الرئيسية التنمية عندما يصبح مديرك مزاجياً: كيف تحافظ على إنتاجيتك؟

عندما يصبح مديرك مزاجياً: كيف تحافظ على إنتاجيتك؟

حين يدرك الموظّف أنّ التّحدّي الحقيقيّ يكمن في قدرته على إدارة ذاته قبل مواجهة الآخرين، تتحوّل التّجربة من مصدر استنزافٍ إلى فرصةٍ للنّموّ والتّعلّم

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

تعدّ القدرة على التّعامل مع المدير المزاجيّ تحدّياً حقيقيّاً يتجاوز حدود المهارة المهنيّة إلى اختبارٍ للنّضج العاطفيّ والذّكاء النّفسيّ. إذ تفرض هٰذه الحالة على الموظّف أن يجمع بين المرونة في السّلوك والثّبات في الأداء، لأنّ المزاج المتقلّب في موقع القيادة يزرع الغموض والارتباك في أجواء العمل. فعندما تتبدّل انفعالات المدير بين هدوءٍ صباحيٍّ وغضبٍ مفاجئٍ في المساء، يضيع الشّعور بالاستقرار ويتولّد داخل الفريق خوفٌ دائمٌ من ارتكاب الأخطاء. ومن هنا، يصبح لزاماً على الموظّف أن يحسن إدارة ذاته قبل أن يسعى لإدارة الموقف، لأنّ فهم طبيعة المدير المتقلّب والتّفاعل الذّكيّ مع سلوكيّاته هما السّبيل الوحيد للحفاظ على التّوازن والإنتاجيّة في بيئةٍ غير متوقّعةٍ.

ما المقصود بالمدير المزاجي؟

يقصد بالمدير المزاجيّ ذٰلك القائد الّذي يوجّه قراراته وفق مشاعره اللّحظيّة أكثر ممّا يستند إلى منطقٍ ثابتٍ أو رؤيةٍ واضحةٍ؛ فهو في لحظةٍ قد يفيض تشجيعاً وتحفيزاً، وفي اللّحظة التّالية قد يتحوّل إلى ناصحٍ صارمٍ أو ناظمٍ غاضبٍ متسرّعٍ. وغالباً ما تنشأ هٰذه السّلوكيّات من ضعفٍ في مهارات إدارة الانفعالات، أو من ضغوطٍ مهنيّةٍ وشخصيّةٍ متراكمةٍ، أو من غياب التّوازن بين العاطفة والعقل في اتّخاذ القرار.

ولأنّ هٰذا النّوع من القادة يحمّل فريقه تبعات حالته النّفسيّة، يتعيّن على الموظّف أن يدرك أنّ المشكلة لا تكمن فيه، بل في تقلّب مزاج مديره. لذٰلك ينبغي أن يتعلّم كيف يتعامل مع الموقف لا مع المزاج، وأن يفصل بين السّلوك الشّخصيّ وحدود التّعامل المهنيّ. فكلّما ازداد وعيه بطبيعة هٰذا النّمط من القيادة، ازداد قدرته على حماية اتّزانه النّفسيّ ومنع تلك التّقلّبات من أن تمسّ جودة أدائه أو ثقته بنفسه. [1]

كيف تحفظ إنتاجيتك رغم صعوبة الأجواء؟

حين تتبدّل الأجواء في المكتب تبعاً لمزاج المدير، لا بدّ للموظّف المحترف أن يرسّخ لنفسه نظاماً داخليّاً يعينه على الاستقرار وسط العاصفة. فكلّما حدّد أهدافه اليوميّة بوضوحٍ، ورتّب أولويّاته وفق جدولٍ منضبطٍ، قلّ تأثّره بتقلّبات مديره. كما يسهم اعتماد أدوات التّخطيط الذّاتيّ -مثل تطبيقات إدارة الوقت أو القوائم الرّقميّة- في إبقاء المسار واضحاً، حتّى عندما يعمّ التّوتّر أو تسود الفوضى.

وعوضاً عن التّركيز على ردود فعل المدير، يجدر بالموظّف أن يوجّه اهتمامه إلى جودة النّتائج، لأنّ الأداء المتقن هو معيار التّقدير الحقيقيّ مهما تغيّرت المواقف. فالمدير المزاجيّ قد يتأرجح في آرائه، ولكنّ النّتائج تبقى الدّليل الّذي يصمد أمام التّناقضات. وإذا تجاوز التّوتّر حدود الاحتمال، يمكن للموظّف أن يلجأ إلى قسم الموارد البشريّة لطلب استشارةٍ مهنيّةٍ أو وساطةٍ تحفظ حقوقه وتعيد التّوازن إلى العلاقة.

