الرئيسية الريادة أخطاء قاتلة يقع فيها رواد الأعمال في عامهم الأول

أخطاء قاتلة يقع فيها رواد الأعمال في عامهم الأول

حين يطلق روّاد الأعمال مشاريعهم بشغفٍ كبيرٍ دون تخطيط كافٍ، تتحوّل الأحلام سريعاً إلى إخفاقاتٍ مبكّرةٍ، مع إبراز أهم الأخطاء القاتلة وأساليب تجنّبها

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

يطلق كثيرٌ من النّاس مشاريعهم بدافع الحماس وحلم بناء شركةٍ ناجحةٍ تترك بصمتها في السّوق، غير أنّ الواقع العمليّ سرعان ما يكشف لهم وجهاً آخر أكثر تعقيداً ممّا تخيّلوه؛ فبينما تلهم قصص النّجاح آلاف المؤسّسين الجدد، تخفي الإحصاءات حقيقةً صادمةً تظهر أنّ نسبةً كبيرةً من المشاريع النّاشئة تنهار خلال عامها الأوّل. ويعود ذٰلك في الغالب إلى سلسلةٍ من أخطاء روّاد الأعمال القاتلة الّتي تتكرّر رغم سهولة تجنّبها بالتّخطيط الواعي والخبرة المسبقة.

أخطاء قاتلة يقع فيها رواد الأعمال في عامهم الأول

يخوض روّاد الأعمال في عامهم الأوّل معركةً حقيقيّةً بين الطّموح والواقع، إذ تتكاثر القرارات الحسّاسة الّتي قد تحدّد مصير المشروع إمّا نحو النّجاح وإمّا نحو الفشل. وعندما تتكرّر الأخطاء في مراحل التّأسيس الأولى، يتعرّض الكيان الوليد للاهتزاز قبل أن يقف على قدميه. ولذٰلك، يصبح الوعي بهٰذه الأخطاء القاتلة وتجنّبها بمثابة درعٍ واقٍ يضمن بقاء المشروع واستمراريّته.

تجاهل دراسة السوق قبل الانطلاق

يندفع كثيرٌ من المؤسّسين لإطلاق مشاريعهم مدفوعين بالحماس أو بقناعةٍ بأنّ فكرتهم فريدةٌ لا مثيل لها، غير أنّهم غالباً ما يهملون دراسة السّوق بعمقٍ قبل البداية. وهنا يكمن أحد أبرز أخطاء روّاد الأعمال الّتي تجهض المشاريع في مهدها؛ فعندما لا تجرى دراسةٌ دقيقةٌ للسّوق، يعجز المؤسّس عن تحديد حجم الطّلب الحقيقيّ، أو فهم سلوك المستهلكين، أو اكتشاف منافسيه وأسعارهم.

ولأنّ دراسة السّوق لا تقتصر على جمع الأرقام فقط، بل تشمل تحليل الاتّجاهات وفهم دوافع الشّراء، يجب على رائد الأعمال أن يبدأ بجمع بياناتٍ حقيقيّةٍ، وأن يجري مقابلاتٍ مع عملاء محتملين، وأن يقيّم الفجوات الّتي يمكن أن يسدّها منتجه؛ فالفكرة مهما بدت لامعةً لا تكتسب قيمتها إلّا حين تلبّي حاجةً حقيقيّةً داخل سوقٍ قابلٍ للنّموّ. [1]

المبالغة في التفاؤل وتجاهل التكاليف الحقيقية

يبني بعض روّاد الأعمال توقّعاتهم الماليّة على الأمل أكثر من الواقع، فيظنّون أنّ الأرباح ستتدفّق سريعاً وأنّ المبيعات ستنمو تلقائيّاً، فيهملون إعداد الخطط الماليّة المحكمة. ومع مرور الوقت، تستهلك المصروفات رأس المال بوتيرةٍ أسرع ممّا تحقّقه الإيرادات، فيجد المشروع نفسه على حافّة الإفلاس.

