الرئيسية الريادة في يوم المرأة العُمانية: مشاريع قادتها نساء من سلطنة عمان

في يوم المرأة العُمانية: مشاريع قادتها نساء من سلطنة عمان

حين تنسج المرأة العُمانية طموحها بإبداعٍ وإصرارٍ تصبح شعلةً مضيئةً تلهم الأجيال وتقود التّنمية وتكتب فصول المستقبل المشرق

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

مع حلول السّابع عشر من أكتوبر، تحتفل سلطنة عُمان بيوم المرأة العُمانية؛ يومٌ يحمل بين طياته قصّة كفاحٍ وإبداعٍ لا تتوقّف، وحكاية حضورٍ مستمرٍّ في كلّ زاويةٍ من زوايا الحياة؛ فمن مقاعد التّعلّم إلى ساحات الابتكار، ومن الحرف والفنون إلى ميادين القيادة وريادة الأعمال، تُثبت المرأة العُمانية أنّ الطّموح لا يعرف حدوداً، وأنّ النّجاح يتحقّق عندما يمتزج الإصرار بالقدرة والرّؤية.

هذا اليوم ليس مجرّد مناسبةٍ عابرةٍ، بل محطّة للتّأمّل في مسيرةٍ طويلةٍ من التّمكين، حيث كانت المرأة دائماً شريكاً فاعلاً في بناء المجتمع وتنميته، صانعة التّغيير وملهمة الأجيال القادمة؛ إنّه يومٌ يحتفل بالقدرات، ويعكس قوّة العزيمة، ويؤكّد أنّ المستقبل المشرق للوطن لا يكتمل إلّا بحضور المرأة ومساهمتها الفعّالة في كلّ مجالٍ.

المرأة العُمانية ودورها في التنمية الوطنية

منذ بزوغ فجر النّهضة العُمانية الحديثة، كان للمرأة العُمانية حضورٌ حيٌّ لا يغيب عن مسيرة البناء والتّقدمّ، شريكٌ لا يقتصر دوره على المشاركة بل محرّكٌ يضيف الحيويّة والعمق لكلّ مشروعٍ ومجالٍ؛ فقد أكدت البيانات الرّسميّة للمركز الوطنيّ للإحصاء والمعلومات أنّ النساء العمانيات يشكلن نحو نصف السّكّان تقريباً، وهو رقمٌ يعكس توازناً مجتمعيّاً يضع المرأة في قلب التّنمية.

وفي ميادين التّعليم، تتجلّى قوة هذا التّمكين بوضوحٍ؛ فقد انخفضت معدّلات الأميّة بين الإناث من 10.6% عام 2015 إلى 6.5% بنهاية 2019، مؤشّرٌ ملموسٌ على التزام الدّولة بتوفير فرص تعليمٍ متكافئةٍ لكلّ فتاةٍ، وتمكينها من أن تصبح فرداً فاعلاً ومؤثّراً في المجتمع. ومع توسّع دائرة العمل الاقتصادي، ارتفعت نسبة النّساء العاملات في القطّاعين العام والخاصّ، لتثبت المرأة العُمانية ريادتها وابتكارها، سواء من خلال تولّي مناصب قياديّةٍ أو تأسيس مشاريع صغيرةٍ ومتوسّطةٍ تضيف أبعاداً جديدةً للاقتصاد الوطنيّ وتنوّعه.

