شركة Stride Ventures تُعلن أول جولة إغلاق لصندوقها ADGM
أدوات التّمويل البديلة تشقّ طريقها في بيئة ريادة الأعمال بالمنطقة، مدفوعةً بنضج السّوق، وطلبٍ متزايدٍ على حلول نموٍّ مرنةٍ تحافظ على الملكيّة

هذا المقال متوفّرٌ باللّغة الإنجليزيّة من هنا.
أعلنت شركة "سترايد فنتشرز" (Stride Ventures) عن الإغلاق الأوّل لصندوقها الخامس في سوق أبوظبي العالمي (ADGM Fund V)، في إطار سعيها لإدارة أصول ٍتفوق 500 مليون دولارٍ أمريكيٍّ في منطقة الخليج بحلول عام 2026. وتُعد الشّركة الّتي يقع مقرّها الرّئيسيّ في الهند واحدةً من أبرز شركات التّمويل بالدَّين الرّياديّ، حيث ضخت أكثر من 1.2 مليار دولارٍ على مستوى العالم، واستثمرت في أكثر من 170 شركةً ناشئةً. وتأتي هذه الخطوة في وقتٍ يتزايد فيه اهتمامٌ مؤسّسيٌّ الشّركات النّاشئة في المنطقة بخيارات تمويل الدَّين الرّيادي (VD) والدَّين النّمويّ (GD).
يُعدّ كلٌّ من تمويلي VD وGD من أشكال التّمويل غير المُخفّف للملكيّة، يُستخدمان من قبل الشّركات النّاشئة، إلّا أنّهما يخدمان مراحل مختلفةً من دورة حياة الشّركة؛ فبينما يُستخدم الدَّين الرّياديّ لدعم الشّركات النّاشئة في مراحلها الأولى والّتي تحظى بدعم رأس مالٍ مغامرٍ لتلبية احتياجات رأس المال والتّشغيل، يُستخدم الدَّين النّموي للشّركات المتقدّمة التي تولّد إيراداتٍ وتبحث عن التّوسّع دون التّنازل عن ملكيتها.
ويُعدّ صندوق سترايد فنتشرز الجديد، المُقام في سوق أبوظبي العالميّ، جزءاً من استراتيجيتها في التّمويل بالدَّين الرّياديّ والنّمويّ، حيث نفّذت الشّركة صفقاتٍ في المنطقة تراوحت قيمتها بين 10 ملايين و15 مليون دولارٍ، ولديها حاليّاً صفقاتٌ محتملةٌ بقيمة 110 ملايين دولارٍ ضمن قطّاعاتٍ تشمل التكنولوجيا المالية، والتّكنولوجيا الصّحيّة، واللّوجستيّات، وتكنولوجيا المناخ.
وفي مقابلةٍ مع "عربية .Inc"، وصفت فريحة أنصاري جاويد، الشّريكة في منطقة مجلس التعاون الخليجي بشركة سترايد فنتشرز، الصّندوق الجديد بأنّه استجابةٌ استراتيجيّةٌ للاحتياجات التّمويليّة المتطوّرة في المنطقة، كما يُعزّز خطّة الشّركة الأكبر لتكييف نموذجها العالميّ في الاكتتاب بما يتماشى مع خصوصيات المنطقة، بالتّعاون مع الأطراف المحليّة ذات الصّلة. وقالت: "إطلاق صندوقٍ مخصّصٍ في سوق أبوظبي العالميّ يُمكّننا من التّفاعل المباشر مع هذه الفرصة السّوقيّة. إذ يتميّز ADGM ببيئةٍ تنظيميّةٍ استباقيّةٍ وبنيةٍ تحتيّةٍ ماليّةٍ على مستوىً عالميٍّ، ما يجعله مركزاً مثاليّاً لتطوير وتوزيع منتجات تمويلٍ بالدَّين الرّياديّ تتماشى مع الخصوصيّات الثّقافية والقانونيّة في منطقة الخليج".
وأضافت جاويد أنّ دول مجلس التّعاون الخليجيّ ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشكلٍ عامٍّ تدخل مرحلةً مفصليّةً في نضوج منظومتها الرّياديّة، مع تزايد الطّلب على حلول التّمويل غير المخفّف، إذ قالت: "ومن السّمات البارزة لهذه المرحلة، ميل المنطقة نحو نماذج هجينةٍ تجمع بين تمويل VD وGD، والمُصمّمة لتناسب الشّركات النّاشئة في مراحل النّموّ وما بعدها، وهو ما يعكس توجّهاً واضحاً نحو تمويل الميزانين يجمع بين الدَّين الثّابت والمرونة المرتبطة بالملكيّة"، كما قالت: "ووفقاً لتقرير سترايد فنتشرز العالميّ للدّيون الرّياديّة 2025، نما سوق VD/GD في الخليج بمعدّل نموٍّ سنويٍّ مركّبٍ بنسبة 54% من عام 2018 وحتّى 2024، وهو معدّلٌ يتفوّق كثيراً على المعدّل العالميّ البالغ 14%، ممّا يبرز الزّخم في السّوق واتّساع الطّلب على رأس المال البديل".
وأشارت جاويد أيضاً إلى أنّ تقرير الدّيون الرّياديّة العالميّ 2025 قد أظهر أنّ أكثر من 20% من محافظ رأس المال المغامر في المنطقة مؤهّلةٌ حاليّاً للحصول على تمويلٍ بالدَّين الرّياديّ أو النّمويّ، وأن العديد من الصناديق باتت مستعدّةً لتوجيه شركات محافظها بشأن متى وكيفية استخدام هذه الأدوات بناءً على مرحلة نموّ الشّركة، وأضافت: "يتوقّع 39% من المشاركين في الاستطلاع نموّاً معتدلاً في سوق VD/GD يتراوح بين 3% و10% خلال عام 2025، ممّا يُظهر استمرار الثّقة في المسار التّصاعديّ للمنطقة".
وفيما يتعلّق بما يُميّز سترايد فنتشرز عن غيرها في هذا السّوق المتنامي، أكّدت جاويد أنّ الأمر يعود إلى منهجها المصمّم خصيصاً في هيكلة الصّفقات. وقالت: "هيكل الصفقات لدينا مخصّصٌ بشكلٍ كبيرٍ، ليس فقط حسب المرحلة، بل حسب الاستخدام أيضاً. ونحن نُموّل مجموعةً واسعةً من احتياجات النّموّ، من بينها: تمويل بناء المخزون، وتمويل الاستحواذ، وتمويل الحسابات المستحقّة، وتمديد فترة التّشغيل، وخصم أوامر الشّراء، والنّفقات الرّأسماليّة، وتمويل المشاريع، وتمويل الأصول والمستودعات، والإقراض غير المباشر، وحتى تقديم ضماناتٍ على القروض".
كما تُقدّم الشّركة أدوات تمويلٍ متوافقةً بالكامل مع الشّريعة الإسلاميّة، وهو أمرٌ تعتبره ميّزةً أكثر منه قيداً. إذ أوضحت جاويد: "معظم شركات محافظنا في دول الخليج تفضّل الهياكل المبنية على الشّريعة، مما يُتيح لنا تقديم حلولٍ تُراعي الثّقافة وتُحقّق في الوقت ذاته فعاليّةً تجاريّةً". وأضافت: "من النّاحية الاكتتابيّة، تبقى معاييرنا الاستثماريّة ثابتةً وتتماشى مع المعايير العالميّة". وذكرت أنّ تحقيق التّوازن بين الخبرة العالميّة والخصوصيّة الإقليميّة هو جوهر عمل سترايد: "نحن قادرون على تصميم أدواتٍ متوافقةٍ مع الشّريعة تدعم شركات النّموّ العالية، مع التّقيّد الكامل بالأطر التّنظيميّة والثّقافيّة المحليّة".
كما سلّطت جاويد الضّوء كذلك على التّحوّلات الأكبر الّتي تُعيد تشكيل مشهد التّمويل في المنطقة. وقالت: "تمرّ دول مجلس التعاون بتطوّرٍ سريعٍ في مشهدها التّمويليّ، حيث أصبح تمويل VD/GD أدواتٍ حيويّةً للشّركات النّاشئة عالية النّموّ". وتابعت: "يستند هذا التّحوّل إلى نضوج منظومة رأس المال المغامر، والمبادرات الحكوميّة الدّاعمة، وتزايد مشاركة المؤسّسات، والحاجة المتنامية إلى حلولٍ رأسماليّةٍ مخصّصةٍ تُتيح للشّركات التّوسّع دون تخفيف الملكيّة".
وأضافت: "مع نموّ الشّركات النّاشئة عالية الأداء وتقدّم العديد منها إلى مراحل ما بعد السّلسلة C، تظهر حاجةٌ واضحةٌ إلى خيارات تمويلٍ متنوّعةٍ تتجاوز التّمويل القائم على الأسهم". ولفتت إلى أنّه مع تطوّر سوق رأس المال المغامر في المنطقة، يُعدّ تمويلا VD وGD أدواتٍ مكمّلةً، توفّر رأس مالٍ منظّمٍ يدعم النّموّ ويحافظ على ملكيّة المؤسّس؛ فقال: "بات المؤسّسون يدرسون خيارات التّمويل بالدَّين الرّياديّ بجديّةٍ، نظراً لمرونة شروط السّداد وقدرته على تمديد فترة التّشغيل دون تقليص الملكيّة".
ويترافق هذا التّوجّه مع مؤشّراتٍ اقتصاديّةٍ عامّةٍ، إذ قالت: "لا تزال صناديق الثّروة السّياديّة تواصل دعم اقتصاد الابتكار المحلّيّ، وتحسين الاستقرار التّنظيميّ، كما تتوسّع تدفّقات الائتمان الخاصّ إلى الهياكل المستقلّة خارج الميزانيّة (SPV)، ممّا يُهيئ فرص دخولٍ طبيعيّةٍ لتمويل الدّيون الرّياديّة".
كما أكّدت جاويد أنّ فلسفة الاستثمار في سترايد تظلّ حياديّةً تجاه القطّاعات وتركّز على المؤسّس، لكنّها أشارت إلى أنّ التّكنولوجيا الماليّة -خصوصاً في مجالات تمويل الشّركات الصّغيرة والمتوسّطة، ونماذج الشّراء الآن والدّفع لاحقاً- تُظهر زخماً قويّاً في الإمارات والسعودية. وقالت: "بفضل ارتفاع معدّلات الفائدة السّنويّة (APR) وانخفاض نسب التّعثّر، من المرجّح أن يكون قطّاع التكنولوجيا المالية أحد أولويّاتنا في المنطقة".
وبالنّسبة لروّاد الأعمال الّذين يُفكّرون في اعتماد تمويل VD/GD كمسارٍ للنّموّ، قدّمت جاويد نصيحةً مهمّةً: "على المؤسّسين الّذين اعتادوا على التّمويل القائم على الأسهم أن يدركوا أنّ الدَّين الرّياديّ يُوفّر طريقةً أكثر تخصيصاً وكفاءةً في استخدام الملكيّة لتمويل النّموّ". وأضافت: "تُتيح هذه النّماذج رحلة توسّعٍ حكيمةً، مع الحفاظ على الملكيّة وتوفير مرونةٍ في استخدام رأس المال".
ومع استمرار نضوج النّظام البيئيّ للشّركات النّاشئة في الخليج، شدّدت جاويد على أهميّة تشجيع تنوّع طرق التّمويل، خاصةً للشّركات القائمة على الابتكار والمشاريع ذات الكثافة الرّأسماليّة العالية.
واختتمت بقولها: "نحن في سترايد فنتشرز نعمل بفاعليّةٍ مع المؤسّسين لتعزيز الوعي بتمويل الدّيون الرّياديّة كأداةٍ مكمّلةٍ للتّمويل بالأسهم، وقد أجرينا ورش عملٍ عبر المنطقة لشرح نماذج تمويل VD، والحالات الشّائعة، وكيفيّة الاستفادة منها دون تقليص الحصّة بشكلٍ مبكّرٍ. ونحن دائماً مستعدّون لإرشاد المؤسّسين في هذه الرحلة، ومساعدتهم على فهم كيف يمكن للدَّين الرّياديّ تسريع النّموّ، وتحقيق كفاءةٍ رأسماليّةٍ، والتّوافق مع الأهداف طويلة المدى لشركاتهم".