ولكي يتمكّن الموظّف من الحفاظ على طاقته في بيئةٍ متقلّبةٍ، عليه أن يدير جهده بعنايةٍ، فيوزّع مهامّه على فتراتٍ قصيرةٍ تتخلّلها استراحاتٌ تنعش الذّهن وتجدّد التّركيز. ومن الضّروريّ أيضاً أن يطوّر مهاراته في إدارة الانفعالات عبر أساليب عمليّةٍ كالتّنفّس العميق أو التّأمّل أو الكتابة اليوميّة، فهٰذه الممارسات تبعده عن ردود الفعل العاطفيّة وتبقيه في موقع السّيطرة. وإلى جانب ذٰلك، يمكنه أن يستعين بمدرّبٍ مهنيٍّ أو زميلٍ موثوقٍ للحصول على توجيهٍ واقعيٍّ عندما تتعقّد المواقف. فبهٰذه الخطوات المتكاملة، يستطيع الموظّف أن يحافظ على توازنه وإنتاجه دون أن يفقد حماسه أو احترافه، مهما اضطربت الأجواء من حوله. [2]

لماذا يشكل المدير المزاجي خطراً على بيئة العمل؟

يشكّل المدير المتقلّب تهديداً غير مباشرٍ لسلامة بيئة العمل، لأنّ تقلّباته تحدث اضطراباً في ديناميكيّة الفريق؛ فعندما يفقد الموظّفون القدرة على توقّع ردود أفعاله، يبدؤون بالتّصرّف بحذرٍ مفرطٍ، فيتراجع الإبداع وتضعف روح المبادرة، ويتحوّل المكتب إلى مساحةٍ يسودها الحذر بدل الحماس. ومع مرور الوقت، تتآكل الثّقة بين القائد وفريقه، لأنّ التّواصل يصبح مليئاً بالتّأويل والخوف من سوء الفهم.

ولأنّ المزاجيّة تغيّر القرارات باستمرارٍ، تتأثّر الخطط طويلة المدى، فيجد الفريق نفسه عالقاً بين توجيهاتٍ متناقضةٍ وأولويّاتٍ تتبدّل بلا سببٍ واضحٍ. ونتيجةً لذٰلك، ترتفع مستويات الإرهاق النّفسيّ، إذ يعيش الموظّفون في حالة تأهّبٍ دائمٍ، وكأنّهم يسيرون فوق أرضٍ مهتزّةٍ. فبيئة العمل الّتي تفتقر إلى الثّبات تتحوّل مع الوقت إلى بيئةٍ طاردةٍ للكفاءات، ممّا يقلّل من ولاء الأفراد ويضعف استقرار المؤسّسة بأكملها.

الخاتمة

يبقى التّعامل مع المدير المزاجيّ اختباراً صعباً لكنّه ضروريٌّ لكلّ من يسعى إلى النّضوج المهنيّ؛ فحين يدرك الموظّف أنّ التّحدّي الحقيقيّ يكمن في قدرته على إدارة ذاته قبل مواجهة الآخرين، تتحوّل التّجربة من مصدر استنزافٍ إلى فرصةٍ للنّموّ والتّعلّم. وعلى الرّغم من أنّ الإدارة المزاجيّة قد تخلق توتّراً مؤقّتاً داخل الفرق، إلّا أنّها تتيح للأفراد الأقوياء أن يصقلوا مهاراتهم في الصّبر والتّواصل والتّوازن العاطفيّ.

  • الأسئلة الشائعة

  1. ما العلامات التي تدل على أن المدير مزاجي؟
    تظهر المزاجية من خلال تغيّر سلوك المدير بشكلٍ متكررٍ وغير مبررٍ، كأن ينتقل من التّشجيع إلى الانتقاد المفاجئ، أو من الحماس إلى البرود دون سببٍ واضحٍ. كما يتبدل تعامله مع الفريق يوميّاً ممّا يخلق حالةً من التّوتر الدّائم.
  2. كيف يمكنني التمييز بين المدير الصارم والمدير المزاجي؟
    يعتمد المدير الصّارم على قواعدٍ واضحةٍ ويتّخذ قراراته بناءً على الأداء، بينما المدير المزاجي يحكم عواطفه على الآخرين، ويغيّر رأيه وفق حالته النّفسيّة؛ فالفارق الأساسيّ هو الاتّساق في السّلوك والعدالة في التّقييم.
تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
زمن القراءة: 4 دقائق قراءة
آخر تحديث:
تاريخ النشر: