4 مبادئ ذكية لإدارة المخاطر ينبغي أن يعرفها كلّ رائد أعمال
حين يدرك رائد الأعمال أنّ النّجاح لا يولد من الأمان بل من الجرأة المحسوبة، يتعلّم أنّ المخاطرة ليست مقامرةً، بل مسارٌ مدروسٌ تحكمه مبادئ ذكيّة تصوغ توازنه
الأعمال بطبيعتها مقامرةٌ مدروسةٌ، غير أنّ ليست كلّ مغامرةٍ تستحقّ أن تُخاض؛ فالفارق بين المجازفات المحسوبة الّتي تُفضي إلى النّجاح، وتلك الطّائشة الّتي تجرّ إلى الفشل، يكمن في الالتزام بمجموعةٍ من المبادئ البسيطة لكنّها حاسمةٌ. وعلى امتداد سنوات عملي، شهدتُ روّاد أعمالٍ يرتقون أو يتعثّرون تبعاً لطريقتهم في التّعامل مع المخاطرة. فإن كنت تسعى إلى إعادة صياغة نظرتك إلى المخاطر في عملك، فإليك 4 قواعد أساسيّة، استلهمها الكاتب من زميلته كارين فايرستون، الشّريكة المؤسِّسة والرّئيسة الفخريّة لشركة "أوريوس لإدارة الأصول" (Aureus Asset Management).
-
قدّر حجم المخاطرة تقديراً صحيحاً
حين تلوح أمامك فرصةٌ جديدةٌ، اسأل نفسك أوّلاً: هل حجم هذه المخاطرة ملائمٌ لوضعي الحاليّ؟ إنّ “الملاءمة” هنا تعني موازنة الخسارة المحتملة بما يمكنك احتماله من ضررٍ؛ فالشّركة النّاشئة لا ينبغي أن تضع كلّ ما تملك في مشروعٍ واحدٍ، تماماً كما لا يصحّ لمدير استثمارٍ أن يضع نصف صندوقه في فكرته “الأفضل على الإطلاق”.
تصوّر مثلاً أنّك رائد أعمالٍ في قطّاع العقارات تنوي شراء أوّل مقرٍّ لشركتك الصّاعدة. لطالما ادّخرتَ وخطّطت لهذه الخطوة، وكنت قد وجدت في البداية مكتباً يفوق ميزانيّتك. ومع نموّ الشّركة، بدا لك المكان مناسباً أخيراً. ولكن إذا تجاهلت مؤشّرات التّحذير واستثمرت في عقارٍ يرهقك بإيجارٍ مرتفعٍ، فستجعل المخاطرة أضخم ممّا تحتمل.
لا يقتصر هذا المبدأ على الاستثمارات العقاريّة، بل يشمل قرارات التوظيف، وميزانيّات التّسويق، وبناء البنية التّحتيّة، وإطلاق المنتجات. لذلك، عليك أن تراهن بما يكفي لتتقدّم خطوةً، لا بما قد يُسقط عملك إن تعثّرت.
-
أتقن فنّ التّوقيت
التوقيت، في عالم الأعمال، هو الفرق بين النّجاح والإخفاق؛ فمهما بلغت جودة الفكرة، إن جاء وقتها في غير أوانه فمصيرها الفشل. لا أحد يفتتح منتجعاً شاطئيّاً في موسم الأعاصير، ولا يُطلق منتجاً فاخراً وسط ركودٍ اقتصاديٍّ. يدرك روّاد الأعمال النّاجحون أهميّة قراءة السّوق؛ يرصدون دوراته، ويتابعون تقلّبات الطّلب الموسميّة، ويتنبّهون إلى خطوات المنافسين. وليس المطلوب أن تنتظر لحظة الكمال، فهي لا تأتي أبداً، بل أن تميّز متى تهبّ الرّياح في صالحك ومتى لا.
الكمال في التّوقيت نادرٌ، لكن التّوقيت الجيّد متاحٌ لمن يحسن مراقبة الإشارات. لذلك، فإنّ القدرة على التقاط تلك اللّحظة الفارقة مهارةٌ من أهمّ ما يتقنه رائد الأعمال. وأحياناً يكون القرار الصّائب هو أن تتحرّك أسرع من الآخرين فحسب.
-
استثمر المعرفة والخبرة
لا تُغامر في ميدانٍ تجهله. تبدو قاعدةً بدهيّةً، غير أنّ كثيرين يتجاهلونها مراراً؛ فالفرص المغرية كثيرةٌ، والوقوع في فخّ الإغراء سهلٌ. ولكنّ المجازفة في مجالٍ لا تمتلك فيه خبرةً أساسيّةً، أشبه بالسّير في أرضٍ مجهولةٍ دون بوصلةٍ.
افترض أنّك تدير شركة برمجيّاتٍ صغيرةً وترغب في التّوسّع نحو تصنيع الأجهزة؛ فعندها ينبغي أن تستعين بخبراء، وتوظّف من يعرف خفايا ذلك المجال، بل وأن تعقد شراكاتٍ مع شركاتٍ رسّخت في هذا المضمار. الطّبيب الجرّاح لا يراجع دليل العمليّات أثناء الجراحة، لأنّه اكتسب مهارته بالممارسة المتكرّرة؛ فاجعل من هذا المثال معياراً لنفسك: لا تُخضِع عملك لتجاربك الأولى، بل استفد من خبرات الآخرين قبل أن تخوض غمار المجهول.
شاهد أيضاً: الملاحة في عالم متغير: تأثير المخاطر على الأعمال
-
تذكّر أنّ لا شيء مضمون
تبدأ الأخطاء حين يتراجع الشّكّ الصّحيّ في مواجهة الوعود المطلقة؛ فإذا جاءك من يَعِد بعائدٍ مضمونٍ أو فرصةٍ “لا تُخطئ”، اعلم أنّك أمام خطرٍ لا فرصةٍ. الأرقام والجداول تُخدّر البصيرة أحياناً، لكنّها في حقيقتها ليست سوى تخميناتٍ مبنيّةٍ على افتراضاتٍ، ونادراً ما تصدق تماماً.
فإن قدّم لك أحدهم فكرة العمر أو مشروعاً يزعم أنّه لا يخسر، فتروَّ قبل الاندفاع، وتأمّل بعينٍ ناقدةٍ ما وراء البريق؛ فالمكاسب المضمونة وهمٌ يغري بالعجلة، ولا صفقة تخلو من الخطر مهما بدت واعدةً. لا ينساق رائد الأعمال الحقيقيّ خلف الوعود، بل يختبر الفرضيّات بدقّةٍ، ويفحص التوقّعات تحت الضغط، ويُعدّ لأسوأ الاحتمالات قبل أن يخطو أيّ خطوةٍ، لأنّ الحكمة في عالم الأعمال لا تكمن في الهروب من المخاطرة، بل في فهمها والسّيطرة على حدودها.
الرّأي الآتي بقلم بيتر إيكونومي، المعروف بلقب “رجل القيادة”، وقد نُشر للمرّة الأولى على موقع (Inc.com).