إنّ جوهر هٰذا الخطاء لا يكمن في التّفاؤل ذاته، بل في غياب الانضباط الماليّ الّذي يحوّل الطّموح إلى مقامرةٍ. ولذٰلك، ينبغي أن يبنى التّفاؤل على بياناتٍ واقعيّةٍ وخططٍ مرنةٍ تتضمّن احتياطيّاً للطّوارئ، وأن يدار المال باعتباره مورداً إستراتيجيّاً لا مكافأةً شخصيّةً. فحين يحسن المؤسّس ضبط الإنفاق ومراقبة التّدفّقات النّقديّة، يؤمّن لنفسه فرصة البقاء حتّى في أكثر المراحل صعوبةً.

إدارة الفريق بعقلية فردية

ينطلق المشروع في العادة من فكرةٍ صغيرةٍ يحملها شخصٌ أو اثنان، ولٰكنّه لا يلبث أن يحتاج إلى فريقٍ متخصّصٍ يساعده على دعمه وتوسيع نطاقه. ومع ذٰلك، يقع كثيرٌ من المؤسّسين في فخّ القيادة الفرديّة الّتي تعطّل التّعاون وتحدّ من الإبداع؛ فحين يحاول القائد أن ينفّذ كلّ شيءٍ بنفسه، من التّسويق إلى الإدارة الماليّة، يفقد تركيزه وتتشتّت جهوده، فينخفض الأداء العامّ وتتآكل الطّاقة الإنتاجيّة.

وتظهر التّجارب أنّ النّجاح المؤسّسيّ يتولّد من روح الفريق لا من الجهد الفرديّ؛ فحين يشرك القائد فريقه في صنع القرار ويمنح أعضاءه الثّقة والصّلاحيّات، يزرع فيهم روح الحافز والمسؤوليّة المشتركة. أمّا عندما تغيب الثّقة ويهمل التّفويض، تتفاقم حالات الإرهاق والإحباط وينخفض الإنتاج، ممّا يهدّد استقرار المشروع كلّه.

إهمال التسويق الرقمي وبناء الهوية التجارية

يركّز بعض المؤسّسين على المنتج في ذاته ويظنّون أنّ جودته كفيلةٌ بجذب العملاء، غير أنّ الواقع يثبت أنّ أفضل المنتجات لا تبيع نفسها إن لم تسوّق بذكاءٍ. ولهٰذا، يعدّ إهمال التّسويق الرّقميّ أحد أكثر أخطاء روّاد الأعمال شيوعاً في العصر الحديث.

فقد لم يعد التّسويق اليوم إعلاناً عابراً، بل أصبح منظومةً متكاملةً تشمل المواقع الإلكترونيّة، ومنصّات التّواصل الاجتماعيّ، وتحسين محرّكات البحث، والإعلانات المدفوعة. وحين يبني رائد الأعمال قصّة علامته التّجاريّة ويربطها بقيمٍ حقيقيّةٍ، ينشئ رابطاً عاطفيّاً مع جمهوره المستهدف. لذٰلك، يجب أن يخصّص المؤسّس منذ البداية ميزانيّةً واضحةً للتّسويق، لأنّ إهمال هٰذه الخطوة يجعل المشروع غير مرئيٍّ في سوقٍ يزداد ازدحاماً يوماً بعد آخر. [2]

تجاهل آراء العملاء وردود الفعل

يرفض بعض المؤسّسين الملاحظات النّقديّة معتقدين أنّهم الأدرى باحتياجات العملاء، وغير أنّ هٰذا التّجاهل يفقدهم أهمّ أداةٍ لتطوير المنتج. فهٰذه العقليّة تؤدّي إلى انفصال المشروع عن واقعه، فيفقد جمهوره تدريجيّاً دون أن يشعر.

وحين يتعامل رائد الأعمال مع التّغذية الرّاجعة باعتبارها فرصةً لا تهديداً، يتحوّل كلّ تعليقٍ أو شكوى إلى نافذةٍ للتّحسين. فاستطلاع آراء المستخدمين، وتحليل سلوكهم، وتعديل المنتج وفقاً لذٰلك، تعتبر من أهمّ عوامل النّجاح المستدام. فتجاهل العملاء خطأٌ قاتلٌ، أمّا الإصغاء إليهم فيبني الولاء ويعزّز الثّقة في العلامة التّجاريّة. [1]

اختيار الشريك الخطاء أو غياب الاتفاق الواضح

تبدأ كثيرٌ من المشاريع بشراكاتٍ ودّيّةٍ قائمةٍ على الثّقة الشّخصيّة، ولٰكنّها تنهار لاحقاً بسبب غموض الاتّفاق أو اختلاف الرّؤى. ويعدّ ذٰلك من أخطر أخطاء روّاد الأعمال الّتي تهدّد استقرار المشروع في عامه الأوّل.

فمن دون وثيقةٍ قانونيّةٍ واضحةٍ تحدّد الحقوق والمسؤوليّات ونسب الملكيّة وآليّات فضّ النّزاعات، يتحوّل الخلاف الصّغير إلى أزمةٍ كبرى. ويجب على المؤسّس أن يختار شريكه بناءً على الكفاءة والتّكامل في المهارات، لا على الصّداقة فقط، فحين تبنى الشّراكة على وضوح الأدوار واحترام التّخصّصات، يتحقّق الانسجام الّذي تحتاج إليه أيّ شركةٍ ناشئةٍ لتواصل نموّها بثباتٍ.

التوسع المبكر قبل ثبوت النموذج التجاري

يدفع الطّموح بعض المؤسّسين إلى التّوسّع السّريع فور تحقيق أوّل مبيعاتٍ، فيفتحون فروعاً جديدةً أو يستثمرون مبالغ ضخمةً في الإنتاج قبل التّأكّد من جاهزيّة نموذجهم التّجاريّ. وغالباً ما يؤدّي هٰذا التّسرّع إلى خسائر فادحةٍ لأنّ البنية التّشغيليّة لم تترسّخ بعدلذٰلك، يجب أن يركّز المؤسّس في عامه الأوّل على إثبات ملاءمة المنتج للسّوق (Product-Market Fit)، أي اختبار الفكرة وتحليل تفاعل العملاء وتحسين الأداء تدريجيّاً. فالتّوسّع الذّكيّ لا يقاس بسرعة الانتشار، بل بقدرة المشروع على الاستمرار بثباتٍ وكفايةٍ.

الخاتمة

تظهر التّجارب أنّ معظم أخطاء روّاد الأعمال يمكن تفاديها حين يدار العام الأوّل بعقلٍ منفتحٍ وتخطيطٍ واعٍ. فالمشاريع لا تسقط غالباً بسبب ضعف الفكرة، بل بسبب التّسرّع وسوء إدرة الموارد وإهمال بناء الفريق أو التّسويق أو العملاء. لذٰلك، ينبغي على المؤسّس أن يتعامل مع سنته الأولى باعتبارها مرحلة التّأسيس والبناء لا مرحلة جني الأرباح. فحين يوازن بين الطّموح والحذر، ويستند إلى المعرفة لا التّخمين، يتمكّن من تحويل تجربته إلى قصّة نجاحٍ حقيقيّةٍ تمهيداً لسنواتٍ من النّموّ المستدام والتّميّز في عالم ريادة الأعمال.

  • الأسئلة الشائعة

  1. ما أكثر الأخطاء التي تؤدي إلى فشل رواد الأعمال الجدد؟
    أكثر الأخطاء شيوعاً هي تجاهل دراسة السوق، والإفراط في التّفاؤل الماليّ، وسوء إدارة الفريق، وإهمال التّسويق الرّقميّ، وعدم الإصغاء للعملاء؛ فهذه العوامل مجتمعةٌ تضعف أساس المشروع وتعرّضه للفشل في عامه الأول.
  2. متى يجب على رائد الأعمال التوسع في مشروعه؟
    يجب أن يبدأ التّوسّع فقط بعد التّأكّد من ثبات النّموذج التّجاريّ وملاءمة المنتج للسوق. أي بعد تحقيق مبيعاتٍ مستقرّةٍ، وولاء العملاء، وقدرة التّشغيل المستدامة؛ فالتّوسّع المبكّر دون أساسٍ متينٍ يؤدّي عادةً إلى خسائر سريعةٍ.
تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
زمن القراءة: 6 دقائق قراءة
آخر تحديث:
تاريخ النشر: