القيادة التنفيذية الجزئية: الطريق الذكي لنمو الشركات الناشئة
لم تعد الحاجة لمدير تسويق تنفيذي بدوامٍ كاملٍ أولويّةً، فالقادة الجزئيون يحقّقون نتائج ملموسةً بمرونةٍ وكفاءةٍ، وبتكلفةٍ أقلّ

هذا المقال متوفّرٌ باللّغة الإنجليزيّة من هنا.
قبل سنواتٍ، لو أخبرت مؤسّساً أنّ بوسعه استقدام مدير تسويقٍ تنفيذيٍّ لبضع ساعاتٍ في الأسبوع وتحقيق نموٍّ في الإيرادات، لعدّ الأمر محض مزاحٍ. أمّا اليوم، فقد غدت القيادة الجزئيّة ليست خياراً ممكناً فحسب، بل الخيار الأذكى للشّركات الّتي تنشد التّوسّع بكفاءةٍ ووعيٍ استراتيجيٍّ.
أقول ذلك من واقع تجربةٍ ملموسةٍ عايشتها من زوايا متعدّدةٍ. أسّستُ شركاتٍ، وقُدتُ فرق التّسويق، وجلستُ في مقاعد الإدارة التّنفيذيّة، حتّى أدركت أن كثيراً من الشّركات لا تحتاج إلى مدير تسويقٍ بدوامٍ كاملٍ، بل إلى قيادةٍ راشدةٍ، تُسهم في اللّحظة المناسبة.
ولهذا أعمل اليوم كمدير نموٍّ تنفيذيٍّ جزئيٍّ (CGO) أتدخّل حين تحتاج الشّركات إلى توجّهٍ استراتيجيٍّ رفيعٍ، لكنّها لم تتهيّأ بعد لتحمّل أعباء التّوظيف الكامل. ولستُ استثناءً في هذا؛ فالشّركات، عبر القطّاعات، بدأت تدرك أنّ الاستعانة بمدير تسويقٍ مكلّفٍ في وقتٍ مبكّرٍ قد يرتدّ عليها بخسائر لا تُعوّض.
التكلفة الخفية للمدير التنفيذي بدوام كامل
قد يُعدّ توظيف مدير تسويق تنفيذي خياراً منطقياًّ لشركةٍ في طور النّموّ، لكن الواقع يكشف غير ذلك:
- استعجال التّوظيف: في مرحلة إيراداتٍ تتراوح بين 1 و10 ملايين دولارٍ، كثيراً ما تُقدِم الشّركات على استقدام مسؤولٍ تنفيذيٍّ قبل أن تتهيّأ بنيتها التّحتيّة لدعمه. والنّتيجة؟ تكلفةٌ باهظةٌ يقضي صاحبها وقته في إطفاء الحرائق اليوميّة بدلاً من رسم الاستراتيجيّات.
- تضخيم التّوقعات: المدير التّنفيذي للتّسويق ليس كاتب محتوىً، ولا مديراً لوسائل التّواصل، ولا خبيراً في الإعلانات المدفوعة. ومع ذلك، تُحمّله الشّركات أعباء مستحيلةً وكأنّما يُنتظر منه أن يحلّ كلّ معضلةٍ تسويقيّةٍ.
- استنزاف الموارد بلا طائلٍ: راتبه لا يكفي وحده؛ فهو يحتاج إلى طاقمٍ وأدواتٍ وميزانيّاتٍ. وإن لم تكن الشّركة جاهزةً لكلّ هذا، بات المدير منصباً بلا تأثيرٍ.
لا يعني ذلك انتقاصاً من قيمة المدراء التّنفيذيّين بدوامٍ كاملٍ، ولكن حين تكون الشّركة في طور النّموّ، يكون الرّهان الأجدى على قيادةٍ جزئيّةٍ راشدةٍ: تملك الخبرة، وتُنفّذ بسرعةٍ، وترحل بعد أن ترسم المسار وتُثبّت القاعدة.
ماذا يفعل القائد الجزئي حقاً؟
عملتُ كمدير نموٍّ تنفيذيٍ جزئيٍّ عبر طيفٍ واسعٍ من الصناعات: من السّلع الاستهلاكيّة والسّيارات، مروراً بالشّركات التّقنيّة النّاشئة والخدمات الماليّة، وصولاً إلى قطّاع البناء. غير أنّ الحاجة المحوريّة ظلّت ثابتةً: تحتاج الشّركات إلى قيادةٍ استراتيجيةٍّ تُحدث أثراً ملموساً، دون القدرة أو الحاجة إلى التّوظيف الدّائم. وهذا ما يقدّمه القائد الجزئيّ المناسب:
- التّنفيذ الاستراتيجيّ، لا التّخطيط فقط: فليست الخطّة نهاية المطاف، بل ضمان تنفيذها على الأرض.
- النّمو المتكيّف: يتطوّر مع احتياجات الشّركة بدلاً من فرض قالبٍ جامدٍ يصلح للجميع.
- الرّؤية المتجدّدة: تمكّنه خبرته المتنقّلة بين الصّناعات من نقل الاستراتيجيّات وتوليد أفكارٍ تتجاوز أفق الفرق الدّاخليّة.
- الكفاءة الماليّة: بدلاً من إنفاق ربع مليون دولارٍ أو أكثر على توظيفٍ دائمٍ، تستثمر الشّركة في قيادةٍ عليا مرنةً، عند الحاجة فقط.
مستقبل القيادة التنفيذية
التّحوّل نحو القيادة الجزئية ليس مجرّد تقليلٍ في التّكاليف، بل هو السّبيل الأذكى لبناء نموٍّ مستدامٍ؛ فإذا كانت شركتك لا تزال تصوغ خطّتها التّسويقيّة بعيدة المدى، فإنّ تعيين مدير تسويق تنفيذي بدوامٍ كاملٍ في وقتٍ مبكّرٍ قد يُفضي إلى نتائج عكسيّةٍ. بدلاً من ذلك، يضع القائد الجزئيّ الأساس، ويحقّق نتائج فوريّةً، ويضمن أن يأتي التّوظيف الدّائم في كيانٍ محكم الأداء.
أمّا بالنّسبة لقادة الأعمال الّذين يفكّرون في خطوتهم التّالية؛ فالسّؤال الحقيقيّ ليس: "هل نحتاج مدير تسويقٍ؟" بل: "أيّ نوعٍ من القيادة نحتاج الآن؟" وغالباً ما تكون الإجابة: ليست قيادةً دائمةً، بل جزئيّةٌ".
عن الكاتب
فيكرام أغاروال رائد أعمالٍ بصيرٌ، يمزج بين الابتكار الرّقميّ والقيادة الجريئة في ابتكار مشاريع ناجحةٍ وتوسيع نطاقها. امتدّت مسيرته المهنيّة عبر صناعاتٍ شتّى وقاراتٍ متعدّدةٍ، من العمل مع علاماتٍ تجاريّةٍ عالميّةٍ إلى تأسيس شركاتٍ تقوم على التّحوّل والنّموّ.
بدأ رحلته التّسويقيّة في دبي مع "جنرال موتورز" (General Motors)، ثم أسّس عام 2011 وكالة "ستروك للاستشارات" (Stroke Consulting)، المتخصّصة في الاستراتيجيّة والتّسويق الرّقميّ، لخدمة علاماتٍ، مثل: GMC وChevrolet وKawasaki وMasterCard.
مدفوعاً بشغف الابتكار، أطلق منصّة Daddy’s Digest الّتي أعادت صياغة مفهوم المحتوى الأبويّ، وتم الاستحواذ عليها في عام 2021. كما تولّى منصب مدير التّسويق التّنفيذيّ في مؤسّسةٍ رائدةٍ في قطّاع الخدمات الماليّة، حيث قاد مبادراتٍ أثّرت في حياة الملايين.
كما نال جائزة "مغيّر اللعبة" (Changemaker Award) من صحيفة The Globe and Mail الكنديّة عام 2023، ويقود اليوم شركة S1:E2 حيث يصوغ استراتيجيّات نموٍّ ذات أثرٍ مستدامٍ. وإلى جانب ذلك، يرشِد الشّركات النّاشئة عبر برنامج Techstars، ويساهم في دعم منظومة ريادة الأعمال من خلال عضويّته في مجالس إداريّةٍ واستشاريّةٍ متعدّدةٍ.