الرئيسية الذكاء الاصطناعي الذكاء الاصطناعي العاطفي: هل تفهمك الآلات قريباً؟

الذكاء الاصطناعي العاطفي: هل تفهمك الآلات قريباً؟

تقنياتٌ جديدةٌ تسعى إلى تمكين الآلات من فهم مشاعر الإنسان والاستجابة لها بتعاطفٍ واقعيٍّ، ما يفتح الباب أمام جيلٍ رقميٍّ قادرٍ على التّفاعل الوجدانيّ العميق

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

يخطو الذكاء الاصطناعي العاطفي خطواتٍ متسارعةً في سبيل تطوير العلاقة بين الإنسان والآلة، ويثير سؤالاً جوهريّاً: هل ستصبح الآلات قادرةً قريباً على فهم المشاعر البشريّة والتّفاعل معها بتعاطفٍ حقيقيٍّ؟ يعدّ هٰذا التّوجّه فرعاً متقدّماً من مجال الـحوسبة الوجدانيّة، ويهدف هٰذا المجال إلى تمكين الأنظمة الرّقميّة من رصد الإشارات الوجدانيّة كتعابير الوجه ونبرة الصّوت والحركات، والتّفاعل معها بطريقةٍ تقارب التّعاطف البشريّ، في خطوةٍ تسعى لجعل الآلات أقرب إلى مشاعرنا، لا فقط أفكارنا.

ما هو الذكاء الاصطناعي العاطفي؟

الذكاء الاصطناعي العاطفي هو فرعٌ متقدّمٌ من تقنيات الذكاء الاصطناعي، يسعى إلى تمكين الآلات والأنظمة الرّقميّة من فهم الحالات العاطفيّة للبشر والتّفاعل معها بشكلٍ يقارب التّعاطف الإنسانيّ. ولا يقتصر الأمر على رصد الكلمات، بل يشمل الإيماءات، وتعابير الوجه، ونبرة الصّوت، وحتّى المتغيّرات الفسيولوجيّة كنبض القلب أو حرارة الجسمتعتمد هٰذه التّقنية، المرتبطة بمجال الحوسبة الوجدانيّة، على تكامل عدّة تخصّصاتٍ متقدّمةٍ، مثل رؤية الحاسوب لتحليل التّعابير، ومعالجة اللّغة الطّبيعيّة لفهم النّصّ والسّياق، وتعلّم الآلة لتحسين دقّة التّفسير بمرور الزّمن.

مستقبل الذكاء الاصطناعي العاطفي: هل تفهمك الآلات قريباً؟

تشير توقّعاتٌ صادرةٌ عن مؤسّسة "أورازون" للابتكار في عام 2025 إلى أنّ السّوق العالميّ لتقنيات الذكاء الاصطناعي العاطفي قد يتجاوز حاجز 70 مليار دولارٍ خلال خمس سنواتٍ فقط. ويعود هٰذا النّموّ المتسارع إلى دخول لاعبين جددٍ إلى السّوق، وتطوّر المساعدين الصّوتيّين في الأجهزة الذّكيّة، وتقدّمهم نحو مراحل أعمق من التّعاطف الرّقميّ الحقيقيّ.

وفقاً للتّطوّرات الرّاهنة، سوف تدمج هٰذه الأنظمة بشكلٍ متزايدٍ في تجارب الواقع المعزّز (AR) والواقع الممتدّ (XR)، ممّا يساهم في توفير بيئاتٍ تفاعليّةٍ تحاكي التواصل الإنساني في عمقه ومعناه، إذ ستصبح الآلات قادرةً على استشعار المزاج، وتحديد الحاجات الوجدانيّة، والتّكيّف معها في اللّحظة نفسهاإلّا أنّ هٰذا المستقبل يتوقّف -بشكلٍ جوهريٍّ- على قدرتنا في وضع حدودٍ واضحةٍ وضوابط أخلاقيّةٍ تنظّم استخدام التّقنية، وتضمن مساءلة الخوارزميّات، وتحافظ على كرامة الإنسان في وسطٍ رقميٍّ يتّسم بالتّغيّر السّريع.

كيف يعمل الذكاء الاصطناعي العاطفي على فهم المشاعر؟

تبدأ العمليّة بجمع بياناتٍ دقيقةٍ وحسّاسةٍ تعكس الحالة الوجدانيّة للفرد، مثل تعابير الوجه، ونبرة الصّوت، والمؤشّرات الفسيولوجيّة تجمع هٰذه المعلومات إمّا عن طريق المستشعرات الحيويّة، أو من خلال تحليل الفيديوهات والصّوت. وبعد الجمع، تعالج هٰذه الإشارات وتفسّر من قبل شبكاتٍ عصبيّةٍ عميقةٍ تقوم بمقارنتها مع قواعد بيانيّةٍ تعلّميّةٍ تتحدّث بشكلٍ دائمٍ وتكتسب دقّةً أكبر مع الزّمن. تستخرج هٰذه الشّبكات أنماطاً تشير إلى الحالة العاطفيّة، سواءً كانت فرحاً، أو حزناً، أو غضباً، أو دهشةً، ثمّ تصنّفها وتخزّنها لتساهم في تكييف سلوك النّظام.

في المرحلة الأخيرة، يحدّث النّظام استجاباته وردوده لتتناسب مع الوضع الشّعوريّ للمستخدم، ممّا يؤدّي إلى تجربة تفاعلٍ أكثر طبيعيّةً وانسجاماً. وتُعرف هٰذه المنظومة أيضاً بمسمّياتٍ علميّةٍ مثل: معالجة الانفعالات الرّقميّة أو استشعار الوجدان التّقنيّ، وهي ما يميّز الذكاء الاصطناعي العاطفي عن غيره من أنظمة الذّكاء الرّقميّ الأخرى.

تطبيقات الذكاء الاصطناعي العاطفي في القطاعات المختلفة

تتعدد مجالات استخدام الذكاء الاصطناعي العاطفي، وتتسع لتشمل قطاعاتٍ حيويّةٍ تستفيد من قدرته على فهم المشاعر وتعزيز التّفاعل البشري:  [1] [2]

  • خدمة العملاء: تساهم الرّوبوتات المزوّدة بالذكاء العاطفي الاصطناعي في تحسين تجارب الدّعم، حيث تتعرّف على انفعالات المتصل، وتحسّن نبرة الرّدّ، وتقلّل الاحتكاك وحدّة التّواصل، ممّا يؤدّي إلى تجارب أكثر سلاسةً ورضاً. 
  • الرعاية الصحية: تستخدم أنظمة الحوسبة الوجدانيّة في المستشفيات وعيادات الصّحّة النّفسيّة لمراقبة الحالة العاطفيّة للمريض، والإنذار بمؤشّرات الاكتئاب أو القلق قبل تطوّرها، ممّا يحسّن الرّعاية ويساهم في الوقاية. 
  • التّعليم الذّكيّ: تستخدم برامج الانفعال الرّقميّ في الفصول الذّكيّة لرصد الاستجابات الوجدانيّة للطّلّاب، كالارتباك أو الملل، وتعدّل المناهج وإيقاع التّعليم فوريّاً لمواءمة الحاجة الفرديّة.
  • السّيّارات الذّكيّة: تمكّن المساعدات العاطفيّة المتصلة في السّيّارات من رصد شعور السّائق، كالإرهاق أو الغضب، وتقدّم إشعاراتٍ أو تدخّلاتٍ تساعد على تجنّب الحوادث، وتعزّز السّلامة المروريّة.

التحديات والأطر الأخلاقية للذكاء العاطفي الاصطناعي

رغم الوعود الكبيرة الّتي يقدّمها الذكاء العاطفي الاصطناعي، إلّا أنّه يواجه جملةً من التّحدّيات الأخلاقيّة والقانونيّة. أوّل هٰذه المخاوف هو الخصوصيّة، إذ يتطلّب التحليل العاطفي جمع بياناتٍ دقيقةٍ مثل حركة العين والإيماءات والنّبض، وقد تستغلّ لأغراضٍ تجاريّةٍ أو سوقيّةٍ دون معرفة المستخدمثانياً، تظلّ التّحيّزات البيانيّة مصدر قلقٍ، إذ قد تفسّر الخوارزميّات المشاعر والإشارات بنظرةٍ تفتقر إلى التّنوّع الثّقافيّ، ممّا يؤدّي إلى نتائج غير منصفةٍ أو منحازةٍ. [3]

أمّا التّحدي الثّالث فيتعلّق بالتّلاعب العاطفيّ، أي استخدام المعرفة الوجدانيّة للتّأثير على سلوك المستهلك والضّغط عليه للشّراء أو الاقتناع، ممّا يثير مسائل أخلاقيّةً حول التّوازن بين الكفاءة والحرّيّة الشّخصيّةلهٰذا، تبرز حاجةٌ ملحّةٌ إلى وضع أطرٍ تشريعيّةٍ ومواثيق أخلاقيّةٍ تنظّم آليّات جمع البيانات، وتضمن شفافيّة المعالجة، وتراقب سلوك الشّركات والمطوّرين، لكي يكون الذكاء العاطفي الاصطناعي خادماً للإنسان، لا متسلّطاً عليه.

الخلاصة

يبقى الذكاء الاصطناعي العاطفي أحد أكثر التّوجّهات التّقنيّة وعداً في عصرنا، إذ يعد بجعل التّقنية أقرب إلى القلب البشريّ، وليس فقط إلى العقل. إنّه محفّزٌ لما يسمّى "التعاطف الرقمي"، حيث تستجيب الآلات لمشاعرنا بتفهّمٍ أفضل وبتأقلمٍ أكثر انسجاماً.

ولكن، لتحقيق هٰذا الحلم، نحتاج إلى نظامٍ أخلاقيٍّ راسخٍ، وبروتوكولاتٍ شفّافةٍ تضمن الامتثال وتحافظ على حرّيّات الأفراد. فإذا نجحنا في ذٰلك، تصبح الآلات شريكاً حقيقيّاً، يفهم التّوجّهات العاطفيّة، ويساعد على دعم القرارات الإنسانيّة بوعيٍ وتعاطفٍ متجدّدينهٰكذا، يمكن للذكاء العاطفي الاصطناعي أن يشكّل جسراً بين الرّقمنة والإنسانيّة، ويقرّبنا خطوةً أخرى نحو عصرٍ تتعايش فيه المشاعر والخوارزميّات في تناغمٍ واحدٍ.

  • الأسئلة الشائعة

  1. هل يمكن للذكاء العاطفي الاصطناعي أن يكتشف الكذب؟
    نعم، بعض النماذج تحاول رصد التّناقض بين نبرة الصوت وتعابير الوجه، لكنّها ليست دقيقةً بنسبة 100%.
  2. هل يحتاج الذكاء العاطفي الاصطناعي إلى موافقة المستخدم لجمع بياناته؟
    في الأنظمة الأخلاقية، نعم؛ يجب إشعار المستخدم والحصول على موافقته عند جمع بياناتٍ عاطفيّةٍ أو فسيولوجيّةٍ.
  3. ما الفرق بين الذكاء العاطفي الاصطناعي والذكاء الاصطناعي العادي؟
    يركّز الذكاء العاطفي على فهم المشاعر والتّفاعل معها، بينما الذكاء العادي يركّز على المنطق والمعالجة دون اعتبارٍ للحالة النفّسيّة.
  4. هل يُستخدم الذكاء العاطفي الاصطناعي في الألعاب؟
    نعم، يُدمج أحياناً لتحسين تجربة اللعب عبر فهم انفعالات اللّاعب وتعديل السّيناريوهات أو الاستجابات داخل اللّعبة.
  5. هل يمكن للذكاء العاطفي الاصطناعي أن يُستخدم في التقييم الوظيفي؟
    تجري بعض الشّركات اختباراتٍ تجريبيّةً تعتمد عليه لتحليل ردود أفعال المتقدّمين للوظائف، لكن استخدامه ما يزال مثيراً للجدل.
تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
آخر تحديث:
تاريخ النشر: