هل سيكون الطابع الإنساني أهم أصول علامتك التجارية في 2025؟
حين تهيمن التّحوّلات التّكنولوجيّة على الأسواق، يبرز التّواصل البشريّ المباشر مع العملاء كأقوى أداةٍ للتّميّز والحفاظ على مكانة العلامة التّجاريّة

هذا المقال متوفّر باللّغة الإنجليزيّة من هنا.
في عالم الأعمال الحديث، لم يعد النّجاح يُقاس بمجرّد تقديم منتجاتٍ رائعةٍ، بل أصبح مرتبطاً بقدرة العلامات التّجاريّة على التّصرّف والتّواصل بأسلوبٍ إنسانيٍّ يعزّز الثّقة ويعمّق الولاء، ويضمن الاحتفاظ بالموظّفين. وفي عصر الذكاء الاصطناعي، يكتسب الصّوت البشريّ المتّسق أهميّةً قصوى؛ إذ لم تعد التّجارب النّمطيّة العامّة مقبولةً، وأظهرت الأبحاث أنّ التّواصل الإنسانيّ العميق يشكّل حجر الزّاوية لبناء علامةٍ تجاريّةٍ قويّةٍ ومستدامةٍ.
تشير أبحاث البروفيسور جيرالد زالتمان من جامعة هارفارد إلى أنّ 95% من قرارات الشّراء تتّخذ على مستوى اللّاوعي، حيث تلعب العواطف دوراً أكبر من السّعر أو المنطق. وأظهرت دراسة "Motista" أنّ العملاء المرتبطين عاطفيّاً بعلامةٍ تجاريّةٍ يمتلكون قيمةً حياتيّةً أعلى بنسبة 306% مقارنةً بالعملاء الرّاضين فحسب، بينما أكّدت دراسة "Edelman" أنّ 81% من المستهلكين يحتاجون إلى الثّقة بالعلامة التّجاريّة قبل الشّراء، والثّقة هذه تُبنى عبر التّواصل الأصيل والشّفّاف. وليس من الضّروريّ الاعتماد على علومٍ معقّدةٍ أو تقنياتٍ متقدّمةٍ لجعل العلامة التّجاريّة أكثر إنسانيّةً. وفيما يلي 5 طرقٍ عمليّةٍ لتحقيق ذلك:
تبنّي الشفافية والقدرة على الاعتراف بالخطأ
في عصرٍ يمكن للعملاء فيه التّحقّق من المعلومات ومشاركة تجاربهم لحظةً بلحظةٍ، تكتسب العلامات التجارية الّتي تعترف بأخطائها وتكشف عن التّحدّيات الحقيقيّة ثقةً أعمق مقارنةً بتلك الّتي تتظاهر بالكمال. حملاتٌ مثل «لا تشترِ هذه السترة» من "باتاغونيا" (Patagonia)، وحملة «ذا كود» من "دوف" (Dove)، أظهرت كيف يمكن للشّفافية والمصداقيّة أن تعزّزا الولاء للعلامة التّجاريّة، وفي الوقت ذاته تسهما في معالجة الآثار السّلبيّة الّتي قد تفرضها التّكنولوجيا على معايير الجمال.
إبراز موظفيك وعملائك المؤثرين
لكلّ علامةٍ تجاريّةٍ أشخاص يصنعون فرقاً حقيقيّاً، سواء من الموظّفين أو العملاء؛ فعندما كنت أعمل في "هيلتون" (Hilton)، كنّا نصف أنفسنا بأنّنا «شركة يقودها البشر لخدمة البشر»، وقد تجلّى ذلك بوضوحٍ في قصص موظّفي الاستقبال، وعاملي النّظافة، والنّوادل، وموظّفي الخدمة الميدانيّة، الّذين تحوّلوا إلى الشّخصيّات المحوريّة في معظم رواياتنا المؤثّرة. ومن جهةٍ أخرى، أظهرت حملات "آبل" (Apple) "Shot on iPhone" و"إير بي إن بي" (Airbnb) "Made Possible by Hosts" كيف أنّ تسليط الضّوء على القصص الحقيقيّة للعملاء يعزّز الانتماء، ويخلق تجارب أكثر عمقاً وذكرياتٍ تبقى راسخةً.
رعاية المجتمع المحيط بالعلامة
يشكّل رأس المال الاجتماعيّ، أي العلاقات المبنيّة على تفاعلٍ فعّالٍ بين العلامة والعملاء، قاعدةً داعمةً طويلة الأمد؛ فالعملاء الأكثر ولاءً يصبحون سفراء طبيعيّين للعلامة، ويساهمون في تعزيز السّمعة ودعمها عند مواجهة الأزمات، كأنّما تشكّل بنكٌ من الولاء يمكن الاعتماد عليه لتعزيز وعي الجمهور وقيم العلامة.
تجسيد قيم العلامة وأهدافها
يرغب العملاء في التّعامل مع علاماتٍ تجاريّةٍ تتقاسم معهم القيم والمبادئ، لذلك لا يقتصر التّسويق على المنتجات فقط، بل يجب إبراز ما تمثّله الشّركة. على سبيل المثال، تُظهر شركة "ألبيردز" (AllBirds) قيم الرّاحة، والأناقة، والمسؤوليّة البيئيّة في أحذيتها عبر رسائل شفّافةٍ مدعومةٍ بالبيانات، بما في ذلك البصمة الكربونيّة للمنتجات. مهما كانت قيم علامتك، اجعلها محور السّرد القصصيّ لأعمالك لتعزيز الانتماء والثّقة مع جمهورك.
الاستجابة الشخصية والفورية
بينما يمكن للأتمتة التّعامل مع العديد من التّفاعلات، تظلّ اللّحظات الحاسمة هي الّتي تصنع الفارق عندما يستجيب الموظّفون بتعاطفٍ واهتمامٍ حقيقيٍّ؛ فسواء كان ردّاً على مراجعةٍ سلبيّةٍ أو مشاركة إنجاز عميلٍ عبر وسائل التّواصل، فإنّ هذه اللّمسات الإنسانيّة الصّغيرة تبني روابط عاطفيّةً قويّةً وتضمن ولاءً طويل الأمد؛ فالسّرعة بلا إنسانيّةٍ مجرّد كفاءةٍ، أمّا الجمع بين الإنسانيّة والسّرعة الملائمة فيخلق ولاءً دائماً.