كيف تحصل على ترقية في العمل؟ خطوات عملية واضحة

تعدّ الترقية في العمل إحدى المراحل المهنيّة المهمّة الّتي يسعى إليها كلّ موظّفٍ جادٍّ يطمح إلى تطوير مساره الوظيفيّ، وتوسيع نطاق تأثيره في بيئة العمل، والحصول على مزايا أفضل من حيث الدّخل، والمكانة الإداريّة، وفرص النّموّ الشّخصيّ والمهنيّ. فلا تعني التّرقية فقط الانتقال إلى دورٍ أعلى، بل تعكس أيضاً مقدار ما أظهره الموظّف من جهدٍ، وكفايةٍ، ورؤيةٍ تؤهّله لتحمّل مسؤوليّاتٍ أكبر.

وعلى الرّغم من الاختلافات الّتي قد تظهر بين منظّمةٍ وأخرى في نظام التّقييم ومتطلّبات التّرقية، إلّا أنّه يمكن استنباط نموذجٍ مشتركٍ يرتكز على مجموعةٍ من الأسس المحسومة، كالأداء العالي، وتطوير المهارات، والاستعداد القياديّ، وحسن اغتنام الفرص.

فهم معايير الترقية في منظمتك

يعدّ فهم معايير الترقية في منظّمتك خطوةً أساسيّةً في طريقك نحو التّقدّم المهنيّ؛ فكلّ منظّمةٍ تضع نظاماً خاصّاً للتّرقيات، ويتكوّن هٰذا النّظام من معايير صريحةٍ كما يتضمّن معايير ضمنيّةً قد تكون غير مدوّنةٍ ولكنّها مؤثّرةٌ في القرار. قد تشمل المعايير الصّريحة سنوات الخبرة، وتحقيق نتائج معياريّةٍ في الأداء، أو الحصول على شهاداتٍ معيّنةٍ. أمّا المعايير الضّمنيّة، فقد تتعلّق بالصّيت المهنيّ، أو القدرة على التّعامل مع الضّغوط، أو الكفاءة في القيادة، أو التّواصل الجيّد مع الزّملاء والمدراء.

لذٰلك، تكمن خطوتك الأولى في تجميع معلوماتٍ دقيقةٍ عن المعايير المعتمدة في بيئة عملك. ابدأ بمراجعة وصف الدّور الّذي تطمح إليه، وتعرّف على المهامّ والمسؤوليّات المناطة به، وقارن ذٰلك بوضعك الحاليّ لتحدّد الفجوات الّتي يجب عليك سدّها. كما يفضّل الاطّلاع على دليل الكفاءات الدّاخليّ الّذي يستخدمه قسم الموارد البشريّة، إذ يتضمّن معايير التّقييم، ونقاط القوّة والتّطوّر المتوقّعة في كلّ درجةٍ وظيفيّةٍ.

ويشير تقرير "تقرير التعلم في بيئة العمل - لينكدإن 2024" (LinkedIn Workplace Learning 2024) إلى أنّ الشّركات الّتي تعمل بمعايير ترقيةٍ واضحةٍ وشفّافةٍ تشهد نسب تنقّلٍ داخليٍّ أعلى، ويستمرّ فيها العاملون لفتراتٍ أطول، بفضل وضوح الطّريق المهنيّ أمامهم وقدرتهم على التّخطيط لمستقبلهم بصورةٍ دقيقةٍ. وعليك أن تضع في حسبانك أنّ فهم المعايير الرّسميّة وغير الرّسميّة، وفهم طبيعة التّقييم الدّاخليّ، هو أساس كلّ خطوةٍ في سعيك نحو الحصول على التّرقية المستحقّة. ^[1]

بناء أداء متفوق وقابل للقياس

يعدّ بناء أداءٍ متفوّقٍ وقابلٍ للقياس من العناصر الجوهريّة الّتي لا يمكن التّغافل عنها عند السّعي نحو التّرقية؛ فلا يمكن لأيّ منظّمةٍ أن ترفع أحد الموظّفين إلى منصبٍ أعلى ما لم يكن قد أثبت بالدّلائل والأرقام أنّه يقدّم أداءً عالي الجودة ومتّسقاً على مدى زمنيٍّ كافٍ. ولكي تضمن أن يكون أداؤك ملموساً ومؤثّراً، يجب أن تبدأ بتحديد أهدافٍ ذكيّةٍ ومنظّمةٍ، تتّفق مع مبدأ (SMART) الّذي يقوم على أن تكون الأهداف محدّدةً، وقابلةً للقياس، وقابلةً للتّحقيق، ومتوافقةً مع احتياجات الفريق، ومرتبطةً بإطارٍ زمنيٍّ واضحٍ.

فكان من المهمّ أن تربط أداءك بنتائج الفريق، وأن تساهم في تحقيق أهداف القسم الّذي تعمل فيه. ويجب أن تتمّ هٰذه المساهمة بطريقةٍ موثّقةٍ، تثبت ما أنجزته بالأرقام والمؤشّرات، لا بالتّقدير الشّفويّ فقط.

اسعَ إلى تسجيل المؤشّرات الرّئيسيّة لعملك، مثل: نسبة الإنجاز، ومعدّل التّحسّن، ودورك في تقليل التّكلفة أو تسريع الإنتاج أو رفع رضا العملاء. ويفضّل أن تقوم بمراقبة هٰذه المؤشّرات بشكلٍ شهريٍّ لكي تكون على درايةٍ مستمرّةٍ بتقدّمك ومواطن القوّة والضّعف.

كما أنّه من المفيد جدّاً أن تستعرض أداءك مع مديرك بصورةٍ دوريّةٍ، فإذا كنت تملك سجلّاً وثائقيّاً يضمّ إنجازاتك وتقارير أدائك، سيكون ذٰلك دعماً قويّاً لملفّك عند التّرشيح للتّرقية. وعليك أن تتذكّر دائماً أنّ الأداء المتفوّق ليس مجرّد اجتهادٍ يوميٍّ، بل هو نتيجة تخطيطٍ دقيقٍ، وتوثيقٍ مستمرٍّ، وسعيٍ واعٍ لتحقيق النّتائج الّتي تستحقّ أن يبنى عليها قرار التّرقية.

تطوير المهارات

يعدّ تطوير المهارات والاستعداد للدّور التّالي من أهمّ العناصر الّتي تضمن لك الفرصة الحقيقيّة للتّرقية؛ فالوظيفة الجديدة الّتي تسعى إليها تتطلّب مجموعةً أكثر تعقيداً من المهارات والقدرات، ومن الضّروريّ أن تظهر استعدادك التّامّ لتحمّل تلك المسؤوليّات.

تثبت بيانات موقع "لينكدإن" (LinkedIn) أنّ الشّركات الّتي تتبنّى استراتيجيّة تعلّمٍ داخليٍّ منظّمٍ، تستفيد بشكلٍ مباشرٍ من زيادة معدّل ساعات التّعلّم لدى الموظّفين بمعدّلٍ يتجاوز 17%، وهٰذا ما يساهم في زيادة نسبة التّرقيات الدّاخليّة وتسريع نموّ المواهب في المنظّمة.  لذٰلك، يجب عليك أن تختار مساراً تعلّميّاً يتناغم مع المتطلّبات المستقبليّة للدّور الّذي تسعى إليه. ابحث عن المهارات النّوعيّة الّتي يتطلّبها ذٰلك الدّور، سواءٌ كانت فنّيّةً كإجادة برامجٍ معيّنةٍ، أو إداريّةً كمهارات القيادة وإدارة الفرق، ثمّ باشر في تطويرها عن طريق الدّورات التّدريبيّة، والمنتديات المهنيّة، والمواقع التّعليميّة المعتمدة.

كما يفضّل أن تسعى للحصول على شهاداتٍ معترفٍ بها من جهاتٍ معروفةٍ ومعتمدةٍ، لتضيف قيمةً حقيقيّةً إلى ملفّك المهنيّ، ولتقدّم دليلاً قاطعاً على جاهزيّتك للدّور المراد. حيث تميل المؤسّسات إلى ترقية من يثبت أنّه لم ينتظر الفرصة، بل سعى لصنعها، وهٰذا ما يمكنك تجسيده من خلال رحلة تعلّمٍ واسعةٍ، تعكس شغفك والتزامك بالتّطوّر المستمرّ.

بناء شبكة علاقات استراتيجية

كما يعدّ بناء شبكة علاقاتٍ استراتيجيّةٍ من العوامل المفصليّة الّتي تساهم في تمهيد الطّريق نحو الحصول على ترقيةٍ مهنيّةٍ؛ ففي الكثير من المنظّمات، لا يكفي أن تكون على تواصلٍ جيّدٍ مع مديرك المباشر فقط، بل يفضّل أن تكون معروفاً ومقدّراً لدى نطاقٍ أوسع من القادة وأصحاب القرار والزّملاء في أقسامٍ أخرى.

فلا تكون عمليّة التّرقية في الغالب قراراً فرديّاً، بل تتدخّل فيها لجانٌ أو مجموعاتٌ تقييميّةٌ، تستند إلى صورةٍ شاملةٍ عن المرشّح، تتكوّن ممّا يقدّمه في عمله، وممّا يشار إليه من توصياتٍ وانطباعاتٍ من الآخرين. لذلك، كلّما كان لك حضورٌ في مجالس النّقاش، وعلاقاتٌ متينةٌ مع أفرادٍ ممّن يحترم رأيهم، كلّما زادت فرص دعمك وتعزيز موقفك.

ومن الحكمة أن تجعل في جدولك الأسبوعيّ وقتاً مخصّصاً للتّواصل مع أحد الزّملاء أو القادة من خارج فريقك المباشر. ويمكن أن يكون ذٰلك على هيئة لقاء قهوةٍ، أو نقاشٍ تعاونيٍّ، أو حتّى مشاركةٍ في مشروعٍ عابرٍ للأقسام. تبني هٰذه الخطوات سمعتك كشخصٍ منفتحٍ، ومبادرٍ، وقادرٍ على العمل ضمن فريقٍ متنوّعٍ، وهي صفاتٌ تقدّرها أيّ إدارةٍ عند تقييم الجاهزيّة للتّرقية.

وينبغي أيضاً أن تكون علاقاتك بناءةً وحقيقيّةً، ليست قائمةً على المصلحة الظّاهرة، بل على التّواصل الإيجابيّ، والمساعدة المتبادلة، والاحترام المتبادل في مختلف مواقف العمل. إذ تصنع لك هٰذه العلاقات سمعةً مهنيّةً صلبةً، وتهيّئ لك دائرة دعمٍ حقيقيٍّ تظهر أثرها عند الحاجة.

وضع خطة تطور مهنيّ

يعتبر وضع خطّة تطوّرٍ مهنيٍّ مشتركةٍ مع المدير من الأدوات الفعّالة في تسريع مسار التّرقية وضمان وضوح الطّريق الّذي يجب عليك سلوكه؛ فالكثير من الموظّفين يسعون نحو التّقدّم، ولٰكن من دون مسارٍ مرسومٍ، ممّا يؤدّي في النّهاية إلى تضييع الجهود وتباطؤ الوصول للهدف. وقد أكّدت الأبحاث الّتي نشرتها مجلّة "مجلة هارفارد بيزنس ريفيو" (Harvard Business Review) أنّ الموظّفين الّذين يضعون خطّة تطوّرٍ مهنيٍّ بالتّشاور مع مديريهم، يحصلون على ترقياتٍ بمعدّلٍ أسرع بنسبةٍ تصل إلى 13%، مقارنةً بمن يتحرّكون بدون توافقٍ واضحٍ مع الإدارة. ^[3]  

لذٰلك، اجعل من الضّرورة أن تبادر بجلسةٍ رسميّةٍ أو غير رسميّةٍ مع مديرك لتطرح عليه رغبتك في التّقدّم، ولتبني معه خطّةً مدروسةً تحدّد المهارات والإنجازات والأهداف الّتي يجب عليك تحقيقها لتكون مؤهّلاً للدّور التّالي. حدّد مع مديرك معالم الوظيفة المستهدفة، وما الّذي ينقصك لتصل إليها، ثمّ ضعا سويّاً جدولاً زمنيّاً دقيقاً يتضمّن معالم واضحةً، وأهدافاً قابلةً للقياس، ممّا يمكّنكما من متابعة التّقدّم بشكلٍ مستمرٍّ.

وفي كلّ نقاشٍ يجمعك بمديرك، احرص على أن تظهر جدّيّتك، ورغبتك الحقيقيّة في التّطوّر، وتقبّلك للتّغذية الرّاجعة، حتّى تبني علاقة ثقةٍ تجعل مديرك يراك جاهزاً ومستعدّاً للدّور الأكبر. لا تأتي التّرقية بالصّدفة، بل تصنع بخطواتٍ منهجيّةٍ، ووضع خطّةٍ مهنيّةٍ مشتركةٍ هو أوّل هٰذه الخطوات.

إظهار سمات القيادة

إظهار سمات القيادة قبل الحصول على اللّقب الرّسميّ هو من العوامل الحاسمة الّتي تضعك في موقف المرشّح الطّبيعيّ للتّرقية. ففي الكثير من الحالات، تكون التّرقية نتيجةً لأداء القيادة فعلاً، وليس لمجرّد الانتظار لفرصةٍ رسميّةٍ، حيث تميل المؤسّسات إلى ترقية من يثبت أنّه يمارس الدّور بكلّ ما يتطلّبه، حتّى قبل أن يحمل اللّقب أو يحصل على السّلطة الرّسميّة.

لذٰلك، بادر بتطوّعك لقيادة مشروعٍ صغيرٍ أو مهمّةٍ خاصّةٍ، حتّى لو كانت خارج نطاق وصفك الوظيفيّ الرّسميّ. اظهر مهاراتك في التّنسيق بين أفراد الفريق، وقدرتك على تفويض المهامّ بشكلٍ ذكيٍّ، وفي إدارة الوقت وحلّ المشكلات الّتي تظهر في سير العمل.

اسعَ إلى أن تكون المرجع الّذي يلجأ إليه الزّملاء عند الحاجة، وأن تتحمّل المسؤوليّة عند الأزمات، وأن تقود بالقدوة، لا بالألقاب. هٰذه السّموّات القياديّة الّتي تظهر عبر التّصرّفات وسلوك العمل تؤهّلك لتكون خياراً بديهيّاً عند دراسة ترقيةٍ أو تفويض دورٍ جديدٍ. وكُن شخصاً يحرّك الفريق، لا من ينتظر أن يحرّكه غيره، وتذكّر أنّ القيادة الحقيقيّة تبدأ قبل أن يطلق عليك لقب قائدٍ؛ فكلّ دورٍ صغيرٍ تتصرّف فيه بمسؤوليّةٍ ورؤيةٍ وثقةٍ، يعتبر درجةً في سلّم القيادة، وخطوةً نحو ترقيةٍ أقرب ممّا تتوقّع.

اختيار التوقيت المناسب

يعدّ اختيار التوقيت الأمثل لطلب التّرقية عاملاً حاسماً في تحقيق النّتيجة المرجوّة. فحتّى مع وجود الكفاءة والأداء المتفوّق، قد يكون توقيت طلب التّرقية غير ملائمٍ، ممّا يؤدّي إلى تأجيل القرار أو رفضه.

وتشير دراساتٌ صادرةٌ عن مجلة هارفارد بيزنس ريفيو في شهر فبراير من عام 2025 إلى أنّ استراتيجيّة "التّرقية أوّلاً" -أي تقديم فرص التّرقية للموظّفين القائمين قبل لجوءهم إلى سوق العمل- تساهم في رفع معدّل الاحتفاظ بالمواهب وتقليل فرص تسرّب العاملين إلى الشّركات المنافسة. ولكي تزيد من فرص نجاح طلبك، راقب بعنايةٍ حالة الفريق الّذي تعمل فيه، وقس مساهمتك الفعليّة فيه، وحاول تحديد اللّحظة الّتي تظهر فيها حاجةٌ واضحةٌ لقيادةٍ أو دورٍ أكبر يمكنك أن تسدّه بجهودك وخبرتك. ^[3]

ومن الحكمة أن تختار التّوقيت الّذي تكون فيه الشّركة في حالة نموٍّ أو توسّعٍ، أو عند إطلاق مشاريع جديدةٍ، أو حين تتبدّل التّنظيمات الدّاخليّة وتفتح الفرص لدورٍ قياديٍّ أو إداريٍّ أعلى. وفي المقابل، تجنّب تقديم طلب التّرقية في فترات الأزمات الماليّة، أو عندما تكون الشّركة تخضع لإعادة هيكلةٍ، أو في وقتٍ تكثر فيه ضغوط العمل وتقلّ فيه فرص الاستماع للطّلبات. إذ يرسل اختيارك للّحظة المناسبة إشارةً ذكيّةً إلى الإدارة بأنّك تفهم احتياجات الشّركة وتقدّر أولويّاتها، وهٰذا بنفسه يعكس نضجاً مهنيّاً وإدراكاً قياديّاً يستحقّ التّقدير والدّعم.

تحضير ملف وثائقيّ

تحضير ملفٍّ وثائقيٍّ لطلب التّرقية هو خطوةٌ ذكيّةٌ تعزّز موقفك وتقدّم دعماً ملموساً لأحقّيّتك في التّقدّم؛ فالكلمات والحجج الشّفويّة وإن كانت مهمّةً، إلّا أنّ التّوثيق المكتوب والمدعوم بالأدلّة هو ما يجعل قرار التّرقية أكثر إقناعاً ومبنيّاً على وقائع صلبةٍ.

ابدأ بجمع كلّ ما يثبت إنجازاتك خلال فترتك الحاليّة، وذٰلك بشكلٍ منظّمٍ ومرتّبٍ. ضمّن الملفّ شهادات شكرٍ أو تقديرٍ من العملاء، وتقارير الأداء الرّسميّة الّتي تبيّن تفوّقك في المهامّ الموكلة إليك، إضافةً إلى نتائج المشاريع الّتي قمت بقيادتها أو ساهمت في نجاحها، مع ذكر دورك فيها بشكلٍ دقيقٍ وقابلٍ للقياس.

اسعَ أيضاً لإدراج ملاحظاتٍ أو تقييماتٍ تلقائيّةٍ حصلت عليها من زملائك أو مديريك، إذ تعتبر هٰذه المدخلات دليلاً على أثرك الإيجابيّ في بيئة العمل، وعلى سمعتك المهنيّة بين أفراد الفريق. وفي الحالة الأمثل، يفضّل أن تكون هٰذه الملفّات مرئيّةً ومرتّبةً في عرضٍ إلكترونيٍّ أو وثيقةٍ واحدةٍ تسهّل على لجنة التّرقية مراجعتها بسرعةٍ وفعاليّةٍ.

وعند تقديم طلب التّرقية، لا تكتف بعرض ما فعلت، بل اقترح كذٰلك أفكاراً قابلةً للتّنفيذ تبيّن ما ستقدّمه في دورك القادم. وكُن قادراً على رسم رؤيةٍ تظهر فيها قيمتك على المدى المتوسّط والبعيد، وأثبت للإدارة أنّك لا تسعى للتّرقية كغايةٍ فقط، بل كوسيلةٍ لإضافة قيمةٍ أكبر للمنظّمة ككلٍّ.

إدارة رد الفعل إذا تم الرفض

تعكس إدارة ردّ الفعل إذا رفض طلب التّرقية مقدار نضجك المهنيّ وقدرتك على التّعامل مع التّغيير والتّوقيت. فلا يعني رفض الطّلب نهاية الطّريق، ولا ينبغي له أن يؤدّي إلى الإحباط أو التّقاعس، بل يجب أن يكون دافعاً للتّطوّر والمراجعة الذّاتيّة.

وفي حال رفض الطّلب، لا تغادر الاجتماع دون أن تطلب خطّة تطويرٍ واضحةً ومحدّدة المعالم. اسأل عن الجوانب الّتي يجب تحسينها، وطالب بتغذيةٍ راجعةٍ دقيقةٍ تستند إلى معايير قابلةٍ للقياس، لكي تكون لديك خريطة طريقٍ تسير عليها نحو التّرقية المستقبليّة.

وفقاً لإحصائيّةٍ صادرةٍ عن "غالب" (Gallup) في عام 2024، تبيّن أنّ مستوى الانخراط العمّاليّ على المستوى العالميّ قد انخفض إلى نسبةٍ تقدّر بـ 21%، وهٰذا يدفع العديد من الشّركات إلى تبنّي نماذج أكثر تفاعلاً في حوارات التّطوّر المهنيّ، لضمان الاحتفاظ بالمواهب وتجنّب فقدان الكفاءات. ^[4]  

استغلّ هٰذه الفرصة لتقيّم نفسك بصراحةٍ، ولتحدّد نقاط ضعفك وأوجه القصور في مهاراتك أو سلوكك المهنيّ. واعمل بجدٍّ على تطويرها، سواءً من خلال دوراتٍ تدريبيّةٍ، أو مرافقة قائدٍ أكثر خبرةً، أو من خلال مشاريع تستهدف مهاراتٍ معيّنةً تفضّلها الإدارة في المرشّحين للتّرقية. وكُن صريحاً مع نفسك، وجاهزاً للتّغيير، واجعل من رفض الطّلب حافزاً لتقوية ملفّك، وتقديم نفسك في الدّورة القادمة بشكلٍ أقوى وأكثر إقناعاً؛ فالفرصة الّتي لم تأتِ اليوم قد تأتي غداً، شرط أن تكون قد تطوّرت بصدقٍ وعملٍ واضحٍ نحو الاستحقاق.

الخلاصة

يتطلّب الحصول على ترقيةٍ مهنيّةٍ -وهو حلمٌ يشارك فيه أكثريّة الموظّفين- مجموعةً متكاملةً من العوامل الّتي يجب أن تجتمع لتكون النّتيجة مساراً صاعداً في الحياة العمليّة؛ فلا يكفي فقط أن تعمل باجتهادٍ، بل يجب أن تتميّز في أدائك، وأن تتعلّم بشكلٍ مستمرٍّ، وأن تبني لنفسك شبكة علاقاتٍ استراتيجيّةٍ، وأن تختار التّوقيت الأمثل لطلب التّقدّم.

تعلّم كيف تستغلّ الفرص حين تتوفّر، وكيف تصنع الفرصة حين تغيب. كن حاضراً بنتائجك، وبطموحك، وبقدرتك على تحمّل أدوارٍ أكثر تعقيداً، وأظهر ذٰلك قبل أن يمنح لك اللّقب الرّسميّ. فبهٰذه الخطوات الّتي تستند إلى أسسٍ علميّةٍ ودراساتٍ محدّثةٍ، وبرؤيةٍ ناضجةٍ لمسارك المهنيّ، ستقترب خطوةً كبيرةً من ذٰلك المستقبل الّذي تستحقّه، وتثبت لنفسك ولغيرك أنّ التّرقية لا توهب، بل تنال بالجهد والإرادة والتّطوّر المستمرّ.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال

انضم الآن