كلّ هذه المؤشّرات لا ترسم صورةً مجرّدةً عن الإحصاءات، بل تحكي قصّة امرأة عُمانية قادرةٍ على أن تكون شريكاً ومُبتكراً ومحرّكاً للتّغيّير، تؤكّد أنّ التّنمية الوطنيّة لا تكتمل إلّا بحضورها ومساهمتها المستمرّة في كلّ ميادين الحياة، من التّعليم والصّحة إلى الاقتصاد وريادة الأعمال، لتصبح بذلك رمزاً حيّاً للإصرار والإبداع في مسيرة السلطنة نحو المستقبل. [1]

مشاريع ناجحة قادتها نساء عُمانيات

في أفق الريادة والإبداع، تتلألأ مشاريع نساء عُمانيات كنجومٍ تضيء سماء الاقتصاد الوطنيّ، حاملةً أفكاراً تحوّلت إلى واقعٍ ملموسٍ يثري المجتمع ويحفّز الطّموح؛ فكلّ مشروعٍ منهنّ هو شهادةٌ حيّةٌ على الإصرار والابتكار، يروي قصّة قدرة المرأة على تحويل التّحديات إلى فرصٍ، ويجسّد شراكتها الفاعلة في صناعة مستقبل مشرق للسلطنة. ومن هذه المشاريع نذكر:

شركة Aliph Capital

في يوم المرأة العُمانية: مشاريع قادتها نساء من سلطنة عمان

تبرز شركة "ألف كابيتال" (Aliph Capital) كأحد أبرز الأسماء في مجال الاستثمار الخاصّ، مؤسَّسةً على يد هدى اللواتي في عام 2021. تُعدّ ألف كابيتال أوّل شركة استثمارٍ خاصٍّ تُؤسَّس على يد امرأةٍ في منطقة الخليج، ممّا يعكس التزامها بتعزيز التّنوّع والشّموليّة في القطّاع الماليّ. تتّخذ الشّركة من أبوظبي مقرّاً لها، وتستهدف الشّركات المتوسطة الحجم في دول مجلس التّعاون الخليجيّ، مع التّركيز على القطّاعات الحيويّة مثل البنية التّحتيّة، والرّعاية الصّحيّة، والتّعليم، والمنتجات الاستهلاكيّة.

كما تسعى الشّركة إلى تمكين هذه الشّركات من التّكيّف مع المستقبل الرّقميّ، من خلال تقديم الدّعم الماليّ والتّوجيه الاستراتيجيّ، ممّا يُسهم في تعزيز نموّها وتوسّعها. وقد نجحت الشّركة في جمع تمويلٍ بقيمة 200 مليون دولارٍ أمريكيٍ لصندوقها الأول (Aliph Fund I) بمشاركة مستثمرين بارزين مثل شركة أبوظبي القابضة (ADQ) وشركة جدوى، الذّراع الاستثماريّ لصندوق الاستثمارات العامّة السّعودي.

منصة WomeX

منصة WomeX هي مبادرةٌ عمانيّةٌ رائدةٌ أسّستها رميثة البوسعيدي في عام 2020، لتكون جسراً يربط بين الطّموح والفرص للنّساء العربيّات والجنوب آسيويّات. جاءت الفكرة من رؤيةٍ واضحةٍ لتمكين المرأة عبر تطوير مهارات التفاوض، وبناء الثّقة بالنّفس، وتعزيز قدراتها القياديّة، مع مراعاة السّياق الثّقافيّ والاجتماعيّ لكلّ مشاركةٍ.

تجمع المنصّة بين الإرشاد الشّخصيّ والتّقنيّات الرّقميّة، لتخلق بيئةٍ تعليميّةٍ داعمةٍ تشجّع على الابتكار والمبادرة. كما توفّر أدواتٍ عمليّةً للنّموّ المهنيّ والرّفاهيّة الشّخصيّة، مستهدفةً النّساء الطّموحات من جيل الألفيّة اللّواتي يسعين لتوسيع آفاقهنّ وتحقيق إمكانياتهنّ الكاملة. وبفضل هذه الرّؤية المتكاملة، أصبحت WomeX مرجعاً للمرأة الطّموحة الباحثة عن فرصٍ لتطوير نفسها ومجتمعها.

شركة MarkeetEx

تبرز شركة "ماركيت إكس" (MarkeetEx) كإحدى أبرز الشّركات النّاشئة الّتي أسّستها شريفة البرامي وخالد الحسني في عام 2018، لتكون منصّة تسوّقٍ إلكترونيّةً مبتكرةً تُلبّي احتياجات الأسر العمانيّة، إذ تجمع بين تجربة التّسوّق التّقليديّة وراحة التّسوّق الرّقميّ، مقدّمةً مجموعةً واسعةً من المنتجات تشمل المواد الغذائيّة، الإلكترونيّات، والأزياء، ومستحضرات التّجميل، مع خدمة توصيلٍ سريعةٍ تصل إلى ساعتين في مسقط.

كما تسعى الشّركة إلى دعم المشاريع الصّغيرة والمتوسّطة في عمان، حيث تضمّ منصّتها أكثر من 1,000 تاجرٍ محليٍّ، ممّا يُسهم في تعزيز الاقتصاد الوطنيّ. وبفضل هذه المبادرة، تُعد ماركيت إكس مثالاً حيّاً على الابتكار المحليّ في مجال التجارة الإلكترونية.

شركة Bohwan CyberTech

في يوم المرأة العُمانية: مشاريع قادتها نساء من سلطنة عمان

في قلب التّحوّل الرّقميّ العالميّ، تبرز شركة "بهوان سايبرتك" (Bohwan CyberTech) كإحدى أبرز الشّركات العمّانيّة الّتي أسّستها هند بنت سهيل بهوان في عام 1999، لتكون رائدةً في مجال الحلول التّقنيّة المبتكرة. منذ نشأتها، وضعت الشّركة نصب عينيها تمكين المؤسّسات من التّكيّف مع المستقبل من خلال تقديم حلولٍ رقميّةٍ متقدّمةٍ تشمل التّحليلات التّنبؤيّة، وتجربة المستخدم الرّقميّة، وإدارة سلسلة الإمداد الرّقميّة.

تعمل بهوان سايبرتك في أكثر من 40 دولةً، وتخدم أكثر من 2000 عميلٍ، بما في ذلك شركاتٍ من قائمة فورتشن 500. وتسعى الشّركة إلى تحقيق رؤيتها في أن تكون شريكاً موثوقاً للمؤسّسات الّتي تتطلّع إلى الابتكار والنّموّ المستدام. ومن خلال استراتيجيّاتها المبتكرة، تواصل بهوان سايبرتك تعزيز مكانتها كقوّةٍ دافعةٍ في مجال التّحوّل الرّقميّ على مستوى العالم.

تمكين المرأة في رؤية عُمان 2040

في قلب رؤية سلطنة عُمان 2040، تبرز المرأة العمانية كقوّةٍ محوريّةٍ في مسيرة التّنمية المستدامة، حيث تُعتبر شريكاً أساسيّاً في بناء وطنها والمساهمة الفاعلة في مختلف المجالات. تولي الرّؤية اهتماماً بالغاً لتعزيز دور المرأة وتمكينها، من خلال توفير بيئةٍ ملائمةٍ تشجّع مشاركتها في الحياة الاقتصاديّة والاجتماعيّة والسّياسيّة، ممّا يُعزّز مكانتها ويُمكنها من المساهمة الفاعلة في جهود التّنمية الشّاملة والمستدامة الّتي تمرّ بها السّلطنة.

كما تُظهر الأرقام الصّادرة عن المركز الوطنيّ للإحصاء والمعلومات حتّى يونيو 2024 الدّور المتنامي للمرأة العمانية، حيث بلغ عدد العاملات في القطّاع الحكوميّ أكثر من 100 ألف موظّفةٍ، وفي القطّاع الخاصّ نحو 120 ألف عُمانية، وفي القطّاع الأهليّ والعائليّ أكثر من مليون امرأةٍ، بينما بلغت نسبة الإناث العاملات في الصّناعات الحرفيّة 57%.

