الرئيسية التنمية فوضى البداية تهدد الولاية: كيف تفشل الشركات في احتواء موظفيها؟

فوضى البداية تهدد الولاية: كيف تفشل الشركات في احتواء موظفيها؟

حين تُهدر الشّركات لحظة التّعارف الأولى، وتحوّل التّهيئة إلى إجراءٍ مربكٍ، يتسلّل الشّك إلى نفوس الموظّفين الجدد، فيجدون أنفسهم على عتبة الاستقالة المبّكرة

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

هذا المقال متوفّرٌ باللّغة الإنجليزيّة هنا.

يشكّل برنامج التهيئة الوظيفيّة أوّل تماسٍّ حقيقيٍّ بين الموظّفين الجدد وزملائهم وشركاتهم، ويؤدّي دوراً حاسماً في مساعدتهم على استيعاب مهامّهم الجديدة وأدائها بكفاءةٍ. غير أنّ بيانات مسحٍ حديثٍ تكشف أنّ كثيراً من الشّركات تخفق في إدارة هذه المرحلة، فتدفع ما يقارب نصف الموظّفين الجدد إلى التّفكير في الاستقالة بعد أشهر قليلةٍ من انضمامهم.

تتجلّى صعوبة ترسيخ برامج تهيئةٍ فعّالةٍ في تعليقاتٍ متبادلةٍ على منصّات التّواصل الاجتماعيّ، حيث يشارك أرباب العمل والموظّفون على السّواء تجاربهم؛ فقد وصف مدراء موارد بشرية على موقع "ريديت" (Reddit) الشّهر الماضي معاناتهم في إدماج بعض المنضمّين الجدد. وأوضح أحدهم أنّ بعض الموظّفين يتأقلمون بسهولةٍ، "لكنّي أرى كثيرين آخرين تائهين ويكافحون… وفي الأيّام الأخيرة، غادر بعضهم بعد فترةٍ وجيزةٍ من الالتحاق".

يتردّد الصّدى ذاته بين موظّفين سابقين في نقاشاتٍ أخرى على المنصّة نفسها، حيث كتب أحدهم: "شهد عملي الأخير دوراناً مستمرّاً للموظّفين الجدد، لأنّ الإدارة العليا لم تمنح مديري الخطّ الأوّل الوقت أو الموارد الكافية لتأهيلهم كما ينبغي". وردّ مستخدم آخر باسم "in_and_out_burger" قائلاً: "غادرت عند استراحة الغداء في يومي الأوّل". بينما أضاف مشارك آخر يُدعى "V6corp": "لم أحظَ يوماً بتجربة تهيئةٍ جيّدةٍ".

يفضح هذا التّذمّر، الّذي يتجاوز حدود القصص الفرديّة، أزمة أوسع نطاقاً. ففي مسحٍ أجرته شركة "سوفتوير فايندر" (Software Finder) شمل 1,011 موظّفاً التحقوا بوظائف جديدةٍ خلال العامين الماضيين، أعرب 48% من المشاركين عن رغبتهم في ترك وظائفهم بعد فترةٍ وجيزةٍ بسبب ضعف التّهيئة. وتفوق هذه النّسبة بما يقارب الثّلث نسبة 32% ممّن قالوا إنّهم ينوون الاستقالة لأسبابٍ أخرى غير متصّلةٍ بهذه المرحلة، وهو ما يبرز خطورة إهمال الشّركات لتطوير برامجها. ويؤكّد التّقرير الصّادر عن "سوفتوير فايندر" أنّ "الانطباعات الأولى تصنع الفارق". فبينما وصف 46% من الموظّفين الجدد تجربتهم بأنّها دافئةٌ ومرحِّبةٌ، ورآها 34% منظّمةٌ، اعتبر 3 من كل 10 أنّها فوضويّةٌ، وأكّد أكثر من ربعهم أنّها متسرّعةٌ.

تعمّقت الانتقادات أكثر، إذ أوضح 28% فقط من المشاركين أنّ التّهيئة أعدّتهم فعلاً للوظائف التي استُقطبوا من أجلها، بينما أشار 67% إلى أنّها لم تتصل بمهامهم الحقيقيّة ولم تعرّفهم بثقافة الشّركة.

عززت نتائج مماثلةٌ هذه الصّورة في مسحٍ مشتركٍ أجرته منصّة التّدريب "تالنت إل إم إس" (TalentLMS) وشركة "بامبو إتش آر" (BambooHR)، حيث شمل 1,156 موظّفاً أميركيّاً التحقوا بوظائف جديدة خلال الأشهر الـ12 الماضية. وبيّن الاستطلاع أنّ 39% منهم بدأوا يشكّون في قرار انضمامهم بسبب سوء التّهيئة، وارتفعت النّسبة إلى 49% بين موظفي جيل "زد" (Gen-Z).

كما أكّد أكثر من نصف المشاركين (52%) أنّ التّركيز المفرط على التّفاصيل الإداريّة والإجراءات الرّسميّة غطّى على التّدريب العمليّ المتعلّق بالمهامّ الجوهريّة، فعرقل جاهزيتهم للعمل. وزاد الطّين بلّةً تلقّيهم سيلاً من المعلومات فوراً، وهو ما صعّب فهمهم لمهامهم. وقد أقرّ بذلك 31% من موظّفي جيل "البيبي بومرز" (Boomers) و47% من جيل "زد".

ورغم معدّلات السّخط المرتفعة، عرض المشاركون مقترحاتٍ واضحةٍ: تقديم صورةٍ واقعيّةٍ عن المسؤوليّات الوظيفيّة، وتوفير تدريبٍ عمليٍّ ومتابعةٍ لصيقةٍ، ووضع معايير أداءٍ محدّدةٍ، وتخصيص مرشدٍ من ذوي الخبرة، وإقامة أنشطةٍ للتّقارب مع الفريق أثناء التّهيئة، ثم متابعة المدراء بعد اكتمالها. كما أيّد 70% من المشاركين فكرة اعتماد "تهيئةٍ ثانيةٍ" بعد 6 أشهرٍ إلى عامٍ، لمعالجة أيّ فجواتٍ قائمةٍ في الأداء وتعزيز نقاط القوّة المكتسبة.

شارك بعض خبراء الموارد البشريّة على "ريديت" رؤىً مشابهةً؛ فقد نصح أحدهم، تحت اسم "CoverNegative"، بجمع بياناتٍ عن معدّلات دوران الموظّفين، خصوصاً مَن غادروا خلال عامٍ واحدٍ، وتحليل ما إذا كانت المشكلة تتركّز في قسمٍ بعينه أو بإشراف مديرٍ محدّدٍ، ثم صياغة خطّةٍ لإدارة التّغيير تحظى بدعم الإدارة العليا.

أضاء مشاركٌ آخر، يُدعى "whyg0ng"، على زاويةٍ مختلفةٍ فقال: "أجريت مقابلات خروجٍ مع موظّفين شعروا بالعزلة، إذ لم يعرفوا أيّ وثائق يطالعون أو مَن يلجؤون إليه عند الحاجة. كانوا يشعرون أنّ كلّ شيٍء يسير بخيرٍ إلى أن انتقلوا إلى فرقهم، وهناك شعروا فجأةً بضغوطٍ هائلةٍ. لذلك اقترحت إنشاء نموذج تهيئةٍ مخصّصٍ يملؤه كلّ فريقٍ ليحصل الموظّفون الجدد على دليلٍ واضحٍ يناسبهم".

تُجمع تلك الشّهادات والبيانات على حقيقةٍ أساسيّةٍ: يجب ألّا تنظر الشّركات إلى التّهيئة باعتبارها إجراءً ثابتاً، بل مساراً متجدّداً يستدعي التّطوير المستمرّ. ويبدأ ذلك بالإنصات إلى الموظّفين الجدد، وفهم مكامن ضعف التّجربة لديهم، وتوفير الدّعم اللازم حيث يشعرون بالارتباك أو النّقص.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
زمن القراءة: 4 دقائق قراءة
آخر تحديث:
تاريخ النشر: