مبادرة كارتييه للنساء تبحث عن رائدات التغيير في العالم
فرصةٌ استثنائيّةٌ لرائدات الأعمال في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للانضمام إلى مجتمعٍ عالميٍ يوفّر الدّعم والتّدريب والتّأثير الحقيقيّ على أرض الواقع

هذا المقال متوفّرٌ باللّغة الإنجليزيّة من هنا.
تفتح "مبادرة كارتييه للنساء" (Cartier Women’s Initiative)، وهي برنامجٌ سنويٌّ تُنظّمه دار المجوهرات الفرنسيّة الفاخرة "كارتييه"، أبواب التّقديم الآن لدورتها الخاصّة بعام 2026، ساعيةً لدعم رائدات الأعمال المؤثّرات في جميع أنحاء العالم.
منذ انطلاقها عام 2006، دعمت المبادرة أكثر من 300 مشروعٍ تقوده نساء في أكثر من 60 دولةً، مقدّمةً دعماً لا يقتصر على الجانب الماليّ فحسب، بل يمتدّ ليشمل رأس المال الاجتماعيّ والإنسانيّ أيضاً.
تتضمن المبادرة 10 فئاتٍ للجوائز، تسعٌ منها إقليميّةٌ (أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي، أمريكا الشمالية، أوروبا، أفريقيا جنوب الصحراء النّاطقة بالفرنسيّة، أفريقيا النّاطقة بالإنجليزيّة والبرتغاليّة، الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، شرق آسيا، جنوب آسيا وآسيا الوسطى، وأوقيانوسيا)، وفئةٌ واحدةٌ موضوعيّةٌ وهي "جائزة الرّواد في العلوم والتّكنولوجيا".
تُمنح كلّ فئةٍ ثلاث جوائز: تحصل الفائزة بالمركز الأوّل على منحةٍ ماليّةٍ بقيمة 100,000 دولارٍ أمريكيٍّ، والفائزة بالمركز الثّاني على 60,000 دولارٍ، أمّا المركز الثّالث فيحصل على 30,000 دولارٍ. وإلى جانب الدّعم الماليّ، يتمتّع الزّملاء المختارون بفرصٍ كبيرةٍ في التّغطية الإعلاميّة، وبناء العلاقات، والانضمام إلى مجتمع المبادرة النّشط، بالإضافة إلى مشاركتهم في برنامجٍ تدريبيٍّ متخصّصٍ في ريادة الأعمال ذات الأثر الاجتماعيّ تُنظّمه مدرسة الأعمال الفرنسية "إنسياد" (INSEAD)، وتدريب على مهارات التّواصل القياديّ، ومواضيع أعمال محدّدةٍ، فضلاً عن تلقيهم لتدريبٍ تنفيذيٍّ مخصّصٍ.
أمّا بالنّسبة للنّساء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ممّن يحملن الطّموح والرّغبة في خوض غمار هذه المبادرة، فإنّ الإصغاء لتجارب الزّميلات السّابقات من ذات المنطقة يُشكّل محطّةً بالغة الأهميّة؛ إذ يتّفقن جميعاً على أنّ هذه التّجربة لم تكن مجرّد منحةٍ أو مشاركةٍ، بل كانت نقطة تحوّلٍ فارقةً غيّرت مساراتهنّ، وأعادت تشكيل رؤيتهنّ لأنفسهنّ كمؤسِّساتٍ، وكمحرّكاتٍ للتّغيير في مجتمعاتهنّ.
ومن النّماذج الملهمة الّتي تجسّد روح المبادرة، تبرز راما كيالي، الشّريكة المؤسِّسة لشركة "المفكرون الصغار" (Little Thinking Minds) الأردنيّة، الرّائدة في تطوير حلول تعليم اللّغة العربيّة للأطفال على امتداد العالم النّاطق بها. لم يكن فوزها بجائزة المبادرة عام 2014 سوى بدايةً لمسيرةٍ حافلةٍ بالتّأثير، إذ تُوِّجت مؤخّراً بتكريمٍ جديدٍ في "جوائز الأثر" لعام 2025، وهي الجائزة الّتي تحتفي بالزّميلات اللّواتي تجاوز أثرهنّ حدود الفكرة، ليُترجم إلى إنجازاتٍ ملموسةٍ قابلةٍ للقياس.
وعند استرجاعها لتجربتها الأولى مع البرنامج، تصف كيالي تلك المرحلة بأنّها كانت "لحظةً محوريّةً" في رحلتها الرّياديّة. إذ تقول في حديثها مع "عربية .Inc": "في ذلك الوقت، كان لدينا منتجٌ ونموذج عملٍ مختلفٌ تماماً. كنّا فريقاً صغيراً من 4 أشخاص [أمّا الآن، فنحن 70]، وكُنتُ لا أزال أبحث عن صوتي كمؤسِّسةٍ. كانت تلك أوّل مرّةٍ أجد فيها نفسي تحت الضّوء على المستوى العالميّ، وأدركتُ مدى قوّة أن تُسمع وتُرى وتُحاط بشبكةٍ من صانعات التّغيير المتشابهات في القيم، واللّواتي واجهنَ تحديّاتٍ مماثلةً لتلك التي كُنت أواجهها".
وتتابع كيالي: "قبل مشاركتي في المبادرة، كُنتُ غالباً ما أشعر بالعزلة خلال رحلتي الرّياديّة. ولكن انضمامي لهذا المجتمع القويّ والمتناغم في قيمه منحني الثّقة والوضوح والتّقدير الّذي كُنت أحتاجه على المستويين الشّخصيّ والمهنيّ. كما أنّ حصولنا على دعم اسم كارتييه والمبادرة منحنا مصداقيّةً كبيرةً في جهودنا التّمويليّة وخطط التّوسّع. على مرّ السّنوات، نضج عملنا، وتعاظم تأثيرنا، ونضجتُ أنا كذلك كقائدةٍ. لم أتمكّن دائماً من التّفاعل مع المجتمع كما كُنتُ أودّ، لأنّ إدارة شركةٍ وتربية عائلةٍ أمرٌ مرهقٌ، لكن مجرّد معرفتي بأنّ هذه الشّبكة موجودةٌ دائماً ما كان يمنحني الطّمأنينة".
وبعد فوزها مؤخّراً بجائزة الأثر في عام 2025، ترى كيالي في هذا التّكريم تأكيداً على التزامها المتجدّد بردّ الجميل للمجتمع الّذي منحها الكثير. وتقول: "أن يتم اختياري مجدّداً بعد 11 عاماً من مشاركتي الأولى، يشعرني بلحظة اكتمال الدّائرة. إنّه انعكاسٌ ليس فقط لتقدّم شركتنا، بل أيضاً للقوّة الهادئة الّتي تأتي من الالتزام بالرّسالة على مدى الزّمن. فمنذ أن أصبحت زميلةً في المبادرة، تطوّرنا من مشروعٍ محليٍّ صغيرٍ إلى جهةٍ رائدةٍ إقليميّاً، وقد أتممنا مؤخّراً صفقة استحواذٍ مع شركة "سيسو التعليمية" (Seesaw Learning) الأمريكيّة العالميّة، وهي من أسرع شركات التّكنولوجيا التّعليميّة نموّاً عالميّاً. وقد جاء هذا التّكريم في توقيتٍ بالغ الأهميّة، إذ يؤكّد أنّ ما بنيناه له قيمةٌ، وأنّ الإنصاف في تعليم اللّغة العربيّة له مكانةٌ على الأجندة العالميّة. الجائزة تذكرني بأنّ الصّمود والهدف يسيران جنباً إلى جنبٍ، وأنّ الأثر العميق والمستدام ممكنٌ، حتّى حين تكون الرّحلة طويلةً".
وتضيف كيالي أنّ هذا التّقدير يحفّز شركة المفكرون الصغار على الاستمرار في مسار النّموّ والتّوسّع. إذ توضّح قائلةً:"أنظر إلى هذه الجائزة كمنصّةٍ لتوسيع رسالتنا، والوصول إلى مجتمعاتٍ جديدةٍ، ومواصلة إعادة تشكيل مفهوم التّعلّم بالنّسبة للأطفال العرب في المنطقة وخارجها. أمّا على الصّعيد الشّخصيّ، فهي فرصةٌ لمزيدٍ من التّطوّر، وتعميق علاقتي بهذا المجتمع الرّائع، وفتح آفاقٍ جديدةٍ للتّعاون وتبادل الخبرات، وإيجاد سبلٍ مؤثّرةٍ لردّ الجميل. الجائزة ليست فقط تكريماً للماضي، بل هي دعوةٌ للاستمرار في التّطوّر".
كما تؤكّد كيالي، في ختام حديثها، على أهميّة أن تتقدّم النّساء من منطقة الشّرق الأوسط وشمال أفريقيا -اللّاتي يؤسّسن لمشروعاتٍ ذات أثرٍ اجتماعيٍّ- لهذه المبادرة. وتقول: "إذا كنتِ امرأةً من هذه المنطقة وتبنين مشروعاً قائماً على رسالةٍ، فتقدّمي. لا تدعي الشّك الذّاتيّ أو متلازمة المحتال تمنعك؛ فمبادرة كارتييه للنساء ليست مجرّد منحةٍ ماليّةٍ أو تكريمٍ؛ إنّها تجربةٌ تحوّليّةٌ تفتح عينيك، وتوسّع آفاقك، وتربطك بمجتمعٍ عالميٍّ قويٍّ".
أمّا عن النّصيحة الّتي تقدّمها للرّاغبات في التّقديم، فتدعو كيالي إلى العودة إلى الجذور: "ابدئي من المشكلة الّتي تشعرين بشغفٍ تجاهها، وكوني واضحةً بشأن التّغيير الّذي تريدين تحقيقه، ولا تخجلي من إظهار شغفك، إذ إنّ صدقك هو قوّتك الخارقة. الأسواق النّاشئة بحاجةٍ إلى حلولٍ جريئةٍ تنبع من الدّاخل، ونساء المنطقة مؤهّلاتٌ بشكلٍ فريدٍ لقيادة هذه الحلول. نحن نفهم التّعقيدات على الأرض، ولدينا الصّلابة لتجاوزها. وبما أنّ المبادرة تقدّم رؤيةً عالميّةً، وتوجيهاً، ومصداقيّةً، وشعوراً بالانتماء، فهي فرصةٌ نادرةٌ لتطوير عملك ونفسك."
يُذكر أن باب التّقديم لنسخة 2026 من مبادرة كارتييه للنساء مفتوحٌ حّتى السّاعة 2 ظهراً (بتوقيت وسط أوروبا الصّيفيّ) يوم 24 يونيو 2025. ويمكن الاطلّاع على المزيد من المعلومات، بما في ذلك شروط الأهليّة وإجراءات التّقديم، من خلال الموقع الرّسميّ للمبادرة من هنا.
وتختم كيالي بالقول: "لا تفوّتي فرصة أن تكوني جزءاً من شيءٍ أكبر من شركتك؛ فالأمر يتعلّق ببناء حركةٍ، وإحداث أثرٍ، وخلق مجتمعٍ يدوم".