الرئيسية التنمية الاستثمار في الفوضى البيئية: كيف تتحول التحديات إلى أرباح؟

الاستثمار في الفوضى البيئية: كيف تتحول التحديات إلى أرباح؟

من إعادة التدوير إلى الطاقة المتجددة.. حلول مبتكرة لتحقيق النمو الاقتصادي من قلب الأزمات البيئية

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

في عام 2017، واجهت الصّين أزمةً بيئيّةً خانقةً بسبب التّلوّث النّاجم عن النّفايات البلاستيكيّة، ممّا دفعها إلى فرض حظرٍ صارمٍ على استيراد المخلّفات القابلة لإعادة التّدوير، ورغم أنّ هذا القرار شكّل تحدّياً كبيراً للعديد من الدّول الّتي كانت تعتمد على الصّين في معالجة نفاياتها، إلّا أنّه في الوقت نفسه أتاح فرصةً ذهبيّةً لنشوء صناعاتٍ جديدةٍ لإعادة التّدوير في دولٍ مثل ألمانيا والسّويد، ممّا أدّى إلى خلق وظائف وتحقيق أرباحٍ بمليارات الدّولارات.

هذا المثال ليس استثناءً، بل يعكس حقيقةً واضحةً: الفوضى البيئيّة، رغم خطورتها، يمكن أن تكون دافعاً للابتكار والنّموّ الاقتصاديّ. ولحسن الحظّ، نشهد اليوم تحوّلاتٍ كبرى في كيفيّة التّعامل مع الأزمات البيئيّة، حيث باتت الحكومات والشّركات تدرك أنّ الاستثمار في الطّاقة المتجدّدة، وإعادة التّدوير، والتّقنيّات الخضراء، ليس مجرّد التزامٍ بيئيٍّ، بل فرصةً اقتصاديّةً رابحةً.

فكيف يمكن تحويل التّحدّيات البيئيّة إلى مكاسب اقتصاديّةٍ؟ وما هي أبرز القطاعات الّتي يمكن أن تزدهر في ظلّ هذه التّحوّلات؟

الاقتصاد الدّائريّ: نهجٌ جديدٌ لتحقيق الاستدامة والرّبح

يستند مفهوم الاقتصاد الدّائريّ إلى تقليل الهدر والتّلوّث، وإعادة استخدام الموادّ، وتجديد النّظم البيئيّة، وفقاً لمؤسّسة "إلين ماك آرثر". هذا النّهج يكتسب زخماً عالميّاً مع تبنّيه من قبل علاماتٍ تجاريّةٍ كبرى تسعى إلى تصميم منتجاتٍ تدعم الاستدامة منذ البداية.

في هذا السّياق، تنشئ المؤسّسات العالميّة منصّاتٍ لدعم الابتكار في الاقتصاد الدّائريّ. على سبيل المثال، تعمل مبادرة Scale360° التّابعة للمنتدى الاقتصاديّ العالميّ على جمع التّقنيّين والباحثين وروّاد الأعمال والحكومات لتطوير حلولٍ تعزّز كفاءة استخدام الموارد وإعادة التّفكير في سلاسل القيمة. كما تتيح منصّة UpLink للابتكار المفتوح تواصل المبتكرين حول العالم لتبادل الأفكار والحلول المستدامة [1].

في عام 2017، واجهت الصّين أزمةً بيئيّةً خانقةً بسبب التّلوّث النّاجم عن النّفايات البلاستيكيّة، ممّا دفعها إلى فرض حظرٍ صارمٍ على استيراد المخلّفات القابلة لإعادة التّدوير، ورغم أنّ هذا القرار شكّل تحدّياً كبيراً للعديد من الدّول الّتي كانت تعتمد على الصّين في معالجة نفاياتها، إلّا أنّه في الوقت نفسه أتاح فرصةً ذهبيّةً لنشوء صناعاتٍ جديدةٍ لإعادة التّدوير في دولٍ مثل ألمانيا والسّويد، ممّا أدّى إلى خلق وظائف وتحقيق أرباحٍ بمليارات الدّولارات.

هذا المثال ليس استثناءً، بل يعكس حقيقةً واضحةً: الفوضى البيئيّة، رغم خطورتها، يمكن أن تكون دافعاً للابتكار والنّموّ الاقتصاديّ. ولحسن الحظّ، نشهد اليوم تحوّلاتٍ كبرى في كيفيّة التّعامل مع الأزمات البيئيّة، حيث باتت الحكومات والشّركات تدرك أنّ الاستثمار في الطّاقة المتجدّدة، وإعادة التّدوير، والتّقنيّات الخضراء، ليس مجرّد التزامٍ بيئيٍّ، بل فرصةً اقتصاديّةً رابحةً.

فكيف يمكن تحويل التّحدّيات البيئيّة إلى مكاسب اقتصاديّةٍ؟ وما هي أبرز القطاعات الّتي يمكن أن تزدهر في ظلّ هذه التّحوّلات؟

الاقتصاد الدّائريّ: نهجٌ جديدٌ لتحقيق الاستدامة والرّبح

يستند مفهوم الاقتصاد الدّائريّ إلى تقليل الهدر والتّلوّث، وإعادة استخدام الموادّ، وتجديد النّظم البيئيّة، وفقاً لمؤسّسة "إلين ماك آرثر". هذا النّهج يكتسب زخماً عالميّاً مع تبنّيه من قبل علاماتٍ تجاريّةٍ كبرى تسعى إلى تصميم منتجاتٍ تدعم الاستدامة منذ البداية.

في هذا السّياق، تنشئ المؤسّسات العالميّة منصّاتٍ لدعم الابتكار في الاقتصاد الدّائريّ. على سبيل المثال، تعمل مبادرة Scale360° التّابعة للمنتدى الاقتصاديّ العالميّ على جمع التّقنيّين والباحثين وروّاد الأعمال والحكومات لتطوير حلولٍ تعزّز كفاءة استخدام الموارد وإعادة التّفكير في سلاسل القيمة. كما تتيح منصّة UpLink للابتكار المفتوح تواصل المبتكرين حول العالم لتبادل الأفكار والحلول المستدامة [1].

نماذج من الاقتصاد الدّائريّ حول العالم

تحفيز إعادة التّدوير – "ثاوزند فيل"

تنتج شركة "Thousand Fell" أحذيةً مصنوعةً من موادّ مستدامةٍ مثل قشور جوز الهند، وقصب السّكّر، والبلاستيك المعاد تدويره، حيث أطلقت الشّركة بالشّراكة مع "TerraCycle" و"UPS" مبادرةً تتيح للعملاء إعادة أحذيتهم القديمة لإعادة تدويرها مقابل خصمٍ قدره 20 دولاراً على زوجٍ جديدٍ.

إيكيا والبيع المستدام

افتتحت "إيكيا" أوّل متجرٍ لها لبيع الأثاث المستعمل في السّويد، كجزءٍ من جهودها لتحقيق أهدافها البيئيّة لعام 2030. كما أطلقت برنامج "إعادة الشّراء"، حيث يمكن للعملاء استبدال الأثاث غير المرغوب فيه بقسائم شرائيّةٍ، في خطوةٍ تهدف إلى إطالة عمر المنتجات وتقليل النّفايات.

تغليف الوجبات السّريعة القابل لإعادة الاستخدام – "برغر كينغ"

لمواجهة مشكلة النّفايات النّاجمة عن تغليف الوجبات السّريعة، أطلقت "برغر كينغ" في مدنٍ مثل نيويورك وطوكيو نظاماً لتعبئة البرغر والمشروبات بعبواتٍ قابلةٍ لإعادة الاستخدام، حيث يدفع العملاء وديعةً صغيرةً تستردّ عند إعادة العبوات لتنظيفها وإعادة تدويرها عبر نظام "Loop" للتّجارة الإلكترونيّة الصّفريّة النّفايات.

أحذيةٌ قابلةٌ لإعادة التّدوير – "أديداس"

تسعى "أديداس" إلى إعادة تعريف مفهوم امتلاك الأحذية من خلال تصميم أحذيةٍ قابلةٍ لإعادة التّدوير بشكلٍ كاملٍ، مثل "UltraBoost DNA Loop"، وهي مصنوعةٌ من مادّةٍ واحدةٍ (TPU) دون استخدام الغراء. الفكرة هي أن يستعيد العملاء الأحذية عند انتهاء عمرها الافتراضيّ لإعادة تدويرها، ممّا يقلّل من النّفايات، ويعزّز مفهوم "إبقاء المنتجات في دورة الحياة".

نحو مستقبلٍ أكثر استدامةً

تثبت هذه الأمثلة أنّ الاقتصاد الدّائريّ ليس مجرّد مفهومٍ نظريٍّ، بل نموذجٌ عمليٌّ يحقّق التّوازن بين الرّبح والاستدامة. مع تزايد وعي المستهلكين ودعم الشّركات الكبرى، يبدو أنّ مستقبل الأعمال سيكون أكثر صداقةً للبيئة، وأكثر كفاءةً في استخدام الموارد.

الطّاقة المتجدّدة: استثمار اليوم لضمان اقتصادٍ مستدامٍ غداً

يشكّل الاستثمار في الطّاقة المتجدّدة، مثل الطّاقة الشّمسيّة والرّياح، فرصةً اقتصاديّةً واعدةً لمواجهة التّغيّر المناخيّ وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوريّ، وهذا الاستثمار يمثّل أحد أبلغ الاستراتيجيّات لتحويل الفوضى البيئيّة إلى فرصٍ اقتصاديّةٍ.

وفي العالم العربيّ انتبهت معظم الحكومات، خصوصاً في دول الخليج، لهذا الجانب، وبحلول عام 2030، يتوقّع أن تتضاعف الاستثمارات في الطّاقة المتجدّدة ثلاث مرّاتٍ مقارنةً بعام 2024، ما يعني أنّه مقابل كلّ دولارٍ واحدٍ يستثمر في الوقود الأحفوريّ، سيتمّ ضخّ 70 سنتاً في الطّاقة النّظيفة، ممّا يعكّس تحوّلاً تدريجيّاً نحو اقتصادٍ أكثر استدامةً [2].

تفضّل القسم الرابع مشكّلاً بالكامل (600 كلمة تقريباً)، بعنوان:


السّياحة البيئيّة: من الفوضى إلى فرصٍ اقتصاديّةٍ مستدامةٍ

في ظلّ التّحدّيات البيئيّة المتزايدة، أصبحت السّياحة البيئيّة استراتيجيّةً فعّالةً لتحويل الفوضى البيئيّة إلى فرصٍ اقتصاديّةٍ مستدامةٍ. من خلال إعادة تأهيل المناطق الطّبيعيّة المتضرّرة، وتحويلها إلى وجهاتٍ سياحيّةٍ صديقةٍ للبيئة، يمكن تحقيق مكاسب اقتصاديّةٍ مع الحفاظ على الموارد البيئيّة.

كما أنّ الاستثمار في المحميّات الطّبيعيّة، والفنادق الصّديقة للبيئة، والمشاريع السّياحيّة القائمة على الطّاقة المتجدّدة، يسهم في خلق وظائف جديدةٍ، وتعزيز الاقتصاد المحلّيّ، وتشجيع أنماط استهلاكٍ أكثر استدامةً، ممّا يجعل السّياحة البيئيّة نموذجاً ناحجاً للتّنمية الخضراء.

وبلغ حجم سوق السّياحة البيئيّة في دول مجلس التّعاون الخليجيّ نحو 519 مليون دولارٍ في عام 2021، ومن المتوقّع أن يشهد نموّاً كبيراً في السّنوات المقبلة.

  • في السّعوديّة: يعدّ مشروع البحر الأحمر أحد أكثر النّماذج طموحاً، إذ يجمع بين الحفاظ على البيئة والسّياحة المستدامة، ويهدف إلى حماية الشّعاب المرجانيّة الممتدّة على طول 4,000 كيلومترٍ، من تهديداتٍ مثل الصّيد الجارح والتّلوّث والسّياحة غير المنظّمة. كما يوفّر المشروع فوائد اقتصاديّةً كبيرةً، إذ يتوقّع أن يضيف 5.3 مليار دولارٍ سنويّاً للاقتصاد بحلول عام 2030، إلى جانب تخصيص تسع جزرٍ كمناطق محميّةٍ، والحفاظ على الحالة الطّبيعيّة لـ92 جزيرةً على السّاحل السّعوديّ.
  • في الأردنّ: يعدّ نزل فينان البيئيّ في محميّة ضانا الطّبيعيّة مثالاً بارزاً للسّياحة المستدامة، إذ يعتمد على الطّاقة الشّمسيّة، ويوظّف أفراداً من المجتمع المحلّيّ، مع تخصيص أكثر من 50٪ من عوائده لدعم السّكّان المحلّيّين.
  • في البحرين: تقود العديد من الفنادق مبادرات استدامةٍ، مثل فندق فورسيزونز خليج البحرين، الّذي يعيد تدوير 100٪ من مياهه العادمة لريّ الحدائق، ويستخدم منتجات تنظيفٍ صديقةٍ للبيئة، ويقلّل من استهلاك الطّاقة عبر تعديل سياسات تغيير المفروشات. ومن جهته، يعتمد فندق هيلتون البحرين على موادّ معادة التّدوير لصنع زيّ الموظّفين، كما أنشأ حديقةً ذكيّةً عموديّةً لإنتاج الأعشاب والخضر لاستعمالها في مطاعمه [3].

السّياسات الخضراء: شراكةٌ تحقّق الرّبح، وتحمي البيئة

تلعب السّياسات الحكوميّة دوراً محوريّاً في تحفيز الاستثمار في الحلول البيئيّة، من خلال تقديم حوافز ضريبيّةٍ، ودعمٍ ماليٍّ للمشاريع المستدامة، وفرض تشريعاتٍ تقلّل من التّلوّث، وتشجّع الاقتصاد الأخضر. وفي المقابل، يساهم القطاع الخاصّ والمجتمع المدنيّ في تحويل هذه السّياسات إلى مشاريع فعليّةٍ، من خلال الابتكار في الطّاقة المتجدّدة، وإعادة التّدوير، والاستثمار في التّكنولوجيا البيئيّة.

هذه الشّراكة لا تساهم فقط في معالجة الأزمات البيئيّة، بل تخلق فرص عملٍ جديدةٍ، وتفتح أسواقاً مبتكرةً، وتعزّز استدامة الاقتصاد، ممّا يحوّل الفوضى البيئيّة إلى محرّكٍ للنّموّ والتّنمية.

🔹 نموذجٌ عربيٌّ رائدٌ: السّياسة البيئيّة الوطنيّة في الإمارات

كمثالٍ على السّياسات الحكوميّة النّاجحة للاستثمار في الحلول البيئيّة، أطلقت الإمارات العربيّة المتّحدة السّياسة البيئيّة الوطنيّة في عام 2020، لتعزيز جودة الحياة وضمان تنميةٍ مستدامةٍ تدعم الاقتصاد طويل الأمد. تتضمّن السّياسة أكثر من 100 مبادرةٍ تهدف إلى حماية الموارد الطّبيعيّة، وتعزيز الإنتاج الزّراعيّ والحيوانيّ، وتوظيف التّكنولوجيا لتحقيق الاستدامة، مع الالتزام بالمعايير البيئيّة العالميّة.

محاور السّياسة:

  • التّصدّي لتغيّر المناخ: عبر تقليل الانبعاثات، وتعزيز الطّاقة النّظيفة.
  • تحسين جودة الهواء: لما له من تأثيرٍ مباشرٍ على الصّحّة والاقتصاد.
  • تعزيز الأمن الغذائيّ: من خلال تطوير التّشريعات، وتحفيز الإنتاج المحلّيّ.
  • إدارة النّفايات بطرقٍ مستدامةٍ: عبر إعادة التّدوير، وتقليل المخلّفات.
  • الإدارة البيئيّة الآمنة للموادّ الكيميائيّة: للحدّ من المخاطر الصّحّيّة والبيئيّة.

نتائج الاستراتيجيّة:

بفضل هذه الاستراتيجيّة، تتحوّل التّحدّيات البيئيّة إلى فرصٍ اقتصاديّةٍ، حيث يتمّ استثمار النّفايات في صناعاتٍ جديدةٍ، ودعم الزّراعة المستدامة، وتعزيز الشّراكة بين الحكومة والقطاع الخاصّ، لتحقيق اقتصادٍ أكثر استدامةً وكفاءةً.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
آخر تحديث:
تاريخ النشر: