الرئيسية الابتكار حسنين شيلا شريف: من الفراغ الاستراتيجي إلى ريادة التسويق الإقليمي

حسنين شيلا شريف: من الفراغ الاستراتيجي إلى ريادة التسويق الإقليمي

اُختيرت الرّئيسة الإقليميّة للتّسويق والاتّصال المؤسّسيّ المميّزة، ضمن قائمة نساء مؤثرات 2025 لمجلة "عربية .Inc" التي تبرز 30 امرأةً رائداتٍ في الأعمال بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

هذا المقال متوفّرٌ باللّغة الإنجليزيّة من هنا.

قبل 5 أعوامٍ، حين جرى تعيين حسنين شيلا شريف (Hasneen Sheela Shereef) رئيسةً إقليميّةً للتّسويق والاتّصالات في منطقة الشّرق الأوسط وأفريقيا لدى "شركة تاتا للاستشارات التّقنيّة (- TCS Tata Consultancy Services)، ثاني أكبر علامةٍ عالميّةٍ في خدمات تقنيّة المعلومات (IT)، وجدت نفسها أمام تحدٍّ مزدوجٍ، إذ لم يسبق لها أن عملت في هذه الصّناعة، وفي الوقت نفسه كانت تتولّى منصباً لم يكن موجوداً أصلاً؛ فتقول: "لم يكن هناك فريقٌ، ولا هيكلٌ، ولا خارطة طريقٍ. كان تكليفي أن أبني الوظيفة كاملةً من الصّفر، في إقليمٍ لم أعمل فيه قط، ولأجل نشاطٍ لم أسوّق له من قبل، داخل واحدةٍ من أكثر الصّناعات تنافسيّةً في العالم. ويضاف إلى ذلك ما كان يخيّم في الخلفيّة من شكوكٍ هادئةٍ متواصلةٍ من بعض الأطراف الخارجيّة، الذين رأوني أصغر سنّاً، وأكثر أنوثةً، من أن أقود دوراً قد يرسم صورة حضور ثاني أكبر علامةٍ في خدمات تقنيّة المعلومات على امتداد الإقليم بأسره".

ولّد  ذلك الشكّ لحظاتٍ من التّردّد لدى شريف، غير أنّها كانت تعي أنّ اختيارها لهذا الدّور لم يكن صدفةً، بل تقديراً لقدرتها على البناء من العدم، وهي ميّزةٌ أثبتتها مراراً في مؤسّستها السّابقة؛ فتقول: "كان في مقدوري أن أواصل الطّريق الآمن، فأقود المنصّات الرّقميّة داخل منظومةٍ مألوفةٍ. لكنّي اخترت الأصعب: أن أؤسّس وظيفةً تسويقيّةً لإقليمٍ كاملٍ، في فراغٍ استراتيجيٍّ بلا بُنى جاهزةٍ، لصالح علامةٍ مؤسسيّةٍ عالميّةٍ. رسم ذلك القرار الواحد ملامح كلّ ما جاء بعده؛ فقد غيّر -ليس فقط- أسلوبي في العمل، بل أيضاً تعريف التّسويق ذاته داخل شركة تاتا للاستشارات التّقنيّة من تنفيذ التّكتيكات إلى تصميم النّظم، ومن إطلاق الحملات إلى صياغة السّرديّات، ومن دفع قنوات المبيعات إلى التّأثير في استراتيجيّة الأعمال".

اليوم، تغطّي الوظيفة الّتي شيدتها شريف 9 دولٍ، وتدعم أولويّات نموٍّ بملايين الدّولارات، وتُسجّل نتائج ملموسةٍ مثل: ارتفاع قنوات المبيعات المؤهَّلة بنسبة 30%، وأكثر من ثمانية ملايين ظهورٍ رقميٍّ سنويٍّ، ونموذجٌ بات يُستشهد به في أقاليم أخرى من شركة تاتا للاستشارات التقنية. أمّا الدّرس الّذي يسطع هنا للنّساء في عالم الأعمال، فهو واضحٌ: امتلكن الفضاءات الّتي تدخُلَنّها، حتّى وإن لم تُرسَم أمامكنّ خطةٌ مُسبقةٌ.

الدروس المستفادة: مقابلة مع حسنين شيلا شريف

بالنّظر إلى مسيرتك المهنيّة، إذا كان بإمكانك تقديم نصيحةٍ واحدةٍ لنفسك قبل أن تبدأ رحلتك، ما الّذي سيكون؟ وبالمثل، إذا استطعت العودة بالزّمن وإخبار نفسك بشيءٍ ينبغي تجنّبه أو الامتناع عن فعله، ما الّذي سيكون؟

لو أُتيحت لي الفرصة للحديث مع نفسي الشّابة في بداية مسيرتي، لقلتُ لها بعض الأمور، بعضها تعلّمته من التّجربة، وبعضها من نوع الفشل الّذي يترك أثراً يبقى معك بأفضل صورةٍ ممكنةٍ:

عزيزتي حسنين الصغيرة،

أوّلاً، توقّفي عن التّشكيك في نفسك. لقد عُلمتِ طوال حياتك أن توافقِي، وأن تتكيّفي، وأن تتراجعي أحياناً، لتظهري أصغر حجماً في غرف كنتِ قد استحقيتِ وجودك فيها. لكنّك لم تصلي إلى هنا بالصّدفة. لقد عملتِ يوماً بعد يومٍ لتصنعي هذا الإنجاز لنفسك. قد تبدو متلازمة الدّخيل حقيقية، لكنّها ليست حقيقةً مطلقةً. لكِ الحقّ في التّعبير، والأهمّ من ذلك، الحقّ في امتلاك آرائك الخاصّة. أنتِ تستحقين مكانك على الطّاولة، حتّى وإن لم يكن مطابقاً لمكان أيّ شخصٍ آخر.

ثانيّاً، عرّفي معايير نجاحك بنفسك. قد تكونين بدأتِ من نفس النّقطة الّتي بدأ منها أقرانك -نفس الجامعة، ونفس امتحان الدّخول، ونفس الطّموحات- لكن مع الوقت، تتفرّع المسارات. ستواجهك متغيّرات الحياة: الفرص، والتّوقيت، والامتيازات، والخيارات. لا تقيسي قيمتك على معايير إنجازات الآخرين. ما أنتِ عليه اليوم ليس انعكاساً للفشل، بل انعكاسٌ لمسارٍ فريدٍ صغته لنفسكِ وحدكِ

ثالثاً، لا تنسي أبداً أنّ الامتياز موجودٌ بالفعل. من السّهل أن تحكي قصّة كونك أوّل امرأةٍ مسلمةٍ في منصبٍ قياديٍّ في شركتك، لكن لا تغفلي عن العوامل الّتي ساعدتك على الوصول إلى هناك. كان لديك والدان يؤمنان بتعليمك، ومرشدون فتحوا أمامك الأبواب، وشريكٌ دعم طموحك بلا شروطٍ، وامتيازٌ للدّراسة دون الحاجة لدعم أسرتك في سنٍّ صغيرةٍ. ليست كلّ النّساء محظوظات بهذه العناصر، لذا لا تحكمي على موقف أيّ شخصٍ قبل أن تفهمي النّظام الّذي تتحرّك فيه.

رابعاً، تذكّري أنّ ليس كل من تشاركك هويّتك ستشاركك نواياك. الأنانيّةٌ موجودةٌ، ولا تميّز بحسب الجنس. ورغم أهميّة الأخوّة والرّوابط النّسائيّة، لا تخلطي بين تشارك الهويّة وتشابه القيم. احمي حدودك، كوني منفتحةً ولكن حذرةً، وقيّمي النّاس بأفعالهم لا بتوقّعاتك.

خامساً، ستفشلين. مراراً وتكراراً، وأحياناً على الملأ. لكنّك ستنجحين أيضاً بطرقٍ لم تتوقّعيها، ثم تفشلين مرّةً أخرى. دعي ذلك يحدث. لا تدعي الخوف من الفشل يسكت أفكارك أو يمنعك من القفز إلى الأمام. الأمر الوحيد الأسوأ من السّقوط هو أن تقفي مكانك خوفاً.

وأخيراً، لا بأس ألّا يكون لديك مشروع شغفٍ. ليست كلّ النّساء مقدّراتٍ لأن يصبحن مؤسِّساتٍ أو مبدعاتٍ أو مطوِّراتٍ مشاريع جانبيّةٍ؛ فمن الطّبيعي تماماً أن تحبّي وظيفةً يوميّةً من 9 إلى 6، أن تتطوّري تدريجيّاً، وأن تؤدّي عملك بإتقانٍ وإيمانٍ؛ فأداء عملك بنزاهةٍ وثباتٍ يعدّ من أصعب وأجمل الإنجازات الّتي يمكنك تحقيقها، وهذا وحده كافٍ.

ملاحظة: لو كنتُ أعرف نصف ما أعرفه اليوم آنذاك، لكنتُ أرحم مع نفسي، وأكثر شجاعةً في اتّخاذ القرارات الّتي كانت مهمّةً.

مع الحبّ، من نسخة حسنين الأكبر سنّاً، الّتي ما زالت تتعلّم.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
زمن القراءة: 5 دقائق قراءة
آخر تحديث:
تاريخ النشر: