Boxy تُحدث نقلة في لوجستيات العراق بتمويل 1.5 مليون دولار
منصةٌ ذكيّةٌ توحّد شبكات التّوصيل في العراق، وتربط أكثر من 1500 ساعياً عبر نظامٍ مدعومٍ بالذكاء الاصطناعي لدعم نموّ التّجارة الإلكترونيّة وتعزيز كفاءة السّوق

هذا المقال متوفّرٌ باللّغة الإنجليزيّة من هنا.
في خطوةٍ وُصفت بأنّها بداية تحوّلٍ جذريٍّ في قطّاع التّوصيل بالعراق، حصلت شركة "بوکسي" (Boxy) المتخصّصة في تجميع خدمات اللّوجستيات على تمويل ما قبل البذرة بقيمة 1.5 مليون دولارٍ أمريكيٍّ من شركة رأس المال المغامر وبناء المشاريع "إي كيو آي كيو" (EQIQ) الّتي تتّخذ من أبوظبي مقرّاً لها، إيذاناً بإطلاقها الرّسميّ. ويأتي هذا الاستثمار في إطار استراتيجيّة إي كيو آي كيو لبناء مشاريع تسدّ فجوات السّوق وتعزّز البنية التّحتيّة الرّقميّة في العراق بمجالات التكنولوجيا المالية، واللّوجستيات، والتّجارة الإلكترونيّة.
تأسّست بوکسي عام 2024 في بغداد على يد الرّئيس التّنفيذيّ أحمد باقر، ومدير التّكنولوجيا التّنفيذيّ مهرشاد بزشك، بهدف توحيد سوق التّوصيل في "الميل الأخير" بالعراق من خلال دمج أكثر من 1500 ساعياً في منصّة شحنٍ واحدةٍ مدعومةٍ بالذكاء الاصطناعي. وتعمل آليّة المطابقة الذّكيّة في المنصة على ربط تفضيلات التّجار بأداء شركات التّوصيل، لتوجيه الشّحنات إلى الشّريك الأكثر كفاءةً.
وأوضح بزشك في حديثه مع منصّة "عربية .Inc" أنّ توقيت الإطلاق جاء في لحظةٍ مثاليّةٍ لسوقٍ عراقيٍّ يعاني من تشرذمٍ كبيرٍ رغم نموّه السّريع؛ فقال: "أطلقنا بوکسي لأن سوق التجارة الإلكترونية في العراق يشهد طفرة، لكنّ خدمات التّوصيل باتت فوضويّةً وغير موثوقةٍ. قبل خمس سنواتٍ كان هناك أقلّ من 15 شركة توصيلٍ للميل الأخير، واليوم تجاوز العدد 1100 شركةً، كلٌّ منها بقوانين وأسعار ونطاقات تغطيةٍ مختلفةٍ، دون وجود نظامٍ موحّدٍ أو خدمة بريدٍ وطنيّةٍ. كان التّجار يخسرون قرابة 30% من المبيعات المحتملة بسبب فشل عمليّات التّوصيل، ويقضون 60% من وقتهم في إدارة الشّحنات". وأضاف أنّ الوقت مثاليٌّ مع ازدياد الاعتماد على التّسوق عبر الإنترنت، وقيمة سوق اللّوجستيات الّتي تجاوزت 700 مليون دولارٍ سنويّاً، وغياب المنافس المسيطر. وأردف: "العراق اليوم يشبه الهند قبل عشر سنواتٍ، حين أحدثت شركات تجميع اللّوجستيات -مثل شيبروكيت- ثورةً في السّوق. رأينا الفرصة لتطبيق النّموذج نفسه مع تكييفه لتحديّات العراق".
شاهد أيضاً: Khazna تحصل على تمويل بقيمة 16 مليون دولار
وبيّن بزشك أنّ الشّراكة مع إي كيو آي كيو لا تقتصر على التّمويل فحسب، بل تقوم على رؤيةٍ مشتركةٍ طويلة المدى للاقتصاد الرّقميّ العراقيّ؛ فقال: "مهمّة إي كيو آي كيو هي الاستثمار وبناء البنية التّحتيّة الرّقميّة الأساسيّة الّتي يحتاجها العراق لتسريع نموّه الاقتصاديّ. وتتماشى بوکسي مع هذه المهمّة تماماً، فاللّوجستيات هي العمود الفقريّ للتّجارة الإلكترونيّة، وهذه الأخيرة هي مستقبل تجارة التّجزئة في العراق". وأشار إلى أنّ الشّراكة منحتهم رأس مالٍ استراتيجيّاً، وشبكةً قويّةً من المستشارين، وخبرةً تشغيليّةً في توسيع المنصّات التّقنية في الأسواق الناشئة، بالإضافة إلى تسهيل شراكاتٍ مع كبار التّجار وشركات النّقل، وتوفير هيكليّةٍ إداريّةٍ للاستعداد للنّموّ السّريع.
ومنذ انطلاقتها، سجّلت بوکسي نموّاً ثابتاً على أساسٍ شهريٍّ، مع تضاعف أعداد التّجار في الشّهر الأخير. وتعمل المنصّة على تقليص وقت تسجيل التّجار من أسابيع إلى ساعاتٍ معدودةٍ، وإلغاء الحاجة إلى إدارة عدّة لوحات تحكّمٍ أو التّفاوض مع شركات النّقل المختلفة.
وعن دوافع تبنّي المنصة بسرعةٍ، أوضح بزشك أنّها تعود إلى حاجةٍ ملحّةٍ لحلّ مشاكل مزمنةٍ أعاقت نموّ التجارة الإلكترونية في العراق، مثل التشرذم، وانعدام الشّفافيّة، وغياب التّوحيد القياسيّ، والمشكلات الماليّة، وفقدان ثقة العملاء؛ فقال: "لدينا أكثر من 1000 شركة توصيلٍ بلا معايير موحّدةٍ للأسعار أو الأوزان أو الخدمة، ممّا يحرم التّجار من متابعة الشّحنات أو حلّ المشكلات بسرعةٍ. كذلك، اختلاف الأنظمة التّشغيليّة يؤدّي إلى تعدد لوحات التّحكم، وصيغ الملصقات، وطرق المطابقة المالية". وأضاف أنّ بطء وغياب الشّفافيّة في تسويات الدّفع عند الاستلام يسبّب أزمات سيولةٍ للتّجار، بينما قد تؤدّي تجربة توصيلٍ سيئةً واحدةً إلى الإضرار بالعلامة التّجاريّة ووقف النّموّ.
ولكن، تتجاوز رؤية بوکسي حلّ مشاكل التّوصيل؛ فهي منصّةٌ لوجستيّةٌ متكاملةٌ، تستخدم محرّك مطابقةٍ مدعوماً بالذكاء الاصطناعي يحلّل أكثر من 60 متغيّراً لكلّ شحنةٍ، ويوحّد تنسيقات الملصقات للشّحن عبر شركاتٍ متعدّدةٍ من لوحة تحكّمٍ واحدةٍ، كما يدمج إدارة وتتبّع عمليّات الدّفع عند الاستلام في وحدةٍ ماليّةٍ موحّدةٍ، ويوفّر دعماً مركزياً لحلّ المشكلات بسرعةٍ، بالإضافة إلى أدواتٍ موجّهةٍ للعملاء، مثل: صفحات تتبّعٍ مخصّصةٍ للعلامة التجارية، وتحديثاتٍ آليّةٍ عبر واتساب والرّسائل النّصيّة، وخدمة الإرجاع بنقرةٍ واحدةٍ لتعزيز الثّقة والولاء.
ومع رأس المال الجديد، تستعدّ الشّركة لتوسيع قدراتها في مجال الذكاء الاصطناعي. وقال بزشك: "تركّز المرحلة التّالية على التّوسّع من خلال الابتكار بالذكاء الاصطناعي. ونعمل على إطلاق "بوکسي ريسكيو" (BoxyRescue)، ونظام استرداد تقارير عدم التّسليم (NDR) المدعوم بالذكاء الاصطناعي، لتحقيق معدّل حلّ استفساراتٍ بنسبة 99% عبر الاتّصال الآليّ، والكشف الذّكيّ، وتوحيد أنظمة شركات النّقل. سيؤدّي ذلك إلى خفض معدّلات العودة إلى المرسل بأكثر من 40%، وتقليل التّكاليف التّشغيليّة بنسبة 30%، وخفض عبء الدّعم بنسبة 75%". وأشار إلى تطوير "بوکسي سيلكت" (BoxySelect)، وأداة توزيع واختيار شركات النّقل بالذكاء الاصطناعي، عبر تدريبها على بيانات التّسليم التّاريخيّة والحيّة لتحسين الكلفة والسّرعة والموثوقيّة لكلّ شحنةٍ".
وأكّد بزشك أنّ نصف رأس المال لا يزال محفوظاً، ممّا يمنح الشّركة فترةً تشغيليّةً تصل إلى 13 شهراً لتحقيق أهداف الذكاء الاصطناعي والتّوسّع إلى أكثر من 100 ألف طلبٍ شهريٍّ قبل جولة التّمويل التّالية.
واختتم بالحديث عن خطط التّوسّع الجغرافيّ: "في الرّبع الرّابع من 2025، سنتوسّع إلى مدينةٍ جديدةٍ داخل العراق، ونسعى لتغطية البلاد بالكامل بحلول 2026. رؤيتنا طويلة الأمد أن نصبح العمود الفقريّ اللّوجستيّ للعراق، ثم ننطلق لاحقاً إلى أسواقٍ أخرى في المنطقة".