ولا يقتصر تمكين المرأة في رؤية عُمان 2040 على تعزيز مشاركتها في سوق العمل، بل يمتدّ ليشمل تمكينها في مجالات التّعليم والقيادة والمشاركة السّياسيّة، ممّا يُسهم في تحقيق التّنمية وتعزيز مكانة سلطنة عُمان على الصّعيدين الإقليميّ والدّوليّ. [2]

تحديات تواجه رائدات الأعمال في سلطنة عُمان

رغم التّقدّم الملحوظ الّذي حقّقته المرأة العمانية في مجال ريادة الأعمال، إلّا أنّ هناك تحدّياتٍ قائمةً تعيق مسيرتها نحو تحقيق النّجاح الكامل. ومنها: [3]

  • ضعف الدّعم اللّوجستيّ والتّدريب المتخصّص: تواجه رائدات الأعمال نقصاً في الدّعم الفنيّ والإداريّ، مثل دراسات الجدوى والبرامج التّدريبيّة المتخصّصة. لتجاوز هذه العقبة، يُنصح بتوفير برامج تدريبيّةٍ متخصّصةٍ وتوجيهيّةٍ، وتنظيم ورش عملٍ تركّز على تطوير المهارات الإداريّة والتّسويقيّة.
  • صعوبة الحصول على التّمويل والتّوسّع: تُعتبر قلّة فرص التّمويل من أبرز التّحدّيات، ممّا يحدّ من قدرة المشاريع على التّوسّع والنّموّ. للتّغلب على هذه المشكلة، يُنصح بتسهيل إجراءات الحصول على القروض، وتقديم حوافز للمستثمرين لدعم المشاريع النّسائيّة.
  • التّحدّيات المجتمعيّة والثّقافيّة: تواجه المرأة العمانية بعض القيود الاجتماعيّة والثّقافيّة الّتي تحدّ من مشاركتها الفاعلة في ريادة الأعمال. لمعالجة هذه القضايا، يُنصح بتعزيز الوعي المجتمعيّ حول أهميّة دور المرأة في الاقتصاد، وتقديم الدّعم الأسريّ والمجتمعيّ لريادتها.
  • الافتقار إلى شبكات الدّعم المهنيّ: تفتقر العديد من رائدات الأعمال إلى شبكاتٍ مهنيّةٍ قويّةٍ توفّر لهنّ التّوجيه والفرص. لتجاوز هذه العقبة، يُنصح بتأسيس منصّاتٍ وشبكات دعمٍ مهنيّةٍ، وتنظيم فعاليّاتٍ تتيح التّفاعل وتبادل الخبرات بين رائدات الأعمال.
  • التّحدّيات التّقنيّة والتّحوّل الرّقميّ: تواجه بعض رائدات الأعمال صعوبة في مواكبة التّطورات التّكنولوجيّة والتّحوّل الرّقميّ. لمعالجة هذه التّحدّيات، يُنصح بتوفير برامج تدريبيّةٍ في مجال التّكنولوجيا والتّحوّل الرّقميّ، وتقديم استشاراتٍ تقنيةٍ لدعم المشاريع في هذا المجال.

تظلّ المرأة العمانية في قلب مسيرة التّنمية وريادة الأعمال شعلة إبداعٍ وعزيمةٍ، تترجم الطّموح إلى مشاريع ملموسةٍ، والتّحدّيات إلى فرصٍ للنّجاح، لتثبت أنّ شراكتها في بناء الوطن ليست اختياراً بل ضرورة استراتيجيّة؛ فحضورها الفاعل ينسج قصّةً مستمرّةً من الإلهام والتّأثير، ويؤكّد أنّ المستقبل المشرق لا يكتمل إلّا برؤيةٍ واضحةٍ، وإصرارٍ لا يلين، وإبداعٍ يتجاوز الحدود، لتصبح رمزاً حيّاً للتّمكين والدّيمومة والتّأثير الإيجابيّ في كلّ ميادين الحياة.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
زمن القراءة: 8 دقائق قراءة
آخر تحديث:
تاريخ النشر: