كيف تُعيد Nespresso تعريف الفخامة في سوق الإمارات؟
يُضيء عادل خمار على أسرار بقاء العلامات التجارية في ذروة عالم الفخامة، حيث لا تكفي الهيبة ولا يضمن الاسم الحضور، بل تُبنى المكانة برؤيةٍ أصيلةٍ وتجربةٍ مُتقنةٍ

هذا المقال متوفّرٌ باللّغة الإنجليزيّة من هنا.
في دولة الإمارات العربيّة المتّحدة، لم تَعُد الفخامة استثناءً يُلفت النّظر، بل غدت القاعدة الّتي يُبنى عليها كلّ شيءٍ. وفي سوقٍ اعتاد على هذا المستوى من الرّقيّ، لا يُعدّ البقاء في دائرة الجاذبيّة أمراً مضموناً، حتّى بالنّسبة إلى العلامات التّجاريّة العريقة. خذ على سبيل المثال "نسبريسو" (Nespresso) إحدى أبرز الأسماء العالميّة في عالم القهوة الفاخرة؛ إذ يؤكّد عادل خمار، المدير الإقليميّ للشّركة في الإمارات، لمجلّة "عربية .Inc"، أنّ البقاء حاضراً وذا صلةٍ في هذه السّوق ليس امتيازاً يُمنح، بل مسؤوليّة تتطلّب تجديداً دائماً.
يقول خمار: "الحفاظ على الجاذبيّة في سوقٍ يتسارع إيقاعه كسوق الإمارات، يستدعي التزاماً عميقاً وشغفاً أصيلاً، لاسيما في القطّاع الّذي ننتمي إليه". ويضيف: "حين ندير علامةً فاخرةً مثل نسبريسو في هذه المنطقة، لا نكتفي بإطلاق منتجاتٍ عالية الجودة لضمان الحضور، بل نحرص على تنسيق تجارب متفرّدةٍ وابتكار لحظاتٍ غنيّةٍ، مستلهمين في ذلك ثقافاتٍ وممارساتٍ وقصصاً من أنحاء العالم، ثم نُعيد صياغتها بما ينسجم مع ثقافة هذه الأرض وقيمها."
تشكّل هذه الرّؤية -الّتي ترى في الفخامة توازناً بين الصّدى المحلّي والاتّساق العالميّ- جوهر الحضور الذي تتبنّاه "نسبريسو" في دولة الإمارات. بالفعل، يشير إلى أنّ الشّركة قد طوّرت بصمتها في السّوق بما يواكب تطلّعات المستهلكين الخبراء بعالم الرّفاه، وكان جوهر هذا التّحوّل تركيزاً واعياً على تصميم تجربة العميل.
شاهد أيضاً: 5 استراتيجيات لبناء علامات تجارية طويلة الأمد
يقول خمار: "الإمارات سوق تجزئةٍ نابضةٌ، تُولي فيها العلامات الفاخرة أهميّةً قصوى لتقديم انعكاسٍ حيٍّ لروح العلامة وبيانها الفيزيائيّ الملموس. ويجب أن تكون هذه التّجربة سلسةً ومتقنةً لتُعمّق العلاقة مع المستهلك، متجاوزةً حدود البيع والشّراء". ويضيف: "لهذا، شكّلت قراراتنا هذا العامّ نقطة تحوّلٍ تمثّلت في تطوير مساحات البيع لدينا، واستقطاب المواهب المحليّة."
وفي هذا الإطار، يلفت خمار إلى مفهوم البوتيك الجديد الّذي أطلقته نسبريسو، والمصمَّم ليقدّم تجارب غامرةً ومُفصّلةً على مقاس عملاء الإمارات. ويشرح: "بصفتنا روّاداً في خدمة العملاء على مدى أربعة عقودٍ، نُدرك أنّ هذه السّوق المتطوّرة يفرض علينا الاستمرار في ابتكار تجربة العميل". ويتابع: "ولأنّ بوتيكاتنا تُشكّل نقطة التماس الأولى مع العلامة، نطمح إلى خلق تجربةٍ أكثر تفاعلاً وخصوصيّةً، تعكس ما تحمله نسبريسو من فخامةٍ وجودةٍ راسخةٍ".
حتّى الآن خلال هذا العام، أطلقت "نسبريسو" مفهوم بوتيكاتها الجديد في ثلاث وجهاتٍ داخل دولة الإمارات، شملت "دبي هيلز مول" في دبي، و"الجيمي مول" في العين، و"غاليريا، جزيرة المارية" في أبوظبي. ويكشف عادل خمار أنّ الخطّة لا تزال في بداياتها، قائلاً: "للعام المقبل، نعتزم تطوير عددٍ من بوتيكاتنا، وتوسيع حضورنا في إماراتٍ أخرى مثل الشّارقة ورأس الخيمة."
غير أنّ أبهى المساحات قد تعجز عن ترك الأثر المنشود ما لم تُحيها أرواحٌ تؤمن بالرّسالة وتترجمها. ومن هنا، تضع نسبريسو ضمن استراتيجيتها محوراً أساسيّاً يُعنى برأس المال البشريّ، لاسيما فيما يتعلّق بقدرة الفريق على تجسيد قيم العلامة واستيعاب السّياقات الثّقافيّة المحيطة بها.
يقول خمار: "تُولي نسبريسو اهتماماً بالغاً بتمكين المواهب الإماراتيّة المحلّيًة، وتحرص على بناء فريقٍ يتحلّى بشغفٍ أصيل تجاه القضايا الّتي تؤمن بها العلامة، مع ما يضيفونه من رؤىً ثقافيّةً ومعرفةً محلّيّةً". ويضيف: "إنّ استثمارنا في برامج التّدريب والتّطوير يمثّل ركيزةً جوهريّةً، لضمان قدرة الفريق على تقديم تجارب شخصيّةٍ لا تُنسى، تُجسّد العلامة وتُنبض بها حياة".
يقدّم عادل خمار نصيحةً موجّهةً إلى العلامات الّتي تطمح إلى أن تسلك طريق "نسبريسوو" في ارتقاء سلّم الفخامة والبقاء في مصافّه: الفخامة ليست تسعيراً مرتفعاً أو تغليفاً لامعاً، بل هي زاوية نظرٍ، ورؤيةٌ شاملةٌ. فيوضّح قائلاً: "من أبرز الأخطاء الّتي تقع فيها العلامات عند محاولتها ‘الترف’، ظنّها أنّ الفخامة تكمن في رفع الأسعار أو تجميل المظهر". ويضيف: "لقد شهد قطّاع الفخامة- محليّاً وعالميّاً-تحوّلاتٍ جذريّةً في أعقاب أزمة كوفيد-19، خصوصاً على مستوى الإفراط في الاستهلاك. فقد أصبح المستهلك اليوم أكثر وعياً وخياراً، وتركيزه انتقل إلى المنتجات المتينة الّتي تدوم لسنواتٍ، بدلاً من إصداراتٍ متكرّرةٍ تُغذّي فائضاً لا حاجة له."
وقد نتج عن هذا التّحوّل في سلوك الشّراء ضغوطٌ جديدةٌ، كما أتاح في المقابل فرصاً مختلفةً، ما يستدعي من العلامات إعادة التّفكير في معنى الفخامة الحقيقيّ. يعلّق خمار على ذلك بالقول: "ينبغي على العلامات أن تُحسّن تموضع عروضها، وتُعيد تعريف جمهورها، مع البحث عن زوايا جديدةٍ لبناء قاعدةٍ أكثر إخلاصاً وارتباطاً". ويُردف: "تزداد هذه المسألة أهميّةً؛ لأنّ الفخامة تتجسّد في التّميّز المستمرّ، وفي امتلاك غايةٍ تتجاوز حدود المنتج ذاته. وعلى العلامات أيضاً أن تُجنّب نفسها الوقوع في فخّ التّفكير بمنطق السّوق الجماهيريّ داخل فضاء الفخامة؛ فالفخامة تعني التّفرّد، والتّجارب المصمّمة خصيصاً، لا الجذب العريض والمفتوح".
تتجلّى هذه الفلسفة الّتي تُقدّم الجودة على الكمّ في الطّريقة الّتي تحضر بها نسبريسو في أسواقها، وفقاً لما يوضّحه عادل خمار. فيقول: "ثمّة ما تغفله كثيرٌ من العلامات التّجاريّة، وهو أهميّة ثقافة الخدمة وسرد القصص". ويشرح: "ينصبّ تركيزهم على التّغليف بدل الإنسان، مع أنّ العنصر البشريّ هو الفارق الحقيقيّ في تجارة التّجزئة الفاخرة. في نسبريسو الإمارات، يشكّل قطّاع التّجزئة القلب النّابض لكلّ ما نقوم به؛ أكثر من 60% من موظفينا يعملون في المتاجر، و80% منهم في الصّفوف الأماميّة مع العملاء، وقد خضع كلّ فردٍ منهم لتدريبٍ لا يقتصر على معرفة المنتج، بل يتجاوز ذلك إلى بناء علاقةٍ أعمق وأكثر معنىً مع كلّ عميلٍ."
وتتبلور رسالة خمار لزملائه في القطّاع في دعوةٍ صريحةٍ للتّركيز على الأساسيّات. فيقول: "حتى تُنجز الأمر كما يجب، على العلامات أن تستثمر في كوادرها، وتزرع ثقافة التّميّز، وتفهم الدّوافع العاطفيّة الكامنة خلف تجارة الفخامة". ويختم قائلاً: "عموماً، نصيحتي لعلامات الفخامة هي أن تتقن عروضها وتجاربها وخدماتها تجاه جمهورها الأساسيّ أوّلاً، مع البقاء أمينةً لهدف العلامة، ثم التّوسّع بشروطٍ تحفظ الجودة، وتحمي الأصالة، وتصون الحصريّة."
نُشر هذا المقال لأوّل مرّةٍ في عدد يوليو 2025 من مجلة "عربية .Inc". لقراءة العدد الكامل عبر الإنترنت، اضغط هنا.