سواء من خلال التّجزئة متعدّدة القنوات أو التّسويق الرّقميّ أو تقنيات سلسلة التّوريد، ويُتوقّع أن يتضاعف حجم سوق التّجارة الإلكترونيّة للأزياء في السّعوديّة خلال السّنوات المقبلة، إذ إنّ روّاد الأعمال الّذين يجمعون بين الأصالة والانضباط والقدرة على التّوسّع الرّقميّ لن يحقّقوا النّجاح التّجاريّ فحسب، بل سيسهمون أيضاً في ترسيخ أهداف رؤية 2030 المتعلّقة بخلق الوظائف ودعم ريادة الأعمال وتعزيز التّنافسيّة العالميّة.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
زمن القراءة: 8 دقائق قراءة
آخر تحديث:
تاريخ النشر: